الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

سمية عسقلانى: الشعر نقطة الضوء فى ظلمة إحساس الإنسان بالوحدة

سمية عسقلانى: الشعر نقطة الضوء فى ظلمة إحساس الإنسان بالوحدة
سمية عسقلانى: الشعر نقطة الضوء فى ظلمة إحساس الإنسان بالوحدة




حوار ـ خالد بيومى

 

سمية عسقلانى شاعرة وأكاديمية.. حصلت على الدكتوراه فى فلسفة العلوم من كلية العلوم بجامعة القاهرة عام 2011، وتعمل حاليا كمحاضر بالمعهد العالى للتكنولوجيا بمدينة العاشر من رمضان، لكن نداهة الشعر استقطبتها فى زمن الرواية، حيث ترى أن الزمن هو دوما للشعر، الذى هو العصا التى نتوكأ عليها ونهش بها الباطل والأقنعة المزيفة، أصدرت أربعة دواوين هي: «البوح بالمكنون، وجه فى دفتر الأبدية، خارطة اللون قبعة السماء، على بعد غيمة»، واهتم النقاد بتجربتها الشعرية فصدرت العديد من الدراسات التى تناولت تجربتها، حيث تتميز قصيدتها بالبساطة فى بناء العبارة والوضوح والتنظيم فيما تعبر عنه.. فإلى حوارنا معها..
■ متى وكيف بدأت علاقتك مع الشعر؟
- بدأت كتابة الشعر فى سن مبكرة، لا أدرى ما الذى دفعنى إلى ذلك، ولكننى كنت أحاول كتابة أبيات تشبه الأناشيد، التى كنت أدرسها فى  بدايات مرحلة الدراسة الابتدائية، وفى الصف السادس كنت أكتب قصائد فى حب الوطن والأمومة ذات إيقاع عال، ربما تكون موزونة على نحو ما كان يدرس لنا وقتها، ومنذ ذلك الحين وأنا أكتب الشعر، أعبر به عما يجيش فى نفسى من هموم وأطرح ما يؤرقنى من رؤى وما يعترينى من هواجس.
■ هل كانت دراستك للفلسفة البوابة لدخول عالم الشعر؟
- لا أعتقد، لأننى كنت أكتب ببذخ شديد قبل ذلك،  لكن  دراستى لفلسفة العلوم فى مرحلة الدكتوراه، وموضوع دراستى لأنظمة خبيرة للتنبؤ فى مجال الذكاء الاصطناعى، جعلنى أتعمق فى الفكر الإنسانى وأنماط التفكير البشرية، وهذا بدوره أضاف بعدا فلسفيا لقصائدي، فمعظم المعادلات الرياضية المجردة هى منظور موازى لفكرة فلسفية ما، كما الشعر والفن التشكيلى هناك رابط خفى يقف خلف ذلك، هو التفكير فيما وراء المحسوس والمباشر والظاهرى إلى هذا الوجود الشامل اللامحدود، الذى تتداخل فيه حدود الزمان بالمكان فى منظومة كونية فائقة الدقة والترتيب.
■ لماذا اخترت كتابة الشعر فى زمن الرواية ؟
الزمن هو دوما للشعر، وإن كان صخب العصر الذى نحياه وضجيجه مع طغيان الإبهار الحسى على المشاعر العاطفية يبعد الإنسان قليلا عن الشعر، الرواية انتشرت فى الآونة الأخيرة بشكل أوسع، ربما للاهتمام الإعلامى بها مع الجوائز المغرية، وانجذاب القارئ لمفهوم الحكاية والتشويق الذى يميز الكثير من الروايات يدعم هذا التوجه، هذا وكثير من الروايات ذات نسيج شعرى من حيث اللغة والبناء السردي، ولكن  سيظل الشعر هو نقطة الضوء فى ظلمة إحساس الإنسان بوحدته الكونية.
■ «على بعد غيمة» عنوان ديوانك الأخير.. ما التجربة الإبداعية التى يطرحها؟
«على بعد غيمة» هو ديوانى الرابع من حيث النشر، الخامس من حيث الكتابة، فكان أول دواووينى «الديوان المفقود» لم ينشر بعد، أردت فى هذا الديوان أن أتغلغل فى مفهوم الوجود الإنساني، وأن أتوقف أمام اللحظات المعدودة التى هى الحياة، وهى تتسرب من بين أصابعنا ونحن نحدق مشدوهين فى كل شيء، هذا الشيء الذى هو قريب بعيد كأنه غيمة تعبر فى سماء أيامنا.
■ برأيك .. ما الدور المنوط بالشعر فى عالم يتفاقم فيه الظلم ؟
- الشعر هو الجمال.. هو الحق الذى يمكننا به أن نتحمل عالما يعج فى لحظته الراهنة بالقتل والظلم والحروب الطاحنة.. هو العصا التى نتوكأ عليها ونهش بها باطل الزيف والخذلان الأبدى.
■ ديوانك الأول جاء بعنوان «البوح بالمكنون» ما الذى أردت البوح به فى هذا الديوان؟
- «البوح بالمكنون»، هو مجموعة قصائد مكتوبة على فترات زمنية متباعدة، تخللتها فترات توقف طويلة عن الكتابة، حين كتبتها لم أكن أفكر فى نشرها، كنت أكتب الشعر هربا من جحيم الوحدة والاغتراب الداخليين، لذا هى تعبير عن مكنون وتجربة ذاتيتين، فجاء عنوانها ليدل على طبيعة تلك القصائد وكونها مكنونا داخليا، يمثل مجموعة تجارب إبداعية عايشتنى وعشتها.
■ برأيك.. هل ما زال نزار قبانى شاعر المرأة بامتياز؟ أم استطاعت المرأة المبدعة التعبير عن مكنون مشاعرها وأحلامها؟
- «نزار» شاعر إنسان، أشعاره ورومانسيته الفائقة تتناسب مع عصره، ومع ما يعكس وجهة نظره فى المرأة والعالم، المرأة الآن فى حاجة أشد لمن يعبر عما تعانيه، ولا شك أنه لا أقدر من المرأة نفسها على فعل ذلك، شخصيا، وأنا لا أوجه ما أكتبه ناحية التجارب الاجتماعية قدر ما أوجه كتابتى للإنسان سواء كان رجلا أم امرأة.
■ عملت فترة طويلة فى الغربة.. ماذا أعطتك الغربة وماذا أخذت منك؟
- الغربة التى يعيشها الإنسان المعاصر، لا تحدها حدود جغرافية، عشت غربة الشاعر اللامحدودة بمكان، لكننى اكتسبت من سفرى معارف إنسانية وصور جمالية وفنون وثقافات تختلف فى أشكالها، وتتماهى فى خلق صورة لجمال مواز للقبح والفوضى.
■ كيف يحضر الرجل فى قصائدك؟
الرجل كما المرأة، هو إنسان يقاسمنى وجودى وحياتي، أحاول أن أراه بهذا المفهوم، وأعبر عن شعورى تجاهه، لا كآخر، ولكن كأنا أخرى.
■ ما العلاقة بين قصائدك وذاكرتك؟
- ذاكرتى تلك الفوضى المنظمة.. هذا المزيج من الصور المبهمة التى تغلفها حكايات الجدة فى الطفولة، الحنين إلى شجرة الليمون التى كنت أجالسها معظم الوقت وأقاسمها همومى وإن ألمت يدى أشواكها، هذا الألم الذى ما زلت أذكر وخزته، الخيبات والحسرة الأمل والألم الحنين، الذى يجرفنى كالسيل لما مر من الحياة دون أن انتبه إليه، ذاكرتى هى ربما قصائدي.
■ لمن تقرأين؟
- أقرأ فى عدة مجالات فى العلم والفن والأدب، وبالنسبة للشعر تحديدا لا يفارق مخدعى دواوين صلاح عبد الصبور ولوركا ورامبو.
■ هل حققت حلما مؤجلا؟
- الأحلام إن تحققت تموت، ينبغى أن يكون فى حياة كل منا حلم يطارده، هذا الحلم/ الأمل دافع خفى لاستمرارنا فى الحياة رغم ما نلاقيه فيها من خيبات، ليستمر وجودنا الإنسانى ويستمر بحثنا عن حكمة الوجود
■ ما علاقتك بالمكتبة الرقمية  والشعر الرقمي؟
- لم أنشر دواوين رقمية، ولكن اقرأ لبعض دور النشر الرقمية، وهى تقدم خدمة جليلة للشعر وتساعد على انتشاره، نظرا لعزوف دور النشر الكبيرة عن طباعة الشعر كونه «سلعة» ليست على ما ينبغى من الرواج.
■ ما علاقتك بالحداثة؟
- الحداثة وما بعد الحداثة هى مسميات لا أكثر، الفن الجيد ابن عصره وربما يسبقه.. إن أجاد، أى لو أننا الآن  فى عصر ما بعد الحداثة ينبغى أن نكتب ما بعد الحداثة.