الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

واحة الإبداع.. أجراس العقل

واحة الإبداع.. أجراس العقل
واحة الإبداع.. أجراس العقل




يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى:    
[email protected]

اللوحات بريشة الفنان الراحل جميل شفيق


أجراس العقل


كتبها - أحمد الجيزاوى

طرقات مدينتنا العتيقة بدت كأنها بركة ماء عندما انعكس ضوء القمر على أحجارها البازلتية السوداء فقط أنا وهو كنا نتجول فى أزقتها وحاراتها، التى عبقت برائحة البخور، جراب أسود كبير حمله على ظهره المحنى، وقلنسوة سوداء ذات حافة مدببة غطى بها رأسه، لم تكن مشيته مستقيمة، فإحدى رجليه أقصر من الأخرى، تتبعت خطواته فى هدوء شديد، لا تكاد قدماى تلامسان الأرض، حتى لا ينتبه إلى وهو يخرجها من جرابه ويعلقها على أبواب الناس، وكلما علق شيئا ذهبت وفتحته، على باب «أم محمود» بائعة الخضار علق مرضا شديدا، وعلى باب «سعدون» المرابى علق ثروة تأتيه بلا تعب، «خالد» لن يحصل على وظيفة قبل مرور خمسة أعوام من تخرجه، و«إبراهيم» الطالب المجتهد يترك التعليم لضيق يد والديه، دهشت لما رأيت، قلت لماذا لا أبدل تلك الأقدار؟ بحركة سريعة، وضعت المال الوفير على باب الخياط الفقير، «منال» اليتيمة أولى بالعريس الموسر من بنت تاجر الأقمشة، لماذا يموت «حسن» وهو شاب صغير ويبقى جاره «عم خليل»، الذى جاوز السبعين وأنهكه المرض أبدلت كل شىء وغيرت كل شىء، كنت سعيدا بلعبة القدر التى لاحت لى، حتى بلغت اللعبة ذروتها، عندما توجه لقصر الحاكم، ماذا خبأ له القدر؟ هل يكتب آخر فصول حكمه؟ أم يمد له أخرى جديدة؟!
لم يتوجه للبوابة الكبيرة التى وقف عليها الحراس، تتبعته وهو يدور حول الأسوار حتى وصل بابا سريا، وأنا أترقب أن يعلق عليه قدره، لكنه فتحه ودخل.