الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فوضى «باكوس» تخنق «الإسكندرية»

فوضى «باكوس» تخنق «الإسكندرية»
فوضى «باكوس» تخنق «الإسكندرية»




الإسكندرية ـ إلهام رفعت

«باكوس».. أشهر المناطق الشعبية بالإسكندرية وأكثرها ازدحاما، حيث إنها إذا أغمضت المحافظة جفونها، لا تغمض «باكوس» عيونها، بسبب أصوات الباعة الذين علت أصواتهم لتسويق بضائعهم، الأمر الذى يقلق منام قاطنى تلك المنطقة، ويفجر غضبهم، خاصة أن من بينهم الأطفال وكبار السن، والمرضى، علاوة على تسببهم فى غلق الشارع أمام المارة والسيارات بالساعات.
تجولت «روزاليوسف» داخل سوق «باكوس»، فوجدت من بين الباعة من تخصص فى بيع المفروشات، وآخر فى الأوانى المنزلية زهيدة الثمن التى يحرص البعض على شرائها فى المناسبات، وثالثا يتغنى بما تحوى عربته من ملابس للأطفال، حيث إن الأمهات يبدلن ملابس أبنائهن على الرصيف وسط فرحة الأطفال بالملابس القديمة فى الأساس والجديدة بالنسبة لهم.
بداية تقول أم سارة، إحدى المترددات على سوق باكوس: «نشترى منه جميع الملابس لأن الأسعار هنا أرخص من أى مكان تانى، ودايما زحمة، لأن حالة الناس بقت تحت الصفر، ومش بس كدا فيه ناس مش معاها فلوس تيجى حتى تشترى من الملابس الموجودة على الرصيف».
ويلفت محمد عبدالصبور، من رواد السوق، إلى أن منطقة السوق تعتبر من أهم الشوارع فى الإسكندرية ومن أكبر الأسواق، حيث إن مشاكله لم تكن وليدة اليوم، بينما منذ زمن بعيد، ورغم إزالة الكثير منها إلا أنها لحظات وتعود الأوضاع لطبيعتها فور  مغادرة شرطة المرافق، منوها إلى أن السيارات لا تجرؤ على دخوله، ما يلزم بسرعة التدخل لإيجاد حلول جذرية بعيدة عن المسكنات، وإيجاد مكان بديل لهذا السوق شديد العشوائية.
ويشير محمد مهدى، منسق مبادرة «عيون أهالى الرمل»، إلى أن سوق باكوس وشارعى مصطفى كامل، والسينما، قنبلة موقوتة فى قلب أكبر أحياء الإسكندرية، مشيرا إلى أن الباعة الجائلين يحتلون نهر الطريق، ويمنعون مرور العربات وسيارات الإسعاف، والمطافئ لا تستطيع دخول الشارع حتى لو كان هناك حريق.
ويؤكد أن وجود ذلك السوق فى تلك المنطقة الحيوية والمهمة، يهدد بكارثة لأهالى المنطقة، حيث حول حياتهم إلى جحيم، بعدما كان قاطنوه يحلمون بالعيش فى بيئة هادئة آمنة، لافتا إلى أن دعاة التطرف والإرهاب انتشروا فى المنطقة.
وينوه مهدى إلى أن «مبادرة عيون أهالى الرمل»، تقدمت بمقترح لرئيس الحى بتطوير المنطقة، يتضمن نقل سوق باكوس على شريط الترام من «شدس» حتى «فليمنج» بعد حصر الباعة الجائلين الموجودين وتخصيص أماكن ثابتة لهم مقابل أجر يتم تحصيله فى خزينة المحافظة.
وتضمن المقترح أيضا التعاقد مع شركة نظافة تتولى تنظيف المكان يوميا، إلى جانب إنشاء سوق متعدد الطوابق مكان الوكالة التى تبلغ مساحتها 2400 متر مربع، وتقسيمه إلى محلات وتوزيعها على أصحاب الفروشات مقابل مبالغ تحصل لصالح الحى أو الجهة التى قامت بالإنشاء مقابل حق انتفاع قصير المدى 10 سنوات.
ويرى أن تلك الحلول هى الأمثل، بل ومن المتوقع أنها ستنجح فى إعادة شارع مصطفى كامل لسابق عهده، وإعادة السيارات للسير فى الاتجاهين، مؤكدا ضرورة إنشاء وحدة شرطة ومطافئ داخل السوق، وذلك لإنهاء المشاجرات التى تحدث دائما وتنشب بين المتوافدين والباعة.
وعن أصل تسمية «باكوس» يقول إبراهيم عنانى، المؤرخ السكندرى: إن هناك روايتين إحداهما ترى أنه نسبة إلى باكوس أو باخوس، إله الخمر عند الإغريق والرومان، الذين كانوا يسكنون الحى بكثرة آنذاك، والأخرى أن محطة باكوس ومحطة شوتس تنسب اسميهما إلى الشخصين اللذين قاما بمد شريط ترام الإسكندرية من محطة الرمل والأزاريطة ليصل فى نهايته إلى كلية فيكتوريا.
ويضيف: إن التسمية لم تكن كما يظن البعض بأنها نسبة لسكن اليونانيين بها لأن معظم اليونانيين والأوربيين عموما يسكنون قريبا من البحر «ويظهر هذا فى الأبنية الموجودة فى زيزينيا ومنطقة سان ستيفانو»، وكان حى باكوس فى السابق قبل التأميم به كثير من الجاليات الأرمينية واليونانية.
ويشير إلى أن التقدم العمرانى بهذا الحى واختلاف تركيبته السكانية وأحداث ثورة 1952 محت الكثير من قصوره، حيث تم تشييد عمارات متعددة الطوابق بديلا عنها، لكن يوجد بعض العقارات كما هى مثل مدرسة عبدالعزيز جاويش بداخل قصر، ومن معالمه المميزة البيت الذى ولد به الزعيم جمال عبدالناصر، الذى تحول حاليا إلى «متحف الزعيم جمال عبدالناصر».
ويلفت عنان إلى أنها تضم أيضا بيت محمد محمود شعبان «بابا شارو أقدم إذاعى فى مصر»، وتشتهر أن بها عائلات آل ختال، وشاهين وشعوط ويونس والسواحلى، ومن أهم شوارع باكوس شارع سينما ليلى أو سينما الحرية كما يطلق عليها حاليا «نسبة لسينما قديمة» ومسرح قيس، وأمام السينما شارع شلبى ميخائيل من أهم شوارع هذه المنطقة أو كما يسمى حاليا بشارع الشيخ عوض ختال العلوانى نسبة إلى الشيخ الذى كان يسكن فيه وكان كبير عائلات ختال فى مصر وليبيا.
يشار إلى أن من معالم باكوس الآن أشهر سوق بالإسكندرية لتجارة الخضروات والفاكهة والأسماك، الذى يعمل ليلا ونهارا بصفة مستمرة، ودائما ما تجده مزدحمًا بالزائرين، ويعتبر سوقا للغلابة يأتون إليه من مناطق مجاورة ليشتروا لأولادهم كسوة المدارس أو ملابس العيد.
ورغم شهرته بكونه سوقا كبيرا للخضر والفاكهة والأسماك، إلا أنه يضم سوقا لمستلزمات المدارس والأعياد والملابس والأحذية، فهو سوق «حسب الموسم» يجوبه غير القادرين على شراء مستلزماتهم بمبالغ طائلة، ويقع السوق فى حى باكوس الذى يعد أقدم أحياء الإسكندرية، حيث يضم مبنى الإذاعة والتلفزيون ويربط بين عدة مناطق بينها الهادئ الراقى مثل «زيزينيا» و«جليم» والشعبى الصاخب مثل «الظاهرية» و«شدس».