الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مولانا إبراهيم عيسى

مولانا إبراهيم عيسى
مولانا إبراهيم عيسى




د. محمد محيى الدين  يكتب:

لست مع نزول المعتقد الدينى والآراء الفقهية للشارع يناقشها العوام ويحللها كتاب الرأى من المتخصصين وغير المتخصصين خارج قاعات البحث العلمى التى تتصارع فيها الرؤى والحجج بأسلوب علمى ومنهجى دأب عليه علماء ديننا الحنيف على مر العصور، ولكن الأمر وقد بات وكأنه مفروض علينا أن نقوم بذلك كنتيجة للهجمة الشرسة على الإسلام، كدين بشكل أساسى وليس على المسلمين كما يعتقد البعض، والتى يقودها حملة مباخر ودراويش يدعون العلم ولا يخشون تفسير وتحليل حقائق وأسس الإسلام، وتحركهم المصالح الدنيوية والرغبة فى السلطة حتى ولو كان ذلك على حساب إيمان العامة وإقناعهم بأن ما يقولونه أو يفتون به هو عين الحقيقة، وأنهم يعلمون ما لا يعلمه غيرهم، وهم فى الحقيقة يعملون لصالح جهات أجنبية وإقليمية تستخدمهم لهدم الإسلام من الداخل.
ومن ثم فقد تم حشرنا فى ركن ضيق نتصدى فيه لتلك الهجمة ونتشبث بسماوية ونبل العقيدة الإسلامية، ومن المؤسف أن تلك الجماعات التى تستهدف الإسلام وتريد القضاء عليه تعتمد على ما جاء فى بعض كتب التراث والتى تم الاستعانة بها بطريقة انتقائية لا تخضع إلا لأهوائهم  الشخصية وبأسلوب دعائى مدعوم بتكنولوجيا مستوردة وممولين ماديا من قوى اقليمية ودولية وقد نجحت تلك الجماعات فى أن تفرض علينا أساليب الدفاع عن الإسلام فى الوقت والمكان الذى اختاروه لنا وبطرق تحقق لهم أهدافهم فانشغلنا بمقاومة أمنية لتلك الجماعات تستنزف فيها مواردنا البشرية والمادية ويسقط فيها شهداء فى عمر الزهور، وعلى الجانب الآخر الدعوة إلى تنقية كتب التراث حتى ندحض فتاوى وحجج تلك الجماعات والنتائج التى تحققت حتى الآن تفيد أن تلك الأدوات رغم قصورها إلا أنها بدأت تؤتى أكلها لصالح الإسلام، والله يدافع معنا عن الإسلام.
نقول إنه مع أن مناقشة المعتقد الدينى الإسلامى فى الشارع ومبادئه السامية أمر تتخلله اشواك ومخاطر الا أنه اصبح من الضرورات فقد توجب علينا أن نصل الى المواطن العادى مسلما كان أو غير مسلم نخاطبه ونزيل من عقله دعاوى الجماعات التخريبية المتطرفة وبأسلوب الصدمة، وبوسيلة فنية راقية واستطاع فيلم «مولانا» ان يقوم بتلك المهمة فقد اختصر مئات الكتب والمقالات فى مشاهد سريعة اشبه بالاسكتشات، وبكلمات قليلة احسن ابراهيم عيسى صياغتها بأسوب علمى لا يخلو من سخرية محببة لدى الكثير وقام فيها بتصحيح مفاهيم كثيرة كادت ان تصبح حقائق من طول ما تم ترديدها فى ابواق تلك الجماعات، وساعده على ذلك مخرج متميز أحسن توظيف أدواته الفنية بما فيها الصورة والموسيقى ورغم أن الفيلم صاغ الموضوع بشكل درامى فقد وضع أصبعه على عناصرها وأوضح أن تفاقم المشكلة فى أحد جوانبها المهمة نشأت من تضافر القوى الداخلية من أجهزة أمنية وإعلام ودعاة قاموا بقصد أو دون قصد على تفاقمها وربما كان المشهد الأخير فى الفيلم عندما ازاح بطل الفيلم كل الميكرفونات من على المنصة، مشهدا عبقريا قال الكثير عن دور بعض الأبواق الإعلامية المشبوهة وعن حاجتنا إليها.
والمتابع لطوابير الجمهور الذين يرغبون فى مشاهدة الفيلم يسعد بأن يجد الشباب يشكلون غالبية ومعنى ذلك أنه استطاع أن يصل إليهم بأسلوب مبتكر وبسيط خاطب به عقولهم الغضة قبل عواطفهم ويجذبهم مرة أخرى للتعرف على دينهم بطريقة منطقية وأسلوب عصرى وأعتقد أيضا أن نية منتج الفيلم تتجه إلى ترجمته وتوزيعه على نطاق جغرافى واسع سيكون فيه أعظم فائدة للإسلام كدين ولمبدأ قبول الآخر وأكبر دعاية لنموذج من علمائه المخلصين.
إن تلك الخطوة لن تأتى بمعجزة لتغيير الغرب لأفكاره ومخططاته لضرب الإسلام وهدم حضارته ولكنها خطوة مهمة على الطريق الصحيح تأتى فى توقيتها المناسب.