الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

البقرة والحمار !

البقرة والحمار !
البقرة والحمار !




ياسر صادق  يكتب:

ذهب رجلان إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) يختصمان فى بقرة قتلت حمارا، فقال الرسول (عليه الصلاة والسلام) اذهبا إلى أبى بكر فاسألاه عن ذلك، فقال لهما أبو بكر بهيمة قتلت بهيمة لا شىء على ربها «أى صاحبها»، وأبلغ أبوبكر رسول الله (عليه الصلاة والسلام) بما قضاه، فأشار بهما رسول الله (عليه الصلاة والسلام) الى عمر بن الخطاب فقضى ما قضى به أبو بكر، فقال رسول الله (عليه الصلاة والسلام) للرجلان اذهبا إلى على بن أبى طالب فقال ان كانت البقرة قد دخلت على الحمار فى مأمنه فعلى صاحبها قيمة الحمار، وإذا كان الحمار دخل على البقرة فى مأمنها فقتلته فلا غرم على صاحبها، فقال رسول الله (عليه الصلاة والسلام) لقد قضى بينكما بقضاء الله.
هل نحن فى العصر الذى نعيش فيه نفتقد لحكمة على ابن أبى طالب بكل تأكيد، وهنا يقول المولى عز وجل فى سورة البقرة الآية 269: «يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا»، هل نحن نلجأ أو نحتكم إلى الحكمة فى أمورنا وفى حل مشاكلنا، وهل نحن نطبق العدل بين أى طرفين متنازعين، لا يحدث أم أن سياسة الصوت العالى والبلطجة ولى الذراع والفوضى تسيطر علينا، وأن صاحب العلاقات والنفوذ هو الذى ينتصر حتى ولو لم يكن معه الحق، وأن صاحب الحق لا يحصل عليه لأنه ضعيف، وللأسف فإن الكثير من الناس يخشون من صاحب النفوذ أو الصوت العالى أو البلطجى ويعطونه حقا لا يستحقه.
وأذكر أننى قرأت جملة فى مقال للكاتب الكبير الراحل أنيس منصور قال فيها إن العلاقات فوق القانون، أى أن القانون يطبق فى غالبه على الذين لا حول لهم ولا قوة، أما كبار اللصوص فلهم طرقهم وأساليبهم غير المشروعة، وأذكر أن سيدة مجتمع كان عليها حكم بخمس سنوات فى قضية نصب وبالرغم من ذلك دخلت فى البرلمان، كيف دخلت؟ لا أحد يعرف، ومن الذى سمح لها بذلك؟ وأين أجهزة الدولة؟ لا أحد يعلم!
ومن هنا قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد». للأسف أغلب الناس الآن لا تهتم بدينهم فقد انصرفوا عنه بشكل كبير، ومن ثم غابت الرحمة والخير والبركة والحب ودخلوا فى صراعات كل منهم يريد أن يثبت أنه الأقوى بصرف النظر من هو الذى على حق ومن هو الباطل، وتجد كلاهما مقتنع أشد الاقتناع أنه الذى على حق والآخر على باطل، وبلا شك فإن صاحب الحق يصاب بالإحباط عندما لا يحصل على ما يستحقه، أو عندما يجد الباطل يستمتع بحقه، لكن مهما غاب الحق ومهما انتصر الباطل فإن ذلك سيكون لفترة ليست طويلة.
ويقول الشاعر الظلم ساعة مهما طال ليله والحق باق ليوم الساعة، فهل لأحد أن يتعلم للأسف الغالبية العظمى تسمع من أذن وتخرجه من الأذن الأخري، ويقول رسول الله (عليه الصلاة والسلام): «يأتى زمان على أمتى القابض على دين الله كالقابض على جمرة من النار».