الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أنور مغيث: أطالب بزيادة ميزانية «الترجمة» وإفريقيا وجهتنا المقبلة

أنور مغيث: أطالب بزيادة ميزانية «الترجمة» وإفريقيا وجهتنا المقبلة
أنور مغيث: أطالب بزيادة ميزانية «الترجمة» وإفريقيا وجهتنا المقبلة




حوار – أحمد سميح

بالحديث عن أهم الإنجازات الثقافية التى تم تنفيذها على مدار العقود الماضية يأتى إنشاء المركز القومى للترجمة والذى احتفل مؤخرا بمرور عشر سنوات على انشاءه بما يحمله على عاتقه من تنوير باعتبار الثقافة هى قوة مصر الناعمة.. ويتولى رئاسة المركز القومى للترجمة د.أنور مغيث وهو مترجم معروف وأستاذ أكاديمى تولى رئاسة المركز لمرتين ..التقيناه لنرصد معه حصاد هذه السنوات العشر لتقييمها واكتشاف مواطن القوة والضعف فيها.. فإلى نص الحوار..


■ ونحن نحتفل بالعيد العاشر لإنشاء المركز القومى للترجمة ماهى أهم المشكلات التى واجهتك؟
كان هناك مشكلات كثيرة، مشكلات نتيجة لظروف ومشكلات بنيوية وهيكلية، المشكلة الأساسية تأخر صدور كتب كثيرة ومتراكمة بحيث أصبحت فترة صدور الكتاب أطول من اللازم، ومشكلة ان البيان التأسيسى للمركز حمله بأهداف كثيرة وكبير لاتسمح الميزانيات الحالية بتنفيذها، أو لم يلتفت المركز لتحقيق تلك الأهداف، وكان المركز يعانى من تأخر فى برنامج الندوات ومحدودية دورات التدريب وخاصة وان المركز القومى للترجمة ليس مجرد دار نشر يصدر كتب مترجمة وإنما هو من المفترض معنى بأمر الترجمة فى مصر بما فيه من تدريب لشباب المترجمين ويعنى أيضا الاهتمام بالترجمة العكسية من العربية للغات الأخرى، وكلها مهام موجودة ولكن لم تكن تنفذ بشكل جيد، واعتبرنا أن أولويتنا الملحة سرعة إصدار الكتب المتأخرة، وذلك بهدف استعادة ثقة المترجمين تجاه المركز وأيضا لاستعادة ثقة الناشرين الأجانب،لأننا عندما نشترى كتابا من ناشر لترجمته فى خلال عامين مثلا ولا يتحقق ذلك يرفض الناشر عدم التعاون فى كتب أخرى باعتبارنا عدم جادين.
فكان لابد من تجديد التعاون مع الناشرين الأجانب بأن نرسل لهم الكتب التى تمت ترجمتها بالعربية وقد تجاوزنا مرحلة تأخر الكتب تلك، وفيما يخص ثقة المترجمين فالمترجم ورغم تقاضيه أجره يفقد الثقة فى المركز بسبب تأخر نشره، وبالتالى كان حل تلك المشكلات هى هدفنا الأول.
جزء كبير من حل تلك المشكلة جعلنا نلجأ لفكرة توسيع النشر المشترك، فبدلا من إصدار الكتب وحدنا بدأنا نخاطب ناشرين بحيث يصدر الكتاب بالاشتراك فنرفع عنهم جزءا من عبأ الترجمة ويرفعون عنا جزأ من عبأ التكلفة.
■ وهل كان هناك استجابة من دور النشر الخاصة؟
بالطبع بل وكان هناك تحمس حتى من دور النشر العربية لأننا ندفع تكلفة الملكية الفكرية وتكلفة الترجمة أى مايوازى 70 فى المائة من التكلفة، لأن مانقدمه ليس مجرد شراكة بل هو نوع من الدعم، لأنن هذا هو دور الدولة، فبذلك نشجع الناشر الخاص على نشر واختيار كتب مترجمة، وتلك تجربة لم أكن من بدأها بل سبقنى ست أو سبع محاولا، والآن صدر مايقرب من 50 كتابا مترجما وهناك عقود لما يقرب من 60 كتابا آخر، فالتجربة فى مرحلة توسع حاليا.
■ ماهى آلية اختيار الترجمات للمركز؟
الآليات هى نفس الآليات منذ إنشاء المركز، لكننا طيلة الوقت نقابل بطلبين لتحقيقهما وهما متناقضين، الأول أن يكون هناك خطة للمركز وقائمة من الكتب المترجمة التى تعدها لجنة متخصصة بحيث تكون تلك القائمة هى المكلف بها المركز لإصدارها بحيث تكون فى صالح البلد وكذا وكذا، وبالتالى نتوجه للمترجمين لتكليفهم بتلك الترجمات وهذه طريقة، والثانية تقوم على أن يكون المركز منفذ ومنفس مطروح أمام المترجمين لاقتراح مايرونه مناسبا للترجمة، وهو مايأخذنا فى منطقة شد وجذب هل تكون الكتب المترجمة بناء على اختيار المؤسسة ام على اختيار المترجم، فنحن نحاول الجمع بين الخيارين، لأنه أفض الترجمات هى التى تكون باختيار المترجم، ولابد أن يقع المترجم فى غرام النص حتى ينتج ترجمة جيدة، إنما فكرة وجود لخطة باعتبار المركز «مقاول انفار» يمكن ان ينتج ترجمات احترافية لكن ليس فيها روح حب النص، فنحن نفتح الباب لتعدد مصادر الاقتراح، اما من المترجم، وأما من المراكز الثقافية الأجنبية الموجودة والتى يمكن أن تقترح علينا ترجمة لأديب كبير لديهم، أو من دور النشر فى معارض الكتب العالمية الكبيرة فتقوم دور النشر باقتراح الٍماء علينا، ونعرض تلك الكتب على لجنة هى لجنة اختيار الكتب، أو لجنة الفحص الفني، لأنه لدينا لجان مقسمة إلى علوم إنسانية وعلوم بحتة وعلوم طبيعية ثم فنون وعمارة وسينما ثم إلى لجنة أدب الطفل ولجنة التاريخ، وهنا يتم تجميع الكتب وتصنيفها بناء على تلك اللجان وتعرض عليها الكتب، فيتم تجميع تلك الكتب وانتخاب ماسوف ينشر بناء على قدرتنا المالية، رغم أن عملية الانتخاب تلك تتسبب لدينا الكثير من المشاكل حين يأتى إلينا مترجم يكون قد تقدم بكتاب ولم نختره يكون بحاجة لمبررات عن عدم نشره وهو أمر لو أتحناه سندخل فى جدل لن ينتهي، وبالتالى نجد بعد تلك الآليات انه لدينا مجموعة كتب اقترحها  مترجمون وكتب أخرى انتقيناها وليس لها مترجمون فنبحث عن مترجمين لها بناء على التخصص.
■ هناك اتهامات للمركز بالبيروقراطية والبطء وأيضا بتكرار أسماء المترجمين على مدار السنين.. ماتعليقك؟
الاتهامات الموجهة الى المركز كثيرة، بعضها له أساس والبعض الآخر دون أى أساس، بالنسبة إلى كيفية اختيار اللجان فيتم اختيارهم بناء على انهم متخصصون فى المجال الذى سنترجم فيه الكتب أو لأنهم مترجمون كبار وهو أساس الاختيار فى كل المجالات، وللعلم فمعظم من نتعامل معهم مترجمون كبار ومكافأة اللجنة التى تقام مرتين أو ثلاثة فى السنة هى 350 جنيه فلا يوجد بها شبهة تربح، وهناك فكرة نسعى لتحقيقها وهى التغيير الدوار بأن يتم تغيير ثلث اللجنة مرة كل عام بحيث يتم تجديد الدماء بحيث إذا كان هناك ميل عند لجنة فى مدرسة معينة يتغير بعد فترة وتختار مدرسة أخرى، وأما بخصوص مايتعلق بالبطء البيروقراطى يرجع إلى حاجتنا إلى التحقق مما نصدره، مثلا لابد من تواصل إدارة الملكية الفكرية مع الناشر، بعض الناشرين يستجيبون بسرعة وآخرون يأخذون وقتا طويلا لأى سبب فبالتالى تتعطل مابعد تلك الخطوة من إجراءات مالية وإدارية، كما نقوم بالتحقق من عدم صدور ترجمة عربية مما ننوى ترجمته، وهناك مترجمون يتأخرون فى تسليم الترجمة نفسها وهناك أيضا فاحصون يتأخرون أحيانا فى فحص الترجمة، وهناك فاحصون يطلبون الاستعانة بمراجع، ويحدث أحيانا أن يتوقف احدهم عن عمله أو يعتذر عنه بعد فترة فتبدأ مرحلة التغيير وإعادة الاختيار من جديد، وهى خطوات وتسلسلات واجبة من باب سلامة الإجراءات المالية والإدارية قد تؤدى فى النهاية إلى تأخر صدور الكتب
■ هل يحتاج المركز إلى دعم ميزانيته الخاصة بالترجمة؟
بالطبع، المركز له نظامه ولائحته وعمله الفني، عدد العاملين به محدودين 120 موظفا على العكس من الآلاف العالمين بهيئة قصور الثقافة أو هيئة الكتاب، وعند الحديث عن ميزانية الترجمة فالكتاب المترجم يكلف الكثير فنحن ندفع للملكية الفكرية بالدولار واليورو ندفع للمترجم أجر عالى نسبيا وندفع للمراجع وبدأنا نحسن فى إخراج الكتاب ونوعية الورق، وميزانية المركز كلما زادت كلما كان أفضل، فالمركز هو الوريث للمشروع القومى للترجمة الذى أقيم كرد فعل على الإحصائيات التى صدرت عن قلة نصيب العرب من الترجمة عموما ، وبدأنا وأنشئ بعد ذلك مراكز عربية أخرى، ولكننا رغم جهود المركز القومى للترجمة ورغم منظمات الترجمة العربية لازلنا تحت المستوى المطلوب لنسبة الترجمات لعدد الأفراد.
ونجد أن هناك الكثير من الأطباء والمهندسين قادرون على الترجمة الاحترافية ولكنهم يعزفون عن ممارستها لأن عملية الترجمة مجهدة وعائدها المادى قليل، بل ان خريجين جدد لكليات الترجمة يفضل العمل فى مجال السياحة مثلا أو مجالات أخرى توفر له دخلا أفضل، وأتمنى أن تتحول مهنة الترجمة الى مهنة جاذبة تمكن من يمارسها من العيش والربح ولكن ميزانياتنا لاتمكننا من تحقيق هذا الطموح، خاصة فى ظل ارتفاع قيمة الدولار واليورو مما قلل من قيمة ماكانت تحققه نفس الميزانية سابقا، فأصبح المركز القومى كعصفور مصاب بحجرين، الأول لأن الدولة نتيجة للظروف التى تمر بها البلاد طلبت تخفيض ميزانيات مؤسسات الدولة بما يعادل 25%، وثانيا بسبب ارتفاع الدولار بالنسبة الى الجنيه مما تسبب فى تقليل مايمكن أن أشتريه من ملكيات فكرية للكتب المترجمة وكذلك قلل من قيمة ماكان يتقاضاه المترجم من أجر مما قد يؤدى إلى انصراف المترجمين وخصوصا المتميزين إلى مؤسسات أو دور النشر الخليجية.
ميزانية المركز 14 مليون جنيه، المخصص منها للترجمة 6 ملايين جنيه فقط أى مايقارب 300 ألف دولار فقط وهو مبلغ قليل جدا، فمثلا المركز القومى للكتاب فى فرنساcnl  مثلا لديه ميزانية ضخمة للترجمة ويستضيف مترجمين من كل بلاد العالم لترجمة كتب فرنسية أو عن الفرنسية وكل ذلك جهد من الدولة الفرنسية لنشر ثقافتهم حول العالم.
ورغم ضعف ميزانية المركز القومى نصدر عدد ترجمات يتجاوز عدد كل ما تنتجه منظمات الترجمة العربية مجتمعة وبميزانية هو من أقلها.
■ هناك سيادة للترجمة عن الانجليزية ثم عن الفرنسية على باقى اللغات فى المركز.. ماتعليقك؟
بالطبع رغم أننا نترجم عن 35 لغة حول العالم، والسبب فى ذلك قلة الموارد البشرية من مترجمين عن تلك اللغات الغير منتشرة، الصين واليابان مثلا لديها إنتاج أدبى عظيم لكن حركتنا للترجمة عنها ليست بنفس المستوى.
■ ما دور المركز فى التنسيق مع أقسام الترجمة فى الكليات المختلفة؟
أقمنا بروتوكولات تعاون مع الجامعات وتشمل التنسيق مع أقسام اللغات فى الليسانس والدراسات العليا وتشمل إقامة اتفاقات لترجمة كتب مشتركة بغرض التدريس أو بغرض تفضيلها، ويشمل إقامة دورات للترجمة وغيرها من الأنشطة.
■ هناك ضعف فى عملية الترجمة العكسية عن العربية إلى لغات أخرى.. ما رأيك؟
هناك مجالات لم تعد بحاجة إلى محام يدافع عنها لدى دور النشر فى الترجمات وهى القصص والأعمال الكلاسيكية مثل الفارابى وابن سينا وغيرهم وتأخذ حقها بشكل جيد لدى الغرب، أو أعمال الأدباء المشهورين مثل نجيب محفوظ وصنع الله ابراهيم وغيرهم، المشكلة التى لدينا فى عدم ترجمة الفكر العربى المعاصر إما لضعفه أو لعدم تحمس دور النشر الغربية ولا يمكننا كسر تلك الحلقة إلا بالدعم المادى من خلال البحث عن ناشرين أجانب يتحمسون لنشر الثقافة العربية والوقوف إلى جانبهم ودعمهم لتجنيبهم الخسارة، وهناك خطوة تمت تجاه أفريقيا بالتنسيق مع وزارة الخارجية ونبحث عن دور نشر أفريقية متحمسة لترجمة الكتب المصرية المهمة مثل «شخصية مصر» لجمال حمدان، «فجر الإسلام» لأحمد أمين، «يوميات نائب فى الأرياف» لتوفيق الحكيم وغيرها