الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

مفهوم الشرف عند مولانا

مفهوم الشرف عند مولانا
مفهوم الشرف عند مولانا




هشام فتحى  يكتب:

تلك المحطة الإذاعية الشبابية، التى باتت أثيرة عند سائقى الميكروباص والتاكسي، ليس لأنها تقدم الأغانى الشبابية والبرامج «الروشة» فحسب، بل بسبب ذلك البرنامج الدينى الشهير الذى يقدمه «مولانا»، هكذا قدم نفسه للعامة، أو قدموه هم وأسموه وخلعوا عليه اللقب.
يتحدث الرجل يوميا بثقة يحسد عليها، يسألونه فيجيب، بصوت حاد، وبلغة عربية رصينة، لزوم الشغل، يستخدم الكوميديا حينا، والجد حينا، والمزاح حينا، يشعرك بأنه أخوك، أو أبوك، أو جدك، وثق فيه المتصلون، والمتصلات تماما، الرجل لديه إجابة لكل سؤال، من يريد الزواج يجد لدى الرجل بغيته، من تشكو من زوجها فالحل بين يديه، من يريد العمل بكبرى شركات الاستثمار، ماشي، من يريد الهجرة، الرجل لديه الفيزا، كله كله، لا يصعب عليه شيء، مادام يزيل كلامه بـ «إن شاء الله، لا حول ولاقوة إلا بالله، الله أكبر»، ومادام يستخدم ما يعن له ويفهم من نصوص قرآنية أو حديثية.
المهم، استقليت «تاكسيا» فى زحمة القاهرة، وقت الذروة، دلفت بداخله، لأجد سائقي، رجلا تخطى سن الشباب منذ زمان بعيد، مثلى أو يزيد عنى عمرا، ينصت باهتمام، وإذا بالمتحدث من راديو السيارة صاحبنا الجليل، لا تخفى عنى طريقته فى الحديث، كأنه يمصمص أو يتمزمز فى عظام فرخة، وإذا بالمتصلين والمتصلات تترى اتصالاتهم وتتابع، صغار العطاشى للحقيقة وكبارهم، يبحثون عن الله والدين والحق، والحلال والحرام، شعب متدين بطبعه، يريد ألا يقع فى المعاصى والذنوب، يسأل أحدهم الرجل الذى بداخل الراديو: «أنا شاب على وش جواز، بس انت عارف يا مولانا البنات واللى بيعملوه، قل لى أختار إزاي؟ الواحد لازم يحافظ على عرضه وشرفه برضه».
يرد مولانا، ومصمصة الفروج بين شفتيه لا تخفى على سامع يجيبه: «شوف يا بني، إنت لسه مجوزتش؟ ليه؟ ليه كده؟ البنات الطيبين كتير، دور فى حتتك جنب بيتك قرايبك هتلاقى 100 بنت، فى بنات متدينين كتير يا بني، بس دور هتلاقي، الرسول عليه الصلاة والسلام بيقول تخيروا لنطفكم إن العرق دساس، فاظفر بذات الدين تربت يداك، خد البنت المتدينة يا بني، البنت إللى تحافظ عليك ان شاء الله (صوت مصمصة)».
فى الحقيقة رد شرعى جميل من صاحبنا، فما من شك أن على الشاب حسن اختيار زوجته، وما من شك أنه على الشاب أن يتخير العروس صاحبة الخلق والدين، وما من شك أنه على الشباب أن يميزوا بين البنت المتدينة والبنت غير المتدينة، يختاروا الأولى ويلفظوا الثانية، لكن ما اخفاه الشيخ أو جهله على مستمعيه هو أليس من حق البنت أن تختار شابا مستقيما؟ متدينا؟ أم أن بناتك يا بلد مجرد عرائس (dulls) معروضات بفتارين زجاجية ينتظرون من يلتقطهن؟ لا رأى لهن فى زوج المستقبل.
ما أخفاه الشيخ أو جهله أنه لم يعرض على مستمعيه مفهوم «التدين»، هل التدين ممارسة الطقوس؟ كثير من الفسدة اللصوص الزناة يمارسون الطقوس. هل التدين تربية اللحى وارتداء غطاء الرأس المشهور مجتمعيا بالحجاب؟ إنك بذلك يا شيخنا تسب قطاعا ملحوظا من المصريين بأنهم فاسدون لا يعرفون الحلال من الحرام، لا يعرفون الله! وهل كانت أمهاتنا وجداتنا لا يقيمون الحلال ولا يبتعدون عن الحرام، ولا يعرفون الله لأنهم لم يكن يحتشمن بغطاء الرأس (تسمونه الحجاب)؟ هل اللحية هى معيار الدين؟ إنك يا شيخنا الكريم تدلس على مستمعيك، وتجهل عليهم، وتوجههم - بجهلهم - لطرق ومسارات ليست من جوهر الدين والإيمان.
ثم ما هو مفهوم «الشرف» الذى سايرت فيه المتصل بموافقتك على أن شرف الرجل مرتبط بعذرية قريباته بالدم والنسب؟ هل هذا هو مفهوم الشرف؟ هل شرف الرجل مرتبط بفرج المرأة يا شيخنا الجليل؟ إن شرف الرجل ليست له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بفرج ابنته ولا بفرج أمه ولا بفرج خالته. شرفك يا شيخ هو عملك، أمانتك، صدقك، علمك، شرفك يا سيدنا هو إنتاجك لهذا البلد وإسهامك فى رفعته وتقدمه، مالكم تخلطون الشرف بالذكورة والأنوثة، لن يتمرغ شرفك بالتراب يا سيدى إن فقدت إحدى قريباتك عذريتها بإرادتها أو بغير إرادتها، ترى أتترك البرنامج هاربا وتلوذ بركن بعيد حرجا وخزيا؟
لا يا سيدى الكريم، أنت تضلل الشباب، تكذب عليهم، تجهل بهم، وأحرى بك أن تعود لمقاعد العلم والدرس، لعلك تتعلم من جديد، معانى الشرف والدين والوطن.