الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مصر والفلبين وشراكة آسيان

مصر والفلبين وشراكة آسيان
مصر والفلبين وشراكة آسيان




أحمد عبده طرابيك  يكتب:

بدأت منذ سنوات حركة الاقتصاد العالمى فى الاتجاه شرقا نحو آسيا، وبينما أصبحت الصين مركزا لتلك الحركة المتنامية بقوة، نشطت كذلك العديد من الدول الناشئة فى آسيا اقتصاديا، ودخلت فى منافسة شرسة مع القوى الاقتصادية التقليدية كاليابان ودول أوروبا الغربية، ويأتى فى مقدمة تلك القوى الصاعدة مجموعة دول «آسيان»، التى تضم عشر دول، تمتلك سوقا تضم 625 مليون نسمة، بناتج محلى إجمالى يزيد على 2.6 تريليون دولار، وتسهم المجموعة بما يقدر بنحو 28% من حركة التجارة العالمية.
خلال قمة مجموعة «آسيان» فى فينتيان عاصمة جمهورية لاوس، فى سبتمبر 2016، وقعت مصر على معاهدة الصداقة والتعاون لمنظمة آسيان، وبذلك تصبح مصر شريكا تجاريا واقتصاديا ليس لدول المجموعة العشر وحسب، بل للدول التى تقيم معها آسيان اتفاق شراكة وتعاون، ومن ثم تستطيع مصر الدخول بمنتجاتها إلى أسواق دول «آسيان» والدول الشريكة فى معاهدة التعاون والصداقة، مثلما تستطيع هذه الدول الدخول بمنتجاتها إلى أسواق الدول التى لها اتفاقات مع مصر مثل مجموعة «الكوميسا».
تقيم مصر علاقات تعاون بشكل ثنائى مع أغلب دول مجموعة آسيان (باستثناء جمهورية لاوس التى لا يوجد تمثيل دبوماسى لها فى مصر حاليا) ومن هذه الدول الفلبين، حيث كانت مصر من أوائل الدول التى أقامت علاقات سياسية معها منذ توقيع اتفاق الصداقة والتمثيل الدبلوماسى فى 18 يناير 1955، والتى تم بموجبها إقامة تمثيل دبلوماسى بين البلدين على مستوى «مفوضية عامة»، ومن ثم الارتقاء به إلى مستوى سفارة عام 1960.
يوجد تعاون قوى بين مصر والفلبين فى المجال السياسي، حيث تعتبر مصر أحد أعضاء لجنة دول منظمة التعاون الإسلامى للسلام فى جنوب الفلبين، كما يوجد تنسيق دبلوماسى بين البلدين فى جميع المحافل الدولية سواء بما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وفى الأمم المتحدة وأجهزتها المختلفة، ومنظمة عدم الانحياز ومنظمة التجارة العالمية وغيرها.
ورغم أن مصر قد سحبت بعثة الأزهر الشريف من الفلبين عام 2008، إلا أن الدعم المقدم لمسلمى الفلبين لم ينقطع، حيث يقدم الأزهر 25 منحة تعليمية لطلبة مسلمى الفلبين سنويا، و5 منح أخرى لتدريب الأئمة، إلى جانب 5 منح أخرى لتعليم اللغة العربية فى الجامعات المصرية.
العلاقات التاريخية بين البلدين، وحجم العلاقات السياسية والثقافية والتعليمية لا يعكس حجم العلاقات الاقتصادية التى تعتبر المقياس العملي، والثمرة الحقيقية لأى علاقات ناجحة بين دولتين، فما زال حجم التجارة والاستثمارات المتبادلة، والتعاون فى قطاع السياحة بين مصر والفلبين لا يعبر عن الحجم الاقتصادى الحقيقى للبلدين.
تم توقيع ثلاث مذكرات تفاهم بين مصر والفلبين فى مايو 2014، بشأن التعاون فى قطاع السياحة وإعفاء حاملى جوازات السفر الدبلوماسية من تأشيرات الدخول، والتعاون بين اتحاد الغرف التجارية المصرية وغرفة التجارة والصناعة الفلبينية، ورغم أن الآمال كانت تتطلع إلى أن يشمل إعفاء تأشيرات الدخول للبلدين جميع المواطنين وليس الدبلوماسيين فقط، لكن رغم ذلك فالأهم هو تفعيل تلك الاتفاقيات بشكل عملى على أرض الواقع لتحقيق الهدف المرجو منها فى زيادة حجم التعاون بين البلدين.
خلال زيارة وزير خارجية الفلبين بيرفكتو ياساى إلى مصر يوم 22 يناير 2017، اقترحت مصر دعم وتنشيط مجلس الأعمال المشترك، وكذلك تنشيط التعاون القائم بين غرفتى التجارة فى البلدين، والاتفاق على موعد محدد لعقد اللجنة المشتركة بين القاهرة ومانيلا، وأبدت مصر رغبتها فى موافقة رابطة «آسيان» على قبولها كشريك حوار للمجموعة بهدف زيادة التعاون الاقتصادى والتجارى بين مصر ودول «آسيان»، خاصة أن الفلبين هى الرئيس الحالى للرابطة، التى تتبنى شعار «الشراكة من أجل التغيير وتحقيق السلام».
يحتل الاقتصاد الفلبينى المرتبة 39 عالميا وفق إحصاءات صندوق النقد الدولي، حيث حققت الفلبين نموا بلغ 6.9% عام 2016، وذلك بعد أن استطاعت تغيير البنية الاقتصادية من اقتصاد يعتمد على الزراعة بشكل أساسى إلى اقتصاد يرتكز على الخدمات والصناعات التحويلية، بعدما عملت على جذب كبريات الشركات العالمية إليها، خاصة شركات السيارات والأجهزة الكهربائية والالكترونية، والتى بدورها استفادت من الأيدى العاملة الفلبينية، ومن البنية الجديدة الجاذبة للاستثمارات فى البلاد.
توجد مجالات كثيرة للتعاون بين مصر والفلبين، ولعل المقترح الذى قدمه وزير خارجية الفلبين خلال زيارته الأخيرة للقاهرة بشأن التعاون بين البلدين فى مجال صناعة «الطعام الحلال» فى منطقة «ميندناو» الفلبينية ذات الأغلبية المسلمة تكون بداية لإقامة تعاون مثمر فى قطاع الصناعة، خاصة أن منطقة جنوب شرق آسيا تشهد نموا ملحوظا فى هذا القطاع، مع وجود أعداد كبيرة من المسلمين سواء فى الدول الإسلامية مثل إندونيسيا وماليزيا وسلطنة بروناي، أو الجاليات المسلمة الكبيرة فى الدول غير الإسلامية مثل تايلاند وميانمار وكبموديا والصين. كما توجد فرص قوية للتعاون فى قطاع الزراعة والطاقة والأدوية والثروة السمكية والمنسوجات، إلى جانب تطوير التعاون فى قطاع السياحة الذى يشكل أهمية كبيرة بالنسبة لاقتصاد كل من مصر والفلبين.