الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

أمريكا تحتاج عقيدة أمنية جديدة

أمريكا تحتاج عقيدة أمنية جديدة
أمريكا تحتاج عقيدة أمنية جديدة




كتب - مرفت الحطيم


أصدرت مجلة فورين أفيرز ملفا متكاملًا فى عددها الأخير  يعكس كيفية معالجة حروب أمريكا التى لا تنتهى، وضرورة صياغة الإدارة الأمريكية الجديدة لعقيدة سياسية جديدة بدلا من الموجودة حالياً، ويتحدث الملف أيضا عن الحد من تقليص الموازنة العسكرية الأمريكية لكى تستطيع هذه القوات مواجهة المخاطر الماثلة فى الوقت الراهن مثل داعش، وغيره من التهديدات، ومن أجل ذلك يقترح الكاتب صياغة استراتيجية دفاعية جديدة.
الرئيس الأمريكى ورث مجموعة من التحديات الأمنية الوطنية الملحة، بدءًا من الاستفزازات الروسية واستعراض العضلات الصينية، إلى السلوك السيئ لكوريا الشمالية، وانتهاء بالفوضى التى تعترى الكثير من دول العالم الإسلامى. ويتوقع الأمريكيون أن تتعامل واشنطن مع كل هذه المشكلات، وكشرط أساسي لاستعادة سياسة الولايات المتحدة حكمتها وحسها السليم، يتعين على الإدارة صياغة عقيدة أمن قومى جديدة. وعليها القيام بذلك على وجه السرعة، من الناحية المثالية خلال الـ100 يوم الأولى من وصول الإدارة الجديدة إلى سدة الحكم، وهو الوقت الذي تكون فيه السلطة الرئاسية أقل تقييدا، ولم تستهلك بعد الأزمات اليومية قدرة الإدارة على التصرف بشكل استباقى.. وبوصفها أقوى دولة فى العالم، يجب على الولايات المتحدة ألا تذهب إلى الحرب إلا بعد أن تستنفد تماما جميع البدائل الأخرى، وعندما تكون المصالح الحيوية على المحك فقط، وهذا لا يعنى أن تحدد الولايات المتحدة تسلسلا هرميا للمصالح، ومن ثم تضع خطا تحت كل شىء يستحق الدفاع عنه وكل شىء لا يستحق ذلك، فهذه تعد لعبة خاسرة، وبدلا من ذلك، فإن ذلك يعنى التخلى عن التحيز لمصلحة ضبط النفس كمضاد للميل ضد التدخل المتهور أو غير المدروس، الذى كلف الولايات المتحدة غاليا فى الوقت الذى انحدرت بلدان مثل العراق وليبيا إلى الفوضى، وبدلا من ذلك يجب أن تحتفظ أمريكا بالسلاح جاهزا مصونا ومذخرا ولكن داخل جرابه.
عندما تذهب الدولة للحرب تحذو الأمة حذوها، ومنذ نهاية الحرب الباردة، أصبحت الممارسة السائدة فى الولايات المتحدة على العكس من ذلك، ما يعكس التوقعات بأن القوة العظمى يجب أن تكون قادرة على شن حملات بعيدة، بينما لا تتأثر الحياة على الجبهة الداخلية. وخلال الحروب فى أفغانستان والعراق، وهى الأطول فى تاريخ الولايات المتحدة، فإن الغالبية العظمى من الأمريكيين استجابت لتشجيع بوش بعد 11/‏‏‏9 الذى حث على «الاستمتاع بالحياة، بالطريقة التى نريدها»، فالعبارة الضمنية «نحن نتسوق فى حين تخوض قواتنا الحرب» فى هذا السياق، قد قوضت الفاعلية العسكرية الأمريكية، وأدت إلى اللامسؤولية السياسية.
وكلما اقتصرت جهود الولايات المتحدة الحربية على الحالات الطارئة الصغيرة الحجم، مثل غزو جرينادا أو قصف كوسوفو، أو حملات لمدة محدودة، مثل حرب الخليج عام 1990-1991، فإن مثل هذا الترتيب يعمل جيدا وبما فيه الكفاية. وفى عصر الحروب الطويلة، فإن سلبيات التدخل تبدو واضحة وضوح الشمس. وعندما أفرز غزو أفغانستان والعراق مستنقعين توأمين، وجدت الولايات المتحدة نفسها بحاجة للمزيد من الجنود أكثر مما كان يتوقعه مخططو الحرب.. أخيرًا، يجب أن تضع العقيدة العسكرية الجديدة حدا لمسؤولية أمريكا فى الدفاع عن الآخرين، ويجب أن توفر هذه المساعدة فقط للأصدقاء والحلفاء غير القادرين على الدفاع عن أنفسهم. القضية الأساسية هنا ليست بشأن تحمل التكاليف على الرغم من أننا قد نتساءل: لماذا يتحمل دافع الضرائب الأمريكى والجنود الأمريكيون أعباء الدفاع عن الآخرين القادرين على تحمل مثل هذه النفقات؟ - وإنما بشأن الهدف الاستراتيجلا النهائى.. ممارسة القيادة العالمية ليست غاية فى حد ذاتها بل وسيلة لتحقيق غاية، والغرض منها هو استقطاب عدد كبير من «العملاء» والأتباع، أو لتبرير وجود جهاز الأمن الوطنى الهائل، ولتعزيز مجتمع من الدول ذات التفكير المماثل ترغب وتستطيع الوقوف على قدميها.