الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه

رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه
رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه




كتب - عمر علم الدين

 يحيا الوطن بتضحية أبنائه وبدمائهم،  ويستمر العطاء بوفاء الوطن لرجاله الذين قدموا أرواحهم فداء له  وفى سجل الوطن كتب بماء الذهب أسماء رجال كان حبهم للشهادة وحماية الوطن يفوق حب الحياة بما فيها، وعندما نقلب أوراق السجل الناصع البياض  نجد ابتسامات أهل الجنة رسمت على صور شبابنا.
الشهيد رامى حسانين
 بطل من ذهب، عند عودته من قوات حفظ السلام بالكونغو عين قائدا لكتيبة بشمال سيناء. قال لأهله قبل أسبوع من استشهاده: أنا بدافع عن مصر وواخدين بالنا من دم الأبرياء..ومحافظة البحيرة تكرمه وتطلق اسمه على مدرج بالكلية.
فى 29 أكتوبر من العام 2016 ، انتشر خبر  على مواقع التواصل الاجتماعى كالعادة ، يفيد باستشهاد بطل جديد من أبطال القوات المسلحة، إلا أن الصور التى صاحبت الخبر، والمعلومات التى بدأت تنتشر فى المواقع والصحف، تؤكد أنه شهيد فوق العادة، وأن العقيد رامى حسنين قد حفر اسمه من نور بين قائمة الشهداء ممن ضحوا فى سبيل الوطن.
كان رامى حسانين أحد أبرز الضباط الذين يقومون بعمليات مكافحة الإرهاب فى شمال سيناء ضد العناصر الإرهابية والمتطرفة وتم استهدافه يوم 29 أكتوبر الماضى، بعد مرور المدرعة بين حاجزى السدة والوحشى، جنوب الشيخ زويد، الواقعة بين مدينتى العريش ورفح على الحدود مع قطاع غزة.
تسجل السيرة العسكرية للشهيد العقيد رامى حسانين، أنه ولد  بمركز إيتاى البارود بمحافظة البحيرة، متزوج ولديه طفلتان هما نورسين 5 سنوات، ودارين 5 شهور، وله ثلاثة أشقاء أختان وأخ، وتخرج فى الكلية الحربية فى أول يوليو 1996، وانضم لسلاح المشاة، تخصص الصاعقة دفعة 90 ، وحصل على ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان، وتدرج فى المناصب العسكرية حتى شغل منصب قائد لكتيبة  صاعقة، بعد عودته من العمل فى قوات حفظ السلام بالكونغو.
وعمل الشهيد رامى حسانين، أنه خلال فترة خدمته فى الصاعقة تدرج من قائد سرية وكتيبة وسافر فى عدة بعثات خارجية شملت عدة دول منها إنجلترا وأوكرانيا وتونس، حصل خلالها على كل فرق الصاعقة الأساسية والمتقدمة، وبدأ  العمل فى سيناء أواخر عام  2015 .
 الشهيد مصطفى حجاجى
 دائما تختلف قصص الشهداء من شهيد لاخر بحسب ما قدموه من تضحيات، وكل تضحية يسجلها التاريخ بحسب ما يسجله الراوى، ويبقى دائما الاسم خالدا فى صفحات السجلات العسكرية، وشهداء الحرب على الإرهاب فى سيناء دائما ما تجد أسماءهم لا تكفيها السطور فقط من شدة تضحياتهم ولا اللافتات فى الميادين ولكن تبقى رسالة العطاء التى تظهر أثناء التضحيات من أجل بقاء الآخرين، فالشهداء أوجه مختلفة لعملة واحدة وهى بقاء الوطن
 ومن بين هؤلاء الأبطال الشهيد الرائد مصطفى حجاجى حلمى محمد الذى استشهد فى 18 يوليو 2015 فى ثانى أيام عيد الفطر اثناء  استهداف كمين أبو رفاعى فى سيناء، والغريب فى هذه اليوم أنه نفس اليوم الذى تخرج الشهيد فيه من الكلية الحربية عام 2009 وكان الأول على دفعته 103  صاحب التاريخ الكبير من التضحيات اثناء الحرب على الإرهاب فى سيناء.
 وقال المهندس وائل حجاجى شقيق الشهيد، إنه كان دائم الحرص على تجميع أبناء دفعته من أجل المشاركة فى أعمال الخير، وكان من المفترض أن يعود إلى بلدته قرية الشغب بالأقصر فى إجازة العيد من أجل البحث شريكة حياته ولكن ذلك لم يتحقق ونال ما كان دائما يريد أن يناله وهى الشهادة، حيث إن شقيقة الشهيد هو الذى طلب نقله إلى سيناء خاصة بعد استشهاد المقدم أحمد الدرديرى ابن مدينة إسنا المجاورة لقريتهم، الذى استشهد فى الهجمات الإرهابية التى استهدفت كمائن عدة بشمال سيناء فى 1 يوليو 2015 وطلب  من قيادته أن يحل مكان الشهيد الدرديرى بالكمين.
وقص شقيقه آخر ايام استشهاده قائلاً «إن الشهيد كان من المفترض ان يحصل على راحة اثناء اسبوع استشهاده ولكنه رفض النزول بسبب وجود زميل له كان يرغب فى رؤية ابنته وقام باستبدال الراحة معه حتى انه اثناء حضوره الجنازة قال لنا « الشهيد كان يحب عمله ويحب الجميع وكان يقوم بعمل كل شىء بنفسه لدرجة انه كان يشارك فى اصلاح المعدات».
 واشار الى ان احد المجندين كان معه لحظة الشهادة قال ان هناك قذيفة سقطت مفاجأة على الكمين والوحيد الذى نطق الشهادة اكثر من مرة هو الشهيد مصطفى حجاجى وكان ثانى ايام العيد، وكان دائما يحرص على الصوم خاصة اثنين وخميس طوال العام وانه عند ابلاغه باستشهاد شقيقه فى سيناء لم يصدق واخطرهم بأن شقيقه ليس متواجدا بسيناء  ولكن كان الخبر صحيحا ولم يبلغنا به.
 الشهيد حازم أبو المعاطى
 «مات الجدع وسط الأبطال، دافع عن أرضه من الإرهاب، قال لعساكره اضرب يا واد، دى أرضك وده عرضك إوعاك تهرب أو تخاف».
يوماً بعد يوم يقدم رجال الشرطة والقوات المسلحة، أرواحهم فداء لمصر ولشعبها، يستشهد العديد منهم من أجل حماية الأرض والعرض، يواجهون مخاطر وتحديات كثيرة، فى ظل تنامى ظاهرة الإرهاب فى منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية، وانتشار الفكر المتطرف فى العديد من الدول.
 الرائد شهيد بطل حازم أسامة أبو المعاطى، قائد كمين النقب بالوادى الجديد، استشهد هو و8 آخرين من أبطال قوات الشرطة البواسل، وذلك بعد قيام مجموعة إرهابية بمهاجمة كمين النقب فى محافظ الوادى الجديد، وعلى بعد 80 كيلو من مدينة الخارجة، فى 16 – 1– 2017.
 وكان من المقرر أن ينزل الشهيد إجازته يوم 17 يناير، أى بعد يوم واحد فقط من استشهاده، لكن الله عز وجل أراد أن يلتقيه، بدلا من أن يلتقى الشهيد أسرته وأهله وأقاربه وأصدقاءه.
 الشهيد من مواليد منطقة «الورديان» بالإسكندرية، من مواليد عام 1987، وقد تخرج فن الشرطة  دفعة عام 2008
تزوج عقب تخرجه، ولديه طفلان هما «مهند 5 سنوات – وفرح 3 سنوات»، وقد عمل الشهيد بقسمى شرطة الدخيلة ومينا البصل قبل أن ينقل للعمل بمديرية أمن الوادى الجديد منذ عامين.
 الشهيد العقيد أحمد الدرديرى
 الشهادة فى سبيل الوطن شرف لا يضاهيه شرف، ينالها من كتبها الله عز وجل عليه ليكون فى مرتبة عالية ومنزلة كبيرة منحها الله سبحانه وتعالى له، فأبطال القوات المسلحة الذين يقدمون التضحيات فداء للوطن لم يبخلوا قط بأرواحهم ودمائهم فى سبيل حماية الوطن، وسجل الشهداء خير شاهد على  ذلك فكم من بطولات خلدها التاريخ لابطال القوات المسلحة الذين استشهدوا دفاعا عن الارض.
فيما قالت ياسمين مصطفى زوجة الشهيد البطل احمد الدرديرى ان الشهيد التحق بالكلية الحربية عام ٩٧ وتخرج عام ٩٩ دفعة ٩٣ حربية سلاح المشاة، التحق بعد التخرج بالجيش الثانى الميدانى بمدينة القنطرة فى الاسماعلية، ثم سافر الى السودان ليشارك قوات حفظ السلام  هناك عام ٢٠٠٥ وذلك عقب زواجه بـ ٣ شهور ، لمدة عام، ثم عاد بعد ولادة نجله الوحيد عمر بـ٣ شهور ثم اكمل خدمته فى الجيش الثانى الميدانى ثم الجيش الثالث الميدانى.
واضافت ان البطل الشهيد  شارك فى التدريبات المشتركة التى نظمتها القوات المسلحة مع المملكة العربية السعودية ضمن قوات المشاة حيث ربطته علاقات وطيدة مع عدد كبير من زملائه الضباط من الجيش السعودى وذلك لدماثة خلقه وطيبته.  
وتابعت: إنه بعد انهاء فترة التدريبات المشتركة عاد ليخدم فى الكلية الحربية لمدة ٤ سنوات وعقب خدمته بالكلية الحربية التحق بكلية القادة والاركان حيث حصل على الدورة  ٦٣ اركان حرب ليعود مرة اخرى الى صفوف الجيش الثانى الميدانى بالقنطرة، وخلال هذه الفترة كان قد قدم عدة طلبات افصح فيها عن رغبته الشديدة فى المشاركة فى العلميات العسكرية فى سيناء أو ورفح او الشيخ زويد أو العريش وكل ذلك كان سرا دون علمنا على الاطلاق.
وبحسب ما روته زوجته عن طريق زملاء الشهيد المقربين له انه تمت الموافقة على طلب الدرديرى بالفعل لينقل الى الشيخ زويد وذلك فى شهر ٤ عام ٢٠١٥  حيث اوكل اليه مهمة الاشراف على تأمين سلسلة كمائن بالشيخ زويد وهى كمائن سدرة ابو الحجاج اطلق عليها كمائن الزلازل والتى كان الهدف من اقامتها قطع الطريق عن الجماعات الارهابية وذلك بسبب تكرار الهجوم الارهابى المسلح على بعض النقاط الامنية.
 واضافت إن هذا العمل كان يتطلب من الشهيد المبيت يوميا فى كل كمين بالتوالى، لافتة إلى انه كان يمارس مهام عمله وسط زملائه من الجنود والضباط فى جو اسرى ويشاركهم افطار رمضان.
وتابعت: إنه فى يوم ٧/١ /٢٠١٥ حدث هجوم ارهابى على ٦ كمائن بالتزامن حوالى الساعة السادسة صباحا، حيث اقتحمت الكمين سيارة مفخخة وقامت قوات الكمين بتدميرها قبل وصولها الى الكمين ثم تلى ذلك محاولة اقتحام اخرى للكمين بسيارات دفع رباعى تحوى كل سيارة على ما يقرب من ٢٠ او ٢٥ عنصرًا ارهابيًا وكانوا مسلحين باربى جيهات واسلحة قنص واسلحة متعددة، فقام الشهيد احمد بتفجير سيارتين قبل وصولهما الى الكمين، حيث استشهد أحد زملائه الضباط خلال عملية محاولة اقتحام الكمين، ثم اعقب هذا الهجوم هجوم  آخر عن طريق مسلحين على درجات نارية يحملون الرشاشات وعلى الفور تعاملت معهم كل قوات الكمين، حيث صفوا منهم عدد كبير وهنا أصيب أحمد فى قدمه اليمنى وواصل القتال حتى أصيبت قدمه الأخرى، وخلال هذه المعركة الضارية أوشكت ذخيرة الكمين ان تنفد فاعطى الشهيد الدرديرى أوامره لجنوده أن يحتموا داخل مدرعاتهم ويذهبون لكمين آخر لامدادهم بالذخيرة حيث رفض الجنود أن يتركوه بمفرده إلا أنه أصر وطلب منهم أن يحتموا بالمدرعة من النيران الكثيفة الموجهة إليهم من قبل الجماعات الإرهابية حيث ظل أحمد مع اثنين من جنوده يقومون بحماية ظهر بقية الجنود لحين عودتهم بالدعم والذخيرة وفى لحظة اخترقت رصاصة  موجهة من أحد قناصة الجماعات الارهابية الى رقبة أحمد حتى لفظ انفاسه الأخيرة وأودت بحياته فى ١٤ رمضان نحو الساعة العاشرة صباحا.
 الشهيد المقدم شريف محمد عمر
دفتر الشهادة يفتح صفحاته ليضم بين جنباته أحد خيرة الشباب ليس لأن الشهيد شريف ابن السكندرى الخلوق محمد عمر، المدير الفنى لنادى الاتحاد السكندرى اﻷسبق ومدير منتخب مصر العسكرى لكرة القدم وابن شقيقة المحلاوى الأصيل شوقى غريب، ولكن لأنه ابن مصر، المقدم المقاتل الشهيد شريف محمد عمر.
رفض اﻷب التحدث عن ابنه حاول أن يظهر متماسكا  وذكر فقط آخر ما قاله وهو  يودع ابنه وقرة عينه إبراهيم فى الجنازة العسكرية التى شارك فيها اﻵلاف، ودعا باكيا: إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون.
قصة استشهاد البطل تثبت أن أرض سيناء الطاهرة مروية بدماء اﻷبطال من كل المحافظات، دليل حى ينفى ما يردده الموتورون ان أبناء الكبار والمشاهير، لا يذهبون إلى أرض المعركة، لا يذهب إلى سيناء إلا أولاد الفلاحين، أما أولاد علية القوم فلا يذهبون!!
عندما تم تحديد المهمة قال له قائده المباشر المكان ده ما يبقاش بعيد عليك يا شريف.
الشهيد: ما فيش حاجة بعيدة يا أفندم..
بهذه الكلمات أتم الشهيد البطل المقاتل شريف محمد عمر آخر كلام يقوله منذ عام بالتمام قبل أن يغادر دنيانا و هو يستأذن فى تفتيش مكان شديد الخطورة. وكأنه كان يقول ده الجنة هناك  يا أفندم لو سمحت ما تأخرنيش. كان طلب الشهيد بإلحاح لم اعتده عليه من قبل، حيث كان شديد الهدوء والطاعة.  كانت قدم الشهيد أول قدم تطأ هذا المكان منذ بدء العمليات فى سيناء.. بكل شجاعة دخل المكان وكشف أسراره وما كان مخبأ به ولكنه لم يخرج كما دخل. دخل وقدمه تطأ الأرض فخرجت تطأ السماء... دخل وهو بيننا فخرج وهو بين الأنبياء و الصديقين والشهداء... فما أن دخل المنزل إلا وانفجرت عبوة ناسفة، ثم حاول الإرهابيون إيذاء البطل بعد أن فاضت روحه، حيث لم يكن أحد يجرؤ أن يقترب منه أو من رجاله وهو حى، ثبت الرجال المقاتلون الذين كانوا من حوله  حتى لا يمس جسده الطاهر بأذى، ولم تمنع كثافة النيران حول جسده الطاهر أن يستمر البطل المقاتل «محمد الجارحى» فى الدفاع عنه ولا حتى اختراق الطلقات لجسده ، لم تمنع الطلقات التى كانت تلاحق البطل المقاتل «عمر عابد» فى حصد أرواح التكفيريين الذين ظهروا من خلف المنزل  واحد تلو الآخر . إنهم جيش مصر خير أجناد الأرض..
فى طريق المداهمة برفح رأى المقدم الشهيد سيدتين من بعد وكاد أحد الجنود أن يصوب سلاحه تجاههم فلا شك أنهم ينقلون أخبارهم من هذه المنطقة لكن البطل الشهيد رفض وقال من أمتى جيش مصر بيقتل نساء، هؤلاء النساء اللاتى أعفى عنهم كانوا سبب استشهاده وفقا لاعترافات المقبوض عليهم بعد ذلك وهم من أبلغوا بدخوله المنزل الذى انفجر فور عبوره بوابته.