الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى الدورة الأولى للمهرجان الدولى للعرائس على الإنترنت عروض متميزة ووزارة غائبة!

فى الدورة الأولى للمهرجان الدولى للعرائس على الإنترنت عروض متميزة ووزارة غائبة!
فى الدورة الأولى للمهرجان الدولى للعرائس على الإنترنت عروض متميزة ووزارة غائبة!




انطلقت الأسبوع الماضى فعاليات الدورة الأولى من مهرجان القاهرة الدولى لمسرح العرائس على شبكة الإنترنت الذى تنظمه مؤسسة كيان ماريونت برئاسة المخرج محمد فوزى وتعتبر تجربة إقامة مهرجان لمسرح العرائس تجربة جديدة على المسرح المصرى، فلم يسبق أن تمت إقامة هذه النوعية من المهرجانات الدولية عبر الشبكة العنكبوتية مما ساهم فى سهولة التواصل الثقافى مع دول أوروبا والدول العربية كما ساهم فى إمكانية الإطلاع على التجارب الجديدة لهذه الدول دون الحاجة إلى انتقال هذه العروض بفرقها إلى القاهرة.

بالطبع قد تفقد هذه الأعمال حميمية المشاهدة والالتحام بالجمهور بسبب اعتمادها على رؤية العروض على شاشة الإنترنت عن طريق تقنية «اللايف ستريم» أو «اليوتيوب» لكن استطاع القائمون على هذه العروض تفادى هذه الأزمة بإرسال فيديوهات تحمل صورة بصرية جيدة للغاية وبالتالى جاءت رؤية الأعمال ممتعة وواضحة، الأزمة الوحيدة التى اشتركت فيها معظم العروض الأجنبية المشاركة كانت فى افتقادها حالة التواصل مع الجمهور بالترجمة بسبب حاجز اللغة وتفادت إدارة المهرجان هذه الأزمة بوضع ملخص لقصة العرض على الرابط الخاص به، كما يحسب لهذه الدورة رغم أنها التجربة الأولى أنها قدمت مستوى عاليا ومتنوعا من الأعمال المشاركة سواء على مستوى الصورة أو على مستوى صناعة مسرح العرائس بشكل عام، حيث بدأت فعاليات المهرجان بعرض «مملكة الثلج» لدولة رومانيا ويعتبر من الأعمال المهمة والجيدة، وتدور قصته حول فتاة كانت تخشى الاحتكاك بالثلج خوفا من أن يؤذيها أو يؤذى المدينة فارتبط فى ذهنها أن الثلوج مسئولة عن غرق المدن وفى رحلة أسطورية يأخذها أصدقاؤها إلى عالم الثلج كى ترى مدى الفائدة التى يعود بها الثلج على الحياة وبدونه قد لا تحيا الأزهار والطيور والحيوانات، قدم فريق العمل العرض بإتقان ومهارة فنية عالية سواء على مستوى الصناعة المسرحية من خلال تكوين صورة بصرية مبهرة بالملابس والديكور والإضاءة أو على مستوى صناعة العروسة والتحريك والتى قدمت بأكثر من موضع، فتحركت بواسطة الممثلين أمام الجمهور ثم من خلف ستار، ففى هذا العمل لعب فريق العرض كل الألعاب بالعروسة، بدءاً من التمثيل معها ثم تحريكها بالرقص والغناء، فقدموا عملا مسرحيا متكاملا جديرا بالمشاهدة، لكل الفئات العمرية سواء للكبار أو الصغار، لكن الأزمة الوحيدة فى عدم إمكانية التواصل مع العمل بسبب حاجز اللغة فمن المهم أن تطالب دورة المهرجان الفترة القادمة بضرورة إرفاق ترجمة عربية أو إنجليزية على العروض المشاركة حتى تكتمل أركان المشاهدة الجيدة، لكن فى كل الأحوال لم يفقد العمل متعته لما حمله من صناعة جيدة.
من العروض شديدة التميز أيضا التى شاركت ضمن فعاليات المهرجان عرض «حكاية رو» لدولة جورجيا الذى يدور قصته داخل حديقة حيوان وجمع فيه فريق العمل بمهارة شديدة تشكيلات مختلفة ومتنوعة للحيوانات والطيور بجانب تغيير خشبة المسرح الصغيرة لأكثر من شكل وموضع وجد فيه «رو» ولم يكتف فريق العمل بعمل تشكيلات مبهرة للطيور والحيوانات بل تداخلت كفوف الممثلين لتكون أحد عناصر العرض عن طريق اتخاذها مواضع مختلفة وأشكال متنوعة مرة على شكل حيوانات وأخرى فى شكل زهور نباتات ويعتبر من أشد الأعمال إمتاعاً وجذبا للأطفال خاصة أن هذه التشكيلات المتنوعة بالحيوانات وجودة التحريك استطاعت بجدارة تجاوز حاجز اللغة الذى قد يواجهه مشاهدو العرض فى مصر.
من الأعمال الجيدة أيضا والتى تجاوزت حاجز اللغة بصنع تشكيلات مختلفة وجاذبة للحيوانات والأطفال كان العرض التركى «وحش القمامة» وهو عرض خيال ظل صنع به الممثل حالة مختلفة وممتعة بالأصوات وأشكال خيال الظل المتنوعة التى قدمها من خلال العرض، تفوق عليه فى مستوى صناعة عمل متكامل بخيال الظل العرض التونسى «الكسوة» الذى أقام بمهارة مذهلة عرضا متكاملا لأشخاص ومدينة كاملة بخيال الظل.
كان من ضمن عروض الأيام الماضية العرض المصرى «على بابا والأربعين حرامى» لفرقة خيوط اعتمد العرض على الشكل التقليدى لعرائس الماريونت فى رواية حكاية على بابا بالتمثيل والموسيقى والغناء عن طريق تحريك العروسة بشكلها المصرى القديم وربما كان أقل العروض توقعا على مستوى الإبهار والصورة من الأعمال السابقة، وبالتالى تكمن أهمية هذا المهرجان فى أنه ساهم وبشدة فى الإطلاع على ثقافات مختلفة ومتنوعة فى فنون صناعة  العرائس وفى فن الخدع والتحريك وكذلك فنون تداخل أجساد الممثلين مع العرائس على خشبة المسرح كعناصر أساسية فى العرض فكأنك تشاهد هذه العرائس كائنات تنبض بالحياة أمامك على خشبة المسرح وليس مجرد تماثيل يحركها شخص فجودة التحريك والتمثيل والإمساك بالعرائس أمام الجمهور تمتع أصحابها بمهارات فنية عالية أضفت مزيدا من المتعة والإبهار على هذه العروض.
لكن رغم تميز العروض وفكرة المهرجان التى تجاوزت حدود المتاح والممكن بإقامة مهرجان دولى بهذا المستوى الفنى المميز والجيد إلا أن هذا لم يمنع من أن يواجه عراقيل مادية وعوائق فى تجربته الأولى خاصة مع التخلى التام لوزارة الثقافة عن هذه التجربة الفريدة، فكيف تغيب الوزارة عن حدث بهذا المستوى، فلم تساهم أى جهة رسمية فى دعم ومساعدة هذه التجربة الوليدة سوى نقابة المهن التمثيلية بقيادة الدكتور أشرف زكى الذى وقف بشدة بجانب هذا المشروع مع مؤسسة التحرير لونج بمعهد جوتة، ودرب 17 18، بينما تخلت فى المقابل الوزارة عن التجربة، فى الوقت الذى تؤكد فيه أنها تدعم الفنون ضد الإرهاب والتطرف وتخرج بشعارات ضرورة المساهمة فى تنمية الطفل وإشراكه فى العملية الثقافية فى حين أن ما يساهم فى تشكيل وعى وثقافة الطفل كانت الوزارة هى أول من تخلى عن، لأن هذا النوع من المهرجانات كان لا يحتاج فقط إلى دعم مادى بل دعم لوجيستى ومعنوى بالدعاية وتعزيز المشاركة والتعاون مع وزارتى السياحة والتعليم كى يصل هذا المشروع إلى مستحقيه لكن للأسف لا حياة لمن تنادى ولم تتجاوز الوزارة حدود التحجر والبيروقراطية فى اتباع سياسات ثقافية بالية!