الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فيتنام واستراتيجية الدول الصاعدة

فيتنام واستراتيجية الدول الصاعدة
فيتنام واستراتيجية الدول الصاعدة




أحمد عبده طرابيك يكتب:
فى حديث مع أحد الأصدقاء، والذى كان مشغولا بشراء بعض الأجهزة الكهربائية لابنه المقبلة على الزواج، وجدته يفاضل بين عدد من الأجهزة ذات المنشأ فى فيتنام، ونظرا لاهتمامى بدول المنطقة التى تنتمى إليها فيتنام «رابطة آسيان» زادنى الفضول لمعرفة أسباب تفضيله للمنتج الفيتنامى عن غيره، فأجابنى بأن هذه المنتجات من المكانس والسخانات وغيرها هى الرائجة فى السوق المصرية حاليا. تذكرت أننا كنا فى الماضى نفاضل بين المنتجات اليابانية والألمانية وغيرها من الماركات الأوروبية والأمريكية، ثم انتقلنا للمفاضلة بين المنتجات الكورية والماليزية والصينية، والآن صرنا نفاضل بين المنتجات الفيتنامية والإندونيسية والتايلاندية وغيرها، فهل آن الأوان واقتربنا من المفاضلة بين المنتجات المصرية؟ خاصة أن مصر تتشابه مع فيتنام فى كثير من الجوانب، فعدد السكان يكاد يتساوى فى الدولتين «95 مليون نسمة»، ولكن مساحة مصر تزيد على ثلاثة أضعاف مساحة فيتنام.
اتبعت فيتنام نظرية «التعــاون والتكامــل علــى الصعيــد الإقليمــي» لمواجهـة التحديات التى تواجه الدول النامية والساعية نحو التقدم، وذلك بالبحث عن أسـواق أكبـر، وجذب المستثمرين والشركات الكبرى، مـن خـلال التكامـل الإقليمـى مع دول الجوار، وهذا ما وجدته فى الانتماء إلى رابطة دول جنوب شرق آسيا «آسيان»، وهذا ما عزز دورها فى التنمية، حيث إن الرابطة تضم عشر دول، معظمها من الدول الصغيرة مثل بروناى وسنغافورة ولاوس، إلى جانب بعض الدول الكبرى أيضا بالنسبة لعدد السكان كإندونيسيا وماليزيا والفلبين، ولكن هذه الدول تجد نفسها كبيرة من خلال الانتماء لرابطة أو اتحاد يجمعها مع باقى الدول الأخرى، لذلك نجد ذلك الانتماء يتجسد فى رفع علم رابطة «آسيان» إلى جانب علم كل دولة عضو فيها.
وفق بيانات البنك الدولى عام 2014، فإن اقتصاد فيتنام يحتل الترتيب 36 بين اقتصاديات دول العالم بحوالى 552.3 مليار دولار من حيث القوة الشرائية، وحجم إنتاج إجمالى 191.5 مليار دولار. كما حققت فيتنام عام 2015 فائضا فى ميزانها التجارى يقدر بحوالى 13.7 مليار دولار، حيث بلغت قيمة الصادرات 165 مليار دولار، بينما بلغت قيمة الواردات 151 مليار دولار بما يجعلها فى الترتيب 28 بين دول العالم.
من بين مجموع السكان البالغ عددهم 95 مليون نسمة، تبلغ القوة العاملة فى فيتنام نحو 55 مليون نسمة، تحتل بها الترتيب 12 عالميا من قوة العمل، وبينما يبلغ معدل البطالة 3.5%، تحتل بها المركز 30 عالميا، ويعيش تحت خط الفقر نحو 11% من السكان، وتنفق فيتنام على التعليم 6.3% من إجمالى الدخل القومى.
تسعى فيتنام من خلال إمكانياتها المتاحة حاليا لأن تصبح إحدى أسرع الاقتصاديات نموا فى العالم بحلول عام 2050، حيث لدى فيتنام الفرصة لأن تصبح منطقة صناعية أكثر رخصا من الصين، إلى جانب ما تتمتع به من استقرار سياسي، واكتشافاتها النفطية، خاصة أنها حققت فى عام 2014 تفوقا على شركائها من دول «آسيان» من حيث صادراتها النفطية إلى الولايات المتحدة.
يشكل قطاع السياحة دورا مهما فى اقتصاد فيتنام، حيث ساهم ذلك القطاع فى عام 2015 بنحو 16 مليار دولار، بما يمثل 9.3% من الناتج المحلى الإجمالي، فقد استقبلت فى عام 2008 نحو 4.2 مليون سائح، وقد ارتفع ذلك العدد فى عام 2015 ليصل إلى ليصل إلى 7.8 مليون سائح، وتستهدف فيتنام تنمية قطاع السياحة لتستقبل 55 مليون سائح بحلول عام 2050، حيث تخطط لإقامة مجموعة من المشروعات تشمل انشاء 7 مناطق سياحية جديدة وتطوير البنية التحتية خاصة شبكة الطرق البرية والبحرية والسكك الحديدية مع الصين ودول الجوار، كما عقدت اتفاقيات سياحية ثنائية وإقليمية لتطوير البنية التحتية والطرق مع دول الجوار الشركاء معها فى «آسيان» خاصة «لاوس، كمبوديا، ميانمار»، كما قامت بتوقيع اتفاقيات مع 22 دولة يتم بموجبها اعفاء مواطنيها من الحصول على تأشيرة الدخول للبلاد منها بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، روسيا، دول «الآسيان».
 ترتبط مصر بعلاقات مع فيتنام على مستويين، الأول من خلال معاهدة الصداقة والتعاون لرابطة «آسيان»، والثانى من خلال العلاقات الثنائية، حيث كانت مصر من أوائل الدول التى أقامت علاقات دبلوماسية مع فيتنام فى أعقاب الحرب الفيتنامية عام 1963، ومنذ ذلك التاريخ تطورت العلاقات بين الجانبين وإن كانت بشكل بطىء نسبيا، لكن فى السنوات الأخيرة زاد حجم التعاون بين البلدين، حيث تم التوقيع على العديد من اتفاقيات التعاون فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتجارية، فضلا عن التنسيق السياسى فى المحافل والمنظمات الدولية.
ارتفع حجم التجارة بين مصر وفيتنام خلال عام 2014 إلى 396 مليون دولار مقابل 230 مليون دولار عام 2013، بزيادة قدرها 72%، حيث كان أهم الواردات من فيتنام «الأسماك والمأكولات البحرية، المنتجات القطنية والأقمشة، الفلفل الأسود، وسائل نقل، آلات ومعدات، أجهزة كهربائية ومنزلية، الحديد والصلب»، أما الصادرات المصرية فتمثلت فى «الملابس وإكسسوارات المنسوجات، السكر والعسل، المواد البلاستيكية، الكيماويات».
لا يعبر حجم التجارة بين مصر وفيتنام عن حجم البلدين من حيث الإنتاج أو السوق التى يوفرها كل طرف للآخر، إلى جانب التعاون السياحى الذى لم يتم الاستفادة منه حتى الآن فى مصر.