السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

علاقة مشبوهة مع «القوى العاملة» تدفع المصانع للبلطجة على العمال

علاقة مشبوهة مع «القوى العاملة» تدفع المصانع للبلطجة على العمال
علاقة مشبوهة مع «القوى العاملة» تدفع المصانع للبلطجة على العمال




المنوفية – منال حسين

«ارحمونا.. يرحمكم الله».. شعار يرفعه جموع العاملين بمحافظة المنوفية، وتحديدا بمنطقتيها الصناعيتين «قويسنا» و«السادات»، وذلك بعد إصدار قانون العمل لسنة 2003، الذى لم يحفظ لهم حقوقهم، أو حتى حل مشاكلهم، وما «زاد الطين بلة» السماح لأصحاب الشركات المصانع بفصل وتسريح العمال دون سند قانونى وقتما شاء أصحاب المنشآت، علاوة على إهماله وضع حد أدنى للأجور لحفظ حقوقهم، ما شتت شملهم وفرق دماءهم على مكاتب العمل التى تم تأسيسها لحفظ حقوقهم.
ولعل أبرز مثال للأزمة التى يعانيها العمال، موجة الغضب التى ضربت المنطقتين الصناعيتين بالمنوفية مؤخرا، التى سادت بين العمال وأصحاب المصانع والشركات، بعد كثرة الاعتصامات والإضرابات عن العمل، مستنكرين العلاقة بين وزارة القوى العاملة برجال الأعمال، وأصحاب المصانع والشركات، من جانب، وبين حفظها لحقوق العمال، التى ضاعت فى ظل سيطرة وسطوة أصحاب المصانع والشركات، وعدم تطبيق القوانين بكل حزم وصرامة من جانب آخر.
فمنذ فترة ليست بالقليلة، شهدت منطقة مبارك الصناعية بقويسنا، إضرابات واعتصامات للعمال الموجودين بأحد أكبر المصانع الموجودة بها، بعد أن رفضت إدارة المصنع، الاستجابة لمطالبهم، البسيطة، من زيادة فى المرتبات التى لم تتجاوز الـ1200 جنيه، فى ظل الارتفاع الجنونى فى جميع الأسعار، فضلا عن مطالبهم بخفض عدد ساعات العمل لتتناسب والقوانين التى وضعتها وزارة القوى العاملة، بالإضافة إلى رفع الحافز، وتعديل الورديات.
على نفس الوتيرة، انفجرت أزمة عمال أحد المصانع المشهورة بالمنطقة الصناعية بمدينة السادات، بعد رفض الإدارة الاستجابة لمطالبهم المشروعة من زيادة بدل وجبات التى تبلغ 3 جنيهات على الورق فقط، ولم يتحصلوا عليها فى الأساس، وزيادة المرتبات، وتقليل ساعات العمل، ناهيك أنه لا تزال هناك أزمة بنفس المنطقة، حيث اعتصام نحو 800 عامل بأحد أهم مصانع مدينة السادات، بسبب رفض الإدارة الاستجابة لمطالبهم.
كان من بين مطالبهم فى الاعتصام منحهم 10% من الأرباح السنوية للشركة كما نص القانون، والمطالبة بتحديد ساعات العمل لتصبح 8 ساعات فقط، يتخللها ساعة راحة، وعدم إجبارهم على العمل لوقت إضافى دون تحصيل أجر مادى عليه، إلى جانب تمتعهم بالتأمين الصحى هم وأسرهم، وعلى رأسها المطالبة بمعاملة آدمية من قبل رؤسائهم فى العمل تحفظ كرامتهم.
بداية يقول هشام مسعود، الذى كان يعمل بإحدى شركات الغزل والنسيج: إنه عندما تقدمت بطلب لإدارة الشركة برفقة عدد من زملائى، للمطالبة بحقوقنا بعد إجبارنا على العمل 12 ساعة متواصلة دون راحة، كانت النتيجة هى الفصل التعسفى دون سابق إنذار، وعندما لجأنا للقضاء لم ينصفنا بعد أن فوجئنا بأن العقود المحررة لنا تم التلاعب بها من قبل إدارة الشركة دون علمنا، نظرا لعدم وجود صورة طبق الأصل معنا.
ويلفت تامر السيد، كان يعمل بأحد المصانع المشهورة، بمنطقة مبارك الصناعية بقويسنا، إلى أن حق العامل والإدارى والموظف فى المصانع والشركات يكاد يكون منهوبا، فعند بداية التعيين تقوم الشركة بتوقيع الموظف أو العامل على مصوغات التعيين المثبوتة بالعقد، ومعها استقالة مسبقة دون تاريخ محدد، وذلك حتى لا يتمكن من المطالبة بحقوقه فى أى وقت، وعند الاعتراض يتم خصم مبالغ مالية من المرتبات التى تكاد أن تكون معدومة، مشيرا إلى أن ارتفاع المعيشة، وزيادة نسبة البطالة، كانا سببا فى التنازل عن حقوق الشباب عند التعيين بأى من المصانع والشركات.
أما «خالد.م.أ»، أحد العمال المضربين بإحدى الشركات الصناعية الكبرى، بالمنطقة الصناعية فى السادات، قال: إن الشركة مصرة على تصفية عدد من العمال، دون وجه حق، بعد أن طالبنا بحقوقنا المنهوبة، التى كان أبرزها زيادة المرتبات التى لا تتجاوز 1400 جنيه شهريا فى ظل ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، بالإضافة إلى ضرورة التمتع بالتأمين الصحى، والمعاملة الآدمية، لافتا إلى أن الشركة تضرب بمطالبهم عرض الحائط، وسط تجاهل تام من قبل مكتب العمل، ما يثير الشك والريبة بين العاملين، متسائلا عن مدى العلاقة بين مكتب العمل والشركة، وهل هناك مصالح مشتركة بينهم؟.
وعند سؤال «عماد.أ.ت» أحد العمال، عن بنود العقد المحرر بينه وبين إدارة الشركة، أكد أنه لا يعلم ما هى بنود التعاقد الموجودة بالعقد لأن ليس معه نسخة منه، منوها إلى أن النسخة الوحيدة موجودة مع صاحب الشركة، ليتمكن من الإطاحة بأى من شاء فور الاعتراض أو الإضراب عن العمل.
إلى ذلك قال أحمد زنون، محامى العمال المعتصمين: إن القوى العاملة أصبحت قوة متغرطسة ضد العامل وحقوقه لصالح رجال الأعمال والشركات التى يهمها فى المقام الأول الثراء السريع على حساب العامل الفقير، منوها إلى أنها فقدت ثقة العمال بها بعد تقصيرها وتقاعسها فى حمايتهم، وانحيازها الصريح لرجال الأعمال، إلى جانب الأعمال والعلاقات المشبوهة بينهم، متسائلا: لماذا لم تقم مكاتب العمل بالدور الذى تم إنشاؤها من أجله، من خلال المتابعة المستمرة والتفتيش الشهرى على المصانع والشركات وسؤال العمال، عما إذا كانوا يحصلون على جميع حقوقهم من عدمه؟!.
وأضاف زنون: إن هناك مواد كثيرة فى القانون تحفظ حقوق العمال، إلا أن المصيبة الكبرى فى القائمين على تنفيذه، والتلاعب بالثغرات الموجودة به، فرءوس الأموال أصبحت هى المتحكم الأكبر فى تغيير الضمائر، مشيرا إلى أن قانون العمل لسنة 2003، بالرغم من العوار الموجود به فى المادة التى تسمح لصاحب العمل بتسريح العامل فى أى وقت دون شرط أو قيد، إلا أن به عددًا من المواد الأخرى تحفظ حقوق العاملين.