الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«الخطيب».. الرواية السادسة للسعودى هانى نقشبندى

«الخطيب».. الرواية السادسة للسعودى هانى نقشبندى
«الخطيب».. الرواية السادسة للسعودى هانى نقشبندى




كتب -خالد بيومى
 

صدر مؤخرا عن دار الساقى الرواية السادسة للروائى السعودى هانى نقشبندى تحت عنوان «الخطيب» وتقع الرواية فى 195 صفحة من القطع المتوسط.
هى واقعية ومتخيلة فى آن. لكنها تصف حالا حاضرا. رواية جديدة، هى السادسة لهانى نقشبندى، وتختلف عن كل ما سبق أن قدم. شخوصها أربعة: مؤذن وخطيب وفتاة ومعلم. المكان: مسجد صغير قديم، فى مدينة يفترض أنها عربية.
 يُخبر المؤذن إمام المسجد، والذى هو نفسه الخطيب، أن خطبته الأخيرة «كانت مكررة».
 يستفسر الخطيب «تقصد أنها تشبه الخطب السابقة»؟
«لا حفظك الله، بل قصدت أنها الخطبة السابقة نفسها. إنها مكررة».
يكتشف الخطيب انه، بالفعل، أعاد قراءة خطبة الجمعة الماضية نفسها، عن طريق الخطأ. يزيد المؤذن على ذلك «والحقيقة حفظك الله، أنها ليست المرة الأولى».
من فكرة خطب الجمعة المكررة والمتشابهة، تنطلق أحداث الرواية على 200 صفحة، لترسم قدر أمة عن طريق خطيب يقرر تطوير خطبه، للفت أنظار المصلين إليه، بمساعدة المؤذن. ليس بالضرورة حصر الرواية فى خطب الجمعة، فهى تعتمد على الرمزية فى ايصال رسالة حول تأثير الخطاب الدينى فى الشارع المسلم. وقد لجأ الكاتب إلى خطبة الجمعة كتجسيد لهذه الرمزية التى عرفت فى روايات النقشبندى.
 يستغرب الخطيب كيف لم ينتبه أحد من المصلين إلى أنه يكرر خطبه. يقول إن العلة فى المصلين أكثر مما هى فى الخطبة. أما المؤذن فيقول إن العلة فى الخطبة نفسها التى ما عادت تمس حياة الناس، ولا تجيب على أسئلتهم اليومية. كما أنها تعيد اجترار الأحكام والقوانين الدينية برتابة عتيقة. «هى باختصار، مملة»، هكذا يصفها المؤذن. ويقترح على الخطيب أن يطور من خطبه بالاستعانة ببعض الكتب. «عليك أيضا أن تغير من أسلوبك حفظك الله» يقول له، ويقترح عليه الاستعانة بمدرب فى فن الإلقاء. يرفض الخطيب بتعال كبير الاستعانة بمدرب يعلمه كيف يخطب، بحجة أن منصبه يسمو على ثقافات البشر العادية. ذات يوم، يزور الخطيب الوزارة المسئولة عن المساجد، طالبا ترميم مسجده القديم بعدما رأى عليه علامات تفسخ. لكن مسئولا كبيرا هناك طلب منه الانتظار، واعدا إياه، بشكل غير مباشر، أن يصبح فى القريب إماما لمسجد كبير آخر يتم بناءه فى الحي. يخلخل إغراء المسجد الكبير عناد الخطيب، فينخرط فى دورة تدريب (سرية) مع مدرب إلقاء أحضره له المؤذن. يقابل طموح الخطيب فى إمامة المسجد الكبير، طموح آخر للمؤذن مع فتاة فى الحى تعرف إليها. يريد أن يتزوجها. ويعتقد أن انتقال إمامه إلى مسجد آخر، سيؤهله ليكون إماما يحل مكانه فى المسجد القديم. لكن تتغير الأمور. وتهب الرياح عكس الأشرعة. إذ فوجئ الخطيب بأن المسجد الذى اكتمل بناؤه فى الحى، قد تم اختيار إمام آخر غيره ليتولى إدارته. هكذا بكل بساطة، تجاهلوا خبرته ومكانته من أجل شاب جعلوه إماما للمسجد الكبير. حتى المسئول الكبير فى الوزارة، عاب عليه غضبه عندما اشتكى له، واكتفى بأن وعده بمسجد أفضل من مسجده الحالي. وهذا إسقاط ثان فى الرواية، ولعله الأكثر أهمية، عندما يصبح الدين منصبا أكثر منه رسالة دينية. وكرد فعل على ما أحس به الخطيب من غبن وتجاهل، انفجر حقد فى داخله، وتحولت خطبه من التسامح إلى الكره. فى البدء راح يتحدث عن فساد الناس، ثم فساد المسئولين، ثم معاداة المتغربين والعلمانيين، ثم التكفير والدعوة للقتال والقتل، وأخيرا الدعوة إلى إقامة الخلافة العادلة التى لا ظلم ولا فساد فيها، وكأنها الجنة على الأرض. الخطيب الذى كان يحدث الناس عن الإيمان والسلام، هو نفسه الآن الذى يقول للمؤذن «لا تنتظر أن أحدث الناس عن المحبة، فلست المسيح هنا». ولا يمضى طويل وقت قبل أن تحدث مفاجأة أكثر غرابة، إذ يبدأ المصلون فى الإنصات لكل كلمة يقولها الخطيب المتعصب. وشيئا فشيئا، راحوا يتسابقون كل جمعة إلى مسجده، مع طموح كبير بالتماس بركة السلام على الرجل العظيم الذى اعتقد أكثرهم أنه شخص جديد ساقته بركة السماء لهم. فى بضعة أسابيع، ومع ازدياد الخطب سعيرا، يصبح الخطيب أهم إنسان فى الحى، وسيده، وصانع القرار فيه.
هذا ملخص لجزء من الرواية، التى تتصاعد أحداثها فى غموض وغرابة، مع شىء من السخرية، صانعة فى مجملها أسئلة كثيرة، حول هدفها، ورسالتها التى يربطها الكاتب بالمصير الذى ينتظر الخطيب والمؤذن فيها.
جدير بالذكر أن نقشبندى قد أصدر من قبل خمس روايات هى: «اختلاس»، «سلام»، «ليلة واحدة فى دبي»، «نصف مواطن محترم»، «طبطاب الجنة» وجميعها صدرت عن دار الساقى فى بيروت.