الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

سلم لى على تطبيق القانون!

سلم لى على تطبيق القانون!
سلم لى على تطبيق القانون!




ياسر صادق  يكتب:

«ريما» هى زوجة حاتم الطائى الذى اشتهر بالكرم، فى حين أن «ريما» اشتهرت بالبخل، فكانت عندما تضع ملعقة من السمن كانت يدها ترتجف، وأراد حاتم الطائى أن يعلمها الكرم فقال لها «إن الأقدمين قالوا إن المرأة كلما وضعت ملعقة من السمن فى طنجرة الطبخ زاد الله من عمرها يوما»، فأخذت «ريما» تزيد من ملاعق السمن حتى صار طعامها طيبا وتعودت يدها على السخاء.
وشاء الله أن يفجعها فى ابنها الوحيد، الذى كانت تحبه أكثر من نفسها، فجزعت حتى تمنت الموت، ولذلك اخذت تقلل من ملاعق السمن فى الطبخ، حتى يقصر عمرها وتموت، ومن هنا قال الناس: «رجعت ريما لعادتها القديمة» هذا مثل شعبى يعرفه الكثير منا.
ويبدو أننا نكرر هذا المثل بطريقة أو بأخرى فى حياتنا اليومية، فدائما عندما تجد مسئولًا ما تولى منصبا جديدا؛ فإن الأمور تسير على ما يرام فى البداية، وكل شىء يمشى مثل عقارب الساعة، وبعد مرور وقت قصير تجد أن الأمور عادت لطبيعتها وإلى ما كانت عليه من قبل أو «ريما رجعت لعادتها القديمة»، أو أنك تجد حادثة ما وقعت فتجد الجميع بعدها يتحرك وينتفض وتصدر القرارات، ثم مع مرور الوقت تجد أن الأمور تهدأ رويدا رويدا، حتى تعود إلى سيرتها الأولى وكأنك يا أبوزيد ما غزيت.
وهذا ما يحدث بالفعل مع المقاهى والكافيهات فى مصر، فبعد مقتل المواطن محمود بيومى خلال بطولة الأمم الإفريقية، بسبب خلاف مع صاحب الكافيه، انتفضت الدولة عن بكرة ابيها، وقامت بمهاجمة المقاهى وكأنها اكتشفت فجأة انها مخالفة وبدون تراخيص وتصاريح عمل، وتحتل الأرصفة وتبيع بعضها مخدرات بجميع أنواعها، ويتورط آخرون فى شبكات آداب وأشياء أخرى!
طيب يا جماعة لماذا لم تتحركوا قبل ذلك ولا هو لازم تحصل مصيبة وتزهق روح، وهل هذه الصحوة التى حدثت بعد مقتل بيومى سوف تستمر على طول، وتكون منهاجا يسيرون عليه بتطبيق القانون على من يخالف، لكن للأسف فإن الأمر لا يعدو أكثر من صحوة تستمر بعض الوقت، ثم ترجع ريما لعادتها القديمة.
فالمقاهى عادت من جديد بكل ما كانت تفعله من قبل، وكأن روح محمود بيومى لم تزهق، ومن الطبيعى أن تعود الحياة فهى لا تتوقف على غياب أحد ولكنها تعود على أسس ونظام، وبعدين لو أن الدولة كانت تتطبق القانون بشكل دائم ما حدث ما حدث، ومن الوارد جدًا أن تتكرر المأساة مرة ثانية فى مكان آخر بشكل مختلف، وأن تعود البلطجة من جديد وكل واحد يأخذ حقه بذراعه.
الدولة عندما تريد أن تكون قوية فإنها تفعل ذلك، وعندما تريد أن تغفل عينيها، وتعمل ودن من طين وأخرى من عجين فإنها تفعل ذلك ايضا، والدولة لا تتحرك إلا عندما يكون عليها ضغط إعلامي، والأزمة أن أصحاب المقاهى يعرفون جيدًا من أين يؤكل الكتف، وكيف تكون المقاهى مفتوحة وقائمة بدون تراخيص أو تصاريح، وفى غياب رقابة تامة وقانون لا يطبق، أو أنه يطبق على الغلابة فقط، ومصالح خاصة تريد تحقيق المكاسب بأى طريقة مشروعة كانت أو غير مشروعة، وذمم قول عليها زى ما تقول.