الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

2016 فى عيون المثقفين

2016 فى عيون المثقفين
2016 فى عيون المثقفين




كتبت- مروة مظلوم

بين عام مضى وعام آت لكل منا وقفة بين سطور الأيام قرارات أحكام قوانين أثرت على حياته..خروج عن المألوف واعتياد للروتين نجاحات وإخفاقات.. ولعل أبرز مايميز عام 2016 أزمته الاقتصادية التى أكلت فى طريقها الأخضر اليابس وطالت مؤسسات الدولة وجوانبها المختلفة وحولت ضرورات الحياة البسيطة إلى رفاهية ومحظورات وجب على المواطن البسيط التنازل عنها ليبقى على حياته وحياة أفراد أسرته.. الحياة الثقافية فى مصر مع نهاية العام على شفا حفرة.. كشف حساب لعام 2016 يرصده كُتاب مصر فى سطور.

على المستوى الثقافى العربى يرى د. خالد العزب رئيس قطاع المشروعات والخدمات المركزية بمكتبة الإسكندرية أن 2016 هو عام الرواية التاريخية بامتياز فقد أستطاع الأدباء التعبير عن أزمة الهوية العربية ومعالجتها من خلال الرواية التاريخية فنجد رواية «الأزبكية» لـ«ناصر عراق» حصلت على جائزة كتارا وهناك ورواية «بيت السناري» لـ«د.عمار على حسن»، وهناك نوع من الحراك والفعاليات من منظمات المجتمع المدنى والأفراد يهدد دور وزارات الثقافة فى المنطقة العربية والذى ساعد عليه مواقع التواصل الاجتماعى فاستطاعت بجدارة أن تخطف أنظار الجمهور بمحاولاتها وفعالياتها وتواصلها معهم، كذا صعود السينما الموريتانية على الساحة حتى صارت على وشك سحب البساط من السينما المغربية والتونسية.
الفاجعة الكبرى كما يراها «عزب» كانت هذا العام على المستوى الأثرى والتراث فيقول «شهد هذا العام تدمير أكبر مدينتين تراثيتين فى الموصل وحلب ومواقع أثرية فى كل من تدمر فى سوريا وليبيا واليمن فى كارثة تراثية  هى الأفظع خلال القرنين 20 والـ21، صاحب ذلك عمليات واسعة لتهريب الآثار من اليمن والعراق وسوريا بعلم ومساعدة بعض الحكومات على تهريبها.وقد أقيم مؤتمرين لحماية الآثار أحدهما فى لندن والآخر فى دبى كلاهما قراراته غير ملزمة حيث يجب أن يصدر نداء دولى لمنع الاتجار فى الآثار فضلاً عن أن مؤتمر دبى لم يجمع أشخاصاً لهم باع طويل فى مكافحة عمليات التهريب.
وعن مشروعات مكتبة الإسكندرية المرتقبة فى 2017يقول «عزب»: «خلال أسابيع قليلة ننتهى من مشروع الترجمة الفورية من وإلى اللغة العربية بكل لغات العالم، فضلاً عن البدء فى تحديث موقع ذاكرة مصر، مع زيادة عدد الكتب المهداة للمكتبة بنسبة غير مسبوقة، وقد وصل عدد زوار موقع المكتبة إلى مليار و200 ألف زائر.
وفقاً للتصنيف العالمى مكتبة سنغافورة هى الأفضل عالمياً ليس بسبب حجم مقتنياتها من الكتب أو ضخامتها ولكن بقدر ماتقدمه للجمهور من خدمات وفعاليات يليها فى ذلك مكتبة الكونجرس ثم البريطانية والفرنسية وتأتى مكتبة الإسكندرية فى المرتبة الخامسة عالمياً.. وآخر ماصدر لى خلال هذا العام كان كتاب «الآثار شفرة الماضي.. اللغز والحل»
ويرى القاص الكبير د. أحمد الخميسى أن من إيجابيات عام 2016 هو استمرار مصر حتى الآن كوحدة جغرافية واحدة دولة قائمة بذاتها لأننا منذ زمن مهددين بسيناريو مشابه للسيناريو السورى والعراقى بالرغم من دعوات لإحياء فصل النوبة عن مصر، والعمليات الإرهابية التى طالت المسلمين والأقباط  واستهدفت مصر كدولة ولاعلاقة لها بالطائفية كما يروجون، وكون مصر تخطت هذا العام فهو إنجاز فى حد ذاته.كذلك استمرار نموذجين من الأطباء فى آداء وإتمام رسالتهم الإنسانية فى أحسن صورة مثل د. محمد غنيم ومشروعه مستشفى الكلى بالمنصورة ود. مجدى يعقوب ومستشفى القلب بأسوان.
أما عن السلبيات فحدث ولاحرج يقول «الخميسي»: وزارة الثقافة فى مصر صارت كالمرأة التى تنوح على زوجها واختتمت عامها برحيل أبوالمعاطى أبو النجا، كم الكتب المنشور لم يمنع تدهور الأوضاع داخل وزارة الثقافة لأنه لاتوجد خطة واضحة ورؤية لأى من المسئولين عنها، لايوجد مايفلت الأنظار على المستوى الثقافى لا على ساحة الموسيقى أوالدراما  ولا على مستوى الكتاب الثقافى فلم يعد هناك الكتاب الصادم أو المثير للانتباه باستثناء بعض الكتب الجنسية السخيفة، لايستحوذ على الضوء إلا الكتب الخفيفة أما الجاد فهو بعيد عن الضوء، والبارز منها على الساحة «الكتاب الغير مصريين» مثل القاص الفلسطينى مازن معروف الذى حصل مؤخراً على جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية فى الكويت عن مجموعته «نكات للمسلحين» يدخل ضمن الكتاب الجيدين.
ويشير الخميسى إلى أن ما تمربه مصر من أزمات حتى الآن فى جميع نواحى الحياة الثقافية والسياسية  يرجع إلى أزمتها الاقتصادية مصر لم تخطو حتى الأن خطوة كدولة صناعية زراعية مكتفية بذاتها وإنتاجها.. وعليه لن تحل أى من هذه الأزمات قبل أن تقوم بنهضتها الصناعية الزراعية لتوفر احتياجاتها وتحقق الاكتفاء الذاتى الذى يكفيها شر السؤال، مانعيشه من تردى مستوى التعليم وغلاء الأسعار وأزمة مرور التى تهدر حياة المصريين فى المواصلات.. المواطن على استعداد لتحمل الوضع الحالى فى حال وجود خطة وفترة زمنية تضمن أن ينتهى فى وقت محدد لكن لاتوجد خطة ولا رؤية فى ضوءها يدخل الأمل إلى قلوب المصريين.
وعلى المستوى الشخصى نوى «الخميسي» التوقف عن الكتابة الصحفية لأنها لا تؤتى ثمارها والتفرغ تماماً للأدب ومن المقرر أن يصدر له فى عام 2017 كتابين الأول «كيف تكتب القصة القصيرة ؟» والثانى مجموعة قصصية.. وعن أمنيته للعام الجديد «أتمنى أكون صداقات جديدة مع أصدقاء مثل محمد المخزنجى فهو نوع من الأصدقاء كالدواء ينصح الأطباء بتناوله على الريق».
أما الناقد الكبير د.صلاح فضل يرى أن البرلمان خيب آمالنا جميعاً فى أن يكون أداة لتطبيق الدستور ودعم حرية التفكير وأتخذ مساراً مضاداَ لهذا الاتجاه، والقرارات الغير المدروسة كقرار تعويم الجنيه نعم كان ضرورة اقتصادية  لكن الدولة لم تستعد له بآليات تمنع اشتعال الأسعار وعجز الفقراء عن تحقيق مطالبهم الأساسية، أزمة الورق الدواء الكهرباء كل شيء ارتفع سعره على صانع القرار قبل أن يفتح صنبور الماء يجب أن يعرف من سيغرق به.ومشروعات الدولة طويلة الأمد ليس لها نتائج سريعة لتروى عطش الناس وتقودهم للرخاء..فمن أين يأتى الإبداع قبل أن تشبع الحاجات الأساسية للمواطن؟
 فضلاً عن إجرام الجماعات الدينية فى سفك الدماء واستمرار الإرهاب مع استحالة تحقيق أهدافهم فى القضاء على الدولة، مازال العالم غارقاً فى صراعاته والعالم العربى على وجه التحديد فى غيبوبة، فنجد أن خلاف مصر والسعودية عطل الجبهة القومية عن العمل وليست هناك شفافية كافية لمعرفة الأسباب وعلاجها.
ويضيف «فضل»: «حزين جداً لأن رئيس الدولة غير مقتنع بأولوية التعليم وخائف من الناس، والوضع الثقافى لا يراوح مكانه، لا يخطوا إلى الأمام ولايسقط إلى الخلف.. أما على المستوى الشخصى فالجهد محدود والأمل موجود والرزق على الله.. إنتاجى الأدبى معقول كتابان منشوران بعنوان «شعر هذا الزمان» وأطياف نفسية  وكتاب قيد النشر بعنوان «وثائق الأزهر ماظهر منها ومابطن «، عزرائيل نشط جداً هذا العام والأصدقاء يتساقطون.
لعل من أهم الأحداث هذا العام فوز الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبو سنة  بجائزة ملتقى القاهرة الرابع  للشعر العربى الذى عقد خلال لفترة من 27 -30 نوفمبر المنصرم وعنه يقول: ديوانى الأخير كان فى عام 2015 بعنوان «كأنما أتوا من الخيال «،أما هذ العام خرجت إلى النور قصيدة مهمة بعنوان «أقدم زهرة روحى إلى العاصفة» وهى أهم ماكتبت خلال هذا العام، خلاف ذلك ما أنجزت فى خطتى للقراءة  ففى بداية كل عام تكون لى خطة وكان على رأسها هذا العام إعادة قراءة أعمال عميد الأدب العربى طه حسين.
الخسارة الكبرى كانت رحيل صديقى ورفيق الرحلة الشعرية فاروق شوشة وقبل أن ينقضى العام لحق به الكاتب والروائى الرائع محمد أبو المعاطى أبو النجا وفقدت عدداً من أصدقائى بالموت هذا العام فيما يشبه ظاهرة واضحة،لكن الحياة تمضى ولابد من الشجاعة لمواجهة الأحداث الحياة، قدر كبير مما أشعر به من ألم بسبب الأوضاع  التى تدهور بصورة مفجعة فى العالم العربى سيل الدماء فى سوريا العراق، ليبيا،الصومال، اليمن،  أجواء ملبدة بالغيوم.
ويؤكد أبوسنة» أعلم أن الرئيس يكافح من أجل صناعة الأمل لافتتاح كثيراً من المشروعات وخلق فرص أكبر للتنمية لكن الأزمة الاقتصادية تحاصرنا بعد تعويم الجنيه فضلاً عن استهداف الإرهاب لمصر حادث الكنيسة البطرسية أنا مشفق على أبنائنا وهم أطفال من رؤيتهم لكم هذه الدماء لابد أن نشد عزائمنا لمواجهة مايحدث على الساحة.
ويضيف أبو سنة: «السنة القادمة لم تفصح عن نفسها بعد إذا كنا سنصطحب معنا هذه الأزمات فأنا لا أشعر براحة لافتتاح هذا العام بهذه الكوارث إلا إذا صدقت الحكومة بأن هناك اكتشافات بترولية فى البحر المتوسط ربما تغطى احتياجاتنا من الغاز،فى مصر الأمل يصارع الألم وأنا أنتظر نتيجة هذا الصراع فسماء المستقبل مازالت ملبدة بالغيوم نحن بحاجة إلى مزيد من الشجاعة وأتمنى فى العام الجديد أن يتعقل أعداء مصر ويكفوا عن أفعالهم وعن ترصدها.
وعن مستوى الأداء على الساحة الثقافية يرى الشاعر الكبير أحمد عبد المعطى حجازى «أنه ضعيف جداً فى وقت مصر فى أمس الحاجة إلى ثقافة راقية وأداء ثقافى عالى المستوى، الحاجة الآن إلى الثقافة أصبحت أكثر إلحاحاً من الماضى والإنتاج الثقافى لا فاعلاً ولا قوياً ولا حاضراً كما كان فى الماضي، الثقافة فى مصر تراجعت فى الوقت الذى اشتدت فيه الحاجة إليها، للخروج من مرحلة التردى التى مررنا بها ماقبل يناير، فقدنا الكثير بسبب غياب الديموقراطية والعدوان الدائم على حرية التفكير والتعبير ولكى تسترد الثقافة عافيتها لابد من دعم المؤسسات القومية والدفاع الدائم والفعال عنها.
ويؤكد «حجازى»: أن أداء البرلمان جاء أقل بكثير مما كان منتظراً فضلاً عن ضعف أداء مؤسسات الدولة والحكومة فى كافة المجالات التعليم وغيرها.. وفيما يتصل بمواجهتنا للإرهاب هو مازال يمثل الخطر الأول الذى نواجهه والدليل ماحدث فى الكنيسة البطرسية وماقبله فى الهرم وسيناء، أما سياسيتنا الخارجية بها تعثرات كثيرة ومواقف وتطورات غير مفهومة.
وعن إنتاجه الأدبى فى ظل تلك الظروف فى خضم الأحداث الجارية يقول حجازي: لاجديد بخلاف ما أكتبه من مقالات أسبوعية فى الأهرام بالإضافة لبعض المشاريع مثل الكتابة عن الشعر فى مصر وهو مشروع كتاب فى صورة حلقات شهرية فى ملحق الجمعة نشر منه حتى الآن ثلاثة فصول خلال الشهور الثلاثة الماضية وأنا مستمر فى كتابته خلال السنة المقبلة إن شاء الله حتى يكتمل الكتاب ويصدر، هناك مشروع آخر بدأته ولم أنشر منه إلا القليل وهو السيرة الذاتية إضافة لهذا أتمنى خلال الفترة القادمة أكمل بعض قصائدى المعلقة، فضلاً عن صالون أحمد عبد المعطى حجازى الذى يعقد مرة كل شهر فى بيت الشعر ويحضره عدد كبير من الشعراء والنقاد لمناقشة أهم ماصدر.
أما كاتب الشباب والأدب البوليسى والخيال العلمى د. نبيل فاروق فكان له رؤية خاصة لعام 2016  فقال اختتم هذا العام بخبر سعيد ينتصر لحرية التفكير فى مصر وهو الإفراج عن إسلام البحيرى فكان بمثابة إعلان نهاية  لما يسمى  بتهمة إزدراء الأديان..أما مشكلة زيادة الأسعار وأثرها فلابد من تقبلها من أجل سداد الديون.
وعن تحويل رجل المستحيل إلى فيلم سينمائى يقول: هو مشروع كبير سينفذ فى العام القادم بعد الاتفاق على الخطوط العريضة لكن حتى الآن لم يسفر الاستفتاء الإلكترونى بين الشباب على اسم الفنان المرشح لبطولة العمل عن أى نتائج. مشاركتى فى معرض الكتاب لهذا العام ستكون بصدور رواية «قوس أنوبيس» والباقى أعمال مجمعة من مجلدات.
وعن توقعاته لعام 2017  فى ضوء مانعيشه الآن يقول فاروق :» أتوقع سقوط داعش الذى سيشبه انهيار النازية فى الحرب العالمية الثانية والذى سيقود الجماعات الإسلامية إلى مرحلة من الجنون ومحاولات ماقبل الاحتضار لكنها ستكون حاسمة لمواجهة الإرهاب.ترامب سيحدث تغييراً بالتأكيد ولكن ليس كما ينتظره البعض سيكون تغييراً عكسياً مضاداً لميله إلى الجانب الإسرائيلي، وسيكون هناك ترقيات على الساحة السياسية وضغوط اقتصادية.
الكارثة الأكبر التى تهدد الحياة الثقافية من وجهة نظر صلاح عيسى الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة  كانت أزمة الورق بسبب تعويم الجنيه فقال: سوق النشر تأثر بشكل مباشر بتحرير سعر الصرف  بصورة تهدد صناعة الكتاب فى مصر  بسبب زيادة أسعار الورق وخامات الطباعة فعلى سبيل المثال لى كتابان قيد النشر فى دور نشر خاصة حالت ظروفها الاقتصادية دون طباعتها بسبب الارتفاع المفاجئ فى الأسعار، قس بذلك حال باقى دور النشر فى مصر وأوضاعها الاقتصادية المتردية والركود بسبب تعويم الجنيه..وهو الأمر الذى سيعود بالسلب على الصحافة أيضاً وليس صناعة الكتب ومستقبلها فى مصر، ونأمل إيجاد حلول فعالة لهذه المشكلات فى العام الجديد.
ويضيف عيسى» أن جهده الأكبر فى 2016 انصب على إنهاء قانون الصحافة الموحد والحوار مع الحكومة بشأن مواده وماصاحبه من مناقشات مع لجنة الدولة ومجلس النواب وموقف الحكومة من القانون.. ولسوء الحظ انتهى كل هذا نهاية غير مباشرة حيث أن الدولة أصرت على موقفها بتجزئة القانون إلى قانونين وجمدت الـ27 مادة الخاصة به فى الثلاجة وأجلتها إلى أجل غير مسمى عزائنا الوحيد أننا رسمنا مايسمى يوتوبيا لنظام إعلامى مصرى جديد يمكن الوثوق به إن لم يتحقق هذا الحلم اليوم سيأتى من يحققه فى المستقبل القريب.