الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خسارة طموحى أو خسارة احترامى!

خسارة طموحى  أو خسارة احترامى!
خسارة طموحى أو خسارة احترامى!




 د.دينا أنور  كتب:

كثيرا ما يتشدقون بحقوق المرأة، وفرصها العديدة لتحقيق أحلامها وإثبات تفوقها، ولكن الحقيقة على أرض الواقع ليست مطابقة لتلك الشعارات، غير الواقعية، فى مجتمع تم احتلاله لعقود، من قبل العقيدة الوهابية السلفية، التى ترى المرأة مجرد وعاء لإفراغ شهوات الرجل وخدمته.
فالحقيقة أن غالبية النساء فى مجتمعنا يعانين النظرات الجائعة، وأطماع أنصاف الرجال فى أجسادهن، الذين يلهث غالبيتهم وراء علاقات جنسية وعاطفية وقتية، مستغلين حاجتها للعمل أو ظروفها العائلية السيئة، أو علاقتها المرتبكة بزوجها، أو طلاقها، أو انفصالها عن زوج قاس، أو ظالم، أو خائن، وتكون النتيجة على الأغلب إما تنازلها عن كرامتها ومسايرة أمورها فى سبيل لقمة العيش، أو الانسحاب تمامًا من المشهد، تاركة حطام طموحها على أعتاب احترامها لذاتها، أو الانخراط فى استخدام مقوماتها كأنثى، فى انتزاع أحلامها بين أحضان أنصاف الرجال الطامعين فيها.
بطلتى اليوم صحفية مجتهدة ونشيطة، تخرجت فى كلية الإعلام منذ عشر سنوات، منذ بداية تلك السنوات العشر وهى تحاول جاهدة أن تلتحق بالوسط الإعلامى أو الفنى، للعمل كمذيعة أو ممثلة، أخذت ما يلزم من الكورسات والدورات التدريبية، تزوجت فور تخرجها من زوج تقول عنه أنه ليس بالأفضل، وليس بالأسوأ كذلك، تهتم بمظهرها وجمالها وثقافتها، ولكن المجتمع دائما له حسابات أخرى!
على لسان بطلتى تحكى قائلة:
منذ أن تزوجت، وأنا أعانى مع زوجى بسبب كثير من المشاكل والاختلافات بيننا، ولكن تلك المشاكل لم أصل معها أبدًا لمرحلة التفكير فى الانفصال، خاصة أننى مسيحية، والطلاق عندنا ليس بالأمر الهين، كما أنه وللحق، لا يقصر فى مسئولياته تجاه أبنائنا وبيتنا، ولا يقف فى طريق طموحى وسعيى لإثبات نفسى، وهذا وإن كان لا يرقى لمستوى طموحى فى زوج يشاركنى كل شىء فى حياتى، إلا أنه أيضا لا يجعل حياتى جحيما لدرجة التفكير فى هدم بيتى أو البحث عن شخص آخر يعوضنى ما أفتقده مع زوجى.
منذ فترة طويلة وأنا أسعى لتقديم أوراقى بكل الطرق فى شتى مجالات الفن والإعلام، ولأننى لا أملك العلاقات المطلوبة لدخول تلك الأوساط، لجأت إلى مواقع التواصل الاجتماعى للإعلان عن نفسى واكتساب بعض الصداقات التى قد تؤهلنى لتحقيق أحلامى.
تعرفت على كثير من المخرجين والصحفيين والعاملين فى الوسط الفنى، تصرفت بعفوية شديدة ومرونة وقدمت نفسى بشكل مرح للجميع، كإنسانة متفتحة تقبل الصداقة المحترمة، إلى أن تقرب منى أحدهم بشكل لافت، كان يهتم دائما بتشجيعى والحديث معى والتأكيد أننى موهوبة وسيكون لى مستقبل، فتحت له قلبى وصارحته ببعض مشاكلى ورغبتى فى إثبات ذاتى، تعاطف معى جدًا وعرض مساعدتى، وخلال أيام زف لى البشرى بأن أذهب لإجراء إختبار للتمثيل فى مسلسل رمضانى من بطولة واحدة من كبار النجوم، قفز قلبى من السعادة وذهبت وأجريت الاختبار ونجحت فيه، ولكن المرأة فى مجتمعنا لابد دائما وأن تدفع ضريبة الأحلام خارج إطار الزواج والمتعة!
صديقى الذى كان فى غاية الاحترام والأدب، بدأ فى مغازلتى بشكل فج ومتجاوز، بدأ فى الحديث بشكل مباشر عن مشاعره الخاصة تجاهى وعن رغبته فى تعويضى عن إهمال زوجى، حاولت أن أقنعه بأنى أحب زوجى رغم عيوبه وأننى أحبه هو كصديق مقرب فقط، ولا أستطيع أن أبادله المشاعر، لأننى بهذا سأكون خائنة لزوجى الذى يثق بى كثيرا، فلم يقتنع وصمم على ملاحقتى والضغط على لمقابلته والحديث معه فى أوقات غير مناسبة، وعندما لم يجد معى ما ينتظره وجدته قبل الموعد المحدد لاجتماع فريق عمل المسلسل يخبرنى بأننى تم استبعادى، لأننى لا أصلح للدور، مع أنه منذ أسابيع قليلة كان يخبرنى أننى أصلح من تقوم بهذا الدور!
انهرت تماما، وشعرت بالإحباط والفشل الذى تكرر فى حياتى كثيرا بسبب مواقف مشابهة أو أكثر سوءا، لماذا يجب على أن أعطى مشاعر خاصة لأى شخص يساعدنى فى تحقيق طموحى؟ لماذا ينظرون لنا كجسد ولا ينظرون لمواهبنا وقدراتنا وعقولنا؟ لماذا لم يتعلم كثير من الرجال بعد ثقافة الصداقة المحترمة؟ وهل هذا يعنى أننى لن أستطيع أبدا تحقيق طموحى إلا لو خنت زوجى وفرطت فى نفسى؟
انتهت القصة، وأنا على يقين أن كل فتاة وسيدة فينا، وجدت نفسها بين تلك السطور، كل امرأة فى مجتمعنا تتعرض للاستغلال والضغط، إذا ما أرادت أن يكون لها شأن خارج إطار الزواج أو العلاقات، كل امرأة منا تدفع ضريبة رفضها لرجل طامع، أو إيقافه عند حده، كل إمرأة منا تواجه التشنيع والهجوم والتشهير والتهديد إذا ما رفضت الانصياع لرغبة رجل ذى منصب، أو مال أو علاقات أو نفوذ، ويكون مصيرها إما الإقصاء أو التهميش أو الازدراء، نعم تعيش حرة محترمة راضية عن ذاتها، ولكنها تتأخر كثيرا فى أن تحصل على ما تستحق، وربما لا تحصل عليه أبدا!