الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

تعالج العقول وتُشعل ظلمة المسارح.. العرائس المصرية قصة حب للطفولة

تعالج العقول وتُشعل ظلمة المسارح.. العرائس المصرية قصة حب للطفولة
تعالج العقول وتُشعل ظلمة المسارح.. العرائس المصرية قصة حب للطفولة




كتبت - مروة مظلوم

للقصة سحر ولراويها الأثر.. يغير قسمات الوجه يدخل البهجة بـ«دعابة».. يقوم السلوك بـ«حكمة».. يحفظ معها نوادر وحكايات وتراث.. صفحات بيضاء فى حياة أطفالنا تلونها الدمية بسحرها تبنى العلاقات وتمدها فى البيت فى المدرسة مع الأصدقاء.. تعالج بعض الأمراض الاجتماعية والنفسية.. تجعله أكثر جرأة فى مواجهة الحياة.. بشكل أو بآخر صرنا نتجاهل تلك الخطوط التى ترسمها الدمى فى حياة أطفالنا.. وتلك الحكايات رفيعة المستوى متقنة الحبكة والإخراج والتفاصيل للارتقاء بأذواقهم.. نادرون هم من تشبثوا بأحلام طفولتهم وارتقوا بها.. نادرون هم من حافظوا على التراث وتناقلوه ببصمة الحاضر.. نادرون هم من اجتمعوا على حب الدمى فى معرض «فنون العرائس المصرية» والتف حولهم جمهور عريض احتفاءً بها.. ولكل من هؤلاء النادرين قصة ترويها عنهم الدمى.


يروى «وليد بدر» مؤسس المركز المصرى لفن العرائس، بداية تجربته مع الدمى فيقول: «عملت فى هذا المجال منذ كان عمرى 19 سنة أى ما يقرب من 27 سنة كنت أؤدى شخصية «نمنم» فى «عالم سمسم»، فقد كان عملى فى عرائس التليفزيون أكثر من المسرح، ثم كونت فرقة باسم «ول يا ول» عندما سافرت لحضور مهرجانات لنشر فكرة الفرقة باعتبارها فرقة مصرية، أكثر من جهة تساءلت لماذا مصر غير مشتركة فى الاتحاد الدولى للعرائس؟!.. حقيقة لم أكن أعرف شيئا عنه فى البداية لكننى بدأت أخاطبه منذ عام 2008 لانضمام مصر إليه، لكن الأمين العام للاتحاد آنذاك لم يكن متحمسًا لانضمام مصر، ثم تبعه آخر يدعى «جاك» لديه هوس يحب مصر عندما بعثنا له بالطلب تلقاه بترحاب شديد ودخلت مصر للاتحاد الدولى للعرائس بعد تصديق اللجنة التنفيذية كعضو أساسى فى عام 2012، وتمت دعوة مصر إلى أول جمعية عمومية لها وكانت فى الصين، كانت مشكلتى وقتها كيف يكون الظهور الأول لمصر بكل تاريخها وأنا وحدى الممثل عنها بين ما يقرب من 80 دولة.
يضيف «بدر»: «قبل الموعد بشهر وأنا أعد العدة استوقفنى بحث لـ«د.منى سعد» عن العرائس الفرعونية، وأن أصل العروسة «فرعونية» بدلائل من أبحاث ودراسات غربية وأول عروسة فى العالم كانت عروسة «العجان» لأنها ذات مفاصل وخيوط.. عملنا استنساخًا لهذه العرائس، وعندما رأوها فى العلاقات الخارجية ظنوا أنها أصلية بالفعل وحصلت منهم على خطاب يفيد بأنها نسخة طبق الأصل، وعرضت فى افتتاح وختام مهرجان العرائس المقام فى الصين وحازت الإعجاب.
يتابع بدر: «من هنا جاءت الفكرة بنقل معرض العرائس إلى القاهرة لكن من يشارك فى مهرجان كهذا، فمجموع ما أنتجته من عرائس 6 أو 7 عرائس، ولا بد من وجود عدد كبير ومتنوع من الفنانين والأفكار الجديدة والغريبة لافتتاح المعرض، وفى 2015 بدأنا فى تنفيذ الفكرة وكانت مصاحبة للملتقى العربى لفنون «الدمى» ونجحت بالفعل، وقتها تخيلت ألا يزيد عدد المشاركين على عشر فنانين لكن وصل عددهم إلى 32 فنانًا وحاز المعرض على الإعجاب، فتقدمنا بطلب لرئيس قطاع الإنتاج الثقافى خالد جلال لعمل الدورة الثانية، ولم يكن يعلم أننا منظمو الدورة الأولى، فلما علم بالأمر أسعده وأبدى تعاونه بإدماج أكثر من جهة للمشاركة فى الدورة الثانية من مسرح العرائس والبيت الفنى وقطاع الإنتاج والهناجر، ودخلت الفكرة حيز التنفيذ، ووصل عدد المشاركين حتى يوم الافتتاح إلى 56 عارضًا، النسبة الأكبر كانت من طلبة كلية الفنون الجميلة.
وفى جولة سريعة استعرضت فيها د.أميرة سليمان أخصائية العلاج بالفن مشاركات الفنانين بالمعرض وقالت: «المشاركين هذا العام أكبر بكثير من العام الماضى «الدورة الأولى»، المعرض يحتوى على 230 عروسة مشتركا، منها عرائس لمسرح القاهرة للعرائس بمجموعة من مختلف أشكال التصميم ريحانة «عروسة د.ناجى شاكر، وشهاب الدين وحماره، وعرائس من عرض «آيات وأحمد كشك» وعروض لمختلف الفنانين ممن تركوا بصمة فى مسرح العرائس، ونماذج من المسرح المائى، 4 عرائس يمثلون حقبة التاريخ الفرعونى كمسرح مائي، وانضمت لنا مؤخرًا مكتبة الإسكندرية بمشروع لتنمية وعى الأطفال والتشارك والارتقاء بالذوق العام للأطفال من خلال حضور المسارح وقصر الفنون، وفكرتهم فى العرض تقوم على أن يصنع الأطفال نوعيات مختلفة من العرائس، ويقيموا بها عروضا لها حضور جماهيرى من تلك النماذج «خيال الظل والمسرح الأسود وعرائس عصى ومريونت ومسرح ورقى»، والنماذج المقدمة من المكتبة كلها من تنفيذ الأطفال فى إطار ورش متخصصة لمكتبة الإسكندرية.
وأضافت سليمان: «تنحصر أعمالى فى خيال الظل بالجلد الطبيعى وألوان الأكاسيد ومعالجات الزخارف نفس التكنيك القديم الإندونيسي، ودول شرق آسيا والتكنيك الحديث بالثربو بلاستيك، وهو أحد أنواع البلاستيك يستخدم فى صناعة الأقنعة.
■ أصغر الفنانين 9 سنوات وأكبرهم 65 سنة
وعن أكبر مشاركة فى المعرض «ماما خديجة» تقول أميرة سليمان: «هى أكبر مشاركة فوق 65 عاما، ومثالا على أن الفن يمكنه تغيير شكل حياة الإنسان وينقله من مرحلة لأخرى، فقد كانت تمر بظروف صحية صعبة اضطرتها للدخول إلى المستشفى لفترة طويلة استغلت هذه الفترة فى صناعة هذه العرائس أثناء فترة مرضها كانت تهون عليها، ومن الأطفال المشاركين فى العرض بأعمالهم من العرائس «أسامة» عشر سنوات، صمم عروسته وملابسها ونفذها بيده، فاستحقت العرض، أما أصغر مشترك هو آدم 9 سنوات، ومدربوه يطالبونه بالمشاركة ويعرض أعماله إلى جوارهم مما يمنحه ثقة وحافزًا لمنافسة نفسه وإخراج أقوى ما لديه.
وتواصل أميرة سليمان: «الفنان «عماد عادل» قدم الألعاب القديمة ما قبل الإلكترونية والعالم الافتراضى كان هناك اللعب المتحركة الخشبية «ميكانيزم اللعبة» يتفاعل معها الطفل ذهنيا حركيا بيديه بدلًا من الألعاب المصورة «الفيديو جيم»، أما الفنانة داليا حسن فهى معلمة أطفال وتقدم حكايات تربوية من خلال العروسة الفمية «ضفدوعي» ويتفاعل معها الأطفال».
وتضيف أميرة: «المعرض يضم مؤسسات متخصصة مثل مكتبة الإسكندرية، تربية نوعية، فنون جميلة، الطلبة هم المتقدمين، وهناك فرق محترفة مثل فرقة الكوشة وفرقة الحالاتية، نزلوا بعروضهم إلى الشارع، بعربة أراجوز بين الناس فى الأحياء الشعبية والأقاليم مثل الفنان ناصف عزمى، والفنان محمد قطامش، فعرباتهم ومسارحهم المتنقلة أشبه بصندوق الدنيا».
■ صناعة البهجة
ويشير الفنان وليد بدر، إلى أن الهدف من المعرض هو تجميع أكبر عدد من الفنانين دون تقييم للعروسة أو الفنان، فأصغر المشاركين فى المعرض طفل عمره عشر سنوات وأكبرهم الجد نبيه السنباطي، الذى أصر أن يكتب تحت اسمه «هاو»، والجدة خديجة، فأنا لا أقيم العمل فهى أذواق، مادام الفنان اتجه لفن العرائس بإرادته وأنفق من ماله الخاص لتخرج فى شكلها النهائى، إذا فهو عاشق لهذا الفن ويجب أن يشارك فى المعرض مهما كانت قيمة العروسة، هناك عرائس من وجهة نظرى ليست قيمة، تخلو من الإبداع، لكن من وجهة نظر آخرين هى جميلة جدًا لذا كل من تقدم اشترك.
ويضيف بدر، «أن البعد الإنسانى للمعرض كان أهم إنجازاته، وقد لمسته فى سعادة الجدة خديجة مع أحفادها داخل المعرض لحظة تحقق فيها حلمها، هى لم تستطع أن تلتحق بكلية الفنون الجميلة فالتحقت بها ابنتها، وحاولت أن تبحث لها عن قاعة لعرض إنتاجها من العرائس لكنها لم تنجح لارتفاع الأسعار، نفس الشىء مع الأطفال والطلبة والخريجين مع ذويهم، عرض إنتاجهم من العرائس نشر البهجة والسعادة على عائلات.
وعن تراجع نشاط مسرح العرائس فى مصر يؤكد وليد بدر، على أن فترة تبنى سوزان مبارك لجمعية الرعاية المتكاملة لم تكن ازدهارا، فهى لم تخرج عن أنشطتها التقليدية بالنسبة للمسرح فلا يوجد إلا مسرح واحد يخدم 90 مليونًا و300 كرسى «فبعد كم سنة يمكن للمواطن أن يحظى بمقعد داخل مسرح الأطفال»، بافتراض دوام عمله يوميًا بكامل طاقته، والمطلوب من الدولة إشعال النور فى مسارحها المظلمة بعروض للفرق المستقلة وتقاسمهم الأرباح مثلما تفعل مكتبة الإسكندرية، لابد من أن ترعى انتشار مسرح العرائس كقيمة تربوية».
وتشير د.أميرة سليمان إلى أن المسئولية لا تقع على مسرح العرائس فقط وإنما الحركة المسرحية عموما، فى الماضى كان المسرح مؤثرا، وعروضه كثيرة لكنها غير مؤثرة، الناس عزفت عن المسرح، أصبح جمهوره من الشباب لديهم أفكار تقدمية تلائمهم العروض التجريبية أو الكوميديا كمسرح مصر، فمقياس الحركة الثقافية المسرح.. بالإضافة إلى أن المسرح ليس من أولويات الأهل أو مقترحات النزهة، فأصبح هناك جهل بقيمة المسرح، حتى المدارس فى الماضى كانت تنظم رحلات لمسرح العرائس، فكان للطفل خلفية ثقافية عن كل هذا،  أما الآن لو طال العرض عن ساعة يتململ، العروض ليست مبهرة، بخلاف خارج مصر لديهم نفس الضغوط لكن المسرح مغر للحضور «إغراء حضوره انتصر على شبح الملل وأذاب عائق الفراغ وشعر الطفل بالانبهار فى الإنتاج والقصة والأغانى والألوان وحركة الممثلين، فيفضله على العروض السينمائية وهو خياره الأول الشحنة الإيجابية والمتعة.
■ «فاهيتا» سخرية حد اللامبالاة بالمستقبل
وعن عروسة «أبلة فاهيتا» يقول بدر: «حضرت تصويرها وكنت بصدد الانضمام لطاقم عملها لكن توقفت، هى لون من ألوان العرائس منتشر فى العالم كله، بحسب تفسيره موجه أو غير موجه، عروسة للكبار وتخاطب شريحة من المجتمع يلائمها هذا النوع من الحوار وتعتبره كوميدى بما يخرج عنه من ألفاظ إباحية، لكن الحقيقة أنا لا أستطيع حبس ابنى فى غرفته لمشاهدة أبلة فاهيتا، لأنها عروسة وطبيعى أن ينجذب لها الطفل، وظهور هذا اللون فى الإعلام لتوجيه المجتمع على تعميم «اللفظ الإباحي» وتكراره واعتياده حتى يصبح جزء من ثقافة المجتمع ويصل بالواقع إلى سخرية لحد اللامبالاة واللامستقبل، فمصدر التمويل مجهول والإعلانات لا تغطى التكلفة المستمرة، ود.محمد سعد طلب دعوتها للتصوير فى المعرض لكن وجدنا أن دخولها لا يليق بطبيعة المكان.. فعرض النموذج السيء يجعل العين تعتاده».
وترى د. أميرة سليمان أن التركيز عليها كنموذج للعروسة كارثة بما تعنيه الكلمة، لأنها نوع من الممارسة الخاطئة للفن لا يجب أن أسلط عليها الضوء، فاهيتا شخصية لا تنتمى لمسرح العرائس، ولو قدمتها فى العرض فأنا أقم نموذج غير حقيقى وسىء.
■ مشروع توثيقى لتراث «جحا» فى العالم
وعن مشروع جحا للمخرج «أيمن الجازوي» يحدثنا بدر فيقول: «هو فيلم تسجيلى عن جحا حول العالم واستعان بى لتنفيذ عرائس هذا العمل من مواقف وطرائف جحا، الديكور 6 أمتار لحارة مملوكية وعرائس بنسب صغيرة، وبدأنا فى تسجيل مواقف درامية، طرائف ومواقف جحا، من تركيا والبوسنة ودول شرق آسيا، فلديهم جحا أيضا ولكن بمسمى مختلف، «نصر الدين هودجا» فى تركيا، و«أزربيجان نصر الدين هاج» جميعهم جحا».
■ تفريغ الشحنات العاطفية والعلاج بالفن
العلاج بالفن هو أحد أنواع العلاج التى ظهرت فى السبعينيات، وتحدثنا عنها د.أميرة سليمان أخصائية العلاج بالفن فتقول: «ظهر فى إنجلترا على يد طبيب لاحظ أن مرضى السل والطاعون فى أحد العنابر يتماثلون للشفاء، وكان العنبر ملاصقًا لجدار الكنيسة وتحديدًا المنطقة التى تنشد فيها الترانيم، فأرجع السبب نتيجة للصفاء الروحى للأغانى والترانيم، وبدأ يبحث إمكانية دعم الفن التشكيلى والموسيقى كبروتوكول فى العلاج طويل المدى، فى أمريكا كانت هناك نفس الملاحظات للمستشفيات القريبة من دار الأوبرا، وتطورت الفكرة بعد ذلك وتفاعل الفنانون فى العلاج وبدأ الاستعانة بالأطباء النفسيين والأخصائيين الاجتماعيين لإدخال الفنون ضمن العلاج، وأسست الجمعية الأمريكية للعلاج بالفن والجمعية الإنجليزية للعلاج بالفن ومن أسس الجمعيتين فنانون تشكيليون وليسوا أطباء، درسوا جزءًا من الطب والسلوك بالاعتماد على نظرية «فرويد»، «الإنسان انعكاس لما فى داخله».
■ تخليص أطفال اللاجئين من صور الحرب
تتابع أميرة سليمان أن هذه الطريقة تستخدم مع الأطفال اللاجئين، فهناك برنامج تعاون مع جمعية «لوتيرديزن»، وجمعية سويسرية فى القاهرة، لدعم اللاجئين السوريين على الأراضى المصرية، لمحاولة دمجهم  فى المجتمع لينسوا ما شاهدوه من أهوال، ولكى يتفاعلوا فى الحياة كأشخاص طبيعيين، وهذا يحتاج مجهودا كبيرا جدًا، خصوصًا فى حالة صمت الطفل، عندما تقبض يده على «الألوا أو قطعة النحت أو العروسة»، ينفجر ويبكى ويتقمص من العروسة، أو يتفاعل مع العرض المسرحى ويستعيد المشاهد التى مر بها، ويبدأ يحررها من محبسها فى ذاكرته، ويبدأ تفريغ لكل ما هو سيء، وهناك بعض الأطفال ممن يتعرضون للتحرش ليس لديهم القدرة على الحكى لكن فى جلسة العلاج بالفن يروى قصته بالقلم من خلال رسوماته، ومن خلال رسوماته يمكن أن نعرف كيف صار يومه، من يقابل من أشخاص وماذا صنعوا له وهل أذوه أم لا وماذا يخيفه منهم، الأطفال من يعانون فى إضراب فى السلوك جزء كبير من فهم سبب الاضطراب هو التعبير عنه، والرسومات تمنح التواصل الرهيب بين المحلل وبين الطفل.
مؤسسة كير فى مصر، من المؤسسات التى تعتمد العلاج بالفن كوسيلة للعلاج النفسى ومستشفى 57357 تخصص يومًا ترفيهيًا للأطفال يتم فيه العلاج بالفن، الهلال الأحمر اعتمد وحدة للدعم النفسى تعتم العلاج بالفن كوسيلة للتفاعل مع الحالات التى تعرضت لكوارث.
■ شيخ نحاتى عرائس مصر
رفعت الشربينى من أوائل النحاتين الذين شهدوا بدايات أعظم أعمال مسرح القاهرة للعرائس الفنان، وأحد من شاركوا فى أول عرض لمسرح العرائس عند افتتاحه بمسرحية «حمار شهاب الدين» عام 1962، وعن بداياته فى هذا المجال يقول شيخ نحاتين العرائس رفعت الشربيني: «أنا من مواليد حى شبرا وأعمل فى هذا المجال منذ عام 1960، درست الديكور والعرائس فى المجر، ضمن البعثات التى كانت ترسلها الدولة فى الستينات، لتأهيل فنانى العرائس من خريجى كليات الفنون المصرية.. «حمار شهاب الدين» كان أول أعمالى بعد التخرج.. كان لدى ميل للرسم والنحت والتمثيل، فنصحنى قريب كان يعمل مخرجا مسرحيا بترك التمثيل لميلى للنحت أول عمل لى كان حمار شهاب الدين، والخبيرة الأجنبية وقتها أنتقت أعمالى من بين مجموعة كبيرة من خريجى الفنون التطبيقية والجميلة وعينت فى مسرح العرائس».
من ذكرياته مع مسرحية شهاب الدين يقول الشربيني:  «كلما نحت الحمار نحيلًا يقول ناجى شاكر «عايزه ممصوص أكتر يا رفعت»، كان يجب أن يخرج نحيلًا ليظهر عليه الفقر الذى يعيش فيه الحطاب شهاب الدين، فمن كثرة المحاولات لجعله نحيل كان يخرج على هيئة حصان، فحاولت معه أكثر من مره ليصبح حمارا و«ممصوصا» إلى أن نجحت المحاولة.
وكان أول أعماله بعد تخرجه، وعرائس مسرحية أبو علي، وكان مصممًا للعرائس، بجانب أعمال أخرى مثل «برنامج تمتم وحماره سمسم، وصحصح وجميلة، وصندوق الدنيا»، حتى بعد خروجه على المعاش لم يتوقف عن صناعة العرائس، فحول غرفة فى منزله إلى ورشة لصناعة العرائس، وزينها بكل الأدوات التى يستطيع استخدامها لنحت العرائس، وعن عمله فى مسرح العرائس يقول: «انتقلت بالخبرة بين أكثر من تخصص خلافًا للنحت داخل مسرح العرائس، فى بداية عملى على المسرح قابلتنى مشكلة بعد نحت العروسة وتركيب خيوطها المحرك يراها غير مضبوطة فى الأداء الحركى ويعيدها إلى الأتيليه أبحث عن العيب فلا أجده، فاضطررت إلى النزول إلى المسرح لتحريك العروسة، وهكذا صممت روايتين عرائس وديكور ونحت ثم بالخبرة أضيف لعملى مهمة مدير إنتاج مسرح العرائس، ومدير خشبة المسرح.
ويؤكد الشربينى ضرورة تنمية مهارات الطفل اليدوية واكتشاف بؤر الإبداع فى شخصه فيقول: «كان لى تجربة مع الطلبة فى المدارس صنعوا العروسة بأيديهم لقصة مكررة عليهم باسم نداء البحيرة» وعملوا منها نسخ تعرض فى المحافظات، القصة رسخت فى ذهن الطفل بعد العرض بعيدًا عن السرد المطلق للحكايات فيكتب الوزارة.
وعن الليلة الكبيرة يقول الشربينى: «ضمت مجموعة من الفنانين كان لكل منهم أثره وبصمته عليها، منهم، ناجى شاكر وإيهاب شاكر وصلاح جاهين وسيد مكاوي، وللصداقة كونت منهم فريق عمل تعاونوا فى أدق التفاصيل لدرجة تشعر معها أن هناك أكثر من مدرسة لنحت العرائس، وليست مدرسة واحدة لكل عروسة، مدرسة فى تنفيذها عروسة تشبه جاهين وعروس المغني، مدرسة مختلفة لبائع الحمص.
وعن ازدهار مسرح العرائس فى تلك الفترة عكس الوقت الراهن يقول الشربيني: «يرجع ذلك إلى قيادات وزارة الثقافة فى ذلك الوقت «ثروت عكاشة عبد القادر حاتم يوسف السباعى كوزراء، أما الهيئة فكان هناك على الراعى شخصيات ذوى ثقل فنى مديرين الأجهزة سعد أردش فى المسرح القومى كرم مطاوع الشباب صلاح جاهين، نعمان عاشور، ألفريد فرج، عبد السلام أمين، الممثلين فى هذه الروايات كانوا نجوم سينما ومسرح، تركت بصمة وكان أداؤ ها ونشاطها غير عادى للفن، فى عهد سعد الدين وهبة عندما أنشأ قصور الثقافة كان مسرح العرائس يتجول فى جميع المحافظات فرق الماريونت والقفاز فرق للمدارس المسرح كنا نعرض أربع عروض يوميًا فى اليوم من الضغط حاليًا خميس وجمعة فقط أى 8 عروض فى الشهر ما يعنى يومين عرض فى الماضى.