الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

نهاد صليحة.. رسالة حب خالدة

نهاد صليحة.. رسالة حب خالدة
نهاد صليحة.. رسالة حب خالدة




 «النقد امتداد للنبوة، ولولا النقاد لهلك الناس ولطغى الباطل على الحق ولامتطى الأرذال ظهور الأفاضل، وبقدر ما يخفت صوت الناقد يرتفع صوت الدجال» كانت هذه أحد الأقوال المأثورة للشاعر الراحل بيرم التونسى عن مهنة النقد ووصف النقاد، وكانت ولا تزال صفة التربص لاصطياد الأخطاء من أكثر الصفات التى تلتصق أو يتهم بها الناقد أو الصحفى فى تأدية عمله، لكن من النادر أو من الصعب أن يسمو الحب على التربص وترتفع القيمة فوق الغاية من اصطياد الأخطاء لتتحول هذه المهنة إلى رسالة إنسانية وتمنح بها درجة من درجات النبوة فى أداء رسالتها النقدية، هكذا كانت الأستاذة الدكتورة الناقدة المسرحية نهاد صليحة فى أداء عملها الفني، فكانت كما وصفها الدكتور حاتم حافظ فى رثائه لها «الناقدة التى لا تشبه النقاد»، هى حقا لا تشبه أحدا من النقاد، لأن الدافع الحقيقى الذى كان يحركها تجاه عملها هو «الحب» ليس أكثر ولا أقل، حب الفن ومبدعيه وبالتالى دعمه والوقوف بجانبه بكل ما أوتيت من قوة وفى المقابل بدالها هذا الفن وصناعة نفس المشاعر بصدق وإخلاص لم يسبق وأن فاز به ناقد بمجالها، فكان يوم رحيلها الأسبوع الماضى فجيعة لجميع من عاصروها وأحبوها، وأثار خبر وفاتها حزنا بليغا فى نفوس المسرحيين، وتحولت صفحات الجميع على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» إلى صفحات رثاء لها، ولم تكتف صفحات هؤلاء بالرثاء والتعبير عن الحزن فقط، بل تعبيرا عن شغفهم وعشقهم، قام الجميع باستبدال صورهم بصورة نهاد صليحة فاحتلت صورتها أغلب حسابات المسرحيين الشخصية.
نهاد صليحة ناقدة وباحثة مسرحية وأستاذة النقد والدراما بالمعهد االعالى للنقد الفني، شغلت أيضاً منصب عميد من 2001 إلى 2003، تخرجت من جامعة القاهرة قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ودرست فى بريطانيا، حصلت على درجة الماجستير فى مجال الرواية الحديثة من جامعة ساكس وعلى درجة الدكتوراه فى مجال الدراما الشعرية الإنجليزية من جامعة اكسترا،
لها العديد من الأنشطة الثقافية والمسرحية فهى عضو اللجنة العليا للمسرح بالمجلس الأعلى للثقافة، وعضو فى لجنة الدراما بقطاع الإنتاج للإذاعة والتليفزيون، وكذلك عضو مجلس إدارة صندوق روبرتو شيميتا الدولى لدعم الشباب فنانى المسرح فى دول البحر الأبيض المتوسط من عام 1999،  شاركت فى العديد من الندوات والمؤتمرات والمهرجانات الثقافية والمسرحية العربية والعالمية، ساهمت فى تأسيس حركة الفرق المسرحية المستقلة من خلال إقامة المهرجان الأول للمسرح الحر عام 1999 وظلت ترعى حركة المسرح المستقل حتى آخر أيام عمرها ففى آخر أيامها بغرفة العناية المركزة بأحد المستشفيات ومع صعوبة تواصلها مع الناس وصعوبة التقاط أنفاسها الأخيرة كانت تتابع بشغف ولهفة الأزمة التى تعرضت لها المخرجة شيرين حجازى والتى كادت أن تحول بين سفر شيرين بعرضها «ياسم» للمشاركة ضمن فعاليات أيام قرطاج المسرحية حتى اطمأن قلبها على سفر العرض.
ساهمت صليحة بالكتابة النقدية فى العديد من المجلات والدوريات المتخصصة ومنذ عام 1989 كانت المشرفة على قسم النقد المسرحى فى جريدة الأهرام «ويكلي» باللغة الإنجليزية واستمرت فى تحرير هذا القسم أسبوعياً حتى وفاتها المنية، حصلت على جائزة الدولة للتفوق فى مجال الدراسات الأدبية عام 2003، كرمتها العديد من المهرجانات المسرحية العربية منها مهرجان الشارقة ومهرجان مجلس التعاون الخليجى ومهرجان قرطاج ومهرجان أيام عمان المسرحية، كرمها مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى عام 1996، لها العديد من المؤلفات والترجمات بالعربية والإنجليزية فى مجال الأدب والدراما والمسرح ومن أهم مؤلفاتها بالعربية، «المسرح بين الفن والفكر»، «التيارات المسرحية المعاصرة»، «الحرية والمسرح»، «المسرح بين الفن والحياة»، «المسرح بين النص والعرض»، «ومضات مسرحية»، «المسرح عبر الحدود»، «أضواء على المسرح الإنجليزي»، «عن التجريب سألوني»، «شكسبيريات»، «أنا معكم إلى الأبد»، «فوق شجرة ما»، ومن مؤلفاتها بالإنجليزية «المسرح المصرى مسرحيات ومسرحيون»، «المسرح المصرى اتجاهات جديدة»، «مسرح لوردبايرون: قراءة حداثية 1986»، ومن أهم ترجماتها إلى العربية «نظرية العرض المسرحي»، «ما بعد الحداثية والفنون الأدائية»، «التفسير والتفكيك الأيدالوجية»، «دراسات مختارة مسرحيات من عصر شكسبير»، «مسرحيات من المسرح الإنجليزى المعاصر»، «مسرحيات أفرو أمريكية لأميرى بركة»، «رواية أنا معكم إلى الأبد» للكاتب الأمريكى فريد تشابل، «نوبة حراسة»، «مجموعة قصصية من الأدب الأمريكى المعاصر»، ترجمة إلى الإنجليزية «مسرحية بعد أن يموت الملك» لصلاح عبدالصبور، رواية «محاكمة فى منتصف الليل» لمحمد جلال، ثلاثة دواوين شعر لسعاد الصباح وهى «فتافيت امرأة»، «إمرأة بلا سواحل».
قال عنها الناقد محمد سمير الخطيب فى رثائه لها.. «كانت الخطوة الأولى لتأسيس خطابها النقدى هو الإدلاء برأيها فى المفاهيم النقدية الشائكة. بالإضافة إلى قراءة النصوص المسرحية لكبار الكتاب المسرحيين بأدوات نقدية جديدة مثل قراءتها لمسرحية الفرافير ليوسف إدريس من منظور سميولوجى وتحليل علامات المسرحية وتبيان شفراتها الدرامية الثقافية، أو تفكيك الخطاب الإبداعى لدى توفيق الحكيم  لذا تأسس الموقع النقدى لنهاد صليحة منذ بداية الثمانينيات فى إطار الحداثة النقدية، وحاولت زحزحة ما هو سائد فى النقد والإبداع ومواجهة أنماطهما الجاهزة، وفتحت إمكانات جديدة فى التعامل مع المسرح وتُختزل سمة الحداثة لديها فى بعض التيارات النقدية (كالسميولوجيا، النسوية). وكانت أدواتها النقدية التى تنظر بها إلى المسرح هى ما جعلت منها ناقدة رائدة تهتم بظاهرة العرض المسرحى وتحليله بمنظور مختلف»
وأضاف أيضا.. «كما نلمح ذلك فى كتابها «الحرية والمسرح» الذى وضح أن الإبداع هو مواز للحرية وممارسة لعملية التحرر على مستوى الجماعة وحوار دائم مع الواقع، من ثم تحولت الحرية التى نادت بها كتابات نهاد صليحة إلى سلوك نقدى فى تعاملها مع أطراف العملية الإبداعية من (مؤلف، مخرج، ومتلقي) من أجل خلق بيئة تواصلية جديدة، لا يكون الناقد فيها بمثابة سلطة تقمع المبدع أو يُنصب نفسه قاضياً ينمط الأذواق ويُعامل القارئ كتلميذ.. مما ساهم فى تغيير مدلول قيمة مركزية ينهض عليها أى خطاب نقدى وهو مفهوم «الوساطة» (Mediation)، التى تمثل أساس العلاقة التى تربط أطراف العملية الاتصالية، ومحور العلاقة بين الناقد والمبدع من جهة والناقد والقارئ من جهة أخرى وقد نجم عن هذا التغير فى مفهوم الوساطة الذى يربط الناقد بأطراف العملية الإبداعية، تغير الدور المعترف به للناقد، وأنواع الالتزام أو الاتفاق الضمنى التى تربطه بقراءة وطريقة تحليله للمسرح، ولعل هذه الخطوة فى مفهوم الوساطة النقدية التى تقوم على الحرية لا الإلزام وطريقة إقامة الحوار هى إحدى الطبقات التى ساهمت فى تأسيس حضورها النقدى، ما جعلها تخرج من صورة الناقد التقليدى الذى يقوم  برصد الظاهرة المسرحية فقط إلى صورة أخرى وهى الناشطة المسرحية التى تدافع عن التجارب المسرحية الجديدة المغايرة حتى لو كلفها ذلك الوقوف فى وجه المؤسسة المسرحية والنقدية فوقفت بجانب المبدعين الجدد وساهمت من خلال كتاباتها بدعمهم، كما دافعت عن التجارب المسرحية خارج المؤسسة المسرحية وخاصة تجارب المسرح المستقل، من ثم فإن صورة الناشطة النقدية التى تقنعت بها نهاد صليحة جعلت منها علامة نقدية متفردة ومختلفة فى تاريخنا النقدي، فأصبح النقد المسرحى من خلال كتاباتها شكلاً من أشكال الفاعلية الاجتماعية، تدافع عن الأصوات النقدية المهمشة من قبل المؤسسة النقدية والمسرحية على حدٍ سواء.
كما أكد نفس المعنى الدكتور حاتم حافظ عندما وصفها بأنها ناقدة لا تشبه النقاد..  ويروى قصة تعرفه عليها وعلى فلسفتها فى ممارسة النقد.. «فى أوائل التسعينيات دخلتُ المركز الثقافى الإسبانى للمرة الأولى فى حياتى. كنت وقتها أتتبع التجارب المسرحية غير الرسمية فى كل مكان، فلم تكن المسرحيات التى تُعرض فى المسرح العام تستهويني، فقد كان الحدث المسرحى الأهم ـ وقتها ـ هو صعود الفنان أحمد ماهر خشبة المسرح معتليا حصانا بينما كان يؤدى دور عرابى زعيم الفلاحين!
فى قاعة صغيرة بمقر السفارة الهادئ عُرضت مسرحية لا أذكر اسمها ولا أى من ممثليها ولا أدوارهم، فقد كنت مشغولا طوال العرض بأمر سيدة فى الأربعينيات تقريبا، ما إن وصَلَت حتى تحولت القاعة إلى ما يُشبه أى حجرة معيشة بأى بيت ينتمى لأى أسرة متوسطة، خصوصا بعد أن ربّعَت ساقيها فوق المقعد الذى كنت أجلس على واحد مثله بوقار مثقف شاب! لهذا فقد أثار ظهورها توترى للغاية، فقد فقدْتُ خاصتى فى لحظة، فبعد أن كنت واحدا من جمهور هذه المسرحية أصبحت متطفلا على عائلة لا أعرف أيا منهم، كما لو كنت قد صحوتُ من غفوة فوجدتنى فى منزل لا أعرفه وسط أناس لا أعرفهم يتبادلون حوارا لا أعرف عنه شيئا، وعليّ أن أبرر وجودى فى مكان كهذا».
ويواصل: «عرفتُ فى نهاية العرض أن هذه السيدة هى د.نهاد صليحة التى يُسمح لها بأى شيء فى أى قاعة مسرح، رسمية أو غير رسمية، مصرية أو أجنبية، ذلك لأنه ـ ببساطة ـ المسرح ـ بالمفهوم الأشمل ـ هو بيتها. وعرفت بعد سنوات من الاتصال بالمسرح أن د.نهاد لا تعمل بالمسرح ولكنها تسكنه، وهى فى المسرح كأى أم فى بيتها، يمكنها التضحية بوقتها وجهدها وسعادتها وعمرها من أجله دون انتظار كلمة شكر، فهى كأى أم فى بيتها لا يعنيها غير أمر البيت والأولاد، لهذا فإنها قد تفوّت أحيانا لأبنائها أخطاءهم، وتشجع بعضهم حتى ولو لم نر ـ نحن الذين لسنا أما لأحدهم أنهم يستحقون كل هذا التشجيع، السيدة التى عرفتُ أنها تشتهر بكونها ناقدة مسرحية أنقذتنى  بينما كنت فى طريقى للتخصص فى النقد فى المعهد العالى للفنون المسرحية ـ من الوقار المبالغ فيه الذى يتصنعه البعض كأمر لا غنى عنه لأى ناقد محترم!. ورغم أنى لم أتعرف إليها إلا قبل شهور من الآن فقد كنت دائم الملاحظة لسلوكها فى كل محفل مسرحي، وهو السلوك الذى كان يبدو لى متحررا من كل تصنع ومن كل صور منمطة عن الناقد أو الباحث أو الأكاديمي، فهى ناقدة لا تُشبه النقاد وباحثة لا تشبه الباحثين وأكاديمية لا تشبه الأكاديميين، ولعل هذا من حُسن طالعها!..هذا التحرر فى السلوك يتوافق معه تحرر ـ فى ممارسة النقد ـ غير محدود بأى من النظريات والقواعد والمنهجية، حتى ليبدو للبعض ممن يقرأ كتاباتها فى المسرح والسينما والأدب أنها بلا منهج واضح، ذلك أن ما تفهمه هى من المنهجية ليس هذا الفهم القاصر والذى يسجن المنهج ضمن قواعد حسابية فيُفقد الإبداع حساسيته والنقد وهجه وتألقه..».
وأضاف حافظ فى مقاله.. «لهذا فإن الممارسة النقدية لدى صليحة ممارسة حميمة، فهى تجاور المبدع، لا تتعالى عليه، ولا تجعلها موهبته تشعر بالدونية، لهذا لن نعدم مثل هذه العبارات فى قراءاتها النقدية «ها هى هالة تتعقب التناقضات بيدها الطويلة ولسانها الأطول أينما وجدت، كما لو أنها ـ فيما تكتبه من نقد ـ تُرسل برسالة خاصة لشخص خاص، كل ما هنالك أن رسائلها تجد من يهتم بنشرها فى الصحف».
قال عنها أيضا الناقد الدكتور حسن عطية: «ما أن حصلت الفتاة المتمردة الطموحة المتعلقة بحلم الطواف حول العالم، ابنة السبعة عشر ربيعا على شهادة الثانوية العامة عام 1962، حتى التحقت بقسم اللغة الإنجليزية وآدابها بجامعة القاهرة، كى تمتلك لغة تسمح لها باختراق العالم جغرافية، وذلك فى ظل هيمنة كاملة لنظرية الفن للفن، ومناهج الفصل بين الشكل والمضمون، وتدريس أفكار المدرسة الجديدة، ورموزها «ريتشاردز» و«بروكس» و»آلان تيت» و»كرورانسوم» وصاحب القدح المعلى «ت.س.أليوت» الذى كانت تدرس أفكاره وأشعاره ومسرحياته على امتداد سنوات الدراسة بقسم اللغة الإنجليزية بالكلية، فضلا عن احتكاكها بمجلة المسرح وجماعة (النقد الحديث) وأفكارها فى النقد التحليلى والنقد الموضوعي، فتشبعت «نهاد صليحة» بنظريات ومناهج هذه المدرسة، وأسست وعيها النقدى على رؤاها، حاملة إياها معها إلى لندن، عقب تخرجها مباشرة عام 1966، لاحقة بزوجها المعيد والمبعوث للمملكة المتحدة «محمد عنانى» المسجل لدرجة الدكتوراه، والمهموم بدراسة الكتاب الرومانسيين وبخاصة «وردزورث»، ولتنتهز فرصة وجودها هناك لإنجاز رسالتها عن الأديب الإنجليزى الأوكرانى الأصل الحداثى الرؤية «جوزيف كونراد»، hبن نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين، بعنوان (مشكلة الوفاء فى حياة كونراد) حاصلة بها على درجة الماجستير فى كلية الدراسات الإنجليزية والأمريكية، بجامعة Sussex ساسيكس عام 1969، وأهلها بعد عودتها من المملكة المتحدة 1973، ثم رحلة تدريسية لأقل من عامين بإحدى جامعات المملكة السعودية عام 1977، أهلها للتعيين مدرسا مساعدا بالمعهد العالى للنقد الفنى، مما ساعدها فى الحصول على منحة لدراسة الدكتوراه، أيضا بالمملكة المتحدة، عادت منها عام 1982 بعد أن حصلت على الدرجة بجامعة إكستر عن رسالتها حول إبداع الشاعر البريطانى الرومانسى - أيضا - المدافع عن الحرية لكل شعوب العالم، ابن نهاية القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر «جورج جوردن بايرون»، بعنوان (مسرح لورد بايرون - قراءة حداثية)، يمنحها اختيارها هذا فرصة السباحة العميقة فى بحر أفكار «بايرون»، خلال عامين كاملين فى إنجلترا، ودراسة بناء نصوصه الدرامية وأفكاره المبثوثة عبرها، باحثة عن قدرته على التعبير عما أسمته الرومانسية بـ(روح العصر)، واصلة إلى نتائج مبهرة تؤكد اختلاف «بايرون» عن «شيلى» و«وردزورث»، رغم السمات العامة المتشابهة».
هكذا بقيت نهاد صليحة حية بين أقلام محبيها، وتركت بصمة كبيرة فى مجال النقد المسرحى بل وتركت علما ينتفع به الجميع من بعدها، فأصبحت رسالتها باقية خالدة فى قلوب المسرحيين وجدران مسارحهم، وكانت تصف مهنتها بقلمها قائلة:
«النقد الفنى يعتمد على مجموعة من المفاهيم اللينة المتطورة التى يستقيها الناقد من الدراية الواسعة العميقة بالتراث الفنى الإنسانى فى مختلف عصوره، والتى يعيد فحصها وتقيمها من آن إلى آخر فى ضوء التجارب الجديدة، معتمدا فى تلمس طريقه إلى الصواب على الأمانة والموضوعية، وعلى حدثه الفنى الذى تكون عبر خبرته الثرية بالفنون، وإطلاعه الواسع ودراسته الجادة، وربما كانت أحب الأعمال إلى نفس الناقد، وأكثرها متعة، وأبقاها أثرا، هى تلك التى تتحداه، وتخلط أوراقه، وتقلب فرضياته وتوقعاته رأسا على عقب، فإذا به يعود طفلا يستشعر الدهشة ويعانى متعة الاستكشاف»!