الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

حرمة اختيار مسيحية للقب الأم المثالية

حرمة اختيار مسيحية للقب الأم المثالية
حرمة اختيار مسيحية للقب الأم المثالية




هشام فتحى يكتب:

دأب السادة القائمون على تنظيم مسابقة الأم المثالية المصرية على اختيار أم مصرية مسلمة للفوز باللقب، لا يبرحون تلك القاعدة منذ القديم، والسؤال: هل عدمت الأمهات المصريات غير المسلمات؟ هل عدمن توافر شروط الاختيار هذه وقواعدها؟
إذن ما شروط اختيار الأم المثالية فى مصر وقواعدها؟
أن تكون أما مصرية أحسنت تربية أولادها، خصوصا لو كانت فقدت الزوج مبكرا، فسهرت عليهم، وأنشأهم نشأة صالحة، وصرفت عليهم من عوزها وكدها، فأضحوا كبارا صالحين، يخدمون الوطن فى مدارسهم ووظائفهم وأعمالهم، ويضحون من أجله بكل غالٍ ونفيس.
تلك قاعدة بسيطة لا تحمل فى طياتها شروطا عنصرية طائفية، لم تشترط دينا معينا يتحتم على الأم المصرية أن تعتنقه، إنما اشترطت اعتناق الوطن هوى وهوية، اشترطت مصرية الأم لا دينها، تفانيها وكفاحها لا عقيدتها، صلاحها وحسن تربيتها لأولادها لا نوع الديانة المدونة بهويتها، وعليه إذن، لماذا لا يتم اختيار أم مصرية مسيحية للفوز باللقب العتيق؟
احترامى الأكيد لكل الأمهات المصريات المسلمات ممن فزن باللقب عن جدارة واستحقاق، لكن السؤال الصارخ: ألا تنطبق تلك الشروط أيضا على الأمهات المصريات المسيحيات؟ هل هناك مثلبة فى الديانة المسيحية تمنع معتنقاتها المصريات من الفوز باللقب؟ لا أظن، ذلك لأن الدستور المصرى يعترف بالمسيحية كديانة سماوية، ضمن إحدى ثلاث ديانات، اليهودية والمسيحية والإسلام، فهل عدمت الأم المصرية المسيحية شروط الفوز باللقب؟ ألا توجد أمهات مصريات مسيحيات ربين أولادهن خير تربية، فشبوا ونشأوا على القيم الصالحة التى تخدم وطنهم وأسرهم؟ التحقوا بالجامعات، وتخصصوا بأعلى التخصصات، واشتغلوا برفيع الأعمال خدمة لبلدهم.
نفس الظروف الصعبة وغير الصعبة التى تمر بها الأم المصرية المسلمة تمر بها أختها الأم المصرية المسيحية، ذات العبء والألم، سنين العسر واليسر، حب الوطن وعشقه، وحب الأبناء والضنى، التضحية بالغالى والنفيس فى سبيل سعادتهم، ولو على حساب صحتهن وراحتهن، تضحيات لا تعرف دينا أوعقيدة، بل غريزة أمومية مغروزة بالدماء والقلوب والضلوع، فلماذا التفرقة؟ ترى هل هناك موانع شرعية تمنع اختيار أم مثالية من غير المسلمات؟ لا أظن، ولو كانت هناك موانع من هذا القبيل لتضمنتها الشروط والقواعد المنظمة للمسابقة، أما وأنه لا توجد هكذا موانع، فلماذا الحجب؟ (حجب اللقب عن غير المسلمة).
هل نمارس عنصريتنا حتى فى مجال لا علاقة له بالدين وطقوسه؟ أم أن الأمر لا يتعدى السهو والخطأ؟
أثق أن القائمين على تنظيم مسابقة اختيار الأم المثالية فى مصر لا يقصدون الفرز الطائفى فى الاختيار ولا يبغونه، إنها على سبيل الصدف، ولربما كان للأغلبية المسلمة فى مصر دورها الحاسم فى الإختيار، لكننى أظن أن العدالة تقتضى أن ننظر بعين الوطن لفرز المتسابقات والمرشحات من بنى مصر، لا بعيون أخرى، وعلى السادة القائمين على المسابقة أن ينتصروا للبلد لا لأى اعتبارات غيرها، ففوز مسيحية باللقب ليس تفضلا من لجان الاختيار عليها، تماما كالمسلمة، فلا فضل لمصرى على مصرى إلا بخدمته للوطن، أعمالا لا أقوالا، وإننا لنرى أنه لمن العجب أن تشارك المرأة المصرية المسيحية فى بناء بلدها، كوزيرة، وسفيرة، وطبيبة، ومهندسة، وأستاذة جامعة، ومعلمة، وفنانة، ومثقفة، وسيدة أعمال، لكنها لا تستطيع أن تحصل على لقب تستحقه بجدارة أيضا، ألا وهو لقب الأم المثالية لمصر!