الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى الأسواق العشوائية.. أرواح الباعة أرخص من السلع المعروضة بـ«المنوفية»

فى الأسواق العشوائية.. أرواح الباعة أرخص من السلع المعروضة بـ«المنوفية»
فى الأسواق العشوائية.. أرواح الباعة أرخص من السلع المعروضة بـ«المنوفية»




المنوفية - منال حسين


ضربت فوضى الأسواق العشوائية، فى السنوات الأخيرة، محافظة المنوفية، بعد الارتفاعات الجنونية التى أصابت جميع السلع الغذائية، والمفروشات، والأدوات المنزلية، حتى أصبحت تلك الأسواق الواجهة الرئيسية لمحدودى الدخل بالمحافظة، نظرا لارتفاع الأسعار بالمحلات التجارية الكبيرة، وعجز عدد كبير من المواطنين فى التسوق منها لضيق حال المعيشة والفقر.
الأمر الذى عكس بدوره إنعاش الأسواق العشوائية، لدرجة أنه أصبح بكل مركز من مراكز محافظة المنوفية سوق تجارية من الباعة الجائلين، يضم جميع السلع بعلم المسئولين بالمحافظة، وتم تخصيص أيام محددة لكل سوق يتوافد إليه سكان القرى المحيطة به للتسوق والشراء.
ومن المؤكد أن وجود تلك الأسواق خففت الكثير عن كاهل المواطن المنوفى البسيط لوقت قريب حتى أصبح وجودها خطرا حقيقيا على حياة المواطنين والبائعين، بسبب غياب الرقابة من مركز المدينة وشرطة المرافق، خاصة الأسواق القريبة من شرائط السكك الحديدية.
الغريب أن تلك الأسواق انتشرت بعدما امتدت لكيلو مترات، ليفترش الباعة الجائلون شريط السكة الحديد دون النظر للمخاطر التى من الممكن أن تحدث لهم جراء تلك الفعلة وتعريض حياتهم وحياة المواطنين للموت فى أى لحظة، إلى جانب قطع الطرق الرئيسية وحدوث شلل مرورى فى الميادين العامة وانتشار القمامة وبقايا المزروعات.
والكارثة فى الأمر أن تلك الأزمة على مرأى ومسمع المسئولين، الذين لم يتحرك لهم ساكن لإنقاذ حياة المواطنين جراء أفعال عدد من عديمى المسئولية، حيث تمركزت تلك الأسواق وانتشرت ولم تكن فى مراكز واحد فقط من مراكز المحافظة، لكنها موجودة بأغلب المراكز، خاصة الكبيرة منها كالعاصمة شبين الكوم والمتمثلة فى سوق عرفة، ومدينة قويسنا متمثلة فى سوق الأربعاء، إلى جانب مدن الباجور وتلا.
وبسؤال الحاجة فاطمة، إحدى بائعات سوق الأربعاء، بمدينة قويسنا، التى افترشت بضاعتها الخاصة بها على شريط السكة الحديد، عن سبب فعلتها، قالت: إن هذا المكان أصبح ملكًا لها لتفترش عليه بضاعتها بعدما امتلأت السوق التى خصصها المسئولون بالباعة ولا مكان لموضع قدم.
وتوضح فاطمة أن هذا هو مصدر رزقها الوحيد، الذى تطعم منه أبناءها وتصرف به على تعليمهم، لافتة إلى أنها لا تخشى الموت لأن الموت الحقيقى هو حرمانها من أكل عيشها، منوهة إلى أن عند رؤيتها للقطار وهو قادم من بعيد تقف بجوار الرصيف حتى يمر بسلام وتعود لمكانها من جديد.
ويلفت إبراهيم، بائع ملابس أطفال، إلى أنه على استعداد لافتراش بضاعته فى مكان آمن إذا قامت المحافظة بتوفير مكان له يبيع فيه، مشيرا إلى أنه مستعد أن يرمى نفسه فى التهلكة مقابل لقمة العيش، خاصة مع غلاء المعيشة وزيادة الأسعار، فهو أب لـ4 أبناء، وليس له أى باب رزق آخر للصرف عليهم وعلى تعليمهم.
ويضيف عبداللطيف، بائع خضروات: «الناس عاوزانا نمشى من هنا.. طب هنروح فين، ونأكل عيالنا إزاى ولا نموت أحسن»، لافتا إلى أن هذا المكان حدده مجلس المدينة من قبل، ونظرا لزيادة أعداد الباعة الجائلين وتردد المواطنين للشراء ازدحم المكان ولم يكن هناك موضع قدم نضع فيه بضاعتنا، فهذا المكان هو الوحيد الذى تمكنا من وضع البضاعة فيه.
إلى ذلك استنكر عدد من المواطنين وجود هؤلاء الباعة على شرائط السكك الحديد، ما يعرض حياتهم للخطر ناهيك عن قطع الطرق، ما أحدث شللا تاما أمام حركة السيارات، خاصة فى اليوم المخصص للسوق، مطالبين بضرورة وضع آليات ونظم محددة تحكم عمل الباعة الجائلين وتحدد أماكن تواجدهم، حتى ترحمهم من العذاب أو الموت دهسا تحت عجلات القطار.
ويؤكد محمود على، أحد المواطنين من مركز الباجور، أن المكان المخصص للباعة الجائلين أصبح لا يطاق بسبب الشلل المرورى به، فلم يقتصر الشلل على السيارات فقط، لكن أصبحت الحركة فيه بشكل عام صعبة للغاية، موضحا أن شرطة المرافق قامت أكثر من مرة بتحرير محاضر لهم وإخلاء المكان إلا أنهم يعودون بعد ذلك بعد دفع الغرامات المحددة عليهم.
أما جيهان، إحدى المتضررات، فوصفت مكان السوق بأنه أصبح مقززا للغاية نظرا للخطورة البالغة التى يتعرضون لها بسبب افتراش الباعة شريط السكة الحديد فى مدينة الباجور، فضلا عن حالات الازدحام الشديدة الموجودة بها، وانتشار الـ«تكاتك» بشكل لا يتحمله بشر طبيعى وانتشار القمامة والحشرات، مستنكرة غياب دور مجلس المدينة وإهماله فى إيجاد حل فعال وجذرى، لنقل السوق دون الرجوع مرة أخرى.
وتطالب المهندسة شرين عبدالفتاح، محافظ المنوفية، بضرورة التدخل بشكل سريع لتطهير المحليات من الفساد المتفشى بداخلها وإيجاد حلول فعاله لإنقاذ حياة المواطنين والحفاظ على مصالح الباعة الجائلين لأنها هى مصدر رزقهم الوحيد فى ظل صعوبة الحياة المعيشية وارتفاع الأسعار.
يشار إلى أن هناك طلبًا تم تقديمه من قبل أحد المواطنين يتضمن اقتراحًا على الدكتور هشام عبدالباسط، محافظ المنوفية، بضرورة نقل جميع الأسواق القريبة من شرائط السكك الحديد والتجمعات السكنية إلى خارج الكتلة السكنية فى أماكن آمنة تحفظ فيها حق البائعين وتيسيرا على المواطنين، علاوة على الكثير من التساؤلات حول: هل تنتظر المنوفية كارثة ليتحرك المسئولون بها؟