الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

مقاطع خليعة.. أغانى.. رقص.. مناهج «التابلت» فى «قنا»

مقاطع خليعة.. أغانى.. رقص.. مناهج «التابلت» فى «قنا»
مقاطع خليعة.. أغانى.. رقص.. مناهج «التابلت» فى «قنا»




قنا ـ حسن الكومى

«البعض منهم قام ببيعه، أو الاكتفاء باستخدامه فى الألعاب والتقاط الصور السلفي، والبعض الآخر أخذه أشقاؤهم لمتابعة صفحاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وفريق ثالث حبسه داخل المخازن حتى أصابه التلف».. هذا حال أجهزة «التابلت» التى وزعتها وزارة التربية والتعليم على طلاب الثانوى «عام ـ زراعى  صناعي» بعدد من المحافظات من بينهم محافظة قنا.
كان نصيب «قنا» نحو 38 ألف جهاز تابلت، علاوة على توزيع سبورات ذكية تم توزيعها على الطلاب فى طابور الصباح بحضور اللواء عبدالحميد الهجان، محافظ قنا، وذلك فى إطار خطة الوزارة لتطوير التعليم وإدخال التعليم الإلكترونى والاستغناء عن الكتاب المدرسي، إلا أنه وبعد عامين من توزيع الأجهزة على الطلاب لم يعد لها أثر، بسبب غياب المتابعة، ما يعد إهدارًا للمال العام وإتلافًا للعملية التعليمية.
يقول محمد عبدالفتاح، معلم حاسب آلي: إنه من المفترض أن مشروع التابلت المدرسى واستخدام التعليم الإلكترونى فى المدارس كان سيحدث طفرة فى التعليم، وسيوفر عملية طباعة الكتب الورقية وغيرها، إلا أن التطبيق السيئ وغياب الخبرة والمتابعة تسبب فى فشل المشروع، وأصبح سرابًا وتحول إلى نقمة فى أيدى الطلاب، فكان من المفترض أن تقوم وزارة التربية والتعليم بتوعية الطلاب بطرق استخدام الجهاز، خاصة فى مراحل التعليم الفنى.
ويرى عبدالفتاح أنه كان من الأولى أن يكون لكل طالب حق الاختيار فى التعليم الورقى أو الإلكتروني، بالإضافة إلى ذلك جودة التابلت سيئة للغاية، حيث استعانت بأجهزة «تعبانة»، الأمر الذى تسبب فى فشل المشروع وعدم تحقيق أى نجاح بعد أكثر من عامين على تطبيقه بالمدارس، ناهيك عن المشاكل، إلى جانب تراجع تصنيف مصر عالميا فى جودة التعليم وأصبحت فى المركز قبل الأخير بسبب التطبيق السيئ وانعدام الضمير وغياب الرؤية.
ويلفت محمد الخطيب، أخصائى إعلام تربوي، إلى أن مشروع التابلت المدرسى كان غير مدروس بالمرة، وأن الدولة جاءت بالتابلت لـ«خدمة ناس معينة» مثله مثل مشروع اللوحات المعدنية وكان الهدف منه الربح المادى وليس تطوير العملية التعليمية، ما يعد إهدارًا للمال العام وتخريبًا للعملية التعليمية وليس إصلاحًا.
ويشير الخطيب إلى أنه كان من المفترض أن تقوم وزارة التربية والتعليم قبل توزيع التابلت أن تقوم بدراسة علمية لهذه المرحلة الدقيقة من المراهقة، وأن تقوم بعمل تابلت تعليمى مجرد كتب للقراءة دون تنزيل لفيديوهات أو تسجيلات صوتية، خاصة أننا فى مجتمع غير مؤهل لاستخدام التكنولوجيا، وأكبر دليل على ذلك غرف التطوير فى المدارس لا تعمل إلا بنسبة لا تتعدى الـ10%.
ويؤكد عاطف رشوان، معلم، إلى أن طلاب مدارس الثانوى الزراعى والصناعى، التابعة لمديرية التربية والتعليم، خاصة التى تقع فى مناطق صحراوية يستخدمون الأجهزة استخدامًا سيئا من خلال تبادل كروت «الميمورى» المدمج بها المقاطع الإباحية والرقص والأغانى فيما بينهم، فضلا عن عدم تحميل برامج تعليمية أو استخدامها فى الدراسة، موضحا أن تلك الأجهزة أصبحت خطرًا فى أيدى الطلاب وتسببت فى تراجع المستوى التعليمى والأخلاقى.
ويطالب بضرورة تجميع الأجهزة من الطلاب ومحاسبة المتسببين فى إهدار المال العام وتخريب العملية التعليمية، متسائلا: كيف يتم توزيع أجهزة الكترونية على الطلاب دون معرفة كيفية التعامل معها أو متابعتها من قبل المسئولين بالوزارة؟ وما الهدف من ذلك؟.
ويكشف محمد عبدالوارث، طالب بالثانوية التجارية أنهم يستخدمون أجهزة التابلت للتسلية والاستمتاع والدخول على صفحات التواصل الاجتماعى وكثير من الأجهزة التى تسلمها الطلاب بها أعطال، لكن يرفضون إبلاغ إدارة المدرسة خوفا من دفع 1500 جنيه ثمن الجهاز.
ويؤكد أنهم لم يستخدموا الجهاز فى دراسة المناهج منذ استلامه ومعلمو الحاسب الآلى لا يجيدون استخدامه وكثير من الطلاب يذهب إليهم لإصلاح الأعطال، لكن لا يعرفون!! معبرا عن دهشته من تسلمهم أجهزة دون أى استفادة فى استخدامها فى العملية التعليمية.
وشن محمد فتحي، مسئول التعلم النشط بمديرية التربية والتعليم بقنا، هجوما حادا على وزارة التربية والتعليم بسبب فشل مشروع التابلت وإهدار المال العام، قائلا: إن تصنيف مصر فى جودة التعليم تراجع بل قد يكون خرجت خارج التصنيف بسبب الوضع السيئ الذى يعيشه التعليم فى مصر بسبب غياب الرؤية والاعتماد على غير المؤهلين وغياب الكفاءة.
ويلفت إلى أن المدارس بها العديد من أخصائى التطوير التكنولوجى والجامعات وكليات التربية يتخرج منها الكثير فى تلك المجالات، لكن بسبب سوء التطبيق والتعامل بمبدأ المحسوبية والوساطة وليس الكفاءة كمعيار أدى إلى تدهور التعليم وفشل تطبيق التعليم الإلكترونى بالمدارس، مطالبا بضرورة محاسبة المسئولين عن تراجع التعليم فى مصر وتدهوره والاعتماد على الكفاءة وأصحاب الخبرة من الباحثين والحاصلين على درجات الماجستير والدكتوراه للنهوض بالعملية التعليمية.
من جانبه قال محمد الجعفرى، نقيب نقابة المعلمين المستقلة بقنا: إن مشروع التابلت ضمن مشاريع وزارة التربية والتعليم التى تم تفعيلها دون دراسة أو هوية، وفيه كثير من التجاوزات، وشبهة إهدار للمال العام، منوها إلى أنه تم توزيع الأجهزة لتوفير طباعة الكتب، لكن تم صرف الكتب مع التابلت، ولم تستطع الوزارة والتطوير التكنولوجى جعل الصيانة جزءًا من عملها وذلك جعل الطلاب فريسة لشركات الصيانة.
واستنكر الجعفرى عدم المتابعة والمراقبة للأجهزة من قبل إدارة المدرسة أو المعلمين، علاوة على أن من حاول من المعلمين منع أى تصرف غير سليم تمت محاسبته، مشيرا إلى أن الأجهزة انتقلت مع المراحل الدراسية للطلاب، وأصبح هناك طلاب معهم أجهزة وطلاب دون أجهزة لتكون الفصول صفين، واحد بتابلت، وآخر دونه، ناهيك أن الأجهزة غير متصلة بدائرة مغلقة ولم يتم استكمالها مع المعلم والسبورة، ما تسبب فى فشل المشروع وضياع ملايين الجنيهات فى تطبيقه.
إلى ذلك رصد مركز حماية لدعم المدافعين عن حقوق الإنسان بقنا، برئاسة بركات الضمراني، واقعة سرقة 25 جهاز «تابلت» قيمة الواحد منها 1496 جنيها، و7 شاشات من غرفة التوريدات بمدرسة فرشوط الثانوية الزراعية، مؤكدا أن تلك الأحداث المتوقع حدوثها فى تلك الظروف غير العادية تأتى بعد مناشدات عدة أطلقها المركز منذ أكثر من عام، محذرا من خطورة انخفاض الأسوار، وعدم توافر عناصر الأمان والحماية، ما يهدد بسرقة ونهب ممتلكات الدولة.
وقال الضمرانى: إن التابلت الذى أثيرت بشأنه ضجة منذ سنوات قليلة فوجئ المهتمون والمتخصصون بالأمر، بوجود حالة من التعتيم على ما آل إليه الوضع، منوها إلى أن الوضع تحول إلى سراب ولم نعد نرى أى متابعة لهذا الشأن، مطالبا بضرورة أنه لابد من فتح هذا الملف لمتابعة ما تم دفعه من ميزانية الدولة فى هذا المشروع وإلى أى مدى صار مصيره ومن المسئول عنه.