الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

يا تليفزيون يا...

يا تليفزيون يا...
يا تليفزيون يا...




د. محمد محيى الدين حسنين  يكتب:

إذا كان الحظ لا يواتيك لمشاهدة ومتابعة التليفزيون المصرى، وقنواته العامة والخاصة، فأنت بلا شك من المحظوظين، وأقل المزايا التى يمكن أن تجنيها من ذلك، أنك سوف تحتفظ برأسك على كتفيك ولن تدور بك الدنيا وتختلط الأمور فى ذهنك، بل يمكن الادعاء بأنك إذا لم تحتفظ بمستوى ذكائك فإن هناك احتمالا كبيرا بأنه ستزداد حدته، وستعرف الدنيا أكثر، من مصادر أخرى غير التليفزيون، أما إذا كان لديك متسع من الوقت لمتابعة قنواتنا التليفزيونية لأنك على المعاش، أو واحدة من ربات البيوت، وقد تكون ممن يحاول أن يتعرف على أحوال الدنيا، ويأخذ قسطًا من الراحة والترفيه بعد يوم عمل طويل، فأنت لن تجد ضالتك بالتأكيد.  
وإذا كنت مشاهدا، ولست من غير المتخصصين فى الإعلام التليفزيونى، فلا بأس فى ذلك، فإن قنواتنا مليئة بغير المتخصصين ايضا، وإلا فما معنى ما نشاهده على مدار الساعة! فلا هو ترفيه أو تثقيف، ولا هو يساهم فى زيادة وعينا السياسى أو الاجتماعى، وحتى لا يكون كلامنا مرسل فإن بعض الملاحظات التى يمكن تسجيلها هنا سوف تساعدك إذا تيسر لك الأمر وتابعت تلك القنوات، ولو ليوم واحد.
من المفترض أن يكون العاملون بالقنوات التليفزيونية من خريجى قسم الإذاعة والتليفزيون بكليات الإعلام، إلا أن غالبية مقدمى البرامج، بأنواعها المختلفة، هم من الصحفيين، ومع احترمنا للجميع فإنهم غير مؤهليون للعمل التليفزيونى من حيث الدراسة والخبرة وطرق مخاطبة المشاهدين، والنتيجة أنهم لا يجيدون التعامل مع الكاميرا، ولا مع أدواتها، ناهيك عن انتهاج مقدمى البرامج الحوارية مبدأ الصوت العالى، ولعب دور رسل السلطة الرابعة، ويعتقدون أن إحراج المسئولين والوزراء ومناقشة جميع القضايا، هى من صميم عملهم، وكلما ارتفع صوتهم فهذا دليل على قيامهم بمراقبة السلطة التنفيذية، وزيادة نسب المشاهدة! ومع الوقت فتحت القنوات الباب لبرامج ثابتة، يقدمها علماء الدين، يعرضون فيها فتاواهم وآرائهم وأخرى للصحة تصف الداء والدواء على الهواء مباشرة، ولا ننسى أن رؤساء الطباخين فى الفنادق أصبح لهم برامج للطبخ، بل أفردت لهم قنوات متخصصة.
وإذا كان التليفزيون يعتمد فى عمله على الصورة بشكل كبير، إلا أنه نظرًا لقلة الخبرة أو لتخفيض تكاليف إنتاج تلك البرامج، فقد تم اعتماد أقل الترتيبات، والتى تعتمد على استضافة ضيف أو أكثر، ويتحول البرنامج إلى حوار صحفى أو على الأكثر برنامج إذاعى بمعنى أنك تستطيع متابعته بالسمع ودون الاستعانة بأى وسيلة توضيحية، حتى تلك الوسائل البسيطة التى يستعملها طلاب المدارس، وتجد مقدم البرنامج ممسكًا ورقة يرسم عليها مواقع الدول التى يتحدث عنها، وإذا رغبت فى الانتقال من قناة إلى أخرى، فسوف يطالعك مذيع آخر مع ضيوف آخرين وتتكرر القصة.
وإذا كانت الصورة، بمعناها المهنى، غائبة، فإن الأصوات التى تقدم تلك البرامج تفتقد إلى جمال الأصوات التى طالما سمعناها من رواد الإذاعيين فى بدايات التليفزيون، ناهيك عن الأخطاء اللغوية، وبعض الألفاظ التى لا نسمعها إلا فى الشارع، أما الأخبار فحدّث ولا حرج، فلا تخرج معظمها عن الأخبار المحلية، وشذرات من الأخبار العالمية المتفرقة، والنتيجة فإن طول المتابعة ستصيبك بالملل، وتفقدك القدرة على ربط الأحداث.
وأخيرًا مع احترمنا أيضا لمقدمى البرامج التليفزيونية، فإن الأفكار التى تعتمد عليها تلك البرامج هى أفكار أجنبية، ومنقولة بنفس الطريقة التى تقدم بها فى الخارج، وتتشابه معها فى الاسم والديكور والموسيقى والموضوعات، حتى ليخيل لك أنك تشاهد برنامجًا أمريكيًا أو أوروبيًا ناطقاً باللغة العربية.
يا تليفزيون! متى يحولك القائمون عليك إلى تليفزيون حقيقى؟