الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تهجير الأقباط.. نشكركم على حسن تعاونكم!

تهجير الأقباط.. نشكركم على حسن تعاونكم!
تهجير الأقباط.. نشكركم على حسن تعاونكم!




حمادة الكحلى  يكتب:

المؤامرة، تلك الكلمة التى تتردد فى مصر ليل نهار، صباحا ومساءً، شهيقا وزفيرا، فى الإعلام المقروء والمرئى والمسموع، وحتى الإعلام البديل على صفحات وحسابات التواصل الاجتماعى، ومهما أنكرها المتحذلقون، والمتفلسفون، والمتأففون، فالمؤامرة موجودة وواضحة المعالم، لا يراها أصحاب الغشاوة؛ ولكن أيضاً بالمقابل مَن يتكئ عليها ويتحجج بها ويتقوقع فى مربع الضحية متذرعاً بها فهو لا يقل غشاوة بل يزيد.
من يتابع التناول الإعلامى الدولى للأحداث فى مصر، خلال الأسابيع الماضية، سوف يصاب بدهشة كبرى، فليس لدى أدنى شك بخبث المنطوق والمفهوم من الخبر، الذى نشرته «هآرتس» الإسرائيلية، حول القمة الثلاثية التى جمعت الرئيس السيسى وملك الأردن ورئيس وزراء إسرائيل العام الماضى، للتباحث بشأن القضية الفلسطينية؛ فرغم أنها بالفعل كانت قمة سرية، إلا أنه أمر متبع سياسياً حتى بين الدول المتخاصمة والمتنافسة والمتعاركة، ثم كان التصريح الأكثر مكرا ووقاحة، الذى صدر عن وزير الدفاع الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان، بأن سلاح الجو الإسرائيلى قصف عناصر داعشية فى سيناء.
كذلك ليس لدى أدنى شك فى خبث الأخبار التى تحدثت عن توطين الفلسطينيين فى سيناء، وأن الدولة المصرية تدرس مقترحا لتبادل الأراضى.
كذلك ليس هناك ريب فى أن أزمة تهجير الأقباط من العريش؛ وهى أزمة تقع مسئوليتها على الدولة المصرية ومؤسساتها، شهدت توظيفاً وتسييساً إعلامياً غربياً مثيراً ساهمت فيه النظرة الطائفية الداخلية الغريبة علينا، عند تناول هذه الأحداث من المراهقين النافخين فى النار، الذين ساهموا بشدة فى تقديم شتى أنواع الدعم للصحف الغربية التى لعبت على أوتار الفتنة الطائفية المزعومة، واضطهاد المسيحيين؛ ولو كانوا يعرفون الجملة الشهيرة «نشكركم على حسن تعاونكم» لقالوها لنا جميعاً.
الحديث الداخلى عن تهجير «المسيحيين» وتسكين «المسيحيين» وتوفير الدعم لـ «المسيحيين» وفرص العمل لـ «المسيحيين» وزيارة الوزراء لـ «المسيحيين»، فى حد ذاته يعزز الفكر الطائفى ويخدم أهداف تقسيم الوطن ويضرب الوحدة التى تنشدها الدولة ولا يفيد الإخوة المسيحيين ولدى يقين تام أنهم لا يريدون ولا يسعون إلى مثل هذا التناول.
صحيح هى أزمة، وأن «المجنى عليهم» أقباط؛ لكنهم مصريون كغيرهم من أبناء هذا البلد الذين أجبرهم الإرهاب إلى ترك ديارهم وعائلاتهم، وأرضهم، وغيرهم من المصريين الذين استشهدوا على تراب هذه البقعة، التى ارتوت بدماء المسلم والمسيحى والبحراوى والصعيدى والسيناوى لا نفرق بين أحد منهم.
أخيرًا، كانت مصر خلال الأسابيع الماضية على موعد مع أكثر من ١٥ زيارة دولية؛ من أهمها زيارة المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل، وقبلها زيارة وزير الخارجية البريطاني؛ وهناك الزيارة المرتقبة المهمة التى سوف يقوم بها الرئيس السيسى للولايات المتحدة قريبا؛ وبالتالى الترويج لكل هذه الأخبار وتسييس الأزمات معروفة أهدافها، وهى أمور تدركها جيداً الدولة المصرية لكن أصوات المفسدين إعلامياً والمراهقين على «السوشيال ميديا» هى الأعلى، وهناك دائما عدو يرصد ويترقب جيداً، وفى كل مرة لا يجد سوى أن يقول: نشكركم على حسن تعاونكم!