الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مشهد دمار متحف القاهرة «صدمة كبرى».. ولا نعرض آثارًا مشكوكاً فيها

مشهد دمار متحف القاهرة «صدمة كبرى».. ولا نعرض آثارًا مشكوكاً فيها
مشهد دمار متحف القاهرة «صدمة كبرى».. ولا نعرض آثارًا مشكوكاً فيها




حوار وتصوير - علاء الدين ظاهر


أكدت «يانيك لينتز» مدير القسم الإسلامى بمتحف اللوفر أن مصر حاليًا تقوم بجهد أفضل فى حماية تراثها، كما أنها أصبحت أكثر نشاطا فى الحفاظ على آثارها بشكل أفضل من ذى قبل، وهو ما شاهدناه ولمسناه بأنفسنا فى زيارات كثيرة سابقة، وعندما شاهدت صور تدمير المتحف الإسلامى فى القاهرة وجئت بعدها وشاهدت الدمار بنفسى شعرت بصدمة كبرى، لكن القائمين على المتحف حاليا قاموا بعمل رائع لإعادته إلى رونقه بعد ترميمه وترميم آثاره.
 جاء ذلك فى حوارها مع «روز اليوسف» اليومية، حيث زارت مصر ومعها «إتيان بولند» أمين بالقسم الاسلامى باللوفر، والتقت مع الدكتور أحمد الشوكى مدير عام المتحف الإسلامى بالقاهرة، لمناقشة بعض أوجه التعاون المشترك التى جاءت ضمن بنود مذكرة التفاهم الموقعة بين الجانبين منتصف مايو الماضى، وتنص على تعزيز آليات سبل التعاون بين المتحف الإسلامى ومتحف اللوفر، وقد أجرينا معها الحوار فى حضور الدكتور أحمد الشوكى.
 وتابعت «يانيك»: فوجئت عندما جئت مع رئيس اللوفر مرة سابقة،بالمتحف الإسلامى والترميم الذى تم له، وإعادة العرض كان شيئا مبهرًا، والمتحف أصبح جذابا جدا باعتباره واحدا من أهم متاحف الفنون الإسلامية المتخصصة فى العالم، وقد أعجبنى إضافة قطع أثرية جديدة للعرض وبطاقات شرح جديدة لها، ما جعل العرض المتحفى به أفضل من السابق، خاصة أنه بات أكثر تشويقًا.
وقالت إنها كمتخصصة فى الآثار الإسلامية تعرف كيف أن ما تم من تطوير وترميم للمتحف الإسلامى صعب ويحتاج لمجهود كبير،وما قام به فريق المتحف وعلى رأسهم الدكتور الشوكى رائع جدًا، خاصة أننى شاهدت الدمار الذى تعرض له المتحف على أرض الواقع،وما رأيته هو أسوأ شىء يمكن تخيله وكانت صدمة جعلتنا نتساءل جميعا ما الذى يمكن أن نفعله؟، حيث إننى تداعت لذاكرتى صورة المتحف قبل تدميره من واقع زياراتى له.
 وكشفت أنه فى يونيو الماضى حدث فيضان لنهر السين فى فرنسا وكان على مستوى كبير من الخطورة،خاصة أنه قريب من متحف اللوفر، وحينها تخوفنا جميعا من غرقه وتدمير الآثار الموجودة به، وقمنا فى 3 أيام إثر ذلك بنقل كل الآثار من الدور الأرضى وتحت الأرض بالمتحف للأعلى، لأننا لو لم نقم بذلك لغرقت آثاره، وحينها أدركت مشاعر المسئولين عن المتحف الإسلامى بالقاهرة حينما تعرض آثارها للتدمير.
 وحول جهود متحف اللوفر وبرنامجه لحماية التراث الثقافى المهدد بالخطر،قالت إن اللوفر قام بجهود فى اربيل ودمشق عن طريق التدريب،حيث تم تدريب حوالى 11 متدربًا من جميع انحاء العراق على اساليب حماية التراث الثقافى، كما أننا نعمل حاليًا على برنامج لمقارنة المواقع الأثرية قبل وبعد الدمار الناتج عن الصراع ووضعه فى صورة ثلاثية الأبعاد حتى تسهل مشاهدته، ونحن لا نذهب لتلك البلاد بل نتعامل مع مسئولين ومختصين منها يأتون لنا خارج سوريا أو العراق، ومنهم من يدرسون فى باريس تخصصات مختلفة منها آثار وفن وحضارة، ونقوم بتدريبهم ثم يعودون بعدها لبلادهم ليمارسون عملهم وينشرون ما تعلموه من أفكار عن حماية التراث والآثار، وفى العراق لم نذهب للموصل وذهبنا لأربيل الأقرب لها لأنها أكثر أمانا،ولا نذهب للأماكن التى لا يتوافر فيها الأمان.
 وتابعت: فى ديسمبر الماضى شاركنا فى أعمال مؤتمر «الحفاظ على التراث الثقافى المهدد بالخطر» الذى استضافته الامارات العربية المتحدة، والذى قرر انشاء صندوق دولى لحماية التراث المهدد بالخطر وبحث تمويل ذلك الصندوق، كذلك تقرر إنشاء مخازن مؤقتة فى بعض أماكن العالم تنقل إليها الآثار المهددة بالخطر، وذلك حسب رغبة كل دولة بها مخاطر للحفاظ على آثارها، وعند انتهاء الخطر تعود تلك الآثار لبلادها مرة أخرى، والرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند عرض فى المؤتمر أن يكون متحف اللوفر أحد تلك الأماكن.
 وحول رأيها فى الخطورة التى تتعرض لها آثار مصر، قالت «يانيك»: مصر ليست بلد حرب كبلدان أخرى آثارها مهددة بمخاطر عديدة بسب الحروب، ومشاكل الآثار فى مصر مثل دول أخرى ومنها فرنسا، فمرور الوقت والزمن يعد فى حد ذاته من المخاطر، وهناك مشاكل فى كل البلاد مع حفظ التراث والآثار ومنها فرنسا،كأنها مثلا تحتاج لأموال كثيرة، كذلك وجود الآثار فى مناطق عشوائية يعد من المخاطر وفرنسا فيها هذه الحالة.
 وتابعت: فى فرنسا لدينا قلاع كثيرة أثرية تحتاج لتطوير وترميم وهذا يتطلب أموالًا كثيرة وهذه مشكلة لكن تحكمنا أولويات، ونحن فى متحف اللوفر لو لم نجد ورقًا رسميًا للقطع الأثرية لا نتعامل معها، واللوفر حينما يريد شراء قطع أثرية لو لم يكن لها ورق رسمى لا نشتريها أو نتعامل معها، ولا نشترى آثارًا مشكوكاً فيها أو فى مستنداتها، وفى حال طالبت أى دولة أو أى أحد بآثار نعرضها يكون الفيصل بيننا الورق الرسمى الذى يؤكد كلامه.
 من جانبه قال «إتيان بولند» أمين بالقسم الاسلامى فى متحف اللوفر إنهم يعملون حاليا على مشروع «papsi»، موضحًا أنه عبارة عن مشروع لتجميع الوثائق (الارشيف) الخاصة بسوريا والعراق والموجودة فى فرنسا، مشيرًا إلى أن هذه الوثائق منها أرشيفات خاصة وأخرى عامة، وبعضها فى أرشيفات الوزارات فى المتاحف المختلفة والمعاهد العلمية والمكتبات والجامعات، وهناك تنوع فى عمل الذين أنتجوا هذه الأرشيفات ما بين رحالة ومصورين وفنانين ورسامين وباحثين وعسكريين وإداريين. موضحًا أن العديد من تلك الأرشيفات انتهت عمليات فهرستها وحفظها بصورة رقمية.
من جانبه قال الدكتور أحمد الشوكى مدير المتحف الإسلامى إن متحف اللوفر يقوم بجهود كبيرة فى إطار حماية التراث الثقافى المهدد بالخطر، مشيرًا إلى العديد من الزيارات المتبادلة بين المتحف والقسم الإسلامى فى اللوفر لتعزيز التعاون المشترك، والذى توج بمذكرة تفاهم التى وقعناها منتصف مايو الماضى مع اللوفر ،ويتم بمقتضاها تعزيز آليات سبل التعاون بين الجانبين، ودعم وتدريب الأمناء والأثاريين من المتحف الإسلامى فى فرنسا، وتبادل التعاون العلمى من خلال الدراسات والتحليلات العلمية والتقنية، وتبادل نشر الكتب والدراسات والمقالات.
 وتابع الشوكى: تنص الاتفاقية أيضًا على المشاركة فى تنظيم معرض عن تاريخ متحف الفن الإسلامى فى القاهرة وعلاقته بفرنسا وتنظيم المؤتمرات الدولية عن المتاحف فى العالم الإسلامى فى الوقت الحاضر، وهذه الاتفاقية سيكون لها مردود كبير على متحف الفن الإسلامى بما يضمن خلق كوادر شابة من الأمناء العاملين به بعد تدريبهم بمتحف اللوفر.
  وقال لـ«روز اليوسف» اليومية إن «يانيك» فى زيارتها الأخيرة ناقشنا معًا العديد من المواضيع، ومنها ترتيب زيارتها المقبلة للمتحف الإسلامى، والتى ستكون إما فى فبراير أو مارس المقبل، كذلك الترتيب لمؤتمر دولى بالتعاون مع اللوفر عن المتاحف الإسلامية فى العالم وأسلوب العرض المتبع فى كل منها،وهناك متاحف كثيرة من مختلف الدول ستشارك فيه، كما بحثنا معا تفاصيل إقامة معرض مؤقت بالمتحف الإسلامى عن عالم الآثار الفرنسى جاستون فييت والذى كان مديرًا للمتحف الإسلامى بالقاهرة لمدة 25 عامًا، والأرشيف الخاص به كله موجود لدى القسم الإسلامى فى متحف اللوفر، وقد استعرنا من هذا الأرشيف 4 صور معروضة حاليًا فى المتحف،وهذه الصور ترصد تاريخ الحمام الفاطمى بالقاهرة وقت اكتشافه والحفائر الخاصة به وقت استخراجه.