الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

محور الارتكاز الاقتصادى فى تايلاند

محور الارتكاز الاقتصادى فى تايلاند
محور الارتكاز الاقتصادى فى تايلاند




أحمد عبده طرابيك  يكتب:

تتبع دول رابطة جنوب شرق آسيا سياسة اقتصادية تكاملية قل نظيرتها فى كثير من الاتحادات والروابط الإقليمية الأخرى، وفى كثير من الأحيان تتحول تلك السياسة إلى تنافسية فى بعض القطاعات من أجل التطور والوصول للأجود وعدم التخلى عن المميزات التنافسية التى تتمتع بها دول الرابطة، فإذا كانت بعض الدول فى المنظمة قد تخصصت فى بعض القطاعات الاقتصادية وحققت من خلالها نجاحاً كبيراً، كما فعلت سنغافورة وأصبحت مركزا تجارياً ومالياً عالمياً، وكما تخصصت سلطنة بروناى فى انتاج الأطعمة الإسلامية، وأصبحت صاحبة الامتيار فى امتلاك العلامة التجارية «حلال»، وكذلك ماليزيا التى تخصصت فى السياحة الإسلامية، واستقطبت خلال العام الماضى 30 مليون سائح من العالم الإسلامي، وكذلك فعلت باقى دول «آسيان».
سعت تايلاند خلال العقدين الأخيرين إلى جعل البلاد مركزاً للاقتصاد فى المنطقة المهمة من العالم، حيث يتجه مركز الثقل العالمى نحو القارة الآسيوية، فقد دعمت قطاعى الصناعة والتجارة، حتى شكل التصدير ثلثى الناتج المحلى الإجمالى، الذى جعل من تايلاند واحدة من أسرع الاقتصاديات الآسيوية نمواً بمعدل تراوح فى حدود 9 %، فاحتلت البلاد المرتبة 24 ضمن أكبر الاقتصاديات العالمية، والثانية على مستوى رابطة «آسيان» بعد اندونيسيا، كما تحتل المرتبة الرابعة بين دول «آسيان» العشر بالنسبة للناتج المحلى للفرد بعد سنغافورة وبروناى وماليزيا، وتمتلك تايلاند احتياطيات من النقد الأجنبى يقدر بنحو 175 مليار دولار، تحتل بها المرتبة 13 على مستوى العالم.
حققت تايلاند نمواً هائلا فى صناعة السيارات، لتصبح واحدة من أكبر عشر دول منتجة للسيارات فى العالم، حيث استقطبت كبرى شركات السيارات العالمية، فقد أقامت الشركات اليابانية «تويوتا، ميتسوبيشى، سوزوكى» مصانع لها فى تايلاند لانتاج جيل جديد من السيارات الصديقة للبيئة، إلى جانب شركة فورد الأمريكية، حتى غدت تايلاند من أكبر مصدرى السيارات وقطع الغيار فى آسيا.
وفى سعيها لأن تكون محور الارتكاز الاقتصادى فى آسيا، اعتمدت تايلاند على قطاعى السياحة والطيران، حيث يسهم قطاع السياحة بنحو 8.6% من الإجمالي لتايلاند، إلى جانب القطاعات الصناعية والخدمات الأخرى التى تستفيد من قدوم 33.8 مليون سائح سنوياً، ولذلك يعمل فى قطاع السياحة بشكل مباشر أكثر من مليونى تايلاندي، ورغم وجود منافسة كبيرة وخاصة من دول «آسيان»، مثل ماليزيا واندونيسيا وماينمار ولاوس وفيتنام، إلا أن هذه المنافسة تدفع تايلاند للمزيد من تطوير ذلك القطاع من خلال تطوير البنية التحتية والمنظومة السياحية وخاصة المطارات وشبكات الطرق، والاستفادة القصوى من الثروات الطبيعية كالسواحل والجبال والغابات، مع تركيز القائمين على قطاع السياحة على جذب فئات معينة من السياح الأثرياء، والفرق الرياضية، والباحثين عن العلاج، باعتبار تلك الفئات هى الأكثر انفاقاً.
ورغم أن تايلاند ذات غالبية بوذية فإن قدوم السياح العرب والآسيويين والأوروبيين المسلمين قد فتح آفاقا واسعة لأعمال وصناعة المنتجات والخدمات «الحلال» التى تتوافق مع الشريعة الإسلامية، وذلك بالتعاون مع مركز علوم الحلال ومجلس الشئون الإسلامية فى تايلاند، ومع سلطنة بروناى الشريك معها فى منظمة «آسيان»، والتى تمتلك العلامة التجارية «حلال» المعروفة عالمياً.
ويرتبط قطاع السياحة بقطاع آخر هو التسوق، حيث تسعى تايلاند إلى أن تظل العاصمة بانكوك مركزاً عالمياً للتسوق سواء بالنسبة للسياح أو التجار من مختلف دول العالم، وهذا ما جعل بانكوك تكتظ بالعديد من مجمعات التسوق بما فيها من المنتجات التقليدية، وإنتاج واستيراد سلع ذات علامات تجارية عالمية، والسيارات وقطع غيارها والأجهزة الإلكترونية والكهربائية وغيرها. يضاف إلى كل ذلك اهتمام تايلاند بقطاع المطارات، حيث أصبحت تايلاند مركز التقاء خطوط الطيران فى آسيا، وهذا ما يخدم قطاعات التجارة والسياحة والاستثمار.
تتمتع مصر وتايلاند بعلاقات ودية طيبة، كما تتوافر الظروف المؤهلة لتطوير العلاقات السياسة والاقتصادية بين البلدين، وخاصة بعد انضمام مصر لمعاهدة الصداقة والتعاون مع منظمة «آسيان» التى تنتمى إليها تايلاند والتى بدورها تنظر إلى مصر باعتبارها دولة محورية فى الشرق الأوسط وأفريقيا، وتعتبرها المدخل الرئيسى لها فى تلك المنطقة، ولكن رغم تأسيس لجنة مشتركة للتعاون بين البلدين فى مجالات التعاون الاقتصادى والفنى والتعليم والطاقة والسياحة والطيران والصحة، وقد انعقدت تلك اللجنة مرتين عامى 2003، 3006 فى القاهرة على مستوى وزيرى خارجية البلدين، وتأسيس مجلس أعمال بين البلدين عام 2008، إلا أن كل ذلك لم يسهم فى تنمية العلاقات بين البلدين بالشكل الذى يتناسب مع حجم ومكانة مصر وتايلاند فى أقاليمهما الجغرافية، وبما يملكانه من قدرات ومقومات اقتصادية كبيرة، فحجم التجارة بين البلدين لا يتجاوز 1.4 مليار دولار.