الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

باعة الصحف بـ«بنى سويف» فى صوت واحد: «النت خرب بيوتنا»

باعة الصحف بـ«بنى سويف» فى صوت واحد: «النت خرب بيوتنا»
باعة الصحف بـ«بنى سويف» فى صوت واحد: «النت خرب بيوتنا»




بنى سويف – مصطفى عرفة

أثرت أزمة ارتفاع أسعار الصحف على حجم المبيعات فى بنى سويف، حيث كشف بائعو الصحف عن غضبهم من ارتفاع أسعار الطباعة إلى 80%، إلى جانب انتشار النت والـ«فيس بوك»، الذى أغنى الكثيرين عن مطالعة الصحف، الأمر الذى أثر على حجم المبيعات بشكل كبير، منوهين إلى أن من كان يشترى جريدتين يوميا أصبح يشترى جريدة واحدة أسبوعيا على الأكثر.. وقال الباعة: إن الأهالى كانوا ينتظرون الصحف على محطة القطارات ليلا ومع موجة ارتفاع الأسعار التى أصابت جميع السلع والخدمات فى البلد، اكتفوا بمطالعة العناوين والصفحات الأولى على الفرش، ما يهدد بفناء المهنة بعدما هجرها الكثيرون، خاصة الأبناء والأحفاد الذين اتجهوا للعمل فى صناعة الكريب والفيشار لتوفير متطلبات الحياة.
«فاطمة أبوذراع»، أرملة، ولديها طفل صغير 7 سنوات، تبيع الصحف والمجلات فى كشك صغير بحى مقبل، التى توارثت المهنة أبا عن جد، وكان زوجها الراحل يشاركها البيع، تقول: «محدش بقى بيشترى جرايد أو مجلات كل اللى بيسأل عن جريدتين بينشروا دروسًا لطلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية غير كده مفيش»، منوهة إلى أن أخواتها هجروا المهنة للعمل فى مهن أخرى وأنها ستبذل جهدها حتى يستكمل ابنها الصغير تعليمه ولن تسمح له أن يعمل بائعا للصحف أبدا.. «الله يخرب بيت النت على الفيس بوك اللى طالعونا فى البخت جديد، الزبون أصبح يكتفى بقراءة الصحف على النت وبيعرف الخبر فور وقوعه» هذا ما بدأ به كلامه خالد أبوسيد، أحد باعة الصحف بمدينة بنى سويف، منوها إلى أن استوديوهات تحليل مباريات كرة القدم وقفت حال محبى العاشقين لها، الذين كانوا يحرصون على شراء الجرائد المسائية لمتابعة أنشطة كرة القدم، والأهلوية والزملكوية كانوا يتنافسون فى حجز الصحف خاصة مع فوز فريقهم وسط القفشات والمناوشات بين الجانبين، مؤكدا أن هناك زباين كان تشترى جريدتين وثلاثاً يوميا، إلى جانب مجلة الأهلى، وأصبحوا حاليا لا يشترون حتى عددا واحدا.
على الرصيف المقابل للمحكمة الابتدائية، بميدان الشهداء «المديرية سابقا» عند التقاء شارع مقبل بشارع الرياضى، يجلس «عم فتحى عبدالتواب»، 73 سنة، أقدم باعة الصحف فى بنى سويف على الإطلاق، يقول: أعمل بائع صحف منذ أكثر من 60 سنة، وكانت الصحف هى أخبار اليوم، والمصرى، والأهرام، والمقطم، ومجلة واحدة هى «روزاليوسف»، وكانت مبيعاتى تتجاوز الـ10 قروش يوميا وكانت مبلغًا كبيرًا حينها.
ويتابع: «كان أبى يشجعنى بمنحى قرشين يوميا، ثم أصبحت صاحب الفرشة بعد وفاة أبى، وكان عندنا عمال سريحة يحملون الصحف تحت إبطهم وينادون عليها فى شوارع بنى سويف، بيومية 5 قروش ارتفعت إلى 25 قرشًا فى السبعينيات، وكان الجورنال بقرش صاغ، وأغلى مجلة بـ5 قروش، وكل جريدة أو مجلة ليها قراؤها المحترمين، وكنا 5 فقط بنبيع الصحف فى مدينة بنى سويف ولنا مندوبين فى مراكز المحافظة السبعة».
ويكمل «عم فتحي»: كنا نجتذب القراء بمقالات الكبار فى مصر «هيكل ـ مصطفى أمين ـ أحمد بهاء ـ عبدالعال الحممصى ـ أنيس منصور ـ إحسان عبدالقدوس»، وحوارات عمالقة الفن آنذاك، ومع انتشار الصحف وظهور الوفد والأهالى والأحرار ارتفعت مبيعات الصحف، لكن ظلت المساء تتربع على عرش المبيعات لحب الناس للكرة، أما الأهرام فكانت ولا تزال الصحيفة المفضلة للقارئ على اختلاف ميوله السياسية.
ويؤكد: أن الحال ضاق به بعد أن ضاع مصدر رزقه الأساسى عقب احتراق المحكمة يوم 14 أغسطس الدامى عام 2014، وكانت المحكمة تعج بالمستشارين والمحامين والعاملين والمتقاضين وأغلبهم كان يقبل على شراء الصحف، أما الآن الأرض خراب قدامنا، منوها إلى أن السوق اختلف الآن فحب الشباب للثقافة والأدب والقراءة فى طريقه للانعدام، على الرغم من توافر المواد الصحفية الكبيرة والمختلفة والمتخصصة.
وينوه إلى أن المواقع والرسائل الإخبارية أثرت على قراءة الصحف بنسبة وصلت إلى 90%، ما أثر بالسلب على أرزاقنا كباعة جرائد لا نعرف مهنة غيرها ولا نحصل على معاش من أية جهة أيضا، وعندما تقدمت بطلب لهيئة التأمينات لصرف معاش طلبوا منى سداد التأمينات بأثر رجعى من عام 1976 حتى الآن، فحاولت الاشتراك فى نقابة باعة الصحف والجرائد ولم يوافقوا لكبر سنى.
وبكى «عم فتحى» قائلا: أولادى الأربعة تركونى واتجهوا للعمل فى الكريب والفيشار، مطالبا محافظ بنى سويف بأن يخصص لى كشكا صغيرا فى أى مكان يراه مناسبا أستطيع أن أرزق منه بعدما بلغت من العمر عتيا و«بقت رجلى والقبر».