الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لا مطلقة ولا زوجة سرية ولا عشيقة!

لا مطلقة ولا زوجة سرية ولا عشيقة!
لا مطلقة ولا زوجة سرية ولا عشيقة!




 د.دينا أنور تكتب:


جانب كبير من الاستغلال تتعرض له المطلقات والأرامل فى المجتمع الشرقى، فكثير من أنصاف الرجال يطاردهن ويلهثون وراءهن أملاً فى علاقات جنسية سرية ومتعةٍ مؤقتة، ومن المؤسف أن كثيراً منهن ينخدعن بمعسول الكلام والوعود الكاذبة ويثقن فى صدق هذا الحب المغرض الزائف، بل إن كثيرات منهن يقعن تحت طائلة الخدعة الكبرى لأى رجل شرقى يريد أن يحصل على متعة دون أن يتحمل أى مسئولية، وهى خديعة «أنا رجل متفتح.. أنا تفكيرى أوروبى.. أنا أؤمن بالحرية الجنسية قبل الزواج.. الزواج نظام اجتماعى فاشل يقتل الحب»، ومثلها من الشعارات التى من الممكن أن تنخدع فيها المرأة بحكم البذلة «السينييه» والنظارة الشمسية الأنيقة والسيارة الفارهة والمركز المرموق، ولكن الحقيقة التى لا تدع مجالاً لأى شك هى أن الرجل الشرقى من رابع المستحيلات أن يصبح أوروبى التفكير فى مسألة الجنس تحديداً، لأنه تربى على أن من تمارس الجنس بدون زواج عاهرة، والعاهرات لا يصلحن للزواج، والرجل الشرقى حين يرغب فى امرأة بقوة أو يحبها بصدق فإن أول شىء يفكر فيه هو أن يتزوجها حتى وإن كان متزوجاً، ولا تحاولى أن تقنعى نفسك بغير ذلك!
بطلتى اليوم صديقة فى بداية الثلاثينيات من عمرها، مرت بتجربة زواج فاشلة خرجت منها بطفلة جميلة تربيها بمفردها لتنصل أبيها من مسئولياته المادية تجاهها، واجهت العديد من المشاكل فى المحاكم وفى العائلة وفى العمل حتى تمكنت من الاستقلال فى السكن والانتقال لعمل جديد.
وخلال عملها الجديد فى التسويق لوحدات سكنية بإحدى الشركات العقارية، تعرفت على شاب وسيم ذى وظيفة مرموقة فى أواخر الثلاثينيات من عمره وقضى وقتاً طويلاً من عمره يدرس ويعمل فى أوروبا، وسبق له الزواج والانفصال أيضاً، أحبته بشدة وتعلقت به كثيراً خاصة أنه كان على النقيض تماماً من زوجها السابق الذى كان يعاملها بقسوة وجفاء، هو أيضاً تعلق بها جداً وأصبح لا يستطيع الاستغناء عن وجودها فى حياته، ولكن شخصية محمود ياسين فى فيلم «أين عقلى» هى التجسيد الواقعى لتفكير الرجل الشرقى الذى يتظاهر بالتحرر وليس أى شىء آخر.
بدأ حبيبها فى الإلحاح عليها لمقابلته فى شقته ليكونا أكثر حريةً وبعيداً عن أعين الناس، وعندما صدمت من طلبه وقالت له إن ذلك لا يجوز فى مجتمع كمجتمعنا، قال لها إنه لا يكترث كثيراً للعادات الشرقية التى تقتل الحب بالزواج، وأنه يتمتع بفكر أوروبى لا يمانع فى إقامة علاقة جنسية كاملة قبل الزواج، وأنهما يجب أن يعيشا حياةً كاملة لمدة طويلة سوياً قبل أن يقدما على علاقة الزواج!
ولأنها كانت تحبه بجنون كادت أن تقتنع بصدقه، وتقول على لسانها: أحسست بصراع كبير بين محبتى الكبيرة له وتعلقى بوجوده وبين احترامى لذاتى، حاولت الضغط على نفسى لأتقبل عرضه كى لا أخسره، ولكن شيئاً بداخلى كان يقول لى «لا»، لو أحبك بصدق لطلب منك الزواج، لو كان يخاف عليكى لخشى أن يضعك فى موقف محرج أمام ابنتك أو عائلتك، لا تستسلمي، لا تشعريه بأنك من النوع الذى يتنازل!
والغريب أن ابنتى لم تكن تحبه قط، كانت كلما خرجنا معًا أو ركبنا معًا فى السيارة للتنزه، تعود لتقول لى أنها لا تحبه ولا يعجبها، هو أيضاً كان يتحجج بصغيرتى وأننا لو تزوجنا ربما صدمت لأنها تغار على من وجوده فى حياتى.
 استمر فى ضغطه، واستمريت فى رفضى وتهربى، كان يسهر معى على الهاتف بالساعات ليقنعنى، كنت أسمعه وأقول له أنى أحاول ولكنى لا أستطيع، إلى أن مل منى واختفى بحجة سفره للخارج فى مهمة عمل، وظللت وقتاً طويلاً أنتظر منه مكالمة أو رسالة تؤكد على حبه لى دون جدوى، إلى أن مرت الأيام وبالسؤال عليه علمت أنه تقدم لخطبة فتاة من أسرة مرموقة وأنه بصدد إتمام الزواج منها فى وقت قريب، فلملمت شظايا قلبى المتحطم كالبلور المكسور وغرقت فى نوبة انعزال واكتئاب وألم كبير، ولكن رغم وجعى وألمى كنت فخورةً بنفسى وبأننى لم أكن تلك العشيقة السرية لرجل أنانى لا يفكر سوى فى متعته، وبأن جرحى كان سيكون أكبر بكثير لو كنت سلمته نفسى وتركته يستعمل جسدى تحت اسم الحب.
انتهت القصة، هى قصة تبدو حزينة، ولكننى على المستوى الشخصى فخورة بصديقتى التى حققت مقولة «أصون كرامتى ثم حبى».
لسنا هنا بصدد الحديث عن الدين والفضيلة والشرف لأنها معايير مجتمعية متفاوتة والغالبية يتظاهرون بها رغم مخالفتهم لها فى السر، سأتكلم من منظور المرأة والمجتمع لأنه الأقرب إلى الواقع من وجهة نظرى.
الغالبية العظمى من الرجال الشرقيين تربوا على اختزال شرف الأنثى فى غشاء البكارة، وبالتالى فإنه يتوقع دائماً أن أى امرأة غير عذراء تكون هدفاً سهلاً، ويعتقد أن ليست لديها مشكلة فى ممارسة الجنس فى سرية ودون محاذير حتى وإن كانت متزوجة، وبالتالى فهو يتوقع منها أن تكون متساهلة متنازلة.
لذلك يا صديقتى كونى - كبطلة قصتنا اليوم- قوية، عاقلة، واعلمى أن من يحبك بصدق سيتمنى أن يعيش معكى حياة كاملة ويمشى معكى فى الطريق العام أمام الناس بكل حرية وأمان.