الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«روزاليوسف» تنشر تقرير جمعية حماية المشاهدين السنوى عن حالة الإعلام عام 2016

«روزاليوسف» تنشر تقرير جمعية حماية المشاهدين السنوى عن حالة الإعلام عام 2016
«روزاليوسف» تنشر تقرير جمعية حماية المشاهدين السنوى عن حالة الإعلام عام 2016




كتب - محمـد خـضير

أصدرت جمعية حماية المشاهدين والمستمعين والقراء والمشهرة برقم 8773 لسنة 2012 برئاسة الدكتور حسن على محمد أستاذ ورئيس قسم الإعلام بجامعة المنيا وعميد الإعلام بجامعة قناة السويس، التقرير السنوى لحالة الإعلام المصرى عام 2016، وصحيفة «روز اليوسف» حصلت على نسخة من التقرير ننشر جزءًا منه فيما يلى:
وذكر التقرير فى مقدمته أن الخريطة الإعلامية المصرية شهدت حاليا تغيرات متسارعة، وقد لاحظنا خلال العام الماضى نقل ملكيات أو إنشاء منابر إعلامية جديدة، وغياب وجوه إعلامية مع بروز وجوه جديدة، وتغير فى الخرائط البرامجية لتقليل الجرعات السياسية لصالح المنوعات، ولم تقتصر مساعى التغيير على الإعلام التقليدى بل تعدته إلى الفضاء الإلكترونى وفيما يلى تفاصيل جزء من التقرير، حول تهيئة البيئة التشريعية لإعادة هيكلة خريطة الإعلام المصرى:

وأكد التقرير أن عام 2016 انتهى نهاية قد تدعو إلى التفاؤل بالعام الجديد، حيث صدق رئيس الجمهورية قبيل نهاية العام بأيام قلائل على القانون رقم 92 لسنة 2016، الخاص بالتنظيم المؤسسى للصحافة والإعلام، والذى أقره مجلس النواب مؤخرا، ونشر فى الجريدة الرسمية بتاريخ 26/12/2016 ومنح رئيس الوزراء الحق بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون خلال 3 أشهر من تاريخ نشره بعد أخذ رأى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة بما يعنى عمليا أن الهيئات الثلاث سترى النور قبل نهاية مارس 2017.
وقال الدكتور حسن على محمد إن هذا التقرير رصد من خلال وجهود الزملاء التى اتسعت هذا العام لتشمل قطاعات جديدة ومجالات إعلامية لم نكن قادرين على رصدها ومتابعتها لقلة الراصدين وضعف التمويل، حيث يعمل الجميع مجانا ومتطوعين، ولأول مرة نرصد الأزمات المالية التى تهدد جميع وسائل الإعلام المصرية المطبوعة والمسموعة والمرئية والانترنتية «حكومية وخاصة» وتأخذ بخناق معظم الكيانات الإعلامية الجديدة والقديمة.. لا فرق.
وأشار رئيس الجمعية إلى أنهم استطاعوا أن يرصدوا هذا العام الاندماجات وتأثيرها على حرية الإعلام وملامستها للاحتكارات الممنوعة قانونا ودستوريا ومع هذا مضت بعض الكيانات الإعلامية فى طريق الاندماج بدعوى تقديم خدمة إعلامية أفضل، ولم يحرك جهاز حماية المنافسة ساكنا، ورصدت تحول بعض الإصدارات الصحفية المطبوعة إلى إلكترونية بسبب الخسائر الفادحة علاوة على تأثيرات تعويم الجنيه على أسعار الورق والأحبار.
كما رصد التقرير انخفاض الإنفاق الإعلانى وتأثيراته على اقتصاديات المؤسسات الإعلامية المصرية وانكماش التوسعات فى المشروعات الإعلامية لدى المؤسسات الصحفية القومية واتحاد الاذاعة والتليفزيون السابق الهيئة القومية للاذاعة حاليا، كما رصد تراجعا فى مصداقية الإعلام المصرى ومدى ثقة جمهوره فيما يقدمه له من محتوى سياسى تحديدا، كما رصد حركة تنقلات مذيعى الفضائيات وغياب بعضهم تماما عن الساحة، وهجرة البعض الآخر خارج الدولة والتحاقه بمؤسسات إعلامية دولية ناطقة بالعربية.. مشيرا إلى أن التقرير حافل بالكثير من المعلومات والبيانات والتحليلات ولمن يريد التفاصيل الاطلاع عليه فى صفحة جمعية حماية المشاهدين والمستمعين والقراء، موجها التحية لكل من شارك فى إعداد التقرير ولكل من أسهم بالرأى والفكرة والمعلومة ولكل أعضاء الجمعية.
وقد كان للجمعية بعض الملاحظات على القانون نشرت فى حينه بـ«الأهرام المسائى» وأيضا فى ندوة قوانين الإعلام التى أقامتها الجامعة الأمريكية عقب موافقة البرلمان على القانون سالف الذكر ومما أبديناه من ملاحظات نذكر: أن القانون الذى أصبح نافذا للعمل به لا يغير من حالة الإعلام وستظل كما هى، لأنه لا يوجد قانون يضبط الأداء وينظم العلاقات وأن هذه الهيئات ستمارس اختصاصاتها وفقا للقوانين القديمة بدليل أن المجلس الأعلى للإعلام المتوقع صدور قرار بتشكيله قريبا، ليس من حقه إصدار تراخيص للمواقع الإلكترونية لأن القوانين القديمة لم تتطرق إليها، وفى حالة إصدار تراخيص لأية قناة تليفزيونية فإنه سيطبق بالقانون القديم.
كما أن ممثلى الحكومة بالهيئات أكثر من الهيئات المستقلة.. فالرئيس يختار رؤساء الهيئات الثلاث واثنين من أعضاء المجلس، إضافة إلى أن نقابة الصحفيين والإعلاميين ترسل له 4 أسماء ليتم الاختيار من بينهم، وذلك يعد سيطرة من جانب السلطة التنفيذية على الهيئات.
كما أنه بمقتضى القانون، فإن مهمة الهيئة الوطنية للصحافة هى إدارة الصحف المملوكة من الدولة «الصحف القومية»، بحيث تتبع الصحف الخاصة للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الذى تخضع له وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، والصحف الخاصة والقومية كافة، بالاضافة إلى تأثيرات الوضع الاقتصادى للدولة المصرية على صناعة الإعلام عامة وصناعة الصحف الورقية خاصة، حيث كان عام 2016 صعبا على الدولة المصرية وعلى معظم مؤسساتها الإعلامية ومنها المؤسسات الصحفية حيث واجهت كثير من الصحف الخاصة شبح الافلاس بعد تعويم الجنيه المصرى ووهنت قدرتها على مواجهة أعباء تكاليف الطباعة من أوراق وأحبار وفصل الوان وتوزيع.
وأكد التقرير أن الأزمة المالية الحالية من التهديدات الآنية لمسيرة الإعلام فى مصر، وخاصة الصحافة الخاصة، ونسوق بعض النماذج دليلا على ما يجرى باتجاه تراجع مهنة وصناعة الصحافة، فمثلا صحيفة «المصرى اليوم» اليومية التى كانت قاطرة الصحافة الخاصة فى مصر، بل نافست الأهرام العريقة ذات يوم، المصرى اليوم التى يملكها عدد من رجال الأعمال.. تتردد حاليا أنباء قوية عن وجود توجّه لدى الملاك لإيقاف النسخة المطبوعة والاكتفاء بالموقع الإلكترونى، كما أن صحيفة التحرير التى فاجأ مالكها الجميع بإيقاف النسخة الورقية وأعلن عن الاكتفاء بالموقع الإلكترونى وعزا ذلك للخسائر المادية الضخمة التى مُنِيَت بها الصحيفة، وقُدِّرها بنحو 50 مليون جنيه، وصحيفة الشروق التى يملكها الناشر إبراهيم المعلم، صاحب دار الشروق، تعانى حاليا من أزمة مالية، أدَّت إلى تأخر صرف رواتب العديد من المحرِّرين فيها لشهور، فى حين تقوم إدارة الصحيفة بدفع رواتب البعض الآخر على دفعات وقد عبر رئيس التحرير صراحة عن معاناة العاملين لاستمرار الصحيفة.
كما أن صحيفة «اليوم السابع» التى تمتلك موقعا إخباريا قويا، تفكر إدارة الصحيفة حاليا فى الاكتفاء بالموقع أو تحويل الجريدة إلى نسخة إلكترونية، ولا شك أن الوضع الاقتصادى للدولة يؤثر بشكل مباشر فى صناعة الإعلام عامة والصحف المطبوعة خاصة حيث يزيد أو يقلل جمهور القراء تبعا لظروفهم الاقتصادية وأن القارئ لا يختار بين رغيف الخبز وشراء جريدة.. وثمة أسباب عدة واضحة تكشف عن أسباب الازمة الاقتصادية التى يعيشها الإعلام المصرى كله وليس الصحف المطبوعة فقط منها، نزيف الخسائر المستمر حيث لم يعد بمقدور ملَّاك الصحف الخاصة تحمُّل تكاليف إنتاج صحيفة يتراجع توزيعها يوما بعد يوم وحسبك أن تعرف أن توزيع الصحف المصرية مجتمِعة حاليًا لا يزيد على 700 ألف نسخة يوميًّا، مقارنة بأربعة ملايين نسخة أيام ثورة 25 يناير.
كما أن تراجع عائدات الإعلانات زاد الأمر صعوبة حيث لا توجد إحصاءات دقيقة لحجم عائدات سوق الإعلانات فى مصر، إلا أننا نُقدَّرها بنحو 2 ونصف المليار جنيه «حوالى 313 مليون دولار» تشارك فيها الصحافة وسائل إعلامية أخرى منها مائة وعشرون فضائية مصرية وعربية على الاقل، بينما تنفق هذه القنوات الفضائية ما يقرب من 3 مليارات ونصف المليار؛ ما يعنى أن هناك عجزًا سنويًّا يبلغ مليار جنيه. وقد أشارت دراسة حديثة شملت عدة دول، أعدَّها نادى دبى للصحافة بالتعاون مع شركة «ديليوت» العالمية للاستشارات والتدقيق، إلى انخفاض عائدات الإعلان فى قطاع الفضائيات فى مصر بنسبة 30% خلال الفترة من 2011 إلى 2015.
وكشف التقرير أن توقف تدفقات المال السياسى والدعم الخارجى ساهم فى الازمة، حيث شهد عام 2016 انخفاضًا كبيرًا فى الدعم المالى الخارجى الذى تدفق بشكل كبير إلى سوق الإعلام المصرى خلال سنوات الثورة والتحولات الصعبة. ويعود ذلك على ما يبدو إلى الحسابات السياسية لصاحب هذا المال، خصوصًا مع تبدُّل الأوضاع السياسية الداخلية والإقليمية. فأحد أسباب الأزمة التى تضرب سوق الإعلام الخاص حاليًا، فى رأى البعض، هو خروج المال السياسى «الخليجى» الذى كان قد تدفَّق من أجل تحقيق أهداف سياسية إقليمية، وذلك بعدما شعر أصحاب تلك الأموال بأنهم حققوا أهدافهم.
كما أن ضعف حالة الحراك السياسى ساهم فى ذلك حيث اختفت تقريبا معظم الحركات السياسية وتراجع العمل الحزبى ولم يعد هناك نشاط سياسى حقيقى، ووهنت الاصوات المعارضة أمام الصوت الواحد على المشهدين السياسى والإعلامى فَقَدَت وسائل الإعلام الكثير من جاذبيتها وحيويتها.
كما أن ظهور أزمات هيكلية فى بعض المؤسسات الإعلامية المصرية كان له عامل كبير بسبب ظهور فضائيات وصحف بدون دراسات جدوى حقيقية وهى كانت من متطلبات مرحلة انتهت بعد بدء مرحلة جديدة.
وأضاف التقرير أن تشوه أنماط الملكية وليس تنوعها فقط ساعد فى ذلك حيث لا يوجد فى مصر حاليًا إعلام مستقل بشكل حقيقى، فإذا كانت مِلكية الدولة للإعلام الرسمى أسهمت فى إضعاف وتراجع دوره وتواضع هامش الحرية المتاح أمامه وتحوُّله لأداة دعائية للسلطة، فإن دخول رأس المال الخاص فى المجال الإعلامى لم يؤدِّ إلى توسيع هامش الحرية الإعلامية، بل أسهم فى تقييدها مما جعله أسيرًا لتوجهات مالكيه الجدد، ومُعَبِّرًا عن مصالحهم.
وأكد التقرير أن غياب الغطاء القانونى والتنظيمى ربما كانت الفوضى التى ضربت الإعلام المصرى فى الأساس سببها تأخر صدور التشريعات اللازمة مما أدى إلى غياب الإطار القانونى والتنظيمى الذى ينظِّم عمل هذا الإعلام ويحدد نمط العلاقة بين الإدارة والتحرير فى كل مؤسسة..
كما أن أزمة المصداقية سبق أن أشارت دراسات عدة مقدمة لنيل درجتى الماجستير والدكتوراه وبحوث شركة إبسوس إلى تراجع حادٍّ فى نسب مشاهدة برامج التوك شو السياسية الشهير، وتزامن مع كل الاسباب السابقة انخفاض حاد لأسعار النفط الذى جاوز 50% من سعره، مما تسبب فى انحصار عمليات التوسع التى كانت قد شهدتها القنوات الفضائية الخاصة وتحولت بموجبها إلى مجموعات مثلا مجموعة دريم - مجموعة الحياة - مجموعة سى بى سى، فعادت هذه المجموعات لتقليص قنواتها وتقليص أعداد العمالة بها، وهو ما تكرر أيضا فى بعض الصحف التى اختفى بعضها أو تحولت من يومية إلى أسبوعية أو إلكترونية مثل جريدة التحرير والصباح والمصريون.