الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

تسريبات البوب.. وبلاويه!

تسريبات البوب.. وبلاويه!
تسريبات البوب.. وبلاويه!




وليد طوغان  يكتب:

ردود الأفعال على تسريبات البرادعى إشارة جديدة على ازدواج معايير، واختلال فى مفاهيم الحريات، ومعانى الديمقراطية عند النخبة ورموز ما يسمى بثورة يناير.
افرض أن التسريبات تجاوز أخلاقى واعتداء على الحقوق الشخصية، هل يعنى هذا غفران أحاديث الخيانة، وبيع البلد؟ إذا كانت التسريبات غير قانونية، فما توصيفك لمحاولة الركوب على مصلحة للوطن، أو محاولة لإسقاط الجيش، وتهديد الحدود طمعا فى فيلا وعربية وفيلا فى التجمع الخامس؟
بعضهم يرى، أن الدولة التى تراقب جواسيسها دولة فاشية، فهل مفترض أن تضمن الديمقراطية حريات العملاء؟ هل من مفاهيم الحرية الشخصية ضمان كامل حقوق الجواسيس فى عدم كشف صفقات كوجوههم بما فيها من «كلاحة».. وبجاحة؟ فى دول ديمقراطية، أسقطت تسريبات شبيهة حكومات، ورؤساء جمهوريات، وغيرت أنظمة بأكملها.
الرئيس الأمريكى نيكسون اسقطته تسريبات وتر جيت، لم يقل أحد وقتها، أن التسريبات اعتداء على حرية الرئيس، تسريبات «إيران كونترا»، هى الأخرى، التى خرجت للرأى العام الأمريكى فى تقارير صحفية، هددت الإدارة الأمريكية فترة طويلة، وسنوات عديدة، دون ان يتكلم أحد عن قانونيتها، بقدر ما أثار تفاصيلها مليون سؤال عن النوايا وفظاعة سلوكيات الساسة.
تسريبات ويكيليكس، فعلت الشىء نفسه، ولو المسألة هى مدى قانونية المستندات المسربة، فالمعنى أن مسرب ويكيليكس «حرامى» نشر وثائق خطيرة مستغلا عمله بجهاز المخابرات الأمريكية.
وثائق بنما، هى الثالثة، كانت سرية تخص شركة موساك فونسيكا للخدمات القانونية، لما تم تسريبها، بالنشر فى صحيفة ألمانية مشهورة، تفجرت أزمة عنيفة بين واشنطن وبرلين، العام قبل الماضى.
وثائق بنما كان مصدرها موظف سابق فى المخابرات الأمريكية، ولما قدم التسريبات للصحفية الألمانية، فوجئ المجتمع الألمانى أن الولايات المتحدة، تتنصت على تليفون المحمول المستشارة الألمانية انجيلينا ميركل. . لا تكلمت ميركل وقتها عن قانونية التسريبات، ولا عن الحرية الشخصية للمسئولين الأمريكيين فى التآمر على خلق الله، لذلك طلبت المستشارة الألمانية وقتها تحقيقا دوليا فيما تم تسريبه، ودوليا لم يتكلم أحد عن ان «التسريبات غير قانونية».
فى تسريباته، وصف «البرداعى» الشعب  بالجاهل، غير المؤهل للديمقراطية، فى الوقت الذى كان يحاول فيه إقناع العالم، أنه الشعب الذى قام بثورة أذهلت الجميع! نادى البرادعى بالديمقراطية، والرأى الحر الذى لا يجب ان يكون حكرا على احد، فى الوقت الذى ظهر، من التسريبات، أن رأيه الشخصى، هو أنه لا أحد مهيأ للديمقراطية فى مصر إلا هو..وأن ما يقصده بالرأى الحر، هو رأيه هو.. وأن الشورى المطلوبة هى شورته هو.. فما يربطه هو لا يجوز لأحد آخر حله.. إذا كانت تسريبات البوب، ليس فيها ما يدين قانونا، ففيها مليون اتهام «معنوى»، فى رأى البرادعى أن الدولة تمارس الديكتاتورية، بينما ظهر من التسريبات، أن البرادعى نفسه مليون ديكتاتور، وأن الذين أحاطوا به مليون فاش صغير، ومليون حرامى فى حاجة إلى «حبل غسيل».
ثم هل التسريبات حلال ليهم، حرام على غيرهم؟ ألم يهلل البرادعى ومعه الإخوان ورموز النخبة السياسية تبع يناير، لما عُرف باسم «تسريبات السيسى» التى بثتها قنوات «الإخوان» من الخارج، واجتهدوا ليستخرجوا منها مفردات ثابتة تم استخدامها على نطاق واسع فى كل مناسبة.. تحت عنوان «رز الخليج»؟!
حتى تسريبات «السيسى» كانت لمصلحة مصر، لكن تسريباتهم كانت إما لمصلحة أعضائهم التناسلية، أو لسد «شبع بعد جوع»، كانت إما لتخوين بعضهم لبعض، أو لسب شعب قالوا إنهم هبوا من أجله.. بجاحة أن يتحجج نشطاء بضامن حرياتهم فى الخيانة والتآمر، الأكثر بحاجة، أن يطالبون بضمانات، كى تنتهى الدولة عن مراقبة عملاء هددوا الدولة.. وهددوا مؤسساتها باسم الحريات.. ولم تكن نواياهم خالصة لوجه الله.