الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

خصخصة الأندية الرياضية

خصخصة الأندية الرياضية
خصخصة الأندية الرياضية




أحمد عبده طرابيك  يكتب:
هل من الممكن خصخصة الأندية الرياضية الكبرى فى مصر مثل الأهلى، الزمالك، الإسماعيلى، الاتحاد، المصرى، وغيره؟
قد تكون فكرة خصخصة الأندية الرياضية، خاصة الكبرى منها، من الأمور التى لم تحظ بكثير من الدراسة والاهتمام، سواء على المستوى الرياضى أو الاقتصادى، فلقد سارت مصر مشواراً طويلاً فى طريق الخصخصة، الذى شمل الكثير من الشركات والمؤسسات.
أصبحت الألعاب الرياضية، خاصة كرة القدم، صناعة رائجة، لها علومها الخاصة بها، ورجال أعمال ومستثمرون متخصصون فى الاستثمار الرياضى وما يتعلق به من أنشطة، لذلك، دخلت الرياضة عالم الاحتراف، ليس الاحتراف بالمفهوم الرياضى وحسب، بل الاحتراف بالمفهوم الاقتصادى أيضاً، أى بحسابات الربح والخسارة، وكيفية الاستثمار فى تلك الصناعة، ولذلك لابد من إدارة هذا القطاع بعقلية احترافية متخصصة، وليس من خلال الهواة، الباحثين عن الوجاهة الاجتماعية، والأضواء الإعلامية والشهرة لتحقيق مكاسب شخصية بعلاقاتهم الاجتماعية وشهرتهم التى يحصلون عليها دون مقابل.
 أعرق الأندية العالمية، وأقوى الدوريات الأوروبية بات عمادها الآن الأندية الخاصة القائمة على الاستثمار المحلى والأجنبى على حد سواء، الأمر الذى انعكس بشكل كبير على رياضة كرة القدم من الناحيتين الفنية والاقتصادية، ففى الموسم الرياضى الماضى 2015 / 2016، فاز نادى «ليستر سيتى» البريطانى ببطولة الدورى الإنجليزى لكرة القدم لأول مرة فى تاريخه، رغم أن النادى تأسس عام 1884، وهو ما لم يكن يتوقعه أحد من المحللين الرياضيين فى بداية الموسم الرياضى على الإطلاق، وهو النادى الذى يمتلكه رجل الأعمال التايلاندى «فيشاى سريفادانا برابا»، ولم تقتصر الملكية الخاصة لهذا النادى وحسب، بل جميع الأندية البريطانية، والشهيرة منها بشكل خاص مملوكة لمستثمرين بريطانيين وأجانب، فعلى سبيل المثال، نادى تشيلسى يملكه الروسى رومان أبراموفيتش، فولهام للباكستانى شهيد خان، أستون فيلا للأمريكى راندى ليرنير، وتطول القائمة لتشمل جميع الأندية البريطانية، وقد دخل المستثمرون العرب فى هذا المجال، حيث يمتلك الإماراتى الشيخ منصور بن زايد آل نهاين نادى مانشستر سيتى.
وإذا انتقلنا إلى الأندية الإيطالية سنجد رئيس الوزراء الايطالى الأسبق سيليفيو بيرلسكونى الذى يمتلك نادى إيه سى ميلان، نادى روما الذى يلعب له النجم المصرى وتملكه شركة إن إى إى بى روما القابضة، ونادى سامبدوريا ويملكه ماسيمو فيريرو، نادى لاتسيو يملكه كلاوديو لوتيتو، والقائمة تطول لتشمل جميع الأندية الإيطالية. وكذلك الحال فى إسبانيا حيث أغنى الأندية، وأقوى دورى لكرة القدم فى العالم، وغيرها من الأندية العالمية.
تدفقت الاستثمارات العربية بشكل كبير فى قطاع كرة القدم فى السنوات الأخيرة، حيث امتلك عدد كبير من رجال الأعمال والأمراء العرب العديد من الأندية الشهيرة فى العالم، منهم الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، الذى يمتلك نادى مانشيستر سيتى البريطانى، وميلبورن الأسترالى، ونيويورك سيتى الأمريكي، أما شركة قطر للاستثمارات فتمتلك نادرى باريس سان جيرمان، والشيخ عبد الله بن ناصر الأحمد آل ثاني، فيمتلك نادى ملقا الإسباني، وتمتلك عائلة آل مكتوم نادى خيتافى الإسبانى، أما نادى ميونخ 1860 الألمانى فيمتلكه رجل الأعمال الأردنى حسين إسميك، ونادى فولهام البريطانى يمتلكه المصرى محمد الفايد، ويمتلك نادى ليرس البلجيكى المصرى ماجد سامى الذى يمتلك نادى وادى دجلة أيضا، وغيرهم من رجال الأعمال العرب فى هذا المجال الرياضى.
تحظى كرة القدم المصرية بأهمية كبيرة فى مصر والعالم العربي، حيث للأندية المصرية، خاصة ناديى الأهلى والزمالك شهرة كبيرة، واللذان يحظيان بسمعة طيبة واستقبال حار عندما يلعبان أو أى منهما فى إحدى الدول الخليجية، ومن ثم يمكن توظيف استثمارات عربية كبيرة فى هذا القطاع، الذى من المؤكد أنه سيشهد ازدهاراً كبيراً، حيث تلعب الاستثمارات دوراً كبيراً فى تطوير مستوى اللعبة، والارتقاء بالمستوى الفنى لكرة القدم المصرية من خلال الخبراء والمدربين، واستقطاب لاعبين على مستويات عالية تزيد من مستوى المنافسة، إلى جانب تطوير الإدارة الرياضية، والأجهزة التدريبية.
أما على المستوى الاقتصادى فإن دخول قطاع الرياضة مجال الاستثمار، فإنه سينعكس بشكل كبير على قطاع السياحة كما ونوعاً، حيث تتدفق شرائح جديدة من السياح «السياحة الرياضية» خاصة من الدول العربية لمشاهدة نجوم اللعبة، والاستمتاع بالمنافسات القوية، إلى جانب الترويج لقطاع السياحة بشكل عام من خلال حملات الدعاية والرعاية التى توفرها المنافسات القوية فى لعبة كرة القدم، هذا بالإضافة إلى انعكاس ذلك على قيام صناعات وخدمات جديدة، أو ازدهار صناعات وخدمات حالية ترتبط بالرياضة وكرة القدم بشكل خاص.
على الرغم من وجود عدد من الأندية المصرية الخاصة، سواء المملوكة لشركات أو لأفراد، إلا أن فكرة خصخصة الأندية الرياضية ذات الشعبية الكبيرة فى مصر سوف تجد كثيراً من القيود والعقبات فى طريقها، خاصة من أصحاب النفوذ الذين يتربعون على مقاعد مجالس إدارات هذه الأندية، باعتبارها من أهم الوسائل للشهرة والترويج والدعاية لهم ولأعمالهم ومشاريعهم الخاصة، ولذا فلن يكون طرح هذا الموضوع بالأمر اليسير، ولكن كل عمل ناجح يواجهه الكثير من الصعوبات، فلقد واجهت عملية خصخصة العديد من الشركات الإنتاجية والتجارية الكثير من المعارضة والصعوبات، رغم أن بعضاً من هذه المعارضة كانت فى محلها، فقد كانت بعض الشركات خاصة الصناعية منها لا تحتاج للخصخصة بقدر ما كانت تحتاج لإعادة الهيكلة وتطوير الإدارة بها.
خصخصة الأندية الرياضة ذات الشعبية الكبرى فى مصر أصبح من الموضوعات المهمة التى تستحق الدراسة والاهتمام، خاصة مع نجاح تجربة الأندية الرياضية الخاصة فى معظم دول العالم، سواء كانت هذه الأندية تابعة للدولة وتم خصخصتها، أو تم تأسيس أندية خاصة من البداية، فمع تحول لعبة كرة القدم إلى صناعة مزدهرة فى العالم، أصبح من الضرورة التعامل مع هذا القطاع بعقلية احترافية تحقق النجاح المنشود على المستوى الرياضى والاقتصادى.