السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مثقفون: إبداعات صلاح عبد الصبور كشفت المتاجرة بالإنسان والسلطة التى تقهر الإبداع

مثقفون: إبداعات صلاح عبد الصبور كشفت المتاجرة بالإنسان والسلطة التى تقهر الإبداع
مثقفون: إبداعات صلاح عبد الصبور كشفت المتاجرة بالإنسان والسلطة التى تقهر الإبداع




قال د. جابر عصفور، وزير الثقافة السابق، أن الشاعر الراحل صلاح عبد الصبور، شكل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى أن توفاه الله، بؤرة الاهتمام، ولا يزال أهم شاعر مصرى بعد أحمد شوقي.
وأجرى «عصفور»، خلال الفعالية الأولى من شخصية العام، عصر الجمعة الماضية، بعنوان «رؤى التجديد فى شعر صلاح عبدالصبور»، مماثلة بين الشاعرين عبدالصبور، وشوقى، معتبرًا أن كليهما لم يكتف بالشعر فحسب، بل خرج إلى عالم المسرح، وقدّم أعمالًا مسرحية قيّمة، ويكاد يكون نفس عدد المسرحيات الشعرية.
واعتبر «عصفور»، الفنان الكبير هو الذى يكون مختلفًا عما قبله وبعده، فيأتى ويصنع نوعًا من الفاصل عن ما قبله وبعده، وقال إن «عبد الصبور» شاعر غيّر الاتجاه والرؤية وتقنيات الشعر، ويصعب جدًا أن نقول أن هذا الشاعر أو ذاك ترك هذه الآثار التى تركها «عبد الصبور».
وتابع «عصفور»: «لقد غير الشعر العربى لأنه كان صاحب رؤية عميقة غير مسبوقة، تطرح تصورات عن الطبيعة والإنسان، فيها من عمق البصيرة، وفنية الشعر والإبداع ما يجعلها أن ترتفع عن غيرها من الرؤى».
ورأى «عصفور»، أن الشعر المصرى لم يجرؤ عن الحديث عن الله أو معه، لكن «عبد الصبور» فعل ذلك فى قصيدة «الحوارية»،  صوت الله وصوت الإنسان، والعلاقة بين الله والإنسان فى البداية كانت رموز صوفية، وفتح باب الشعر أمام التأملات الميتافيزيقية أمام العالم، وصلاح عبدالصبور، تتصل بطبيعة الإنسان ومدى قيمة الإنسان نفسه.
واعتبر، مؤلف «زمن الرواية»، أن المبدعين المصريين الوحيدين، نجيب محفوظ، وصلاح عبد الصبور، أدخلانا فى أسئلة وجودية، لم يجرؤ مبدع قبلهما على طرق هذا الباب، فاتحين بذلك أفقًا للإبداع العربى والمصري.
وأوضح «عصفور» أن شعره تميّز بالجرأة التى تجعله يطرق موضوعات محرمة، وعندما نصل إلى ديوانه «أحلام الفارس القديم»، انفتحت التجربة على مصراعيها.
وأطلق «عصفور» على صلاح عبدالصبور، لقب «الحكيم المحزون»، مبررًا ذلك بأن الظرف الاجتماعى والظرف السياسي، كان لديه نوعا من الحزن.
وبالنسبة للمسرح، تصوّر «عصفور» أن «صلاح عبد الصبور» كان لديه مشكلة المثقف، التى تتمثل فى الحاكم المستبد والمجتمع المتخلف، إذن ماذا يفعل المثقف فى هذا العالم؟، فقد تمسك «عبد الصبور» بالحرية والعدل، الذى وصفها بأنها نجمان مضيئان على الكفين.
وتطرق «عصفور» فى حديثه، إلى موقف صلاح عبدالصبور، من أزمة الديموقراطية سنة 1954، والتى اندلعت عقب الثورة، وكان عبدالناصر يرفض تطبيق الديمقراطية آنذاك، فعبر عبد الصبور عن الأزمة بقصيدة «عودة ذو الوجه الكئيب» فى هجاء عبدالناصر، واستخدم هذا العنوان الرمزي، وقصد الوجه الكئيب بالديكتاتورية والتسلط.
وطرح «عبد الصبور»، أسئلة شديدة الخطورة ليس على المستوى الميتافزيقي، والمستوى السياسي، فعبر عن المسكوت عنه باستخدام الرمز والقناع الفنى، بخلاف دوره فى النقد الشعرى والمسرح والرواية والقصة، فلم يقف عند كتابة المسرح والشعر فقط. وطالب عصفور الهيئة العامة للكتاب، بإعادة نشر أعمال صلاح عبدالصبور كاملة.
وفى تقديمه، للندوة، قال الشاعر أحمد الشهاوي، إننا نحتفل بالشاعر صلاح عبد الصبور، كأننا نحتفل بمرور ٦٠ سنة على إصدار ديوانه الأول «الناس فى بلادي» الصادر عام ١٩٥٧، مشيرًا إلى أنه شاعر حديث وهب حياته واجتهد حتى يصير شاعرًا له مذاقه وعالمه الخاص، فقد صفى لغته من كل فضول، وتعددت الأصوات فى شعره وفتح آفاقًا أخرى للكتابة حيث الهامش والمألوف متنًا.
وأكد «الشهاوي»، أن أعمال عبد الصبور لم تصدر كاملة حتى الآن، ولا تزال بعض نصوصه الشعرية وترجماته غير موجودة فى الهيئة العامة للكتاب.
ورأى «الشهاوى»، أن عبدالصبور صاحب لغة جديدة، انتصر لقيم جمالية وفنية مختلفة، ومن الخطأ أن يقرأ شعره فى تعجل، لأن نصه متعدد التأويل ولم تكن إضافته جمالية فقط بل له دور فى خلخلة دولة المعنى التقليدية، مبتعدًا عن الكتابة الشعرية المباشرة، واستطاع عبر ستة دواوين أن يبنى ويؤسس قمرًا شعريا له وجهان.
وأضاف، أن الشائعة تحجب ولا تقتل، والشائعة قد تكون شفاهيًة وقد تكون مكتوبة، وفى كتاب «قضايا الشعر المعاصر»، للشاعرة «نازك الملائكة»، كانت فى سبيل أن تنزع الريادة عن الشاعر صلاح عبد الصبور، فقد أخذت عليه، بحد قولها ركة الإيقاع وضعف البناء وتنفير السمع، وهذة المقولة التى هى بعيدة عن النقد وكونها تصدر من شاعرة ودارسة، حجبت صلاح عبدالصبور فترة من الزمن.
واعتبر د. «محمد سيد إسماعيل»، أن «عبد الصبور»، كان مسبوقًا إلى فعل التجديد، وما لا يعرفه البعض أنه كان فى بداياته الأولى قد رفض ما شاعت تسميته بـ«الشعر الحر» وسخر منه، وهو موقف فيما أرى يحسب لصلاح عب الصبور لا عليه، فقد كان يرى أن الشاعر ينضج على نار هادئة، بمعنى أن التطور يجب أن يكون نموًا طبيعيًا، والتجديد ليس قفزًا فى الهواء بل خطوات محسوبة وصابته، وهذا ما يفسر رأيه فى مصطلح الشعر الحر.
وفى كلمته، قال د.محمد عبدالله، أن «عبد الصبور» صاحب المفتاح الذى فتح لقصيدة التفعيلة الباب على مصراعيها، ولولاه ما سمعنا عن الشاعر «أحمد عبد المعطى حجازي»، ولم يجرؤ أحد أن يقف أمام «عباس العقاد»، فكان صوتا راصدًا لأدق الذبذبات التى عاشها الإنسان فى سبيل الكلمة، وكشفت إبداعاته المتاجرة  بالإنسان والسلطة التى تقهر الإبداع.