السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

من «بيت الله» إلى «البيت الأبيض» وثائق «صعود» و«سقوط» الإخوان «الحلقة الخامسة والعشرون»

من «بيت الله» إلى «البيت الأبيض» وثائق «صعود» و«سقوط» الإخوان «الحلقة الخامسة والعشرون»
من «بيت الله» إلى «البيت الأبيض» وثائق «صعود» و«سقوط» الإخوان «الحلقة الخامسة والعشرون»




 

بالتفاصيل: كيف خطط «أردوغان» و«دولى الإخوان» لإعلان «دولة الخلافة».. من أسطنبول؟!

دراسة يكتبها هانى عبدالله

فى ديسمبر من العام 2011م.. وبالتزامن مع اتضاح خريطة تسليم السلطة فى مصر (أى: خلال «المرحلة الانتقالية»، التى تولى فيها «المجلس الأعلى للقوات المسلحة» شئون البلاد)؛ كثّفت «أنقرة» من تحركاتها الداخلية (أى: فى الداخل التركى) الداعمة لما يُسمى بـ«الاتحاد الإسلامى العالمى للمنظمات الطلابية» (إيفسو)؛ لاستثمار الحالة التى خلفتها عملية تغيير الأنظمة بـ«الشرق الأوسط»، لصالح مشروع الجماعة (رصدت، كذلك، هيئة الأمن القومى بالمخابرات العامة، جانبًا من هذا الأمر، عبر عدد من الرسائل الموجودة بالبريد الإلكترونى الخاص بالقيادى الإخوانى» أحمد عبدالعاطى»، خلال الفترة نفسها)؛ إذ فتحت «أنقرة» الباب على مصراعيه أمام «أمين عام إيفسو» ومن ورائه التنظيم الدولى؛ لتنسيق جهوده والمنظمات التركية المختلفة(1).. فكان أن شارك «أحمد عبد العاطي» بـالمؤتمر العشرين لما يُعرف بـ«اتحاد المجتمعات الإسلامية»، الذى ينظمه سنويًّا، «مركز البحوث الاقتصادية والاجتماعية» التركى (ESAM).
لكن.. لم يكن اللقاء فى حقيقته؛ سوى إحدى حلقات النشاط «الخاص» لتنظيم الإخوان الدولى بالعاصمة التاريخية لتركيا (أسطنبول)؛ إذ تم تحت عنوان (غير معلن)، هو: «التطورات والتغيير فى العالم الإسلامى».
كان على رأس المشاركين من تركيا: «رجائى كوتان»، رئيس مركز البحوث الاجتماعية والاقتصادية، و«د. مصطفى كمالاك»، رئيس حزب السعادة، وعدد من قيادات حركة «مللى جوروش».  ومن القيادات الدولية لـ«الإخوان»: جمعة أمين (2)، النائب «الراحل» لمرشد الإخوان (ممثلاً عن مكتب إرشاد القاهرة).. وإبراهيم منير (3)، عن (أمانة لندن).. وإبراهيم المصرى (4)، عن (لبنان).. وأسامة التكريتى (5)، عن (العراق).. وعلى صدر البيانونى (6)، عن (سوريا).. وعبدالهادى أوانج (7)، عن (ماليزيا).. ومعهم: لطفى حسن إسحق (8)، عن (إندونيسيا).


كان أغلب المشاركات التى تمت خلال يومى: 17 و18 ديسمبر؛ يدور حول ضرورة تنسيق الجهود بشكل سريع؛ استعدادًا لمرحلة إعلان «دولة الخلافة».. وفيما قال «مصطفى كمالاك»، رئيس حزب السعادة: «إن الإسراع فى تأسيس الاتحاد الإسلامى؛ هو الحل الوحيد للخروج من الأزمات التى يمر بها العالم الإسلامى».. كان أن دخل «عبدالعاطى» فى كلمته لصُلب الموضوع مباشرة.
قال «عبدالعاطى»: إنه أعدّ «رؤية منهجية» للحالة العربية الثورية، وإن هذه الرؤية تتخطى توصيف المشهد، إلى (توظيفه) لصالح المشروع الإسلامى (!)، وإن العمل الشبابى؛ سيشكل «مُرتكزًا» أساسيًّا بهذه الرؤية؛ اعتمادًا على عوامل القوة المتولدة لدى الشعوب، والحركات، بالدول التى قامت فيها الثورات (!)
■ ■ ■
بعد انتهاء هذا المؤتمر بيومين فقط ــ خلال يومى: 20 و 21 ديسمبر 2011م ــ حلَّ «عبدالعاطى» ضيفًا على المؤتمر الرابع لـ«المنتدى الشبابى الدولى» بأسطنبول، الذى يتولى رئاسته «محمد موسى بوداق»، وكان بصحبته عددٌ من أعضاء الهيئة التنفيذية، ومجلس شورى الاتحاد، منهم: «محسن موفيدى»، و«زبير صفدر»، و«عثمان جارا» (9).
كان عنوان المؤتمر: (الشباب يصنع عالمًا جديدًا)، وخلاله قال «عبدالعاطى»: «الفارق بين تحديات الماضي، والمستقبل.. أننا فى الماضى كنّا نسعى لاستنهاض الهمم، وجمع الجهود؛ لنيل الحرية، وبث الأمل فى النفوس؛ لمواصلة مسيرة التغيير، أما اليوم؛ فبات تحدى الحفاظ على مكتسبات الثورات: (نفسيًا، وعمليًا)؛ هو الهم الأكبر، وكذلك رسم نموذجًا يحتذى للبناء، وإن هذا النموذج؛ هو حجر الزاوية فى مسيرة النهضة للمشروع الإسلامى».
وفى بداية يناير من العام 2012م (تحديدًا يوم 5 يناير)؛ كان أن استقبل «عبدالعاطى» فى مكتبه وفدًا من «شباب الأناضول»؛ لتنسيق جهود الاتحاد معهم (10).. ضم الوفد كلاًّ من: «سرحات آكتشاى»، رئيس جمعية شباب الأناضول، و«سليم آكدومان»، و«شرف الدين ملا أوغلو»، المسئولين عن «العلاقات الخارجية والعمل العام»، بالجمعية.. وكان الهدف الرئيسى للقاء.. هو التعاون خلال المرحلة التالية؛ لدعم العمل الشبابى والطلابى على المستوى الإسلامى.. بشكل خاص، والمستوى العالمي.. بشكل أكبر، إلى جانب البدء فى التنسيق، والتخطيط المستقبلى؛ فيما يخص المخيمات الشبابية، وبعض الأنشطة الشبابية الأخرى، مثل: (الندوات، والمؤتمرات التربوية، والفكرية... إلخ).
وفى فبراير من العام نفسه؛ كان أن تصدر «اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا» المشهد «الاسطنبولى» مجددًا، إذ استقبل أمين عام إيفسو (أحمد عبدالعاطى) رئيس «قسم شرق أوروبا» بالاتحاد، «طاهر زين الحسنى».. واتفقا على مضاعفة جهودهما معًا تمهيدًا لمرحلة تمكين التنظيم فى مصر وتونس؛ إذ كان «الحسنى» يجمع إلى جانب موقعه السابق؛ الإشراف على عمل «الندوة العالمية للشباب الإسلامى» بالمنطقة نفسها (أى: شرق أوروبا).
■ ■ ■
عقب هذا اللقاء، بأيام قليلة؛ وضع «عبد العاطي» برنامج رحلته «المغاربية» (أى: نحو المغرب العربي)؛ إذ كانت هذه الرحلة تستهدف ــ فى المقام الأول ــ اكتشاف قدرات التنظيم الحركية داخل تلك المنطقة،
وبحسب برنامج الزيارة؛ توجه عبد العاطي، ومعه عدد من قيادات الاتحاد؛ نحو «بلاد المغرب العربى» يوم الاثنين (19 مارس) لمدة 10 أيام، تنتهى يوم 28 من الشهر نفسه؛ لتوقيع عدد من التفاهمات للنهوض بالعمل الشبابى والطلابى فى «تونس»، بعد الربيع العربى (!)
.. وكانت هذه الزيارة بدعوة من «قسم الشباب» التابع لحركة «النهضة التونسية».. على أن ينتقل بعدها الوفد فى 23 مارس إلى «المغرب»؛ حيث يحضر جانبًا من فعاليات الأسبوع الثقافى الرابع عشر لـ«منظمة التجديد الطلابى» (إحدى المنظمات الأعضاء بـ«الاتحاد الإسلامى العالمى للمنظمات الطلابية»).. ثم يقيم ملتقى خاصًا للشباب والطلاب عن: متطلبات «المرحلة».. بمشاركة وفود من: (مصر، والسودان، وليبيا، والأردن، ولبنان، والجزائر، وتونس، وموريتانيا).
لكن.. لم يتمكن التنظيم من تجهيز ملتقاه بالرباط (المغرب)؛ فأنهى زيارته عند تونس، وعاد أدراجه.. بعد أن التقى «عبد العاطي» الشيخ «راشد الغنوشى»، ووزراء: الشباب، وحقوق الإنسان، و«الخارجية»، التونسيين (!)
وبعد أن بدأ أمام «عبدالعاطى» أن جماعته على وشك الوصول للسلطة فى مصر؛ كان أن عاد ليستقر بـ«القاهرة»؛ لإدارة الحملة الرئاسية لمرشح الجماعة «محمد مرسى»؛ إذ كان قد أعلن نيته للعودة ــ بالفعل ــ فى 13 يناير من العام 2012م، ومن ثمَّ.. ترك «عبدالعاطى» مهمة إدارة الاتحاد لمساعده «خلاد سويد»؛ إذ كان قصر الرئاسة.. هو جائزته (!)
.. ونكمل لاحقًا


هوامش

(1)- هانى عبد الله « كعبة الجواسيس: الوثائق السرية لتنظيم الإخوان الدولى»، (القاهرة: مركز الأهرام للنشر – مؤسسة الأهرام الصحفية)، 2015م.
(2)- ولِد «جمعة أمين عبد العزيز» بمحافظة بنى سويف فى العام 1934م، يُعد المؤرخ الرسمى للإخوان، وله الكثير من المؤلفات.. الخاصة بشرح أفكار المرشد المؤسس «حسن البنا»، مثل: «شرح الأصول العشرين»، و«تاريخ جماعة الإخوان المسلمين» (الكتاب المعتمد من قبل الجماعة).. تخرج فى المعهد العالى للخدمة الاجتماعية.. بالعام 1961م، وقُبض عليه فى قضية تنظيم العام 1965م، وظل بالسجن حتى العام 1971م.
.. عمل مديرًا للندوة العالمية للشباب الإسلامى بجدة فى الفترة من: العام 1981م، وحتى العام 1985م.. انضم للإخوان بالعام 1951م، ثم عضوًا لمكتب الجماعة الإدارى بالإسكندرية، ثم نائبًا لرئيسه فى الثمانينيات، ثم عضوًا بمكتب إرشاد القاهرة منذ العام 1995م.. وحتى وفاته فى بداية العام 2015م، كان أحد المصريين «الثمانية» داخل «مكتب الإرشاد العالمي».
(3)- «إبراهيم منير أحمد».. شغل موقع «أمين عام التنظيم الدولى للجماعة»، والمتحدث باسمها فى أوروبا (ويشغل، حاليًّا، موقع نائب القائم بأعمال مرشد التنظيم).. ولد فى العام 1937م، بمصر.. وحكم عليه بالأشغال الشاقة لـ10 سنوات، فى قضية إحياء تنظيم الإخوان بالعام 1965م.. وفى 26 يوليو من العام 2012م؛ أصدر «محمد مرسي» قرارًا جمهوريًّا بالعفو العام عنه، نشر بالجريدة الرسمية فى العدد 30، لسنه 2012م.
(4)-  ولِد «إبراهيم المصرى» بالعام 1937م، بطرابلس (لبنان).. وشغل موقع: «أمين عام الجماعة الإسلامية فى لبنان»، خلفًا للشيخ «فيصل مولوى»، وأصبح بذلك الأمين العام «الثالث» للجماعة، التى تأسست بالعام 1964م، بعد كل من: «فتحى يكن»، و«مولوى»، وكان «المصرى» من بين الموقعين الخمسة على الطلب الذى تقدمت به الجماعة إلى الدولة اللبنانية؛ للحصول على ترخيص رسمى ، إلى جانب كلٍ من: فتحى يكن، وفايز إيعالى، ومحمد كريمة، ومحمد دريعى.
(5)-  ولِد «أسامة توفيق مخلف التكريتي»، فى مدينة تكريت العراقية بالعام 1939م، انضم إلى جماعة الإخوان فى العراق بالعام 1952م، تخرج فى كلية الطب بجامعة بغداد بالعام 1963م، غادر العراق إلى «لندن» فى العام 1971م، وبالإضافة إلى بريطانيا؛ استقر «التكريتى» فى الإمارات العربية المتحدة زمنًا غير يسير؛ حيث عمل فى وزارة الصحة هناك من العام 1978م.. إلى العام 1980م، ثم رئيسًا لقسم الأشعة فى العيادة الطبية الخاصة لشركة النفط الوطنية فى أبو ظبى، عاد إلى العراق عقب الغزو الأمريكي، وانتخب عضوًا بمجلس النواب العراقى بالعام 2006م.. عن محافظة بغداد، كما انتخب فى 24 مايو من العام 2009م.. أمينًا عامًا للحزب الإسلامي، خلفًا لطارق الهاشمي، الذى شغل منصب نائب الرئيس العراقي، وفى 17 أكتوبر من العام 2010م.. أعلن مع عدد من القوى السياسية تكتل التوافق العراقى.
(6)- ولِد «على صدر الدين البيانونى»، المراقب العام السابق لإخوان سوريا؛ بمدينة حلب فى العام 1938م، حصل على الإجازة فى الحقوق من جامعة دمشق بالعام 1963م، انتسب «البيانونى» ــ الذى يقيم بلندن ــ إلى جماعة الإخوان السورية بالعام 1952م، وتدرج فى مواقع قيادية فيها؛ إذ كان عضوًا فى مجلس الشورى والمكتب التنفيذى للجماعة هناك، منذ العام 1972م، وعُين نائبًا للمراقب العام فى العام 1977م.. وشغل هذا الموقع لسنوات، ثم انتخب مراقبًا عامًا للجماعة فى شهر يوليو من العام 1996م، وأعيد انتخابه فى العام 2002م، لفترة ثانية مدتها 4 سنوات.
(7)- ولِد «عبدالهادى بن الحاج أوانج» فى 20 أكتوبر من العام 1947م، تخرج فى الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة فى العام 1973م، وحصل على الماجستير فى السياسة الشرعية من جامعة الأزهر فى العام 1975م، كان أحد مؤسسى «الحزب الإسلامى الماليزى» ــ الفرع الماليزى لتنظيم الإخوان ــ فى ستينيات القرن الماضي، وهو الحزب الذى أصبح رئيسًا له.. فيما بعد، إلى جانب رئاسته لحكومة ولاية ترنجانو فى ماليزيا، أصبح عضواً فى برلمان ترينجانو بالعام 1982م، ثم عضوًا فى البرلمان المركزى لماليزيا بالعام 1990م، ثم أصبح رئيسًا لوزراء ترينجانو، فى أعقاب نجاحه بالانتخابات البرلمانية، التى تمت بالعام 1998م.
(8)-  لطفى حسن إسحق، كان رئيسًا لـ«حزب العدالة والازدهار» الإندونيسى، الذى يمثل تنظيم الإخوان هناك، ورغم أن الصورة الذهنية عن الحزب داخل «إندونيسيا».. أنه أكثر الأحزاب الإسلامية محافظة، وتصفه مقالات ودراسات الباحثين الغربيين بأنه (الحزب النظيف)؛ فإن الحزب تعرض خلال السنوات الماضية لفضيحة عُرفت إعلاميًّا بفضيحة: (بيف ــ جيت).. إذ توجت هذه الفضيحة، فى ديسمبر من العام 2013م؛ بالحكم بالسجن لمدة 16 عامًا على «لطفى حسن إسحق».. نفسه، وقد اتهم اسحق بأنه تلقى «رشاوى» من شركة «إندوجونا اوتاما» لتجارة لحوم الماشية؛ ليستخدم نفوذه لدى الحكومة ــ التى شارك فيها حزبه ــ لضمان حصولها على ترخيص لاستيراد لحوم البقر، وفى سياق التحقيق بالفضيحة ــ كما سمتها الصحافة المحلية الإندونيسية؛ تبين أن «حسن اسحق»، البالغ من العمر الآن 53 عامًا؛ يهوى جمع السيارات، ويملك 6 منها فى بلد يعيش نصف سكانه بأقل من دولارين يوميًّا.. كما يهوى النساء (!).. ورغم أنه متزوج من 3 نساء؛ فإنه أخفى إحدى زيجاته؛ لأنه عقد قرانه بصورة «غير شرعية» على فتاة قاصر (!).. وفى يناير من العام 2013م؛ تم توقيف مستشار اسحق «أحمد فتحانه»، فى غرفة أحد الفنادق مع تلميذة مدرسة (عارية)، وحكم عليه بعد ذلك بالسجن 14 عامًا؛ لتلقيه مئات الآلاف من الدولارات التى أنفقها فى شراء الماس والسيارات؛ ليغدق بها على 45 امرأة بينهن عارضة مجلة إباحية (!)
(9)- كعبة الجواسيس (مصدر سابق).
(10)- المصدر، نفسه.