الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«أبوخريطة».. مأساة تجسد فشل المسئولين بـ«المنوفية»

«أبوخريطة».. مأساة تجسد فشل المسئولين بـ«المنوفية»
«أبوخريطة».. مأساة تجسد فشل المسئولين بـ«المنوفية»




المنوفية - منال حسين

 

جبل مقلب «أبوخريطة» أوبمعنى أدق «جبل الموت» كما يطلق عليه أهالى محافظة المنوفية، نظرا لخطورته على صحة المواطنين، وتدمير الأراضى الزراعية، حيث إن هذا الجبل عبارة عن مقلب للقمامة، ناتج عن تراكمات نحو نصف مليون طن نفايات خارجة من مدينة شبين الكوم و36 قرية تابعة لها، ويبلغ طوله أكثر من 60 مترا عن الأرض، وموجود بالعزبة الغربية بمدينة شبين الكوم بمحافظة المنوفية.
دائما ما يشتعل هذا الجبل ذاتيا بالحرائق التى من الممكن أن تسبب كارثة للأهالى الموجودين هناك، ناهيك عن كمية الأدخنة المنبعثة منه، التى أضرت بصحة قاطنى المنطقة البالغ تعدادهم نحو 20 ألف مواطن، من بينهم ما يتجاوز الـ7 آلاف مصاب بأمراض الصدر والحساسية والأمراض السرطانية، فضلا عن حالات الوفاة التى انتعشت خلال الفترة الأخيرة، ليس هذا فحسب بل إن كمية المياه المسربة والمتساقطة من قمم الجبل، تسببت فى بوار أكثر من 30 فداناً من الأرض الزراعية الموجودة حوله.
جبل مقلب أبوخريطة.. يقع على بعد أمتار من استراحة مدير أمن محافظة المنوفية، يجسد فشل المنظومة الإدارية بالمحافظة فى السنوات الأخيرة بعد فشل قيادات المحافظة المتتالين فى حل المشكلة ونقل المقلب خارج حدود الكتلة السكنية، حتى أيقن أهالى المحافظة أنها مشكلة أكبر من إمكانات القيادات الموجودة، وأنها بلا حل، مسلمين أمرهم لله بعد أن خذلهم المسئولون.
كانت محافظة المنوفية قد أنشأت المدفن الصحى للنفايات بالظهير الصحراوى بقرية «كفر داود» التابعة لمركز السادات، حتى جاء الدكتور أحمد شيرين، محافظ المنوفية السابق، وقرر نقل المقلب بالكامل على مراحل وتطهير المنطقة، ورحل المحافظ السابق وتولى الدكتور هشام عبدالباسط، مقاليد الأمور بالمحافظة، وبالفعل تم أخذ الإجراءات اللازمة لنقل المقلب للمدفن الصحي، ونقلت بالفعل سيارات النظافة بالمحافظة، إلى المدفن، لكن دون فائدة لانعدام الرؤية وعدم وجود خطة استراتيجية علمية لإتمام عمليات النقل لأن سيارات النظافة الخاصة بالوحدات المحلية بالقرى لم تتوقف عن نقل النفايات وإلقائها بالمقلب وبالتالى كأن شيئا لم يكن، حتى توقفت عمليات النقل.
وقرر المحافظ هشام عبدالباسط، إسناد مهمة تطهير المنطقة ونقل الجبل إلى شركة صينية، وبالفعل قام وفد من دولة الصين بزيارة المقلب، إلا أنهم رفضوا العرض المقدم من المنوفية بعد زيارة أبوخريطة، بعدما وجدوا أن القمامة الموجودة ليست بحالتها، ولا تصلح للتدوير بعدما تم تجريدها من قبل «الفريزة» الموجودين بالمنطقة لبيعها والاستفادة منها كالنفايات الطبية والزجاجات والأشياء المعدنية.
وبالرغم من أن هناك تعليمات أصدرها اللواء هشام شادي، رئيس مركز ومدينة شبين الكوم، بمنع وجود الصحفيين والتصوير هناك طبقا لما قاله موظف المجلس الموجود بالمنطقة والمشرف على السيارات التى تدخل الجبل، وشهادة عامل آخر، موضحين أن التعليمات صريحة بضرورة الحصول على إذن من رئيس مجلس المدينة بالموافقة على الذهاب للجبل وتصويره.
إلا أن «روزاليوسف» استطاعت اختراق كل هذه الحواجز وذهبت إلى «جبل الموت» وهو بالفعل كذلك بعد أن شاهدنا كمية من الأدخنة التى حجبت الرؤية بشكل كبير، بالإضافة إلى انبعاث الروائح الكريهة، واشتعال الحرائق بأماكن متفرقة من الجبل، ومن هنا علمنا لماذا يتم منع الصحفيين والإعلاميين من الذهاب هناك حتى لا يتم فضح أمرهم وتجسيد معاناة أهالى المنطقة.
وحرصت «روزاليوسف» على التقاء الأهالى المتضررين، والمتواجدين بالقرب من جبل الموت، حيث اكتشفنا حجم المأساة التى يعيشها الجميع، وأدركنا كمية الأمراض التى أصابتهم وأطفالهم، فضلا عن انتشار الحشرات والحيوانات الضالة..
بداية يقول محمد جابر مصطفى قشقوش، أحد المزارعين بالمنطقة: إن الأرض الزراعية الخاصة به قد بارت وأصبحت لا تصلح للزراعة مرة ثانية بسبب تسريب المياه الملوثة من الجبل، محملا المسئولين بمحافظة المنوفية أسباب التبوير وخراب بيته على حد تعبيره، منوها إلى أن الحياة فى المنطقة لا تطاق ولا يستطيع بشر الاقتراب منها وليس العيش فيها.
أما ياسر عاشور سراج، أحد المتضررين، يلفت إلى أنه قام بتحرير محضر بقسم شرطة شبين الكوم فى 2013 ضد المسئولين بالمحافظة، وطالبهم خلاله بالتعويض بعد احتراق المواشى الخاصة به بسبب الحرائق التى اشتعلت بالجبل منذ 3 سنوات، وتم حفظ التحقيق، ولم يحصل على أى تعويضات.
ويستكمل إسماعيل الخولي، أحد المتضررين، قائلا: ذهبت برفقة عدد من الأهالى إلى قسم الشرطة لتحرير محاضر ضد المسئولين بعد تدهور الحالات الصحية لعدد كبير من سكان المنطقة بسبب جبل الموت وإهمال المسئولين بالمحافظة وعدم اهتمامهم بصحتنا، إلا أنه كأن شيئا لم يكن ولم يتم تحريك المحاضر المحررة، معربا عن تخوفه من انهيار الجبل فى أى لحظة على رءوس المارة.
وأفاد إبراهيم عبدالستار عرفة، أحد أبناء المنطقة، بأن السبب فى عدم نقل الجبل هو الدخل المادى الذى يدخل للمحافظة من جراء إلقاء الوحدات المحلية لقرى «البتانون - كفر البتانون - المصلحة - الماى شنوان» وجميع القرى التابعة لشبين الكوم، النفايات بالجبل، مضيفا: إن أرواح أهالى منطقة أبوخريطة هى ثمن وجود المقلب.
ويشير الحاج جابر مصطفى، إلى أنه ليست المحافظة فقط هى المستفيدة من عدم نقل المقلب، لكن هناك أيضا مافيا تسيطر على الجبل مكاسبها تتعدى آلاف الجنيهات يوميا جراء نبش القمامة الموجودة واستخراج النفايات الطبية والخردوات والأشياء المعدنية والبلاستيكية، مهددين أى احد من الاقتراب من المنطقة لأنها تعتبر مصدر رزقهم، فضلا عن قيام الأهالى أكثر من مرة بقطع الطريق أمام سيارات القمامة لمنعها من الوصول للجبل.
المأساة لم تقتصر فقط على أهالى المنطقة وتضررهم بل طالت أيضا العاملين بمنظومة النظافة بالوحدات المحلية بعدما صرح أحد سائقى سيارات النظافة التى تنقل النفايات للجبل لـ«روزاليوسف»، بأن المحافظة أهملت فى حمايتهم، بعدما حدث حالة وفاة لزميل لهم عندما انقلبت السيارة بهم وهم فى طريقهم لبلوغ الجبل، إلى جانب إصابة الكثير منهم بالأمراض الصدرية.
ويناشد أهالى المنطقة الرئيس عبدالفتاح السيسي، بضرورة حمايتهم وتكليف القوات المسلحة بإزالة الجبل بعدما فشلت القيادات التنفيذية بمحافظة المنوفية فى حلها على مر العصور.