السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

هؤلاء ألقوا ضمائرهم فى الشارع

هؤلاء ألقوا ضمائرهم فى الشارع
هؤلاء ألقوا ضمائرهم فى الشارع




محمد عبدالشافى  يكتب:

بعد القرارات الاقتصادية الأخيرة وأهمها تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار وما صاحبها من ارتفاع باهظ لأسعار معظم السلع نتيجة الاحتكار الذى مارسه التجار لتلك السلع خاصة السلع الضرورية ما خلق أزمات حادة تأتى على رأسها أزمة السكر التى يعانى منها المواطن حتى يومنا هذا، إلا أن هناك أزمة تعد الأكثر خطورة لأنها تمس ضعاف الناس ألا وهم المرضى، هى أزمة تسعير الدواء بين الحكومة وشركات الأدوية، والتى أخذت منعطفًا خطيراً وصلت إلى حالة من الشد والجذب والحرب الكلامية خلال الـ6 شهور الماضية حتى وصلت إلى محطتها الأخيرة، حيث أعلن وزير الصحة زيادة اسعار 3000 صنفًا من الدواء، ومن المحتمل أن تزيد الأدوية الأقل سعرًا من 100 جنيه بنسبة 50٪، بينما الأعلى سعرًا عن الـ100 جنيه ستزيد بنسب متفاوتة، وذلك بعد أن مارست ما يزيد على 500 شركة أدوية الضغط على الحكومة لرفع الأسعار.. ونوجز أصل الحكاية فى السطور الأتية.
■ شركات الادوية تقول إن تكلفة استيراد المواد الخام ومستلزمات الانتاج زادت عليها الضعف تقريبا، خاصة أن 90% من مدخلات انتاج الدواء فى مصر مستوردة من الخارج، والدواء مسعر جبريا من الحكومة، فالشركات قالت إنها حينما تستنفد المخزون الموجود عندها من المادة الخام لن تتمكن من الاستيراد مرة أخرى، وبالتالى ستتوقف عن الانتاج.
■ من ناحية أخرى أكد وزير الصحة لشركات الادوية أنه لن يقبل التهديد ولن يستطيع أحد لى ذراعه كما انه ليس من المعقول أن تقوم الحكومة بتعويم الجنيه صباح الخميس 3 نوفمبر 2016 فنجد شركات الدواء تطالب ليل نفس اليوم بزيادة اسعار الدواء، كما اشار وزير الصحة الى هوامش ارباح شركات الادوية المرتفعة.
وحقيقة الامر هناك خلاف على 20 مليار جنيه لأنه منذ أكثر من أربعة شهور تم توقيع اتفاقية بين شركات الادوية والبنك المركزى ورئيس الوزراء ووزير الصحة وتهدف الى أن البنك المركزى سيقوم بتدبير نحو 2.6 مليار دولار لشركات الادوية فى السنة بالسعر الرسمى الذى كان 8.80 جنيه قبل قرار التعويم وهذا الاتفاق يمكّن شركات الادوية من استيراد مستلزمات الانتاج السنوية، لكن بعد التعويم اصبح السعر الرسمى للدولار امام الجنيه نحو 17 جنيها ومن المتوقع أن يتعدى الـ20 جنيهاً مع بداية 2017، وهذا معناه اننا عندما نحسب فرق السعر سنجده يزيد على  الـ 20 مليار جنيه، إذن ما الحل لتلك المشكلة؟  
■ ويمكن أن نوجز الحل فى أمرين الأول أن تقوم الحكومة بتعويض شركات الادوية بـ 20 مليار جنيه فى صورة تخفيض فى اسعار الطاقة أو التأمينات أو الضرائب، أما الأمر الثانى أن تضحى الحكومة بالجنين «الشعب» وتلغى التسعيرة الجبرية وتسمح لشركات الادوية بأنها تحرك اسعار الدواء أو أن الحكومة تصر على التسعيرة الجبرية وفى هذه الحالة شركات الادوية ستتوقف عن الانتاج وتصبح أرواح الناس فى مهب الريح.
■ نحن هنا لم نتكلم على سلعة عادية مثل السكر والارز والتى من الممكن أن يصبر أى شخص عليها ليوم أو اثنين أو اكثر، لكن الدواء مرتبط بحياة مرضى ولو تأخرنا عليهم ساعة سيكون السر الالهى قد خرج، ومن ثم لا يستطيع بأى حال من الاحوال ألا يجد المريض الدواء أو لا يستطيع أن يشتريه لأنه غالى الثمن وذلك بسبب قرار التعويم الذى اتخذته الحكومة بدون دراسة جيدة لابعاده على قطاعات استراتيجية مثل الدواء.
■ من جانبه قال الدكتور حسام أبوالعينين عضو مجلس ادارة غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات ورئيس شركة سيديكو للأدوية أن عدد شركات الدواء العاملة فى مصر بلغ 150 شركة دواء استثماراتها 40 مليار جنيه ويعمل بها 500 ألف عامل مصرى لافتا الى أن تلك الصناعة مستقرة منذ ثلاثينيات القرن الماضى والشعب يعتمد على 85% من الادوية المنتجة محليا فى حين 15% فقط يتم استيرادها. وأضاف إن التعديل الذى حدث للأسعار تراوح ما بين 2و6 جنيهات فى شهر يونيو الماضى.
■ وشدد الدكتور حسام ابو العينين على ضرورة وضع آلية جديدة لتسعير الدواء مع الأخذ فى الاعتبار أن يكون التسعير الجديد يبدأ من اول العام لتجنب توقف المصانع عن الإنتاج.
وأضاف أن مخزون الشركات من المواد الخام سوف ينفد مع بداية العام الجديد ولا بد من وضع ضوابط جديدة للتسعير وفقا لسعر الدولار بعد تعويم الجنيه.
■ من جانبهم فإن أصحاب الصيدليات ولا أقول هنا الصيادلة أو خريجى كليات الصيدلة لأن هؤلاء لا يستطيعون فتح صيدلية لضيق ذات اليد لأن الصيدلية الواحدة تكلف ما لا يقل عن ربع مليون جنيه على الأقل، وهذا مبلغ لا يملكه هؤلاء الخريجون لذا يضطرون إلى بيع شهاداتهم أو أسمائهم إلى من يملكون هذا المال مقابل مبلغ من المال لمرة واحدة أو مقابل راتب شهرى يتقاضونه مقابل وضع اسمائهم على الصيدليات وبذلك يتسنى لأصحاب المال ممارسة تجارة الأدوية بشكل قانونى فيجنون من ورائها ملايين الجنيهات لذا يتكالب أصحاب المال على مشروع الصيدلية لأنه الخطوة الأولى على طريق المليار جنيه.
■ هنا أقول بأن أصحاب الصيدليات يقومون بدورهم على أكمل وجه فقد تركوا ضمائرهم فى منازلهم أو ألقوها فى الشارع أثناء ذهابهم إلى صيدلياتهم فعند ذهابك إلى صيدلية ما تجد عينات من كل نوع دواء على أرفف الصيدلية أما بقيته فى مخازن الصيدلية تنتظر رفع الأسعار فتباع بالسعر الجديد فيكسبون أضعاف وأضعاف السعر القديم بل والأكثر من ذلك هناك أدوية اختفت خاصة أدوية الأمراض المستديمة كالسكر والضغط والقلب والكبد وهذا ما لاحظناه الفترة الماضية من اختفاء للأنسولين وبالتالى فإن صاحب هذه الأمراض يشرب الأمرّين فى البحث عن تلك الأدوية من صيدلية إلى أخرى دون أن يجده وينكر وجوده صاحب الصيدلية وهو متواجد فى مخزنه ينتظر الانفراجة برفع سعره دون أدنى إحساس بهذا المريض الذى قد يفارق الحياة لعدم حصوله على هذا الدواء.
■ فى النهاية ندعو الله أن يهدى هؤلاء وينير لهم الطريق وأن يبصرهم بقضاء مصالح المرضى والبعد عن الاحتكار وأن يتذكروا يوم الحساب يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.