الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

صحة «السوايفة» تحت رحمة مصانع «بير السلم»

صحة «السوايفة» تحت رحمة مصانع «بير السلم»
صحة «السوايفة» تحت رحمة مصانع «بير السلم»




بنى سويف – مصطفى عرفة

نجحت منتجات «بير السلم» فى السيطرة على الأسواق ببنى سويف، وتسببت الارتفاعات القياسية المتزايدة فى أسعار المواد الغذائية نتيجة تعويم الدولار فى انتشار السلع المجهولة والفاسدة، فضلا عن أن الأرقام والإحصاءات تؤكد أن الصناعات العشوائية تضم مئات المنشآت ويعمل بها آلاف المواطنين، ما جعل منتجات هذه المصانع تسيطر على مساحة كبيرة من الأسواق فى مدن وقرى المحافظة.
ناهيك أن علامات السيطرة والانتشار تأتى متمثلة فى قيام المصانع فى تقليد ماركات شركات شهيرة عالميا ومحليا واتخاذ هذا التقليد كستار للغش وعدم الجودة والإخلال بالمواصفات القياسية، وقد تفاجئ الأهالى بقيام هذه المصانع السرية برفع قيمة أسعار منتجاتها تماشيا مع موجة ارتفاع أسعار كل شيء فى مصر.
وقد ارتفع عدد محاضر وقضايا الغش التجارى إلى 300 محضر فيما تم إعدام نحو 9 آلاف طن أغذية ومشروبات فاسدة ومجهولة المصدر ومنتهية الصلاحية تنوعت ما بين «دقيق بلدى - أرز - سكر - قمح - مكرونة - زيت طعام - سكر - لحوم - دواجن - ملح طعام» كما تم تنفيذ 95 حكم غرامات.
ويوضح محمد أحمد، عضو الغرفة التجارية ببنى سويف، أنه على الرغم من أن مصانع بير السلم تعمل فى الخفاء ولا تتعرض لأية ضرائب أو رسوم خاصة بسداد مستحقات الصناعة وبالتالى فإنها تحصل على المواد الخام بأسعار أقل إلا أن الجشع المسيطر عليهم نظرا لأنهم يبالغون فى تقدير أسعار السلع التى ينتجونها رغم إنها غير مطابقة للمواصفات وبالتالى يصبح المستهلك عرضة للمخاطر الصحية التى تنجم عن تناول هذه المنتجات.
ويتعجب المهندس صلاح عزمي: للأسف الشديد أن أجهزة الرقابة تقف عاجزة عن التصدى لهذه الظاهرة، نظرا لأن مصانع بير السلم تمارس أعمالها دون أية مضايقات ويحقق أصحابها أرباحا خيالية نتيجة بيعهم للمنتجات بهامش ربح مرتفع للغاية، مطالبا الأجهزة الرقابية والصحية بمختلف أنواعها بالقيام بدورها المعتاد فى مراقبة الأسواق حرصا على صحة المواطنين من جهة، وإعادة التوازن والضبط للأسواق من جهة أخرى، بحيث يتم القضاء تماما على الممارسات غير المشروعة التى تقوم بها تلك المصانع.
ويشير محروس أبوزيد، أعمال حرة، إلى أن مصانع بير السلم انتشرت فى بنى سويف انتشار النار فى الهشيم فبعد أن تم تحويل أكثر من 75% من الأدوار الأولى بالمنشآت العقارية إلى محلات تجارية لبيع الملابس والأحذية والإكسسوارات التفت البعض الآخر إلى تحويل الجراجات وأبيار السلالم بالمنازل إلى مصانع عشوائية لتجميع وتعبئة المواد الغذائية باستخدام ماركات عالمية ومحلية وإعادة بيعها بأسعار أقل نوعا فى الأسواق دون النظر إلى خطورة تلك المنتجات على الصحة العامة.
ويؤكد محمد حلمي، عامل بأحد مطاعم الفول والطعمية ببنى سويف، أن عددا كبيرا من العاملين بتلك المصانع السرية، خاصة مصانع الشيبسى يتهافتون على شراء مخلفات زيوت طهى الطعمية ويأتون فى ساعات متأخرة من الليل لشراء الزيوت فى براميل يتم تجميعها طوال اليوم، والغريب أن ترى مزادًا ينصب للبيع بأعلى سعر وفيهم من يعرض دفع رشوة لتحجز له الزيوت.
ويشير محمد عبدالله، باحث دراسات عليا فى الدراسات الاقتصادية، إلى أن صناعات بير السلم هى أحد أشكال الاقتصاد الخفى وهى صناعات عشوائية تفتقر أى ضوابط أو ضمانات للجودة البيئية والصحية ولا تقف فقط عند خسارة الدولة لمليارات الجنيهات التى تنفقها لعلاج الأمراض الناتجة عنها.
ويتابع: إن الممارسين لهذا النوع من الاقتصاد ليس لديهم أى التزامات مالية أو ضريبية تجاه الدولة لأنهم غير مسجلين لدى الجهات الرسمية، مشيرا إلى أن التنامى فى هذه الصناعات قد يؤدى إلى توقف بعض المصانع المسجلة لدى الدولة لأن منتجات بير السلم تدخل كمنافس شرس لمنتجات المصانع الرسمية وغالبا ما تكون منتجات بير السلم أرخص نوعا ويزيد من حدة المشكلة الثقافة الاستهلاكية للمصريين التى تميل إلى تفضيل المنتج الأرخص سعرا على حساب الجودة، مطالبا باستيعاب هذه المصانع وتشديد الرقابة عليها ولا مانع من إجراء تدريب تحويلى لأصحابها والعاملين بها لضمها إلى اقتصاد الدولة خاصة أن العاملين بها يتقاضون رواتب هزيلة.
إلى ذلك كشف أحد أعضاء الغرفة التجارية ببنى سويف، الذى فضل عدم ذكر اسمه، عن أن 75% من منتجات الغذاء الموجودة فى الأسواق عشوائية وتنتجها مصانع تعمل فى الظلام ما يمثل خطورة كبيرة على صحة وسلامة المواطنين، لافتا إلى أن الأجهزة الرقابية تتعامل بمبدأ «اضرب المربوط يخاف السايب»، حيث تقوم بتشديد الرقابة على المصانع الملتزمة التى تعمل فى إطار شرعى وقانونى ونسبتها 25% فى حين تترك 75% من المصانع العشوائية بلا رقابة أو تطبيق اشتراطات صحية مهنية، محذرا من أن الارتفاعات المستمرة فى أسعار الغذاء ستساهم فى تفاقم أزمة مصانع بير السلم لأن المستهلكين من محدودى الدخل يبحثون عن المنتجات الرخيصة.
الأجهزة الرقابية ببنى سويف وعلى رأسها الرقابة الإدارية، ومباحث التموين، والتفتيش على الأغذية بمديرية الصحة، ولجان المتابعة بديوان عام المحافظة، والوحدات المحلية بالمدن والمراكز، فتحت ما يشبه معسكرًا لمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة، حيث تتوالى الحملات التفتيشية اليومية، التى تمكنت من تحرير 300 قضية غش تجارى وإعدام 9 آلاف طن أغذية ومشروبات فاسدة فى 3 أشهر بقرارات مباشرة من النيابة العامة.
المحاسب محسن فرغلي، مدير عام مديرية التموين والتجارة الداخلية ببنى سويف، قال: إن حرية الأسواق لا تعنى الفوضى ولا يلغى دور الدولة ممثلة فى الأجهزة الرقابية فى تنظيم ومراقبة الأسواق، مشددا على ضرورة تكثيف الحملات التفتيشية لمواجهة ظاهرة المصانع العشوائية، منوها إلى أن الحملات لا تتوقف ليل نهار.
وكشفت الدكتورة أمنية حسن، مدير إدارة الطب الوقائى بمديرية الصحة، عن أنه تم إعدام 7771 كيلو جرام مواد غذائية، و1439 لتر مشروبات متنوعة فاسدة، تم ضبطها بمختلف مراكز وقرى المحافظة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، فضلا عن تحرير مئات المحاضر للسلع والمنتجات مجهولة المصدر والفاسدة لتجفيف منابع مصانع بير السلم.