الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«الكتـــــاب» بين فكى «الدولار» وخطاف «القرصنة»

«الكتـــــاب»  بين فكى «الدولار» وخطاف «القرصنة»
«الكتـــــاب» بين فكى «الدولار» وخطاف «القرصنة»




تحقيق- مروة مظلوم

قامة منتصبة وعينان تبحران فى الفراغ.. تحلل كل ما تلتقطه أذناه البارزتان وتدونه يده المتحفزة للكتابة.. رموز تحولت إلى حروف وكلمات تراصت إلى جانب بعضها البعض فكونت نصوصا شعرية وأدبية.. أحكام وقوانين وقرارات ملكية.. نصوص دينية وطبية وسحرية.. نظريات ومعادلات علمية سجلها نقشها ورسمها وسجلها مئات المرات حتى شق نافذة فى جدار الجهل ليخرج منه العلم نوراً يطوف أرجاء الدنيا.. لكن ماذا لو لم يتبقى للكاتب المصرى سوى جلسته المتربعة تلك ولفافة الباردى المفرودة على قدميه وعلم ربما ظل آلاف السنين حبيس أحجاره وأوراقه البدائية دون أن يجد من ينقله لنا!.. فيما يبدو أن أزمة مصر الاقتصادية تعيد عجلات الزمن إلى ذلك المشهد.. لتفنى بذلك صناعة كانت سبباً فى انتشار حضارتها.. صناعة «الكتاب» فى مصر بين عشية وضحاها صارت مهددة بالانقراض والسبب تحرير سعر الصرف.. ما أثره على مستقبل النشر فى مصر؟ سؤال طرحته روزاليوسف ويجيب عليه أصحاب دور النشر.

■ الكتاب سلعة وجودية أم استفزازية؟
- عما تشهده مدخلات صناعة الكتاب من تصدع بسبب الغلاء، يقول هانى عبد الله مؤسس دار رواق للنشر والتوزيع: «بعد تعويم الجنيه ارتفعت أسعار الخامات المستخدمة فى الطباعة من ورق وأحبار بشكل رهيب لأنها مستوردة والعملة المعتمدة هى الدولار، والبديل المصرى لهذه الخامات غير وارد، فالورق نتاج بيئة أشجار وغابات وهو ما تفتقر إليه مصر، وبالتالى لا توجد صناعة محلية تسد الحاجة فارتفع  تلقائياً سعر الورق ما يزيد على الضعف من 7.800 ألف إلى 18 ألف جنيه، فضلاً عن تكاليف التصميم والطباعة والأحبار، وسيؤثر ذلك بدوره على تسعير الكتاب، وهو ما نحاول تفاديه الآن، بتقليل هامش الربح حتى لا يرتفع بنفس قدر الزيادة، فيمتنع القراء عن الشراء لأنه يفوق قوتهم الشرائية فالطبيعة البشرية تقضى بتغليب احتياجاتهم الأساسية من مأكل وملبس على شراء الكتاب واعتباره كماليات ونوع من الرفاهية، وهو ما يمثل كارثة على مستقبل الكتاب الورقى فى مصر.
ويضيف هانى: المشكلة الأكبر هى دورة رأس المال فى صناعة الكتاب فهى من البداية صناعة تعتمد على الربح والخسارة، وحركة رأس المال بداخلها بطيئة جداً فقد تستمر الكتب فى المكتبات ما يقرب من السنة والنصف دون أن نجنى أى أرباح أو تُحصل منها، فضلاً عن ارتفاع السعر الطبيعى للكتب الأجنبية.
أما إسلام معاطي، مؤسس دار روافد للنشر والتوزيع، فيذهب بالأزمة إلى منحنى آخر فيقول: «صحيح أن العملة المصرية فقدت قيمتها بالتعويم وتسببت بارتفاع التكاليف على كل السلع وليس الكتاب وحده، لكن نحن أمام سؤال وجودى.. هل الكتاب سلعة أساسية رائجة وبالتالى زيادة سعره لن تؤثر على الطلب عليه؟، بالإجابة الصحيحة على هذا السؤال نجد أن الأزمة الحقيقية  ليست فى ارتفاع الأسعار ولكن فى رواج السلعة وأهميتها لدى المستهلك «القارئ»، نعترف بأن ارتفاع الأسعار يتسبب فى كساد الكتاب كسلعة وبالتالى «بوار» بضاعة معظم الناشرين وهو «خراب بيوت» للمنتج، ولكن فى حالة ما إذا كان الكتاب سلعة أساسية رائجة كالسكر والزيت والأرز، الأزمة وقتها ستصبح على كاهل المستهلك لتوفير المال اللازم لشراء الكتاب باعتباره سلعة وجودية.
ويرى شريف بكر، رئيس دار العربى للنشر والتوزيع أن زيادة أسعار الورق غير طبيعية، وأمام الناشرين حل من اثنين، إما التوقف عن طباعة الكتب أو طباعتها بجودة أقل وسعر أغلى، وجميع الناشرين الآن يُرتبون أوراقهم لمواجهة هذا الغلاء المفاجئ وتلك الأزمة.. فحقوق طبع المترجمات تسدد قيمتها بالدولار واليورو، وبالمقارنة، مصر هى أرخص بلد عربى فى سعر الكتاب، فى حين أن دولة مثل لبنان يتم تسعير الكتاب بالدولار، فقبل زيادة الدولار كان السعر رسمياً 8.80  قرش، أما بعد الزيادة ارتفع إلى 180 جنيهًا، مما سيفتح الباب على مصراعيه للكتب المقرصنة بأنواعها الإلكترونى والورقى.
ويؤكد هشام أبو المكارم، دار أوراق للنشر والتوزيع، أن زيادة سعر الورق تخطت 100% وليس كما تُوهِم مؤسسة الأهرام باقى المؤسسات الصحفية التى تستورد لها الورق، بأنها لا تزيد عن 80% الحقيقة أنه ارتفع من آلاف جنيه إلى 15 ألفًا.. فى حين، أن الورق البلكى - المناسب للأعمال الأدبية، وصل إلى 15 ألف جنيه، وتأثير زيادة الأسعار على كناشر يقيدنى من الوفاء بالتزاماتى تجاه عدد من الأسماء التى أتحمل التكلفة الكاملة لنشر وطباعة كتبهم.. فضلاً عن انخفاض التوزيع الطبيعى بسبب الغلاء الذى طال كل شىء، فأولى بالمواطن أن يشترى كيس سكر زجاجة زيت على أن ينفق ما تبقى من نقوده لشراء كتاب.
ويضيف أبو المكارم، بعض دور النشر ذات الأسماء الكبيرة، أغلقت مكتبات فى مناطق حيوية بوسط العاصمة بسبب نقص المبيعات، وأنها لم تعد تغطى نفقاتها، كذلك الحال بالنسبة للناشرين المتعاقدين مع الحكومة على توريدات بعناوين معينة أنهت تعاقدها بدفع الشرط الجزائى فالعقد سبق زيادة الأسعار، وصار الوفاء به يكبدهم خسائر تفوق الشرط الجزائى.. استمرار الزيادة فى أسعار الورق يهدد بانقراض الكتاب الورقى واستمرار الصحف الورقية.
وجهة نظر مغايرة وبلهجة ملأها التفاؤل تحدث محمد جميل مؤسس دار كيان للنشر والتوزيع عن الأزمة فقال: «أزمة ارتفاع سعر الورق متوقعة وطبيعية بعد تحرير سعر الصرف، هو أشبه بصدمة طالت الكثيرين و«مطب صناعى» وقع فيه الجميع لكن لدى أمل بتجاوزه، وكناشرين ليس لدينا حل آخر سوى محاولة تلافى غلاء أسعار الكتب حتى يستقر الدولار والأسعار تقل تدريجياً، وكانت هناك العديد من الخطط تم تأجيلها بسب اختلاف السعر، وكان من المتوقع ثبات سعر الدولار عند 11 أو 13 جنيهًا لكنه تخطى كل الحواجز والحدود ووصل إلى 18 جنيهًا متى يستقر سعره لا أحد يعلم لكن لا حل للأزمة قبل هدوء هذه الموجة.
■ القرصنة ودور اتحاد الناشرين فى مواجهتها
يرى محمد جميل أن القرصنة أخطر أداة هدم لأى اقتصاد سواء كان المنتج إلكترونى «pdf» أو ورقى مباع على الرصيف، ولابد وأن يواجهها اتحاد الناشرين فى حركة قوية فى عام 2017، بتعديل بعض القوانين وتغليظ العقوبات لحماية صناعة الكتاب، مؤكدا أن السبيل الوحيد لحل مشكلة القرصنة هو تكاتف دور النشر فى مصر وصنع تكتلات تواجه القرصنة وتقدم خدمة أفضل لقرائها، لتعود القرصنة فى مصر إلى النسب العالمية المتعارف عليها 5% وليس 90 % كما هو واقع الآن.
بينما يؤكد هشام أبو المكارم، أن الظروف الحالية موالية للقرصنة وستجعل لها الغلبة وحدها لتكون هى المسيطرة على السوق، فتكلفة الكتاب للناشر لا تقتصر على الورق، فهناك الطباعة والتصميم والأغلفة ومقر الكتاب، وهو ما توفره مطابع «بير السلم» فتكلفتها ما هى إلا ورق ونسخة من السوق للكتاب يتم طباعتها على ماكينة الطباعة، كتاب «رحلة الدم» لإبراهيم عيسى مسعر بـ70جنيهًا، ويباع على الرصيف بـ30 جنيهًا، بالنسبة لقارئ لديه نهم للقراءة ولا يملك ما يكفى لشراء النسخة الأصلية نسخة الرصيف كنز يشبع نهمه فى حدود إمكانياته.
ويضيف  أبو المكارم، أن هناك أعضاء فى اتحاد الناشرين لهم رؤية ومسئولين عن لجان غاية فى النشاط، وآخرين يعملون على التيارات التى تخدم مصالحهم الخاصة حتى لو بعرقلة الأفكار البناءة، على سبيل المثال هناك من طرح فكرة بتأسيس الاتحاد لشركة مساهمة، للتوزيع الورقى والإلكتروني، مكونة من جميع أعضائه تقوم بتوزيع كل كتب دور النشر على المكتبات، وإقامة معرض دائم كبير لبيع الكتب، وهو بمثابة مشروع استثمارى ضخم يقضى على معظم مشاكل دور النشر، وكنت أنا أول المتحمسين للفكرة، التى خمدت شرارتها دفعة واحدة، ولم تظهر على السطح مرة أخرى، السؤال هنا لماذا لا نتبنى الأفكار الجيدة لتخرج على أرض الواقع، بدلا من أن يقتلها الإهمال والتهميش لصالح مجهولين.
ويشير أبو المكارم، إلى أن من كان يٌحرم ويجرم القرصنة باعتبارها عمل غير مشروع بعد الزيادة يستحله بضمير مطمئن، وسيكون الإقبال على كتب الرصيف ودورنا كاتحاد وقف حالات القرصنة، لذلك تقدمت مكتبة تنمية بالاتفاق مع دور النشر اللبنانية بطباعة طبعة محلية من الكتاب المترجم «العالمية»، وهى أرخص وأوفر.
■ معرض الكتاب
وعن استعدادات معرض الكتاب يقول هانى عبد الله: «قبيل معرض القاهرة الدولى للكتاب تواجهنا مشكلة، هى طباعة كتب بعناوين جديدة فى المعرض، فسياسات النشر تختلف وفقاً لاحتياجات كل دار نشر ورؤيتها فى موعد إصدار الكتاب ومناسبته، فهناك كتب تصلح للنزول فى معرض الكتب، وكتب نزولها فى معرض الكتاب يظلمها، وبدلاً من إنتاج «10» عناوين جديدة يمكن الاكتفاء بـ«5» فقط،
ثم نأتى إلى مشكلة حجز الجناح، سواء فى معرض القاهرة أو المعارض الدولية، وحجز تذاكر الطيران والإقامة والتعامل يكون بالدولار خارج مصر، هناك ثبات فى الأسعار وتعريفة متعارف عليها، لكن فى مصر هبوط الجنيه أمام الدولار تسبب فى أزمة، وفى رأيى دعم الدولة سيؤثر كثيراً فى احتواء تلك الأزمة التى تسبب فيها فرق العملة على كافة المستويات وليس على مستوى إنتاج الكتاب فى مصر».
ويضيف شريف بكر، أن زيادة حجز المعارض ليست فى مصر وحدها وإنما فى المعارض الدولية والعربية، على سبيل المثال الإمارات حجز الجناح زاد من ألف إلى أربعة آلاف درهم.
ويقول هشام أبو المكارم: «لا أضع آمال على مبيعات معرض الكتاب العام الماضى دخلت المعرض بـ «12» عنوانًا جديدًا هذا العام سأكتفى بـ«4» عناوين فقط، وأغلب دور النشر ستدخل المعرض للتواجد أو التسويق الخارجى وليس على أمل البيع للقارئ المصري، فحجز الجناح فى المعارض الخارجية بالدول العربية بالدولار سعر المتر 2000 دولار وأقل جناح 9 متر، أى أن الناشر بحاجة لسيولة 35 ألف جنيه، فضلا عن مصاريف سفر وإقامة المندوب وشحن الكتب والمرتجع منها.
■ دراسات لاحتياجات السوق الثقافى وحلول لتجاوز الأزمة
خلافا لارتفاع الأسعار اتفق الناشرين على أنه لا توجد أى دراسات لاحتياجات السوق الثقافى المصرى.
ويرى هانى عبد الله، أن لكل دار نشر سياسة مختلفة، فى انتقاء مضمون الكتاب وموعد صدوره لا ترتبط بدراسات، وليس أمام الناشرين حل آخر لضمان الاستمرارية، إلا الاستجابة لخفض هامش الربح، على ألا يأتى على حساب جودة المنتج «الكتاب»، فهناك أنواع معينة من الكتب تحقق مبيعات كبيرة يمكن معها تقليل سعر الكتاب وأخرى لا تحقق رواج كبير وتلقائيا السوق يفرض احتياجاته.
ويشير شريف بكر، أنه من الحلول المقترحة لتجاوز الأزمة، طباعة كميات أقل لنفس العناوين للموسم، لكن لا توجد أى دراسات لنوعية الكتب واحتياجات السوق ولا تخرج حتى عن دار الكتب إحصائيات بعدد الكتب التى تم تسجيلها خلال العام.. لكن حتما  ستحدث «فلترة» لعدد من الكُتاب الموجودين على الساحة وعدد من دور النشر، وبالطبع انتقاء عناوين ما ينشر بعناية لن تفتح أبواب النشر للجميع على مصراعيها.
ويقول هشام أبو المكارم، «لا يوجد اتجاه عام فى انتقاء نوعية الكتب أو العناوين المقدمة للسوق الثقافى، الأمر كله ضربة حظ عشوائية تصيب فترفع بعض الكتب ونسبة توزيعها، وأخرى تتراجع فى نسبة التوزيع قد تكون أعلى من الناجحة فى القيمة فكثير من الكتب فى مضمونها، ما هى إلا فقاعات هواء، تعتمد فى توزيعها على مواقع التواصل الاجتماعى وانتشار كتابها بين جماهير الـ«social media».
ويؤكد محمد جميل، على أن سوق النشر، سوق حر، جمهور القراء فيه يمثل القوى الحقيقية، يوجهه حيث شاء فتكون القوة مرة للكتاب الساخر ومرة للكتاب السياسي، وفجأة تتحول إلى روايات الرعب، الجمهور وحده من يوجه سوق القراءة وفقاً للموجة السائدة، فالتنوع مهم للناشر لأن للقراء توجهات مختلفة لابد وأن يوجد ما يشبعها، وهناك دور تميل إلى نوعية معينة وتعتبرها توجهاً تتبناه لكن أنا أؤمن بالتنوع.
ويضيف جميل:  «لى وجهة نظر متفائلة بعض الشىء، فقد يكون انخفاض قيمة الجنيه دافع لدى الناس لمزيد من العمل والاجتهاد كل فى مجاله فيزيد الإنتاج لكن ذلك يحدث فقط فى حالة استقرار سعر الصرف».
 ويؤكد جميل، «تقليل نوعية الخامات المستخدمة، لتفادى زيادة سعر الكتاب فكرة فاشلة، يمكن للناشر أن يقلل هامش الربح حتى لا يؤثر على جودة المنتج، فالجمهور بحاجة إلى فترة يعتاد فيها الأسعار الجديدة، فعلى سبيل المثال الكتاب عام 2007 كان سعره 5 جنيهات، زاد تدريجياً حتى 25 و30 جنيهاً، لكن الآن الزيادة ستقفز بالكتاب من 25 إلى 40 فأكثر، وهى زيادة مفاجئة دفعة واحدة، وليست على مراحل، لذلك الشعب بحاجة إلى مزيد من الوقت ليتقبلها، وفى تقديرى سيكون ذلك  من 3 إلى 6 أشهر».
ويشير إسلام معاطى، إلى أن هناك تنوعًا كبيرًا فى سوق النشر ما بين الكتب الخفيفة والدسمة.. سياسة.. شعر.. أدب.. روايات.. رحلات، لكن المجتمع مع أزمته الاقتصادية، اعتبر الكتاب كماليات، وهنا لب المشكلة والكارثة التاريخية لمصر، نحن نشعر بأزمة فى النشر بسبب ارتفاع الأسعار فى مصر لكن فى الدول الأخرى لا توجد أزمة، على العكس هناك مبادرات للقراءة، على سبيل المثال الإمارات أطلقت مسابقة للأطفال فى القراءة، نحن بحاجة لشيء مماثل، صناعة القارئ تبدأ من الصغر من المنهج التعليمى، نحن بحاجة إلى عودة حصص المطالعة إلى المدارس، إلى تغذية مكتبات المدارس بالكتب، ووضع درجات للتفوق الثقافى، مهرجان القراءة للجميع نجح فى إنتاج كتب رخيصة، لكن لم ينتج سوقًا للقراءة فى مصر لم ينتج قارئ جيد نهم محب للإطلاع القراءة له كالماء والهواء.
■ دعم الكتاب فى مصر
يقول شريف بكر: «لا يوجد دعم من أى جهة حكومية لإنتاج الكتاب فى مصر حتى وزارة الثقافة بدلا من دعم الناشرين على استيراد الورق بسعر خاص، دعماً لصناعة الكتاب تصدر سلاسل تنافسهم، أقصى جائزة تصدر عن الهيئة العامة للكتاب  10 آلاف جنيه وهى لا تمثل أى دعم لأى شىء».
ويشير هشام أبو المكارم إلى أن الدعم الذى ينتظره الناشرين من الدولة، إعمال العقل واستغلال الإمكانيات المتاحة، مصر لديها مصنعين محليين لإنتاج الورق، ينتجان خط واحد للورق، لماذا لا نضيف إليه خطين آخرين، لإنتاج باقى أنواع الورق لسد الاحتياج بدلاً من الاستيراد، دور النشر على استعداد تحمل الجودة الأقل فراراً من حيتان الاستيراد الذين يخزنون الورق ويملون شروطهم علينا كل شهر ونقبل بأى سعر حتى لا تتوقف عجلة الإنتاج، هناك 3 حيتان يتلاعبون بسوق الورق فى مصر والدولة لا تتصدى لهم على الرغم من معرفتها للمخرج الوحيد من الأزمة وهو الصناعة المحلية.
بينما يرى إسلام معاطى، الحقيقة الأكبر بأن الدولة غير معنية ببناء «مواطن مثقف» ذو فكر، لو كان ذلك ضمن اهتماماتها لتبنت الفكرة داخل المدارس، وأجبرت على المطالعة والقراءة، وإدخالها ضمن درجاته فى التحصيل الدراسى، فتشعره بمرور الوقت لحاجته إلى الإطلاع، وصولاً إلى مرحلة متعة القراءة.. لو فعلت ذلك ما وصلت بنا الأزمة إلى هذا المنحنى الخطير، وشعور الطبقة المتوسطة بأن الكتاب من الكماليات مجرد سلعة يمكن الاستغناء عنها فى سبيل الحصول على الأساسيات طعام شراب ملابس، ولما حولت الدولة المجتمع لرافض للقراءة سواء ورقيًا أو إلكترونيًا وهمه الأكبر لقمة العيش.
الأزمة فى مصر أزمة قارئ، ارتفاع الأسعار فضحها وكشفها، أنا ناشر لست بحاجة لدعم الدولة وتغطيتى حتى تمر الأزمة كما يقول المثل الصينى «بدلا من أن تعطينى سمكة علمنى الصيد»، فلتدعم الدولة نفسها بتأسيس وتربية مواطن سلاحه العلم والمعرفة وقتها سوقى أنا كناشر سينتعش ويزدهر فى كل الأحوال.