السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

وائل درويش شاهد تشكيلى على الواقع المصرى




 
مواطن مصرى شاهد على التصعيد الذى تعيشه مصر فى هذه الفترة الحرجة، إنه أيضا شاهد تشكيلى.. هو الدكتور الفنان وائل درويش، الذى أقيم معرضه للتصوير فى قاعه سفر خان تحت عنوان «الذاكرة الحية» أو كما أطلق عليه درويش: «المعرض هو نقل حى ومباشر لواقع قد حدث بالفعل، فلم يعد ما يشغلنى التسجيل، وإنما دراسة اثأر الحدث على النفس البشرية وهى أشبه بمخربشات على جدار الذاكرة الحية».
 
باعتبار أن مشاعر الفنان التشكيلي، ومشاعر المواطن العادى كلاهما نبض واحد، والفرق الوحيد بينهما هو أسلوب التعبير، وان الفنان التشكيلى قادر على التعبير بأدواته الفنية التى يصبغها بأدواته الوجدانية، هكذا جسد الفنان «درويش» بلغته الوجدانية والتشكيلية والتعبيرية والتجريدية مستخدماً الشكل واللون والرموز والمساحات اللونية والخطوط المتقاطعة فى معالجة فنية معاصرة، يتخللها تكوينات بشرية متلاحمة وضبابية شاحبة الملامح هى تعبير عن حالة الضبابية التى تسود الساحة السياسية المصرية.
 
البطل الرئيسى ومحور أعمال الفنان هو «الإنسان» رغم أن الشخوص فى اللوحات بدون ملامح، إلا أن تعبيرية اللون وتجريد التفاصيل أفصح عن حالات انفعالية وتفاعلية ومتناقضات، حاله شجون وهموم، حاله انكسار وانتصار، جعل شخوصه فى تصارع مع ذاتها، مع الواقع، مع المجتمع، مع المجهول، عبر عن هذه الصراعات من خلال مجموعة لونية تراجيديا ودرامية تحيط بشخوصه ونسج خيوط وخطوط حوله، وهذه الخطوط ليست مكملا تشكيليا، هى قيد عنيف صعب إن انفلتت منه تلك الكائنات فى لوحاته، وبالتالى أضاف معنى آخر هو أن شخصياته مقيدة وهذا يعنى عدم التنبؤ بما هو قادم، خضعت لوحاته لنغمة الإيقاع النفسى متمثلاً فى تنقلات اللونية وكأنها حوار له مفردات لغوية.
 
ضربات فرشاته للألوان تأثيرية وعميقة المعانى له أبجدية لونية متفردة أبتعد فيها الفنان عن التدريج اللونى المعتاد، ولم ينشغل بالتعددية اللونية أو بالاضاءة، له حساباته اللونية التى اعتمد فيها على دلالات الألوان الفلسفية والإضاءة الذهنية تنقلات اللونية خضعت للقاءاته اللونية الواضحة والصريحة بين الأحمر النارى المتمرد والثورى لما للون الأحمر من إضاءة مباشرة، والأزرق يجاور الأسود الساكت، أما اللون الرمادى المحايد استخدمه كلغة بلاغية تشكيلية محيرة، هو الرمادى الحائر رغم وجوده بجانب الألوان الساخنة، هذه المعادلة اللونية البصرية التى وقعت بين الأحمر الثورى النارى والرمادى الحائر هى تعبير عن حالة حيرة إنسانية وهى عدم قبول مسلمات الواقع المفروض عليه ومحاولة للتخلص منه أو ربما صمت دون محاولات تذكر، أما اللون البرتقالى تعامل معه على انه منشط بصرياً يمكنه ان يتعايش مع مجموعته اللونية.
 
وبحديثى مع الفنان وائل درويش حول أعماله قال: عملى الفنى يدافع عن قضايا إنسانية وأهداف اجتماعية ولكنها لا تخلو أبدا من أنها عمل جمالى يقدم الواقع ممزوجا بأفكارى ووجهة نظرى الشخصية بمعنى أن الفكرة هى أساس العمل الفني، من هذا المنطلق أنشئ التكوين ثم أضع خطة اللون ثم أصنع اتزانات اللون تماما كما تكتب النوتة الموسيقية، ولكننى الوحيد الذى أراها كنوتة موسيقية بسبب أننى المؤلف وكاتب الكلمات ومنتج العمل، وأنا أيضا المصور والمخرج والسينارسيت، أنا كل شيء حتى يصل الأمر إلى أننى أول المشاهدين للعمل، أنا أول الجمهور، إذا لم يعجبنى العمل أو أشعر بعدم ارتياح لن يعجب المشاهدين .. وإذا خرج العمل الفنى من مرسمى أصبح ملكا لكل الناس يستطيعون أن يقولون من آرائهم ما استطاعوا ليس لدى سوى الترقب لجميع انفعالاتهم بالعمل الفني.
 
وأضاف درويش: استخدم التجريد اللوني، أما شخوصى فنصف ظاهرة ونصف مختفية، تماما مثل البشر، من منا ليس لديه جانب مظلم من حياته، جانب تحتويه السرية والخصوصية، جميعنا لديه خصوصية ولدينا حدود فى التعبير عن انفعالاتنا، ولكن فكرة الفن للفن، أعتقد أنها سلاح ذو حدين هى فكرة أو مبدأ يحبه الفن، بسبب أن الفن يحب التحرر دائما من كل القيود ومن الناحية الأخرى فهذه الفكرة تشيع مبدأ تجريد الفن من أى ملابسات فكرية أو فلسفية أو دينية أعنى أيديولوجية وهذا غير مقبول من وجهة نظرى الشخصية، معيار الفن هو القيمة، القيمة هى التى تفرق الجيد من الردى والآنى من الدائم بلا قيمة لا فن وبلا فن تفقد القيمة معناها، وأنا أرى أن الفن للمجتمع عندما يعكس الحالة التى يعيشها هذا المجتمع والمشاكل داخلة بطريقة مهنية ومجدية وهذا ينعكس على كل أشكال الفن الفعال، كما أن الفن يعكس الحالة التى يعيشها المجتمع من ظروف اجتماعية وسياسية وثقافية وغيرها، ويساعد فى تقديمه بكل أشكاله، أما الفن من أجل الفن فيدخلنا إلى منعطفات يكون المجتمع فى غنى عنها.