الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«القومى للترجمة» يصدر النسخة العربية لـ«فوبيا الإسلام والسياسة الإمبريالية»

«القومى للترجمة» يصدر النسخة العربية لـ«فوبيا الإسلام والسياسة الإمبريالية»
«القومى للترجمة» يصدر النسخة العربية لـ«فوبيا الإسلام والسياسة الإمبريالية»




كتبت - ابتهال مخلوف

تأتى الترجمة العربية لكتاب «فوبيا الإسلام والسياسة الإمبريالية» للكاتبة والأكاديمية «ديبا كومار»، الصادرة عن المركز القومى للترجمة، فى وقت يمثل ذروة ظاهرة «الإسلاموفوبيا» فى الغرب بسبب تهديدات تنظيم «داعش»، لأهداف فى كل دول العالم، ولتصاعد نبرة الخطاب اليمينى والشعبوى فى أوروبا وأمريكا.. خاصة مع بدء فترة رئاسة «دونالد ترامب» الرئيس الأمريكى الجديد بقرار منع مواطنى سبع دول ذات أغلبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة.
و«ديبا كومار» هى أستاذ مساعد فى دراسات الإعلام ودراسات الشرق الأوسط بجامعة «روتجرز» الأمريكية، وهى من أصول هندية ولها إسهامات عديدة فى وسائل الإعلام المختلفة، ومن مؤلفاتها الأخرى «خارج الصندوق: الإعلام المؤسسى، العولمة وإضراب (يو بى اس)».
وتعتبر المترجمة القديرة «أمانى فهمى» التى اضطلعت بترجمته عن الإنجليزية، أول مصرية تتولى رئاسة إدارة الترجمة العربية فى الأمم المتحدة عام 2000.
جاء الكتاب ثمرة جهد عشر سنوات من العمل مع النشطاء ضد الحرب فى أنحاء أمريكا، وما أثارته مقالات الكاتبة حول فوبيا الإسلام وكانت البذرة التى أفرزت فكرته هى أحداث سبتمبر عام 2001 وما أعقبها من حرب الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش الابن على الإرهاب، وجاءت ثورات الربيع العربى عام 2011 لتنتهى «كومار» من كتابة مؤلفها.
تجزم «ديبا كومار» أن صعود ظاهرة الإسلام فوبيا» ونزعة العداء للإسلام لم تكن ثمرة لأحداث 11 سبتمبر.
■ الباب الأول
تتبعت الكاتبة فى الباب الأول المقسم لثلاثة فصولـ العلاقة التاريخية بين العداء للإسلام وأجندة بناء الإمبريالية الغربية منذ اللحظات التى بدأ فيها الغرب فى تصوير المسلمين على أنهم يمثلون تهديدًا لأوروبا فى القرن الحادى عشرة مع الحروب الصليبية ونهاية الحضارة الأندلسية فى شبه الجزيرة الإيبرية.
وسعت عبر تفنيد خطاب النخبة السياسية الحاكمة فى أوروبا وأكاذيب المستشرقين ضد الإسلام، حينذاك، لوضع صورة الإسلام فى أوروبا فى سياقها الصحيح وتشير هنا بأصبع الاتهام للنخبة الحاكمة وأطماعها.
■ الباب الثانى
استعرض الكتاب الإسلام السياسى وسياسة الولايات المتحدة، مقدمًا تحليلاً تاريخيًا للإسلام السياسى والعلاقة بين الخارجية الأمريكية والتهديد الإسلامى والصلة الإسرائيلية، وترى مؤلفته أن لغة «الإسلامو فوبيا» التى تطورت فى سياق الاستعمار الأوروبى للشرق الأوسط استمرت حتى الوقت الراهن فى أمريكا.
تجزم «ديبا كومار» بأن اللعب على وتر العداء والخوف من الإسلام ليس له علاقة من قريب أو بعيد بالأديان أنما هو ورقة رابحة فى يد صناع السياسة الأمريكية، مثل رجال الكنيسة إبان الحروب الصليبية، لتعطى مبررًا أخلاقيًا لدوافع السياسة الخارجية والداخلية مثل غزو أفغانستان والعراق. وتدلل على ذلك بأن الإدارات الأمريكية المتعاقبة تعاملت مع الأحزاب والحركات الإسلامية بانفصام تارة كأعداء وتارة أخرى كحلفاء مثل المجاهدين إبان الغزو الروسى لأفغانستان.
■ الباب الثالث
ناقشت الكاتبة فوبيا الإسلام والسياسة الداخلية الأمريكية من خلال استعراض شرعنة العنصرية ضد المسلمين والتعدى على الحريات المدنية، كما تناولت ما أطلقت عليه «الرعب الأخضر»: صنع العدو المسلم الداخلى، وفى هذا الباب تبرز دور إدارة الرئيس السابق باراك أوباما فى إصابة المسلمين فى الداخل والخارج بخيبة أمل من سياساته التى غذت ظاهرة العداء للإسلام من أجل عيون الإمبريالية، مثل اتباعه لأجندة سياسة بوش الخارجية ورفع عدد الجنود الأمريكيين فى أفغانستان بـ30 ألف جندى إضافي، ومد نطاق غارات الطائرات بدون طيار إلى اليمن والصومال مع باكستان وأفغانستان.
والأشد خطرًا أن أوباما أصدر قانونًا يتيح اعتقال المواطنين الأمريكيين المشتبه فيهم بتهم إرهابية بدون محاكمة.
وتعتبر «كومار» أن سعى أوباما لمشاركة المسلمين «الأخيار» المتعاونين مع أهداف الإمبريالية جاء بنتائج كارثية تمثلت فى تحولهم على أرض الواقع إلى مخبرين ضد أبناء دينهم مثل فترة «المكارثية» فى أمريكا.
وتتناول هنا بالتفصيل الجدل الذى اندلع على يد اليمنيين بشأن مسجد «جراوند زيرو»  قرب موقع برجى مركز التجارة العالمى لتقود القارئ فى الجزء الأخير إلى ارتفاع وتيرة فوبيا الإسلام وتنامى دور الكارثية الجديدة والمحافظين الجدد المسلحين بشعارات مثل «الأشرار والفاشيون» لوصف المسلمين والمتعطشين لجعل الإسلام الأخضر هو العدو بعد انتهاء الحرب الباردة مع المعسكر الشرقي.
وربما يعتبر هذا الجزء من الكتاب الذى صدرت طبعته الأولى عام 2012 بمثابة تفسير مبكر لفوز «دونالد ترامب» فى الانتخابات الأمريكية نوفمبر 2016 مؤيدًا من اليمنيين والمحافظين الجدد.
■ الخاتمة
تختتم «كومار» مؤلفها بتلمس الضوء فى نهاية نفق الصور النمطية المتحيز ضد الإسلام والمسلمين فى آلة الإعلام الغربى الجبارة بدعوتها للشعب الأمريكى ومناهضى الحروب والعنف بإلقاء «الإسلاموفوبيا» فى مزبلة التاريخ.
ختامًا، تمثل الطبعة العربية من كتاب «فوبيا الإسلام والسياسة الإمبريالية» إضافة مهمة يجب على العاملين فى الإعلام والمفكرين والدبلوماسيين فى عالمنا العربى أن يطلعوا عليه حتى لا يصيروا صدى طنانًا لأكاذيب الميديا الغربية وما تصدره من صورة نمطية عن الإسلام خاصة مع قرارات الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» بحظر دخول مواطنى سبع دول عربية وإسلامية من دخول أمريكا، ومع ما يبثه تنظيم داعش من سموم عبر عملياته الإرهابية ضد الغرب والمسلمين على حد سواء.
لكن ما يثير علامة استفهام أن غلاف الكتاب فى طبعته الأجنبية اقتصر على رسم لمئذنة تعلوها طائرة فى منتصف الغلاف الذى تسود فيه الخلفية البيضاء، بينما أضيف إليه فى الطبعة العربية رسم لشخص ملتحى، التهم مساحة كبيرة من الغلاف، يعتمر «طاقية» الصلاة ويحمل كتابًا يرمز للقرآن الكريم بيد حمراء مخضبة بلون الدم بما يحمل دلالات سلبية.
ومع ذلك يظل الكتاب إضافة مهمة نحتاجها خاصة لفهم أبعاد السياسة الأمريكية الجديدة التى تسعى لدعم المحافظين الجدد وتنبع توجهاتها من مصالحهم.