الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

هل ينجح «تياترو ميوزيكال» فى زمن الـ«la la land»؟!

هل ينجح «تياترو ميوزيكال»  فى زمن الـ«la la land»؟!
هل ينجح «تياترو ميوزيكال» فى زمن الـ«la la land»؟!




      «pure entertainment».. أو المتعة الخالصة، هكذا وصف النقاد فى أوروبا فيلم «لا لا لاند» وهكذا يصف عادة أى منتج أو مخرج عمل موسيقى غنائى ضخم لما تحتويه هذه الأعمال المسرحية أو السينمائية على تضافر واجتماع كل فنون الرؤية البصرية والسمعية فى كيان فنى واحد وهو ما يستحق أن يطلق عليه لقب العمل المتكامل، وبالتالى تتحقق للجمهور المتعة المزدوجة فى الاستمتاع بعمل سينمائى أو مسرحى مكتمل الأركان،
وهو ما يساهم فى اندفاع الجماهير وبشدة فى مصر والعالم على متابعة ومشاهدة فيلم مثل «لالا لاند» بل وتطور الأمر إلى حد البحث على مقطوعات الفيلم الموسيقية لتحميلها والاحتفاظ بها، إلى هذا الحد أحب وعشق الجمهور فى مصر هذا الفيلم وانتظروا بفارغ الصبر حصوله على جائزة أفضل فيلم بالأوسكار ثم أصيبوا بإحباط شديد بعد حصول عمل آخر على هذه الجائزة، فماذا فعل صناع الـ«la la land» حتى يعشقه الجمهور، وهل إذا صنعت مسرحية غنائية استعراضية مكتملة الأركان سيستقبلها الجمهور بحفاوة استقباله لهذا الفيلم، بمعنى آخر هل سينجح مشروع المسرح الغنائى أو ما سمى بتياترو ميوزيكال فى زمن الـ«la la land».
قد تبدو هذه التساؤلات محيرة ولكنها بديهية خاصة فى هذا الوقت الذى بدأ يتجه فيه القطاع الخاص لإنتاج مسرحيات غنائية استعراضية لكبار نجوم الغناء أولهم مشروع تياترو ميوزيكال الذى تستعد لإطلاقه شركة «إيجو ميديا» بعروض «روميو وجوليت»، «بولاء روج»، «عفريتك هندى»، إخراج مروة رضوان والتى أكدت «أن نجاح هذا النوع من الفن لابد أن يقدم بما يتوافق مع الذوق المصرى لأن الجمهور فى الأغلب قد لايتذوق المسرحيات الموسيقية الكاملة لأننا شعب ساخن لذلك يجب أن نراعى وجود دراما بالموسيقى وفيلم مثل «لا لا لاند» يحتوى على حوار مبهر ومبهج ونوعية موسيقاه مبهجة وكل الأوبريتات التى كانت تحمل روحًا شرقية كان يتابعها ويحبها الجمهور مثل أوبريت «اللعبة»، وما كانت تقدمه صفاء أبوالسعود للأطفال فهذه العروض لابد أن تضع الجمهور فى قوالب مزاجية مبهجة ومختلفة».  
يقدم نفس التجربة ولكن مع اختلاف محتواها الفنى عرض «ليلة» الذى تستعد حاليا فرقة المسرح الغنائى المصرى لإنتاجه بمشاركة شركة القوى الناعمة للإنتاج الفنى والتى من المقرر عرضها على مسرح الماركيى بكايرو فيستيفال سيتى المسرحية تأليف وألحان إبراهيم موريس وإخراج هانى عفيفى، هذا بجانب تحضير المخرج خالد جلال لمشروعه الغنائى الاستعراضى الكبير مع الفنانة شيريهان وشركة العدل جروب كما سيفتتح قريبا العرض الغنائى الإستعراضى «سلم نفسك» على خشبة مسرح مركز الإبداع الفنى وهكذا ينتفض المسرح المصرى لتقديم تجارب مسرحية غنائية جديدة كنا قد افتقادنها منذ زمن طويل فكيف سيستقبل ويستجيب الجمهور لهذه الطفرة الفنية التى غابت عن مسارحنا لسنوات عجاف قال المخرج خالد جلال: «المسرح الغنائى الاستعراضى ليس اختراعا جديدا وأكبر دليل على ذلك عندما قدمنا مسرحية «ليلة من ألف ليلة» للراحل بيرم التونسى حققت نجاحًا كبيرًا وزحامًا جماهيريًا، وهو ليس شيئا مبتكراً اًعلى المسرح المصرى وإذا كان هناك اتجاه حاليا لتقديم مسرح غنائى استعراضى كل عروض سلامة حجازى وسيد درويش مثل العشرة الطيبة وشهرزاد، تؤكد أن هذه التجارب ليست اكتشافًا، لأنه كانت هناك أوبريتات وأعمال كاملة مغناة من الألف إلى الياء ونسبة التمثيل بها قليلة جدا وإذا كانت مقدمة بشكل جيد لابد أن يحبها الجمهور وكانت هناك لوحة خالدة للموسيقار محمد عبدالوهاب «قيس وليلى» لحنها بعبقرية فذة وغنى بها، وهو أكبر دليل على أن المسرح الغنائى نموذج قديم فى المسرح المصرى، ولدينا أفلام غنائية كثيرة تقتضى بأفلام الخميسينيات الغنائية بأمريكا فالعودة والاهتمام الآن بالمسرح الغنائى ربما كان مبررا فى البحث عن البهجة بعد خمس سنوات من السياسة القصوى، لأن الأعمال التى تقدم بطريقة مبهجة تتميز بالدعوة للتفاؤل ويكون نجاحها مؤكدًا.
ويضيف: هناك أماكن عديدة تحاول تقديم عروض غنائية استعراضية كاملة، والسر الأساسى وراء هذه العروض أننا فى حالة بحث دائمة عن السعادة.. المهم أن يتوافر الأشخاص المؤهلون مثل سيد درويش وغيره لكن أى شخص يدعى أن فكرة المسرحيات الغنائية الاستعراضية من ابتكاره لابد أن يعود للتاريخ، وفيلم مثل «لا لا لاند» كان هناك فى الخمسينيات أفلام موسيقية مثله من الألف إلى الياء، كل عروض برودواى «ليون كينج» و«شيكاغو» وبورديسورز» كل هذه مسرحيات غنائية استعراضية تحولت إلى أعمال سينمائية ناجحة.
وعن مشروعه لإعادة شيريهان للساحة الفنية من جديد أشار.. «هناك فريق عمل ضخم يعمل معها حتى يعيدها بأكثر من عمل مسرحى استعراضى وأعتقد أنها ستكون  الأولى لأنها الأنسب فى الوطن العربى لإقامة هذه العروض الفنية، فإذا صنفنا النجمات اللائى برعن فى هذا المجال سنجد فى البداية فيروز ثم نعيمة عاكف، نيللى، وأخيرا شيريهان ولم يستطع أحد بعد هؤلاء الاقتراب من هذه المنطقة وأعتقد أنها قادرة على استعادة عرشها بهذا المكان من جديد لأنه خاويا منذ أن تركته!
اتفق معه فى الرأى المخرج المسرحى سمير العصفورى محللا هذه الظاهرة ..» المسرح الغنائى قديم فمنذ عام 1920 كل المسرح فى مصر كان غنائيًا ومنيرة المهدية كانت سيدة المسرح قبل سميحة أيوب فكان هناك مطرب يغنى بين الفصول والمسرح الغنائى يساوى شعر مطبوخ بالموسيقى مثلما كان يفعل سيد درويش الذى كان له تاريخ فى كتابة أوبريتات عظيمة، وبالتالى فالمسرح الغنائى أقدم من الغناء نفسه، وأحمد السيد حاليا يخوض تجربة مهمة فى هذا المجال والتى سبق وشارك معى فيها من قبل فى «آلابندا» و«حزمنى يا» و«كده أوكيه»، وعلى سبيل المثال ما قدمه أشرف عبد الباقى جرأة وخطوة مهمة فى مجال صناعة الاسكتش الفكهاى كذلك كان يفعل من قبل الريحانى فى مسرحياته وكان هناك الاسكتش الإذاعى الفكهاى فى ساعة لقلبك ثم تحول إلى مسرحية أطول متقنة وللأسف المسرح الاستهلاكى احتل الساحة وأصبح ليس هناك مسرح بديل يجذب الجمهور، ويحمل طاقة أخرى وأعتقد أن تجربة المسرح الغنائى قادرة أن تحمل نشوة الغناء والموسيقى والاستعراض وهذا اجتهاد يستحق الاحترام لأنه سيخلق تنوعًا بالساحة المسرحية، ومن العيب أن أصحاب الصنعة الحقيقية التابعة للدولة لا تهتم بالجدار العازل ما بين المسرح الحقيقى الجاد والكبير وتجارب الفرق الصغيرة داخل صالة صغيرة للغاية والأفلام الموسيقية التى يتحدث عنها الناس حاليا كانت فى الأساس قصصًا قدمت على خشبات المسارح فى أوروبا مثل البؤساء، «cats»، «my fair lady»، «شبح الأوبرا» وهذه العروض كان يفضل الجمهور عادة رؤيتها على خشبة المسرح أكثر من السينما لأن العرض المسرحى سيكون مبهرا أمامهم، فمثلا فى «أوز» تجدين الساحر يلف طائرا فى الهواء ترين معه سحرًا وإعجازًا مسرحيًا تؤكد أننا فى حضيض الفكر المسرحى، ومعيار النجاح والإقبال الجماهيرى أن تكون هناك آلية تصنع الخيال الفنى لهذه العروض المسرحية ومن يتخذ هذا القرار لابد أن تكون لديه تقنيات أسرار هذه الصناعة الفنية لأن هذه العروض تحقق متعة مكثفة للمشاهد، حسين رياض رغم غلظة صوته إلا أنه قدم أعمالًا مسرحية كان يغنى بها فإذا أحسنت هذه العروض الغناء والتلحين قطعا ستلقى وتحقق النجاح، لكن فى مصر لدينا أزمة أن المسرحية الموسيقية الكاملة قد تتسبب فى ضيق المشاهد المصرى لأن الجمهور لم يترب على هذا النوع من الفن لأن زمان الجمهور كان يعتاد سماع الأغنية الطويلة لأم كثلوم لكن اليوم إيقاع الحياة اختلف تماما لكنها فى النهاية تجربة مهمة وخطيرة تحتاج إلى نفس طويل».
لم تقتصر عروض المسرح الغنائى على شكلها التقليدى فى عودتها أو فى تقديمها وربما كان خير مثال على ذلك عروض فرقة الورشة المسرحية للمخرج حسن الجريتلى حيث اعتاد هذا الفريق تقديم مسرح غنائى فى شكله القديم أو فى شكله الشعبى القريب جدا من الجمهور ومؤخرا قدم الفريق أوبريت «يوم القيامة» للراحل بيرم التونسى وسيعيد تقديمه من جديد خلال فعاليات مهرجان «دى_كاف» وعن أسلوب وشكل تقديم هذا المسرح قال الجريتلى:
«قدمنا السيرة الهلالية فى أكثر من عرض وبأكثر من شكل وأوبريت «أيام العز» لبديع خيرى وبديعة مصابنى بجانب ليالى الورشة القائمة فى الأساس على الغناء ومن ضمن عروض المسرح الغنائى قدمت الفرقة عرض «رصاصة فى القلب» والذى سبق وأن قدمه على الحجار وأنغام وهذه الأعمال أسست لجيل كامل على المستوى الثقافى وتعتمد عروضنا فى الأساس على الخيال وليس على الإبهار بالصورة مثلا أيام العز قدمناه من خلال كارافان واستخدمنا الأراجوز قدمنا أيضا أوبريت «حلاوة الدنيا» وعادة نعتمد فى الورشة على تدريب الممثل على فنون الرقص والحركة والغناء حتى يتخرج منها الفنان الشامل».