الجمعة 20 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الروائية عبير سليمان: لا توجد علاقة بين المثقف والسلطة

الروائية عبير سليمان: لا توجد علاقة بين المثقف والسلطة
الروائية عبير سليمان: لا توجد علاقة بين المثقف والسلطة




حوار – خالد بيومى

 

عبير سليمان كاتبة روائية وناشطة مجتمعية تتميز كتاباتها بالواقعية الشديدة والانخراط فى قضايا المجتمع ومحاولة طرح الحلول بشأنها..  تملك رصيدًا كبيرًا من الحكمة والرؤية الاستشرافية لمستقبل وطن يقوم على التسامح واحترام المرأة، من أعمالها الروائية: «صليب الحب وسياسة القرآن» و«عاشق المسبحة».. عن رؤاها وأفكارها كان حوارنا معها فإلى نصه.
■ كيف ومتى بدأت تجربتك مع الكتابة؟
- بدأت تجربتى مع الكتابة فى سن الثانية عشرة، وكنت أقرأ لكبار الكتاب سواء أكانوا مصريين أو عرب، أو فلاسفة أسسوا لبعض النظريات التى طبقت أو فندت من قبل فلاسفة آخرين، لكننى كنت أصبو للكتابة الواقعية التى تحمل الجانب الإنسانى والبحث فى أغوار الذات والسلوكيات المجتمعية التى أقرها الدين والفكر سواء أكان فكرًا صحيًا أو عقيمًا، والسياسة والأعراف والمعتقد، فبدأت أكتب كتابات صغيرة فى قالب قصصى كما كنت أقوم بتأليف أنشطة المدرسة المسرحية.
■ ما الروافد التى أسهمت فى تشكيل تجربتك الإبداعية؟
- الروافد التى شكلت وأثرت فى وجدانى وميولى نحو القراءة والكتابة، هى تفاوت حالتنا الأسرية فى سنوات قليلة على كل المستويات المالية والمجتمعية ورغم أنها كانت فترة استثنائية لكنها أثرت على بشكل إيجابى للغاية وأصبحت شخصا أكثر تأملا وتدبرا ووعيا وإطلاعا، وتأثرت بشدة بالكتابًات الفلسفية عن الوجودية وتفسير السلوك والفكر الإنسانى ورصد التاريخ ومراحل تحوله ووقع الأديان ومدى تأثر الإنسان بها والروايات الواقعية التى غالبا ما تحمل بصمات إنسانية وتدبر فى الحياة وفروضها وخاصة فى مرحلة الصغر.
■ «صليب الحب وسياسة القرآن» عنوان روايتك الأولى.. العنوان إشكالى يجمع بين رمز ديانتين.. هل كان العنوان مقصودا؟
- نعم كان العنوان مقصودا وبشدة، وإقران كل دين بكلمة مقصود، فالمسيحية رمزها الصليب وتدعو للمحبة والتسامح، لذلك قلت «صليب الحب»، والقرآن منهج حياة كامل تحدث عن أشياء كثيرة حاكمة لحياتنا لذلك قلت «سياسة القرآن»، وهما أكثر ديانتين فى مصر، وهما المؤثر الرئيس فى حياة المصريين ولأن هناك متغيرات أثرت على تفسير وتطبيق وتطويع التدين لصالح أمور بعينها سياسية كانت أو اقتصادية أو أمنية أو عرفية، أصبح هناك انحراف عن تحقيق الهدف الرئيس للأديان وهو تهذيب الإنسانية لنجد أنفسنا فى دوامة تهدر قيمة الإنسان والحب وتهدم قدسية من نوع آخر وهو السلام النفسى والعاطفى، لذلك أردت من خلال روايتى أن أوصل رسالة مفادها أن الإنسانية والترقى هما الهدف الأهم الذى جعلنا نحب الله وأن الفتنة صناعة بشرية وأن الحب بريء من أى تقويد أو تطويع ويجب ألا يتم المصادرة على مشاعرنا واحتكارها لصالح جهة معينة أو توجه ما لم ينزل الله به سلطانا.
■ الفتنة الطائفية تطل برأسها أحيانا ثم تتوارى مرة أخرى.. ما سر هذا التذبذب؟
- السر يكمن فى أننا فقدنا تحقيق النتائج من وراء فكرة الاعتقاد، فهناك مقولة مصرية شهيرة مفادها «خاف ربنا»، وهى تشير إلى أن المعتقد يجعل لك رب أعلى يحكم سلوكك ويضمن عدم انحرافه، لكن للأسف المجتمع انخرط فى التفاسير والكهنوتية، وترك جوهر الدين وهدفه، فالدين نزل كى يخلق سلام لا صراع، فبعض متطرفى الأديان يرون أنهم متميزون وأنهم شعب الله المختار ولا دين عند الله غير الإسلام، تلك المقولات استخدمها المفسرون لخدمة أغراض فوقية تشيع وتنشر التطرف، علما بأن هناك خطاب ينشر الدين ويرسخ صورة ذهنية جيدة عنه وفى نفس الوقت يدعو لاحترام الآخر والتسامح معه، لذلك أقولها بوضوح: نعم نحن الخير فينا ونحن نسيج واحد، ولكن هناك بعض أمور فى الباطن قام بها بعض مدعى التدين ورسوخها فى قلب الوجدان لا بد أن يتم محوها عن طريق التوعية والثقافة والعمل الجماعى، حتى نقفل ثغرات العبث بالمشاعر والانتماء والغيرة على الدين التى يتم استغلالها أحيانا لصالح أهداف أبعد ما تكون عن الشرف والوطنية.
■ هل مصر مستهدفة بالفعل؟
- لا أميل لفكرة المؤامرة، ولكن من المنطقى أن نكون مستهدفين نحن وغيرنا، فنحن فى قلب العالم العربى والإفريقي، ونجاور إسرائيل ولدينا علاقات سياسية وعسكرية مع بعض الدول المؤثرة على المستوى الاقتصادى والأمنى، فالسعودية مستهدفة وكذلك تونس والعراق وليبيا وسوريا وغيرها من دول الجوار وهذا على مر التاريخ وليس بجديد، فغالبا الدول التى تتأخر فى التنمية والاقتصاد يتم السطو عليها بشكل أو بآخر لتكون تابعا وتخدم تحركات الدول الكبرى، ولكن الأهم هنا من فكرة المؤامرة والتى أرهقتنا ولم تجعلنا نتحرك، الأهم أن نتحرك ولا نكون تابعين أو نملك صفات ترسخ للتبعية من خلال السعى لتدشين نهضة فكرية وثقافية واقتصادية حقيقة تصنع مستقبل وطن لنا وللأجيال القادمة حتى لا يتهمنا التاريخ بأننا الجيل الذى أضاع هداف ثورتين هباء دون تحقيق أى هدف.
■ أنت ناشطة سياسية.. كيف ترين علاقة المثقف بالسلطة؟
- لا توجد علاقة بين المثقف والسلطة وهذا أمر غريب، هناك حالة من العزوف التام من قبل المثقفين، فأغلبهم أحبط لما ظهر مؤخرا من أطروحات ترقى لمستوى السذاجة والعشوائية والعبث وغياب الفكر والرؤية، حيث أغلقت امامهم جميع النوافذ الإعلامية والإبداعية والفنية وفتحت لفارغى الموهبة والفكر المطمور عن عمد فخفت صوتهم أو انعدم واعتقد أن الدور الثقافى مهم جدا فى تلك المرحلة بالسبة للسلطة والشعب معا حيث لن يتحقق التحضر والفكر المستنير فى ظل إدارة تهمش المثقفين ودورهم.
■ كيف يحضر الرجل فى كتاباتك؟
- الرجل يحضر بصفته إنسانًا، فلا اعترف بوجود اختلافات إنسانية أو حسية كبيرة بين الرجل والمرأة لكنى اعترف بأن هناك طريقة تربية ومناخ هو الذى أسهم فى بلوغ بعض الرجال إلى قمة السطوة وازدواجية ما تظهر فى سلوكياتهم، وممارسات بعض النساء السطحية التى أعطت لها صورة سلبية عن الرجل على كل المستويات، فالرجل البطل فى روايتى الأولى كان أقرب للمثالية، ولكن هناك رجال آخرين فى الرواية قد تختلف معهم وتنتقدهم لكنك لن تصل إلى حد الكراهية، أما روايتى الثالثة «عاشق المسبحة»، فهى عبارة عن روايات صغيرة يظهر الرجل والمرأة بكل الأشكال والأنماط قد تكرههم أو تتعجب من وجود أشخاص هكذا وقد تعطف عليه وتحبه.
■ زواج المثقفين.. لماذا يكون دائما على سطح صفيح ساخن؟
- لا أتفق مع هذا الطرح، ولكن من الممكن القول بأن زواج أنصاف المفكرين أو محتكرى الفكر والرأى الواحد، أصحاب الجدل الأكبر هو الزواج الذى يكون على سطح صفيح ساخن، عموما أن أرى أن احتكار الرأى والإدارة الواحدة والتسلط وغياب الابتكار وتفاوت الثقافة والفكر يخلق فجوة بين الرجل والمرأة، ناهيك أن منظومة الزواج منظومة معقدة جدا، ليست بهذه البساطة التى يتم طرحها، فلابد أن نفصل بين المشاعر المتدفقة التى تدفعك للاقتران بشخص ما ومنظومة الزواج نفسها فالميل الإنسانى والحسى يبعد عن الواقع التطبيقي، ولكى تنجح تلك المنظومة فلابد من تصالح وتقارب الواقع التطبيقى من هذا التدفق الوقتى الذى يملك أهداف أخرى تترجم إلى مسار واحد هو الزواج والأولاد والالتزامات وإدارة الدفة والتصدى صعاب وعثرات الحياة، هذا فى ظل ضرورة الإبقاء على المشاعر الأولى والتى هى فى الأساس تحتاج إلى مناخ آخر كى تبقى أو تنمو.
■ بمن تأثرت فى كتابًاتك؟
- أميل للفلاسفة وكتاب العصر القديم، فـ«أرسطو وسقراط وفرويد ولينين وفيكتور هوجو وشيكسبير» شكلوا جانبا كبيرا من وجدانى، كما أننى تربيت على الروايات الأجنبية والبوليسية المترجمة لـ«ألفريد هتشكوك وأجاثا كريستى»  وطبعا رجل المستحيل لنبيل فاروق، وفى العصر الحديث نجيب محفوظ ويوسف إدريس وإحسان عبدالقدوس وأنيس منصور والعقاد وطه حسى وإدوار الخراط ورضوى عاشور وأحلام مستغانمى وجمال الغيطاني.
■ أين يقف طموحك؟
- سؤال مهم جدا، أطرحه على نفسى كثيرا، أقولها بكل صدق أتمنى أن أكون سببا لكل خير فى تلك الأرض وأغير سلوكيات وأخلاقيات متطرفة داخل وطنى مصر، وأحب أن أرى الناس فى حالة من الرضى.