الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

باحث: النظافة احتلت أهمية كبرى لدى الفراعنة

باحث: النظافة احتلت أهمية كبرى لدى الفراعنة
باحث: النظافة احتلت أهمية كبرى لدى الفراعنة




 كتب - علاء الدين ظاهر


 قال مؤمن سعد محمد كبير مفتشى البحث العلمى بمنطقة اثار الكرنك إنه يخرج علينا من حين لآخر أشخاص يطلقون مهاترات عن الحضارة المصرية القديمة التى تعد اعرق حضارات الارض قاطبة، مشيرا إلى أنه لن يقف اصحاب الاغراض الدنيئة ومعدومى الثقافة عن الهجوم على حضارة مصر ابدا،والرد عليهم مهم لتصحيح المفاهيم للناس المحبين لحضارة مصر بكل تفاصيلها.
 جاء ذلك ردا على تقرير نشره موقع اجنبى يزعم على الفراعنة أن القمل كان منتشرا بينهم ولذلك ظهروا فى أغلب صورهم ومنحوتاتهم حليقى الرءوس، وأن التحرش بالنساء كان منتشرا بينهم، وأن الفراعنة كانوا بدناء بشكل مقزز واختبارات الخصوبة المصرية كانت مثيرة للاشمئزاز والملك توت عنخ آمون دفن وقضيبه منتصب، وغيرها من الأشياء التى وصفها علماء الآثار والعاملون بها أنها «تفاهات».
وتابع: الحضارة المصرية سطرت علوم الانسانية وسجلت تاريخا كبيرا وحافلا، والمتبحر فى علوم المصريات يدرك ان العالم كله كان فى ظلام وبدائية،فى حين المصريون ادركوا وجود خالق امنوا به وبالبعث والخلود وادركوا السمو الاخلاقى، وهذا النوع من الهجوم على الحضارة المصرية يمثل هجوم اصحاب اللاهوية على أهل الهوية.
 وردا على ان القمل  كان منتشراً بغزارة مما دعا المصريين لحلاقة شعورهم،قال مؤمن سعد إن هيرودوت أكد بمعلوماته أن قدماء المصريين هم الشعب الأكثر نظافة وايمانا وصحة، ولدينا لوحة من الحجر الجيرى تعود الى عصر الدولة الحديثة وجدت فى سقارة وتعرض حاليا بمتحف برلين، هذه اللوحة تصور لنا طقوس التطهر بالماء والتعطر بالبخور التى يقوم بها الكهنة فى المعابد، حيث كانت النظافة تحتل أهمية كبرى فى الحضارة المصرية القديمة.
 وتابع: كان قدماء المصريون  معروفين بحبهم الشديد للنظافة، فقد استقر فى ضمير المصرى القديم أن الشخص الأنظف هو الأقرب للاله، لذلك كان قدماء المصريون دائما نظيفى الجسد وملابسهم نظيفة وناصعة البياض، وكان هذا هو الحال بالنسبة لأفراد الشعب العاديين، أما الكهنة فقد فاق اهتمامهم بالنظافة كل الحدود المتعارف عليها، لدرجة أن عدد مرات الاستحمام بالنسبة للكاهن كانت تصل الى 5 مرات فى اليوم، لذلك كانت كل معابد مصر القديمة تحتوى على بحيرة مقدسة لتوفير المياه بشكل دائم بالقدر الذى يكفى طقوس النظافة المبالغ فيها.
 وردا على ان الملك توت عنخ آمون دُفن بقضيب منتصب، يقول إن د.سليمة اكرام الأستاذة فى الجامعة الأمريكية فى القاهرة متخصصة دراسة العظام البشرية، وقد نشرت فى 2014 مقالا عن توت عنخ امون، واثبتت ان هناك مغزى دينيًا وسياسيًا لاستخدام هذا الاسلوب غير العادى فى تحنيط الملوك، ولا يخرج عن كونه رمزية دينية وسياسية لحدث زمنى خاص، وليس صفة عامة تصبغ على الملوك المصريين.
 وتابع: كشفت الدراسة أن توت تم تحنيطه بأسلوب غير عادى، حيث تمّ وضع عضوه الذكرى فى وضع انتصاب بـ90 درجة، ووفقا للدراسة فإنّ الهدف من ذلك المساعدة فى وأد ثورة دينية أطلقها والده، ووفق إكرام فإنّ انتصاب العضو الذكرى يدل على مقاومة دينية فى العهود القديمة. وأضافت: وكانت محاولة لتقريب الملك الشاب من الإله أوزيريس الذى يعد إله البعث والحساب وهو الذى كان يحاكم الموتى، ووفقا للرواية القديمة فإنّ القضيب يدل على قوة أوزيريس فيما يتعلق بالتجدد.
 وفيما يتعلق بقضية التحرش بالنساء، قال مؤمن سعد: الحضارة المصرية القديمة قدرت المرأة حق قدرها، والمرحوم العالم الجليل الدكتور عبد الحليم نور الدين أكد أن المرأة نالت من الالقاب الكثيرة التى تعبر عن دورها الجليل فى الحضارة المصرية ومنها «المنقذة والعارفة، قوية الساعد، القابضة على الارضيين، سيدة التجلى، الموقرة لدى زوجها،صاحبة العظمة» وغيرها،أى أن المصرى القديم عرف قيمة المراة وقدرها حق قدرها واباح التعددية أى الزواج بأكثر من امرأة، والذى كان لا يرى فيه أى إهانة للمرأة.
 وتابع: كما عرف الطلاق وشدد على جريمة الزنى، وكان الطلاق جزاءً مدنيًا فى حالة وقوع الزنى من أحد المتزوجين سواء كان الزوج أو الزوجة، وكانت عقوبة جريمة الزنى هى قطع الأنف بالنسبة للمرأة الزانية والجلد بالنسبة للرجل ألف جلدة، وكان يميز بين فعل الزنى وهتك العرض أو الاغتصاب،إذ يقرر أن الزنى لو تم بالغصب أو بالعنف كان الجزاء يتمثل فى قطع الأجهزة التناسلية «العضو التناسلى»، أما لو تم بدون عنف فإن الرجل الزانى كان يجلد ألف جلدة والمرأة الزانية تقطع أنفها،وكانت جرائم الاغتصاب والزنا عقوبتهما تصل إلى الإعدام، والتحرش كان يواجه نفس العقوبة ولو لم يرتكب فعلًا الذنب الآثم، مما يؤكد على رغبة المجتمع المصرى القديم فى الحفاظ على جنسيتهم وسلالتهم.
ولا يعنى وجود حفلات للنبلاء ومأدبهم بها بعض الممارسات الجنسية المحتملة أن المجتمع كله كذلك، فتظهر لنا مناظر الحفلات التى تعود للدولة الحديثة ارتداء الرجال والنساء لملابس شفافة، كما كان يشارك فى الرقص والتسلية راقصات عاريات تماما او شبه عاريات وربما كان بعضهم بغايا، واحتمال ان وضع هذه المناظر العارية على جدران المقابر كان لأغراض جنائزية للحفاظ على القدرة الجنسية والخصوبة للمتوفى فى العالم الآخر،ومدينة العمال فى دير المدينة بالأقصر من اغنى الأماكن التى امدتنا بوثائق نعرف من خلالها الكثير عن الحياة الجنسية للمصريين القدماء.
 وأشار إلى أن اكتشاف وسائل منع الحمل يضيف للحضارة ولا ينتقص منها، وتعد من اهم الأدلة على اهتمام المصريين القدماء بالجنس من أجل المتعة وليس فقط انجاب الأطفال، وهو ابتكارهم لبعض الوسائل الفعالة لمنع الحمل، وكانت احدى هذه الطرق خلط روث التمساح بالصمغ ببذور السنط والعسل وبذور الصوف المبللة، ويصنع من هذا الخليط لبوس يتم وضعه فى المهبل، وذكرت هذه الطريقة فى بردية ايبرس الطبية وربما كانت ناجحة فعلا، حيث إن معدل الحموضة العالية الموجود فى روث التمساح ربما يقوم بقتل الحيوانات المنوية مما يمنع الحمل، وتجدر الإشارة إلى مدى رقى الفكر المصرى الذى نستشفه من اكتشاف وسائل لمنع الحمل فى حين أن الحضارات المجاورة لم تدركه.