السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لماذا لا تتعلم الحكومة من أداء «محافظة القليوبية»؟

لماذا لا تتعلم الحكومة من أداء «محافظة القليوبية»؟
لماذا لا تتعلم الحكومة من أداء «محافظة القليوبية»؟




أحمد الرومى يكتب:

لم أتشرف بمعرفة القائمين على صفحة «محافظة القليوبية» على موقع «فيس بوك»، لكنى عرفتهم جيدًا من خلال عملهم الدءوب على الأرض. دائمًا على تواصل مع الناس، بشكل مباشر وغير مباشر، هذا الأداء النشط، جديد على عصب الدولة، ونفتقده فى الهيكل الإدارى الحكومى، الذى فُطم على الترهل، والتسويف، والتكاسل عن الإنجاز.
والمتابع لمقالاتى فى «روزاليوسف» أو غيرها من المنصات الإعلامية، سيلاحظ أننى لست من هواة مديح مَن لا يستحقون، وقلمى لا يرحم ولا يتهاون مع مقصر، ولا يهادن مسئولًا، مهما كان وضعه أو منصبه، ولا أتورع عن خوض المعارك، مهما كانت العواقب، طالما كنت مؤمنًا بالقضية التى أخوضها. فى نفس الوقت، أتشوق لأن أجد مسئولين يعملون بجد واجتهاد، لأقول، لنفسى وللناس، أنه يوجد فى الدولة مَن يستطيع النهوض بها، وإن كانوا قليلين ولا يطالهم ضوء الاهتمام.  
إذا كلامى عن مجهود القائمين على صفحة «محافظة القليوبية» ليس اعتباطيًا، بل مبنى على تجربة شخصية، أتبعتُها برصد دقيق لأداء هؤلاء الرجال، حتى أتفهم حقيقة ما جرى معى، هل هو حالة فردية؟ أم منهج متكامل يسيرون عليه؟
وقد أسفرت متابعتى الدقيقة لأدائهم، عن التأكد من وجود منهج واضح لديهم لمقاومة الفوضى التى تعم محافظة كبيرة مثل القليوبية، فوضى ورثوها عن محافظين متعاقبين، هادنوا التسيب والانحلال، عبر عشرات السنوات، فوصل الوضع إلى حدٍ بالغ السوء، أخذوا على عاتقهم حله وتجديده.
الحكاية ببساطة، أننى من قاطنى أحد الأحياء التابعة لمحافظة القليوبية، أسكن فى شارع تجاري، احتل أصحاب المحال فيه نهر الطريق، رغم أنهم استأجروا المحال فقط، ولم يستاجروا الطريق العام! وإذا ما حاولت لفت نظر أحد هؤلاء إلى أنه يتغوّل على حقك. قابل كلامك بالتجاهل، إن لم يقابله بالاعتداء.
هذا الوضع دفعنى إلى تقديم شكوى، عبر صفحة المحافظة على موقع «فيس بوك»، الحقيقة كنت أختبر مدى فاعلية الصفحة، حيث كنت قد أنتويت تخصيص مقالى هذا الاسبوع لعرض تلك المشكلة على الرأى العام.
أرسلت الشكوى الساعة السابعة ونصف صباحًا، ودهشت عندما وجدت بلدوزر المحافظة -يتقدمه رجالها- يقوم بهدم التعديات الواردة فى الشكوى، حدث هذا الساعة العاشرة من صباح نفس اليوم! (أى بعد 150 دقيقة، فقط، من وقت إرسال الشكوى!) مَن يصدق أن هذا يحدث فى مصر!
أعتقد أننى لو كنت قد طلبت وجبة من مطعم «كنتاكى» لما وصلتنى بهذه السرعة.
عدت إلى الصفحة مجددًا، ورحت أتابع ما ينشر عليها، لأتبين حقيقتها، وجدت عشرات البلاغات يقدمها المواطنون، يقابلها عشرات الردود على تلك الشكاوى، والتى تفيد بالاستجابة لها، وتنفيذ الإزالات والاصلاحات محل الشكوى، داعمة الصفحة ردودها على المواطنين بصور أثناء تنفيذ الإزالات والإصلاحات.
المتابع لصفحة المحافظة على موقع فيس بوك (وهى خاضعة لمكتب المحافظ شخصيًا) يعرف للوهلة الأولى أن القائمين عليها فريق من الشباب النشط، (وإن لم يكونوا شبابًا ففيهم روح الشباب) فأنا للأسف لا أعرف معلومات كافية عن هؤلاء الجنود المجهولة، الذين يهتمون بصدق، وأمانة، بكل كلمة ترد إليهم على الصفحة، ويردون عليها بمسئولية مشفوعة بالاحترام.
إن هذا الأداء المشرف، يجب أن تنتهجه كل أجهزة الدولة، وأن تتعلمه الحكومة منهم، لابد من تفعيل التواصل الإلكترونى مع الناس، ويؤخذ على محمل الجد، ليكونوا شركاء ورقباء معهم على المجتمع، حامين له من التسيب، وليمد المواطنون متخذى القرار بخريطة واقعية لمناطق الضعف، والخلل، والفوضى، من أجل تحرك المسئولين لاستئصالها.
لقد وجدت أنه من مقتضيات الواجب والأمانة، أن أكتب لكم عن تجربة التواصل العظمية التى تقوم بها «محافظة القليوبية» مع المواطنين، فى زمن لم يعد يسمع فيه المسئول سوى صوت نفسه، ويكتفى بإغلاق باب مكتبه عليه، يقرأ التقارير الروتينية، ويوقع البوستة الحكومية، وعند الساعة الثانية ظهرًا يوقع فى كشف الإنصراف، ذهبًا إلى بيته ليستمتع بالقيلولة، ولا عزاء للمواطن، الذى جعله هذا الاداء يكفر بالأداء الحكومى عمومًا.
تحية إلى رجال «محافظ القليوبية» النشيطبن، وتحية إلى جميع الجنود المجهولة القائمين على إدارة صفحة المحافظة على موقع «فيس بوك»، الذين يستمعون لأبناء محافظتهم، ويلبون لهم حاجاتهم، رغم كل الصعاب التى يواجهونها.
شكرًا لكم، ألف شكر.