الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مصر لها جيش يحميها.. وثورة لا تنساها

مصر لها جيش يحميها.. وثورة لا تنساها
مصر لها جيش يحميها.. وثورة لا تنساها




كمال عبدالنبى  يكتب:

شئنا أو أبينا ستظل المؤسسة العسكرية تحظى بأكبر قدر من التقدير والاحترام فى مصر.. بعيدًا عن رسائل المجلس العسكرى التى طمأنت الشعب على الانتقال السلمى للسلطة.. وإذا سلمنا وأمنا أن الماضى والحاضر وحدة لا سبيل لانفصامهما كما قال كاتبنا الكبير عباس محمود العقاد الماضى يسهل صياغة الحاضر كما أستاذنا الكبير أيضًا  فإننا نقول إن الجيش مارس درجة رفيعة وعالية من الوعى السياسى وأدرك خطورة تلك المرحلة.. وتعامل بشكل وفكر سلميين مع المتظاهرين الذى لبوا النداء من أجل التغيير عندما أذن الله وفاض الكيل بهذا الشعب المسكين.. مما أوجد مناخًا من الثقة بين الجانبين وعبر بمصر مرحلة شديدة الخطورة.
فقد لعبت المؤسسة العسكرية المصرية الدور الأغر والأهدى سبيلًا خلال فترة ثورة 25 يناير 2011، واستطاعت بجدارة الحفاظ على وحدة وصلابة مصر والوصول بسفينة الدولة الى بر الأمان وسط الأمواج العاتية التى كانت تعصف بدول المنطقة الواحدة تلو الأخرى، وذلك سواء من خلال التزام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأعلى درجات الانضباط الوطنى مع أحداث الثورة، أو من خلال إدارة المرحلة الانتقالية التى تلتها، تلك المرحلة المفصلية التى تدخل ضمن تاريخ مصر المعاصر، ولا نزايد إذا قلنا أن هذا الدور تعدى فى آثاره الحدود الإقليمية والدولية، خاصة بعد أن باتت المخططات الدولية المارقة التى تحاك ليل نهار تحت ادعاءات الحرية والديمقراطية لتقسيم وتفتيت دول المنطقة مكشوفة، وبدأت تؤتى ثمارها فى سوريا وليبيا والعراق وأخيرًا اليمن وغيرها.
وأن عرض سيناريو الثورة التى نحتفل بذكراها هذه الأيام يؤكد  أن القوات المسلحة أنقذت ثورة 25 يناير وأن الجيش المصرى هو حصن الأمان المنيع للدولة المصرية الذى أحبط مخطط إسقاط مصر خلال أيام الثورة وفى أعقابها، أيضًا،  فالجيش كان الضامن الوحيد للديمقراطية والاستقرار فى ظل عدم وجود قيادة معلنة للثورة، وقام بتأميـن المتظاهريـن، وكان بحق جيش الشعب، وبات دوره حتميًا فى مواجهة حالة الانفلات الأمنى يوم 28 يناير وما استتبعها من عمليات نهب وتخريب وهروب المساجين من السجون.
ومن الأسباب التى تؤكد أيضًا أن الجيش المصرى انحاز لمطالب الشعب، إن المجلس الأعلى برئاسة المشير محمد حسين طنطاوى التزم بحماية النظام العام للدولة، والانحياز للثورة والتعهد بضمان الانتقال الديمقراطى للسلطة، وكذلك وضوح موقف الجيش من التزامات مصر الدولية والإقليمية.
فى وسط هذه العاصفة الهوجاء من الأحداث التزمت المؤسسة العسكرية قد سلكت أقصى درجات التعاطى الإيجابى مع تطورات الأحداث على أرض الواقع، ومثل الجيش الأمل الأخير للنشطاء السياسيين فى مصر لمقاومة خطط التوريث.
ويمكن القول إن بيان الجيش رقم واحد، فى العاشر من فبراير2011، ساهم فى تكريس هذه النظرة وعمقت دورها فى حماية تطلعات المصريين، وكذلك ما ورد فيه من تأييد مطالب الشعب المشروعة.
ثم موقفه الإيجابى من شعارات ومبادئ ثورة الخامس والعشرين من يناير، إلى الدرجة التى وصفتها تعليقات إعلامية بأن الطرفين «الجيش والمتظاهرين أصبحا أصدقاء».
وكانت جهود المؤسسة العسكرية لتأمين وسلامة المتظاهرين فى ميادين مصر خاصة ميدان التحرير، محط اهتمام وإعجاب العديد من التقارير الدولية الرسمية والإعلامية، التى رأت أن الجيش رفض استخدام العنف ضد الشعب، وامتنع حتى عن التدخل، حتى برز شعار تلك المرحلة «الجيش والشعب يد واحدة».
وكان الجيش المصرى قبل ثورة يناير – ولا يزال - يحظى بالاحترام الجم  فالجيش بالنسبة للمصريين هو جيش الشعب الذى لا يمسه فساد ولا يمارس إرهابًا ضد مواطنيه، وعلى طول الاضطرابات التزم الجيش موقف الحياد، فى حين كان قادة الجيش فى تونس هم من دفعوا الطاغية زين الدين بن على إلى الطائرة لتخرجه من البلاد، أما الجيش المصرى فتابع التطورات وتأهب وانتظر، وتدخل الجيش  فقط لمنع أعمال النهب وضبط النفس. وأضافت هذه الأمور إلى الجيش نقاطا كثيرة لدى الرأى العام المصرى وظهوره فى هذه الأحداث وقد اتصف بالنضوج والمسئولية أمام المشهد الذى فرضته حدة وتغيرات الظروف فى البلاد.
وقد شهدت تلك الفترة تكثيف جهود القوات المسلحة لمواجهة حالة الانفلات الأمنى بعد أحداث العنف التى شهدتها جمعة 28 يناير التى أطلق عليها المحتجون «جمعة الغضب»، وانسحاب قوات الشرطة من مواقعها، وعلى رأس ذلك التصدى لمحاولة اقتحام مطبعة البنك المركزى. فضلاً عن قيام الجيش بالفصل بين المتظاهرين ورجال الشرطة فى محاولات عديدة لاقتحام وزارة الداخلية التى كانت مرمى لهم.
وقيام قوات الجيش بحراسة المنشآت العامة والحيوية، وكذلك تأمين المظاهرات بجميع الميادين بالمحافظات، وخاصة ميدان التحرير والحفاظ والتأكيد على سلميتها.
وتمكن الجيش بمساعدة الدفاع المدنى من السيطرة على ألسنة اللهب الناتجة عن انفجار استهدف أنبوب الغاز بين مصر والأردن دون حدوث أى خسائر بشرية.
وقامت قوات الجيش بالانتشار فى أحياء مدينة الخارجة بمحافظة الوادى الجديد حيث شهدت المدينة انفلاتا أمنيا غير مسبوق بعد انسحاب معظم القيادات الأمنية فى المحافظة.. ولم يقف دور القوات المسلحة الناضج الشريف عند هذا الحد فمارسته فى وقت التنحى وما بعده حتى فى المرحلة الانتقالية.. وحتى اختار الشعب أغلى أبنائه البطل عبد الفتاح السيسى ليصل إلى سدة الحكم ليقود مرحلة عصيبة من تاريخ الأمة والذى رفض اغراق البلاد فى الإرهاب والأوهام، وقاد حربًا ضد الإرهاب ومازال يمارس جهوده على جميع الأصعدة لاحداث التغيير الذى كان مطلبًا لثورة يناير المجيدة.. وعن هذه المرحلة سنتكلم فى مقال قادم بإذن الله تعالى.