الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الناس بتكلم نفسها!

الناس بتكلم نفسها!
الناس بتكلم نفسها!




ياسر صادق  يكتب:

 تمشى فى الشارع، تركب أى وسيلة مواصلات، تذهب لعملك، ترجع لبيتك، فلا حديث بين الناس إلا عن شىء واحد هو الغلاء الفاحش للأسعار، الارتفاع الجنونى لكل حاجة، طول عمر الحاجة بتغلى لكن ليس بهذا الشكل، أى شىء كانت زيادته تتم تدريجيًا، واحدة واحدة، لكن هذه الأيام الارتفاع يتم مرة واحدة، وبشكل هستيرى، وبنسب لا تقل عن 25%، وتصل إلى 50%، خلال الشهور الماضية، وتحديدًا منذ قرار طارق عامر، محافظ البنك المركزي، بتعويم الجنيه، حتى وصل سعر الدولار إلى ما يزيد على 18 جنيهاً فى البنوك، إن وجد.
وكان من الطبيعى بعده أن ترتفع أسعار كل شىء، وهو قرار غير مدروس بكل تأكيد، وليس فى وقته، لأن تعويم الجنيه يحتاج لاقتصاد قوى، كما فعل الرئيس الأسبق حسنى مبارك، عندما اتخذ نفس القرار لكن كانت عجلة الإنتاج فى وقتها دائرة، وآلاف المصانع كانت تعمل، بالإضافة إلى وجود استثمارات كبيرة بالدولة، واحتياطى نقدى يزيد على 36 مليار دولار، وعائد كبير من السياحة وقناة السويس، وبالرغم من ذلك، ارتفع سعر الدولار من 3.33 جنيه إلى 5.75، حتى استقر عند 7 جنيهات، لأن الفجوة بين الدولار والجنيه لم تكن كبيرة، وكما ذكرت سلفًا بسبب الإنتاج والاستثمارات والاحتياطى النقدى والسياحة.
لكن كلا من ذلك ليس موجوداً فى الوقت الراهن، فكانت الفجوة الكبيرة بين سعر الدولار والمغفور له الجنيه!، وكان لا بد أن ترتفع أسعار كل شىء فهو مرتبط بالدولار، فالقرار كان غير مدروس، لأن الأفندى طارق عامر محافظ البنك المركزي، وغيره فى البنوك، يتخذون قراراتهم من مكاتبهم المكيفة، دون أن تكون لهم صلة أو معرفة بما يحدث فى الشارع، ودون الجلوس مع التجار ورجال الأعمال، حتى يتعرف على مشاكلهم، ويكون هناك تنسيق بينهم، لدرجة أن الخواجات بتوع صندوق «النكد» الدولى، اندهشوا من الفجوة الكبيرة بين الدولار والجنيه، لكن مَن يدفع ثمن القرارات الخاطئة التى يقوم بها المسئولون؟ إنه المواطن الذى راتبه يقف ولا يتحرك، بل ينخفض أمام ارتفاع الأسعار.
والشىء المضحك أن تجد بعض المسئولون يقولون لك أن الأسعار هتنزل، والسلع هترخص الشهر المقبل، لأ بعد شهرين، بعد سنة، عمر ما فى شىء بيغلى بيرخص أبدًا، كما أن دور الحكومة فى رقابة التجار الجشعين معدومى الضمير غائب تمامًا، وهؤلاء لا يهمهم سوى تحقيق المكسب الشخصى وهم مثل أثرياء الحرب، والغريب أنك تجد ناس حالتهم المادية الجيدة ويقولون لك أنه يجب على الناس تستحمل، ولا أعرف إلى متى؟ هؤلاء الناس انفصلوا عن المجتمع؟ أو أنهم «مغيبون» أو«انانيون» لا يهمهم سوى أنفسهم!
ثم تطرح على نفسك سؤالاً: كيف يتم اختيار المسئول معاونيه؟ وعلى أى أساس؟ وما هى المعايير التى يكون على أساسها الاختيار؟ هل الذى يرتاح لهم؟ أو بمعنى آخر يثق فيهم؟ أم تكون على أساس الكفاءة المهنية؟ وهل الحب والكره يتدخلان فى اختيار المسئول؟ وهل الأمر مختلف فى الشرق عن مثيله فى الغرب؟
وعندما تسأل أى مسئول كيف اختار معاونيه، يقول لك كلاما منافٍيا تمامًا للحقيقة، أو مختلفا عمّا يفعله على أرض الواقع! فالحب والكره يتحكمان بشكل كبير فى اختيار المسئول لمعاونيه، كما أن العلاقات والصداقات يكون لها دور محورى فى الاختيار، فالمسئول يفضل دائمًا أصحاب الثقة، بصرف النظر عن كفاءتهم حتى لا يعطون له «كتف»! والمسئول يكون غير واثق فى نفسه، ولذلك يعتمد على أصحاب الثقة، وليس الكفاءة، والنتيجة دائما تكون الفشل.