الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الموت على أعتاب المدابغ والسلخانة بـ«الفيوم»

الموت على أعتاب المدابغ والسلخانة بـ«الفيوم»
الموت على أعتاب المدابغ والسلخانة بـ«الفيوم»




الفيوم - حسين فتحى


يوما تلو الآخر تزداد معاناة سكان منطقتى المدابغ والسلخانة والشيخ حسن بمدينة الفيوم، نتيجة تسرب مخلفات المدابغ الجلدية التى أصبحت تتوسط الكتلة السكنية، خاصة أن المنطقة تم ضمها للحيز العمرانى وتحولت إلى عمارات وأبراج شاهقة، لكن هيهات من التجاهل والتعنت الحكومي، الذى نجح فى تحويل المنطقة إلى برك ومستنقعات ويحاصرها جيوش من الناموس والبعوض من كل جانب.
المنطقة تقع فى الجنوب الغربى لمدينة الفيوم وتجاور الطريق الدائرى الذى يربط الفيوم بمحافظات القاهرة والصعيد، علاوة على أن المنطقة أصبحت وسط العمران ولم تعد نائية كما كان وضعها منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
فى البداية يقول عيسى عزيز عيسى، موظف بمجلس مدينة الفيوم: إننى أقيم فى منطقة أرض ميخائيل منذ 7 سنوات بعد أن قمت ببناء منزل يأوينى أنا وأسرتى الكبيرة المكونة من 10 أفراد، خاصة أن لى 3 من أبنائى متزوجون ويعولون أطفالا صغار، وللأسف الشديد تحولت المنطقة الفضاء أمامنا إلى نهر من المياه الحمراء المخلوطة بالدماء والصودا الكاوية التى تجذب البعوض والناموس الذى يهدد سكان المنطقة بالرغم من أننا فى فصل الشتاء.
ويلفت عصام محمد محمود، تاجر، إلى أن أهالى المنطقة الذين يصل عددهم إلى نحو 15 ألف مواطن يذهبون لأطباء الحميات بشكل مستمر نتيجة إصابتهم بأمراض الإسهال والحساسية الصدرية بسبب اقتحام جيوش البعوض منازلهم، وهو الأمر الذى يعرضهم وأطفالهم للخطر.
ويشير إلى أن الفلاحين قاموا بإغلاق المصرف أمام أراضيهم منعا لقيام المواشى بالشرب من المياه الملوثة بالصودا الكاوية ودماء الجلود التى أدت بالفعل إلى نفوق عشرات المواشى وقطعان الماعز، ما عرضهم إلى خسائر فادحة، وهو ما وصفوه بأنه «خراب بيوت مستعجل».
عيد على رمضان، بالمعاش، يؤكد أنه يعيش هو وأحفاده مهددين يوميا بسبب تآكل الطبقة الأسمنتية وحديد التسليح بسقوط منازلنا نتيجة مادة الصودا الكاوية، مطالبا الدكتور جمال سامي، محافظ الفيوم، بضرورة القيام بزيارة المنطقة ولو مرة واحدة ليرى المأساة التى يتعرض لها الأهالى على الطبيعة.
أما تامر حمدى محمود، مدرس، فيقول: تقدمت بشكوى إلى رئيس مجلس الوزراء، ووزير البيئة، ومحافظ الفيوم السابق، تضررنا خلالها من تلك المأساة, وأبدينا فيها أيضا مدى المعاناة التى نعيشها، لكن للأسف حتى الآن لم يسأل أحد ولم يلتفت إلينا أى مسئول، ليتركوا الجميع يصارع الموت أو المرض.
ويضيف: لم يعد أمامنا سوى الذهاب إلى قصر الاتحادية للشكوى للرئيس عبدالفتاح السيسي، حتى يهتم بنا أحد ويرحمنا من العذاب الذى نعيشه يوميا، رغم أن أبسط حقوقنا أن نعيش فى محيط آدمى لا يصدر لقاطنيه الأمراض خاصة المزمنة منها.
روبى إمام نصر، فلاح، يقول: منزلى منخفض عن سطح المصرف حوالى متر، الأمر الذى أدى إلى غرق المنزل بالمياه الملوثة وتسبب أيضا فى إصابتى بقدمى نتيجة الملوثات وبقايا الصودا الكاوية التى تضرب أرضية المنزل بأكمله.
ويؤكد يونان شاكر، بالمعاش، أن منطقة المدابغ تم نقلها للمنطقة منذ ستينيات القرن الماضي، حيث كانت تجاور السلخانة التى تم نقلها إلى صحراء العزب قبل ثورة 25 يناير، وصدر قرار الدكتور عبدالرحيم شحاتة، محافظ الفيوم الأسبق، بوقف العمل بمنطقة المدابغ وإلغاء ترخيصها، بالإضافة إلى المطالبة بنقلها من وسط الكتلة السكنية لخطورتها على المواطنين وهو القرار الذى لم ينفذ منذ أكثر من 25 عاما.
وينوه أكرم يوسف، تاجر سيارات، إلى أن أصحاب المدابغ أنفسهم يطالبون بنقلها إلى المنطقة الصحراوية الشاسعة على طريق أسيوط الغرب أو صحراء العزب خلف سوق الثلاثاء رحمة بأبنائهم الذين أصبحوا ضيوفا دائمين لدى أطباء الباطنة والحميات نتيجة الروائح الكريهة التى تنبعث من المنطقة.
ويلفت على عيد، فلاح، إلى أن أغلب أهالى المنطقة يبحثون عن مكان آخر وبيع منازلهم حتى لا يتعرضوا للموت نتيجة إصابتهم بأمراض الحساسية والأمراض المتوطنة التى أصابت العشرات من أبناء المنطقة.
ويشير محمد الأخرس، صاحب مدابغ، إلى أن نقل المدابغ هو الحل الأمثل، خاصة أن هناك حوالى 15 مدبغة يجب نقلها إلى المنطقة الصحراوية وإعادة تأهيل المنطقة، خاصة أنه لم يعد هناك خطوط صرف صحى تستوعب ما تخلفه صناعة الجلود التى تستوجب وجود نظام صرف جديد ليس متوفرا حاليا بمدينة الفيوم، بالإضافة إلى تلاشى المصرف الذى كان أصحاب المدابغ يعتمدون عليه فى صرف بقايا عملية الدبغ.
ويرى إسماعيل فؤاد، رئيس مجلس إدارة جمعية تنمية مجتمع بمدينة الفيوم، أن أصحاب المدابغ يقومون بجمع مخلفاتهم وبقايا الجلود ويقومون بإلقائها فى الصرف الصحى الذى أدى إلى انسداد الخطوط وغرق المنازل والزراعات التى هلك منها ما يقرب من 20 فدانا من القمح بخلاف البرسيم والخضروات وهو ما يعتبر كارثة بيئية تحتاج سرعة التدخل من أجهزة المحافظة حتى لا تتفاقم وتحدث كارثة لعشرات الآلاف من السكان.
المهندس هشام والى، عضو مجلس النواب عن دائرة بندر الفيوم، يؤكد أنه سيتقدم بطلب إحاطة لرئيس مجلس الوزراء عن معاناة أهالى منطقة المدابغ وضرورية وجود آلية لنقل المدابغ من مكانها الحالى الذى يتوسط الكتلة السكنية، حيث لم يعد مناسبا وجود مدابغ وسط العمران.