السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الوصولى!

الوصولى!
الوصولى!




يكتب: ياسر صادق

قد تجده بجانبك، أو يجلس أمامك، وبالتأكيد قابلته النهاردة، وإذا سألت عليه والدك هيقول كان موجوداً فى جيلنا، هو موجود فى كل زمان ومكان، ولن يختفى طالما بقى على الأرض انسان، والوصولى لابد من توافر عدد من الصفات فيه أهمها الكذب والنفاق بالإضافة إلى الانتهازية، وهو لا يهمه سوى نفسه ومصلحته، وشعاره الميكافيللية الغاية تبرر الوسيلة، وهو ينافق رئيسه ليس حبا فيه وإنما للحصول على مصلحة عنده، وعندما يحصل عليها أو يرحل رئيسه عن منصبه فهو أول شخص يعطيه ظهره، ووسيلة الوصولى لتحقيق هدفه هو النفاق وللأسف فإن الإنسان الذى يشغل منصبا يجد ارتياحا عندما يجد من يمدحه أو من ينافقه بالكلام المعسول من أمثال «الله عليك ياريس»، «الحقيقة احنا من غيرك مش عارفين نعمل ايه»، فى حين أن الذى يشغل منصباً يرفض أولا يحب من ينتقده أو ينصحه حتى ولو كان كلامه صادقا.
والوصولى ينتظر أى فرصة لإزاحة أو استبعاد من يقف فى طريقه حتى يكون الوحيد المسيطر على رأس المسئول أو رئيسه، والوصولى يصدر الإحباط للإنسان الملتزم المكافح والذى يحافظ على مبادئه ويرفض التنازل عنها عندما يجد الوصولى يتصدر المشهد ويتقلد المناصب بينما هو قابع فى مكانه، وبالرغم أن الوصولى يتمتع ببعض الذكاء إلا أنه سريعا ما يتكشف لمن حوله فيقومون بنبذه أويتحفظون فى التعامل معه.
 ويقول ابراهام لينكولن، الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الأمريكية، أنك تستطيع خداع كل الناس لبعض الوقت وتستطيع خداع بعض الناس لكل الوقت لكنك لا تستطيع خداع كل الناس كل الوقت، والوصولى دائما ما يكون على قناعة بداخله أن امكانياته المهنية والشخصية محدودة أو ضعيفة، ومن ثم فإنه لا توجد وسيلة أمامه سوى النفاق والانتهازية والكذب لتحقيق غايته، وهو على استعداد لأن يفعل أى شىء من أجل الوصول لهدفه، كما أنه لا يثق فى أحد ويشكك فى الجميع حيث يعتقد أن كل الناس مثله.
ويقول علماء النفس عنه «إنه الشر على الأرض، وإنه الشيطان فى صورة انسان، وهو التجسيد الحى لكل المعانى الهابطة والسيئة، وهو راعى الظلم ومهندس الخيانة وحامى الرذيلة»، وهو شخص أنانى لا يهمه الصالح العام، وفى القرآن الكريم توجد 30 علامة للمنافق ذكرت فى 11 سورة أبرزها الكذب والفجور والغدر والخلف فى الوعد ويقول سبحانه وتعالي: «إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار» سورة النساء الآية 145.
وفى الأعمال الفنية تظهر الشخصية الوصولية فى محفوظ عجب للكاتب الكبير الراحل موسى صبرى فى رائعته دموع فى صاحبة الجلالة والتى مثلها الفنان سمير صبرى فى الفيلم وفاروق الفيشاوى بالمسلسل، وأيضا محفوظ عبد الدايم لصاحب جائزة نوبل نجيب محفوظ فى روايته القاهرة 30 والتى جسدها القدير الراحل حمدى أحمد، وهذه الشخصية هى تجسيد لواقع نعيشه وبالرغم من وجودها على مر العصور إلا أنها برزت بشدة بعد ثورة يناير 2011 عندما أخرج الشعب المصرى أسوأ ما عنده من أخلاق، وتقهقرت القيم والمبادئ ونسير من سيئ إلى أسوأ.