السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

5 تنظيمات رئيسية تسيطر على العنف فى القارة السمراء الإرهاب فى إفريقيا.. ساحة حرب جديدة وصراع على الثروة

5 تنظيمات رئيسية تسيطر على العنف فى القارة السمراء الإرهاب فى إفريقيا.. ساحة حرب جديدة وصراع على الثروة
5 تنظيمات رئيسية تسيطر على العنف فى القارة السمراء الإرهاب فى إفريقيا.. ساحة حرب جديدة وصراع على الثروة




تحقيق : أحمد إمبابى

لم تعد الساحة الإفريقية بعيدة عن دوائر صراع النفوذ بمنطقة الشرق الأوسط، وباتت جزءًا أساسيًا من أدوات الصراع الدولى بالمنطقة، حتى إن كثيرًا من القوى الدولية تتبارى بقوة على فرض نفوذها بالقارة السمراء، وأصبحت أيادى تلك الدول ظاهرة فيما تشهده القارة السمراء من صراعات وأزمات وتوترات داخلية.
ويبدو ذلك التواجد فيما تشهده الساحة الإفريقية خلال العامين الماضيين من انتشار وتواجد للجماعات الارهابية والمتطرفة، وبدا واضحا أكثر خلال عام 2016، الأمر الذى يضاعف من معاناة شعوب تلك القارة من الفقر والمرض وغياب التنمية والعنف الإثنى والقبلى والصراع المستمر على السلطة.

لماذا الآن إفريقيا ؟ .. علامة استفهام تفرض نفسها على كل مراقب لتطورات الصراع ودوائر التوتر والعنف فى القارة السمراء خاصة عندما يتضح أن أغلب مصادر التوتر بات يقف وراءه جماعات إرهابية أو جهادية .. والأكثر من ذلك، لماذا دول إفريقيا التى يعى الجميع ما تعانيه من فقر وصراعات وصعوبة فى التنمية ؟!، للدرجة التى تدفع  عدداً من الدول الكبرى للتواجد عسكريا مثل فرنسا فى دولة مثل مالى بدعوى محاربة الارهاب، ومساعدة بعض الدول الافريقية لتدريب جيوشها على مواجهة الارهاب.
قد يكون المجتمع الدولى يهتم بتطورات ما يحدث فى سوريا وتحولات ما يحدث على الارض هناك خاصة فى الأيام الاخيرة، وأيضا ما يحدث على الساحة الليبية والعراق واليمن وغيرها من الدول التى تتداخل فيها مواقف القوى الدولية.
لكن الواقع الذى نرصده فى هذه السطور يؤكد مجموعة من الحقائق الهامة، أولها أن كثيرًا من الجماعات والتنظيمات التى تنتشر بقوة فى المنطقة أصبح لها امتداد كبير فى دول إفريقيا وتحديدًا فى منطقة الساحل والصحراء وغرب القارة.
 وأصبح كثير من الدول الافريقية ساحة جديدة لمعارك تلك الجماعات ودخلت فى مواجهات مع كثير من الحكومات، بل إن حديث الأرقام يشير الى تنامى تلك الظاهرة، بدليل الإحصائية التى سجلها مركز دراسات الارهاب والتنظيمات المسلحة بارتفاع نسب العمليات الإرهابية فى عام 2015 حتى العام الحالى لحوالى 750 عملية إرهابية.
الأمر اللافت أن كثيرًا من التنظيمات الجهادية مثل «القاعدة والسلفية الجهادية « غيرت أسانيدها الشرعية للتواجد فى الساحة الإفريقية، فبعد أن كانت تستند فى عملياتها من قبل لفتوى «محاربة العدو البعيد» بمعنى محاربة القوى الكبرى أمريكا وأوروبا وغيرهما، باتت تحارب النظم السياسية فى كثير من دول القارة وهو ما تسميه بالعدو القريب.
خريطة التنظيمات بإفريقيا
لا يمكن الفصل بين ما تشهده الساحة الإفريقية من انتشار لقوى وتنظيمات الارهاب، وبين بداية انتشار الجماعات الاسلامية وما تبنته من حوادث إرهابية خاصة فى مصر منذ ستينيات القرن الماضى .. فالبذرة الأولى لتلك التنظيمات كانت مع تشكيلات جماعة الجهاد والجماعة الاسلامية فى مصر القرن الماضى وحوادثها الارهابية على الساحة المصرية.
كما لا يمكن الفصل بين هذه التنظيمات التى انتشرت بقوة فى ستينيات وسبعينيات القرن الماضى، وبين التنظيمات الموجودة حاليا على الساحة المصرية وخاصة فى سيناء والحوادث الارهابية التى تتبناها تلك الجماعات مثل «تنظيم بيت المقدس» الذى كان قبل 2014 باسم ولاية سيناء قبل أن يعلن مبايعته لتنظيم «داعش»، وأيضًا السلفية الجهادية التى لاتزال موجودة على الساحة المصرية، والعناصر التكفيرية والمسلحة المنتمية للإخوان.
تتشابك بؤر الجماعات الارهابية فى القارة الافريقية بشكل كبير، لكن التأصيل الفكرى والحركى لتلك التنظيمات يؤكد أنها تنتمى لخمسة تنظيمات رئيسية هى:
- القاعدة وما يتبعها من جماعات مثل القاعدة فى بلاد المغرب الاسلامى وفروعها كحركة التوحيد والجهاد بغرب إفريقيا وجماعة أنصار الدين وحركة شباب المجاهدين فى الصومال والتى يمتد نشاطها لدول الجوار هناك مثل جيبوتى وكينيا وإريتريا.
-   بوكو حرام .. وهى من أكثر التنظيمات الارهابية فى إفريقيا دموية، ومركز انتشارها الأساسى فى نيجيريا وامتدت لدول الجوار بعد أن نقلت صراعها مع السلطة هناك وأعلنت مبايعتها لتنظيم داعش.
-  تنظيم داعش أو ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية، وهو أكثر التنظيمات دموية وانتشارا على مستوى العالم بعد تراجع واختفاء تنظيم القاعدة.. وظهر فى البداية فى العراق وسوريا ويمتد حاليًا فى ليبيا ومناطق عدة  بالمنطقة.
 ويتبعها كثير من الجماعات والذى أعلن مبايعتها لداعش مثل بيت المقدس وجماعة أجناد الأرض وأنصار الشريعة فى ليبيا وجماعة أبناء الصحراء .
-  السلفية الجهادية، ويمتد هذا التنظيم فى دول المغرب العربى وتحديدا فى الجزائر وتونس وأيضا يتواجد بقوة فى السودان وتنتشر خلايا التنظيم فى مناطق عدة بغرب إفريقيا أيضًا.
-   ويضاف إلى ذلك الخلايا الجهادية التابعة لجماعة الاخوان والجهاديين فى مصر وفى شمال إفريقيا.
وحسب تحركات تلك التنظيمات فإنها تتواجد فى حوالى 20 دولة إفريقية خاصة فى منطقة شمال وغرب وشرق القارة السمراء، ولعل أبرز تلك الدول هى ليبيا ونيجيريا ومالى والسنغال وبنين وتشاد والنيجر والكاميرون والسودان والصومال وموريتانيا وإريتريا وغينيا وأوغندا وكينيا بالاضافة لما تشهده تونس والجزائر والمغرب.
 أكثر الدول تضررًا
رغم هذا الانتشار اللافت للتنظيمات الارهابية على الساحة الافريقية، إلا أن هناك دولًا  تتضاعف معاناتها باستمرار بسبب زيادة نفوذ الجماعات الارهابية على أراضيها ولعل أبرز تلك الدول:
- نيجيريا: وهى من أكثر الدول الإفريقية التى عانت من العنف الدموى من قبل جماعة بوكو حرام الإرهابية والتى تتمركز فى شمال نيجيريا التى يتمركز بها المسلمون.
وانخرطت بوكو حرام فى مسار الإرهاب الممنهج، وأخذت تستهدف مناطق النفط والكنائس ومراكز الشرطة، بل فاجأت الجميع بتطور عملياتها الارهابية ضد المدنيين، فمثلا قامت باختطاف 276 فتاة من داخل مدرسة بولاية «بورنو» شمال شرق نيجيريا، وهجومها على قاعدة عسكرية فى أغسطس 2014.
- ليبيا: وهى تعد من أكثر الدول التى تعانى من انتشار لخلايا الجماعات الارهابية وخاصة المنتمية لداعش والسلفية الجهادية والقاعدة، خاصة بعد سقوط الحكومة المركزية، وخطورة الموقف فى ليبيا أن تلك الجماعات تعكف على الامتداد الجغرافى فى دول الجوار وخاصة الجوار الافريقى مثل تشاد والنيجر ومالى.
- مالى: حيث تعانى من انتشار جماعتى أنصار الدين والجهاد والتوحيد فى شمال مالى، وأخذت الجماعتان تطبق حدود الشريعة الاسلامية بقطع الايدى والقتل، ولم تتمكن الحكومة المركزية من مجابهة تمددهما هناك.
كما أن خطورة ما يحدث فى مالى تدخلات فرنسا لمواجهة تلك التنظيمات هناك حتى إن تلك التنظيمات دبرت لعمليات إرهابية فى فرنسا خلال العام الماضى ردا على معركتها ضدهم.
- الصومال حيث تنتشر الجماعات الجهادية والمنتمية للقاعدة والمعارك الدامية منذ التسعينيات بين التنظيمات الجهادية والحكومة هناك، وما ترتب عليه من انهيار كامل لمقدرات الدولة وضرب للاقتصاد هناك.
 تطور الإرهاب بإفريقيا
وفى سياق انتشار الجماعات والتنظيمات الارهابية بالساحة الافريقية، يرصد القيادى الجهادى السابق نبيل نعيم والخبير فى شئون الحركات الاسلامية حاليا، مجموعة من التطورات التنظيمية والحركية والفكرية للتنظيمات الارهابية فى الفترة الأخيرة.
وقال إنه على المستوى الفكرى باتت معظم الجماعات تتبنى فكر إقامة دولة الخلافة بدليل انتشار ظاهرة مبايعة التنظيمات المحلية لتنظيمات دولية مثل داعش، مثلما حدث مع جماعة بوكو حرام فى نيجيريا.
الأمر  الآخر هو تطور إمكانيات تلك الجماعات، فبعد أن كانت تعمل بشكل سرى، باتت لها هياكل تنظيمية وامكانيات لوجستية وتسليحية ووحدات عمل ومصادر تمويل أيضا، وهو ما نتج عنه تغيير فى مستوى عملياتها لدرجة مواجهة بعض من تلك التنظيمات لقوات الأمن التابعة لحكومة كثير من الدول الافريقية مثلما يحدث فى نيجيريا ومالى وليبيا.
ويروى نبيل نعيم أن الملاحظة الأبرز فى حركة التنظيمات الارهابية بإفريقيا أنها تتواجد أكثر فى مناطق تجمع الثروة والنفط، حيث إن أغلب المناطق التى تنتشر بها تلك الجماعات فى منطقة الساحل والصحراء وغرب إفريقيا هى تجمعات نفطية ومناطق لانتشار الثروات المعدنية بإفريقيا.
واستشهد على ذلك بتحركات بوكو حرام فى نيجيريا حيث إنها تتواجد بمناطق الشمال النيجيرى التى بها أكثر احتياطى للبترول فى إفريقيا وتقوم تلك الجماعة بضرب حقول البترول لضرب الاقتصاد النيجيرى وتسعى للسيطرة على بعض الحقول النفطية بحثا عن مصادر التمويل.
وقال إن بعض دول الغرب الافريقى تتميز بمعادن الماس والذهب مثل كينيا وأوغندا وكثير من الجماعات تبحث عن مصادر تمويلها من السيطرة على تلك المناطق.
ويفسر الباحث فى الشئون الاسلامية ماهر فرغلى هذا المشهد بأن مبدأ التنظيمات الإرهابية يقوم على التواجد بمناطق التوتر، وإفريقيا يغلب عليها توترات وصراعات كثيرة وهذه أرض خصبة لتواجد تلك الجماعات والانتشار والتحرك دون قيود من حكومات تلك الدول.
وقال إن هذه التنظيمات يتبعها بؤر إرهابية فى مناطق عدة بدول شمال وغرب إفريقيا، مشيرًا إلى أن الدوافع فى التواجد متعددة، فهناك دافع بسبب السيطرة على مصادر الثروة بحثا عن المال .
وهناك دافع عرقى دينى، مثل الصراع الاسلامى والمسيحى مثلا فى نيجيريا والذى تقوم على أساسه بوكو حرام، أو بسبب التهميش مثلما يحدث فى مالى من تهميش للمسلمين والتدخل الفرنسى هناك.
وأيضا دوافع سياسية مثلما يحدث فى ليبيا من انهيار للحكومة المركزية وانتشار للجماعات المسلحة للسيطرة على مقدرات الدولة، أو ما يحدث فى الجزائر على خلفية  حركة الانقاذ فى الجزائر فى التسعينيات .
وحول إذا ما كانت تلك الجماعات تشكل خطورة على المصالح المصرية والعربية أكد فرغلى أن هذا ليس ببعيد، بحكم انتشار تلك الجماعات فى كثير من الدول التى تتشابك معها المصالح المصرية مثل دول حوض النيل، وهذا ما يفرض علينا التحرك فى دعم تلك الدول لمجابهة الارهاب بالساحة الافريقية.
 المصالح المصرية والعربية  
فى ظل تبنى الدولة المصرية لخيار مواجهة قوى الإرهاب، وبحكم رئاسة مصر للجنة مكافحة الارهاب فى مجلس الأمن، دائما ما جاءت تصريحات المسئولين فى الدولة المصرية لتعبر عن ادراك مصر لخطورة وقوى الارهاب على الساحة الإفريقية.
فدائما ما يؤكد الرئيس عبدالفتاح السيسى ضرورة تبنى استراتيجية شاملة لمواجهة قوى الارهاب .. لكن التحرك المصرى الأبرز لمواجهة مخاطر الأمن والإرهاب على الساحة الافريقية كان فى مارس 2016 عندما استضافت مصر بمدينة شرم الشيخ اجتماعا لوزراء دفاع 27 دولة إفريقية هى تجمع دول الساحل والصحراء لبحث سبل التنسيق والتعاون العسكرى والأمنى لمواجهة خطر الإرهاب فى إفريقيا.
وكانت هناك توصيات واضحة لهذا الاجتماع أهمها تعزيز أمن الحدود بين الدول الأعضاء وتسيير دوريات مشتركة فى المناطق الحدودية، بما يساهم فى التصدى بحزم لظاهرة العمليات الإرهابية والإجرامية العابرة للحدود.
وتجمع دول الساحل والصحراء يعد من أكبر التجمعات شبه الإقليمية فى قارة إفريقيا بعد الاتحاد الإفريقى حيث يضم فى عضويته 27 دولة تشمل، دول شمال إفريقيا عدا الجزائر، و: مصر وليبيا والسودان تونس المغرب موريتانيا، وبعض دول شرق إفريقيا وجيبوتى والصومال وجزر القمر وإريتريا، ودول الصحراء الإفريقية:تشاد – بوركينا فاسو – إفريقيا الوسطى – مالى – النيجر، ودول غرب إفريقيا: السنغال - جامبيا - نيجيريا – توجو- بنين- ليبريا- كوت ديفوار- غينيا- بيساو- غانا- سيراليون- غينيا كوناكرى- ساوتومى وبرنسيب.
 ومن هنا تتضح أهمية وخطورة الموقف والمشهد على الساحة الإفريقية ذلك أن تطور قدرات تلك التنظيمات يفرض تطور أدوات جيوش الدول الإفريقية لمواجهتها.
ويمكن أن يضاف إلى ذلك أيضا مشاركة عدد كبير من الدول الافريقية فى التحالف الاسلامى لمواجهة الارهاب الذى تبنت تشكيله السعودية، حيث يضم من إفريقيا دولا مثل بنين – تشاد – توجو – تونس – جيبوتى– السنغال – السودان – سيراليون– الصومال– الجابون – غينيا – جزر القمر – ساحل العاج – ليبيا – مالى – موريتانيا – النيجر – نيجيريا – المغرب - بوركينا فاسو وزامبيا .
 تواجد عسكرى أجنبى بإفريقيا
التحرك المصرى مع دول الساحل والصحراء يحمل أبعادًا استراتيجية وعسكرية، ذلك أن القوات المسلحة المصرية تبحث التنسيق الأمنى مع تلك الدول فى مجابهة المخاطر الأمنية المحتملة والتى قد تؤثر على الأمن القومى المصرى فى الجنوب.
وما يزيد من أهمية هذا التحرك هو اتجاه كثير من الدول الغربية والأوروبية للتواجد عسكريًا فى الساحة الافريقية بدعوى دعم الدول الافريقية فى مواجهة الارهاب.
والدليل على ذلك ما قاله مثلا الرئيس السنغالى ماكى صال فى بداية شهر ديسمبر الجارى خلال منتدى السلام والأمن بإفريقيا «أن معظم دولنا وجيوشنا ليست عند المستوى المطلوب» فى إشارة لقدرتها على مواجهة والتصدى للجماعات والتنظيمات الارهابية.
يضاف إلى ذلك تحركات دول أوروبية وغربية للتواجد عسكريا ودعم الدول الإفريقية عسكريًا، مثل فرنسا التى أعلنت نشر طائرات بدون طيار مطلع عام 2017 ضمن قوة الأمم المتحدة لمراقبة انتشار الجماعات الارهابية بإفريقيا، وهو ما سيستفيد منه دول مثل موريتانيا، مالي، تشاد، بوركينا فاسو والنيجر.
كما أن الاتحاد الاوروبى يوفر تدريبا حاليا لجنود فى مالى وإفريقيا الوسطى لمجابهة خطر الإرهاب .. وهو الموقف الذى يطرح سؤالا ربما تجيب عنه الأيام المقبلة. هل ستشهد الساحة الإفريقية تواجدًا عسكريًا ودعمًا عسكريًا من دول أخرى لها مصالح قوية مع دول القارة مثل أمريكا وروسيا والصين واسرائيل وإيران وتركيا ؟