الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الشاعر أشرف قاسم: أنحت من الحزن معمار قصيدتى

الشاعر أشرف قاسم: أنحت من الحزن معمار قصيدتى
الشاعر أشرف قاسم: أنحت من الحزن معمار قصيدتى




حوار – خالد بيومي

أشرف قاسم صوت شعرى أصيل قادم من أعماق الريف المصرى حيث ولد ويقيم فى محافظة البحيرة، يعبر بصدق عن البيئة التى نشأ فيها، عذب النغمة، صافى المعنى، يكتب القصيدة العمودية وقصيدة الشعر الحر، وهو مشغول بالإنسان فى طموحاته وأحلامه والتعبير عن آلامه. أصدر سبعة دواوين شعرية هى : قراءة فى كتاب الناى، سعد المصابيح، هذا مقام الصابرين، شفاهم آخر ترنيمة للحياة، ساقية مهجورة، بئر معطلة، طعم الحكايا القديمة..عن رؤياه وأفكاره كان حوارنا معه فإلى نصه.

■ متى وكيف بدأت علاقتك بالشعر؟
- ربما لا أكون مغاليا إن قلت أن علاقتى بالشعر قد بدأت منذ إدراكى لما حولى، أن تولد فى قرية فى بداية السبعينيات من القرن الماضى بلا كهرباء ولا مياه سوى المياه الجوفية، حولك اللون الأخضر من كل إتجاه والنيل يحتضن القرية فى حنو بالغ، هذا هو المعنى الحقيقى للشعر.
نكلا العنب قريتى التى ولدت بها بمحافظة البحيرة هى المكون الأول لملكة الشعر لدى، هذا إلى جانب حكايات أبى التى كان يحكيها لنا فى ليالى الشتاء ونحن نتحلق حول منقد النار نمص أعواد القصب ونأكل البرتقال واليوسفى الذى عاد بهم من رحلة شقائه اليومية فى حقول الغير، وغناء أمى الذى يشبه العديد بصوتها الذى يسكنه الشجن، كل هذا كان بداية تعلقى بالشعر والغناء.
■ تكتب العمودى والتفعيلة.. أين تجد نفسك أكثر؟
- بحكم دراستى الأزهرية بدأت بكتابة القصيدة العمودية الكلاسيكية تأثرا بقراءتى للتراث الشعرى منذ امرئ القيس، لكنى وجدت أن القصيدة التفعيلية أكثر سعة ورحابة لما أريد أن أصوره، ليس ضيقا منى بقيد الوزن والقافية ولكنه بحث عن أفق جديد، ولذا أزاوج فى دواوينى بين الشكلين العمودى والتفعيلة.
■ عناوين دواوينك مليئة بالشجن مثل «ساقية مهجورة، شفاهك آخر ترنيمة للحياة» كيف تختار العنوان؟ وهل العنوان مفتاح لقراءة الديوان؟
- الحزن هو المادة الخام التى أنحت منها معمار قصيدتى، ربما يعود ذلك إلى تلك الطفولة البائسة التى عشتها، وشظف العيش، والركض خلف لقمة العيش، والشعور أحيانا باللاجدوى، الحزن هو تلك الحالة التى ترفعنا إلى مصاف القديسين، الحزن الذى يغسل نفوسنا من الأدران ويطهر أرواحنا من شوائب البشرية، وعنوان الديوان يأتى ملائما لملامح النصوص التى يحتوى عليها الديوان، ولا شك أن العنوان هو أحد مفاتيح المتلقى لقراءة الديوان وهو العتبة الأولى التى تأخذ بيديه إلى روح النص.
■ ما القضية التى تشغلك فى شعرك؟ وهل هناك قضية أعظم من الإنسان؟
- الإنسان هو قضيتى الكبرى بشتى حالاته، التعبير عن همومه وأحلامه وتطلعاته وصراعه مع الحياة.
■ «بئر معطلة» عنوان ديوانك قبل الأخير، هناك تناص مع النص القرآنى «وبئر معطلة وقصر مشيد» ما علاقتك بالتراث؟
- التراث حياة متجددة، التراث «ليس تركة جامدة» كما يرى صلاح عبدالصبور، قرأت التراث قراءة متأنية بحكم دراستى الأزهرية، منذ العصر الجاهلى حتى العصر الحديث، وتوقفت طويلا عند بعض الشعراء كامرئ القيس والمتنبى وعمر بن أبى ربيعة والبهاء زهير وابن النبيه المصرى والحلاج وابن الفارض وابن زيدون ونزار قبانى ومحمود درويش وغيرهم، وترى ظلال قراءاتى هذه فى بعض نصوصى من خلال التناص والاقتباس والتضمين، التراث عنوان أصالتنا وهويتنا العربية.
■ بمن تأثرت فى دواوينك؟
كما قلت سابقا تأثرت بكل من أشعل برق الشعر فى روحى من الشعراء الذين قرأت لهم وتركوا بصمات واضحة فى ملامح تجربتى الشعرية كالمتنبى ونزار ودرويش وغيرهم، وهذا ما رصده الشاعر الكبير أحمد عنتر مصطفى فى تقرير إجازته لديوانى الأول «قراءة فى كتاب النأى» الصادر 2009 عن هيئة قصور الثقافة، ورصده كذلك الدكتور عبدالناصر عيسوى فى مقاله الذى كتبه عن ديوانى السادس «بئر معطلة» والشاعر أحمد مبارك أيضا.
■ هل أنت فى خصام مع قصيدة النثر؟
- بالطبع لا، أنا لست فى خصام مع قصيدة النثر بدليل أننى كتبت عن عدة أصوات شعرية مهمة ممن يكتبون قصيدة النثر بشروطها دون استسهال مثل «رضا أحمد، عمرو الشيخ، ديمة محمود، عاطف عبدالمجيد، عباس السلامى.. وغيرهم».. بل إننى الآن بصدد كتابة ديوان لى يحتوى على عدة نصوص تنتمى إلى قصيدة النثر تحت عنوان «صهيل الروح»، أنا فقط ضد كل أشكال الاستسهال فى الكتابة.
■ برأيك ما الدور الذى يمكن أن يقوم به الشعر فى عالم يتفاقم فيه الظلم؟
- الشعر وجه الحياة المشرق، والشاعر الحق ابن بيئته وصوتها المعبر عن آلامها وآمالها، ووظيفة الشاعر أن يغرس القيم فى ثنايا نصوصه، وأن يدعو إلى المحبة والخير والعدل والحرية والسلام والتسامح، وأن يجعل شعره لبنة بناء لا معول هدم، الشاعر ضمير أمته فلا بد أن يكون هذا الضمير يقظا.
■ ما علاقتك بالمكتبة الإلكترونية؟
- نشر ديوانى الثالث «هذا مقام الصابرين» فى طبعته الثانية الكترونيا بالعدد العشرين من كتاب الشعر الذى يصدره الشاعر هشام الصباحي، كما نشر ديوانى الخامس «ساقية مهجورة» إلكترونيا على موقع أبجد هذا بجانب بعض المواقع التى تنشر نصوصى التى أنشرها على صفحتى على الفيسبوك.
■ كيف تحضر المرأة فى شعرك؟
- المرأة هى الحياة، أما واختا وزوجة وبنتا، المرأة هى وحى الشعر وإلهام القصيدة، مهما اختلفنا معها ومهما حاولنا أن نهمش دورها، نكتب من وحى المرأة أجمل كتاباتنا، كتبت لأمى وكتبت لزوجتى، وكتبت لبناتي، وكتبت لمن أحببت من نساء، أى قصيدة تخلو من عطر امرأة لا يعول عليها.
■ أنت تعيش فى الأقاليم.. هل تعتقد أن مؤتمر أدباء مصر يفيد أدباء الأقاليم؟ وما مقترحاتك للاستفادة منه؟
- لا بد أن نكون منصفين ونعترف أن مؤتمر أدباء مصر قد شهدت فعالياته الكثير من التطور خلال دوراته الأخيرة، وبالأخص دورته التى انتهت منذ أيام بالمنيا، وهو فرصة لمناقشة القضايا الراهنة وقراءة الأعمال الأدبية التى صدرت مؤخرا وإحداث حالة من الحراك الثقافى فى المجتمع، وقد كان اختيار قيادة شابة كالشاعر سعيد عبد المقصود ليتولى أمانة المؤتمر اختيارا موفقا يستحق الإشادة، كما أن الأسماء التى تم اختيارها للتكريم أسماء تستحق ولا خلاف على منجزها الأدبى مثل منى الشيمى عبدالرحيم طايع والمراحل محمود مغربي، هذا بجانب تكاتف جهود وزارة الثقافة ومحافظة المنيا فكان هذا المظهر المشرف الذى خرجت به الدورة الأخيرة.
ولكن ينبغى أن نرصد بعض السلبيات التى لابد من النظر إليها بعين الاعتبار لاحقا ومن أهمها تلك الترشيحات العشوائية والتى لا تخلو من المجاملات من قبل نوادى الأدب لبعض الأسماء التى تنتمى إلى هذه النوادى والتى لا ترقى كتاباتهم للمشاركة فى هذا المؤتمر.. كذلك لابد أن نعيد النظر فى آلية اختيار الباحثين الذين يشاركون بأبحاثهم كى لا تتكرر الأسماء ويتحول المؤتمر إلى سبوبة.