الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«مصرف المحيط».. كوكتيل تلوث بـ«سمالوط»

«مصرف المحيط».. كوكتيل تلوث بـ«سمالوط»
«مصرف المحيط».. كوكتيل تلوث بـ«سمالوط»




المنيا ـ علا الحينى


مع بدء نسمات فصل الربيع.. ينتظر المواطنون ما يحمله هذا الجو من روائح الزهور وجمالها، حيث تمتلئ الشوارع بالسكان المطلة منازلهم عليها للاستمتاع بهذا الجو الممتع، الذى يهب بروائح الزهور، لكن الوضع مختلف تماما فى قرية إطسا وجميع المارة من على طريق الصعيد الزراعى لأنهم لا يتنفسون سوى نسمات محملة بالروائح الكريهة التى تزكم الأنوف «رائحة مصرف المحيط»، بسبب تحوله إلى بؤرة اجتمعت فيها كل الملوثات البيئية من روائح كريهة وصرف صناعى وصحى وزراعي، وتتخمر مياهه مع الجو الساخن، ثم تسير وسط الكتل السكنية للقرية لتصب فى نهر النيل.
وفى المساء لا يستطيع سكان تلك القرى الواقعة على المصرف الاستمتاع بالجو المعتدل بعد مهاجمة أفواج الناموس التى تتكاثر على هذه المياه الكريهة، علاوة على أنه لم يسلم مواطنو تلك القرية ومركز سمالوط بأكمله من الروائح فقط، بل تهددهم الأمراض بالفشل الكلوى وفيروس سى ليل نهار بسبب هذا المصرف.
جميع الخبراء والباحثين أكدوا أن خطورة المصرف ترجع إلى أن المصب يقع فى مركز سمالوط وتحديدا قرية إطسا ليشمل الخطر جميع المراكز الشمالية، حيث إن مصب المصرف والموجود بجوار محطة لمياه الشرب وراء اختلاط المياه الملوثة بالمياه النقية، الأمر الذى يتسبب فى إصابة مئات المواطنين بالأمراض الخطيرة، ويدمر الثروة السمكية فى مشهد يدمى القلوب ويصيب بالاكتئاب، مطالبين الرئيس عبدالفتاح السيسى بضرورة التدخل وإنهاء أزمة المصرف إسوة بمصرف أسوان وكوتشينر بكفر الشيخ.
الكارثة أنه رغم تولى أكثر من مسئول منصب محافظ المنيا، وفتحهم ملف مصرف المحيط، لكن دائما كان فتحه مثله غلقه، ولا توجد حلول حتى الآن لتبقى معاناة مصرف المحيط مستمرة، فضلا عن أن مصرف المحيط يعتبر المصرف الرئيسى بمحافظة المنيا، وتم إنشاؤه لتصريف مياه الصرف الزراعى فقط التى يخدمها المصرف وتصل لأكثر من 100 ألف فدان يمثل كارثة بيئية وصحية تهدد مياه نهر النيل، ناهيك أنه من أكبر المصارف الملوثة للنيل على مستوى الجمهورية.. من جانبه أعلن النائب أشرف جمال، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي، أنه تقدم بمذكرة تفصيلية للواء عصام البديوي، محافظ المنيا، وذلك فى إطار الحفاظ على صحة المواطنين من خلال الحفاظ على مياه النيل من التلوث، وبعد دراسة مستفيضة تمت لمصرف المحيط الذى يهمنا كمصريين حكومة وشعبا.
وأضاف: وتبين لنا من خلال هذه الدراسة والبحث أن هناك شبكة مواسير ومحطات سحب كانت مخصصة لسحب الصرف الصحى من مصرف المحيط ومن محطات الصرف، مع وجود محطة رفع خاصة به بلغت تكلفتها ما يقرب من 300 مليون جنيه، لكنها مهدرة وغير مستخدمة.
ولفت إلى أن الهدف منها كان سحب الصرف الصحى من الصرف الزراعى، حيث يتم معالجة مياه الصرف الزراعى فقط، الذى بدوره لن يؤثر على تلوث مياه النيل لأنه كان مجهزا تماما لاستخدامه فى زراعة 5 آلاف فدان غابات شجرية، لكن بطريقة أو بأخرى تم إخفاء هذا الملف كاملا من على مكاتب السادة المحافظين السابقين، مؤكدا قيامه بفتح هذا الملف حرصا على أموال الدولة والمحافظة على صحة المواطنين ومحاسبة كل من تسبب فى إهدار المال العام والعمل على تفعيل تلك المنظومة حفاظا على صحة المصريين.
الغريب رد مديرية الرى على النائب توحيد تامر، عضو مجلس النواب عن دائرة مركز سمالوط، الذى تضمن أنه بعد بحث الأمر تبين أنه المصرف يبلغ طوله 46.5 كيلو متر ويخدم زمامًا زراعيًا يبلغ 105 آلاف فدان ويصب بنهر النيل، فضلا عن أن مصادر تلوث المصرف محطة صرف صحى تلة بمدينة المنيا بتصريف 120 ألف متر مكعب يوميا، وصرف 5 آلاف متر مكعب من مصنع سكر أبوقرقاص يوميا.
وتضمن رد مديرية الرى أن أجهزة الوزارة باتخاذ الإجراءات القانونية طبقا للقانون 48 لسنة 1982 الخاص بحماية المجارى المائية من التلوث بعمل محاضر مخالفات للعينات والتنسيق بصفة دائمة مع أجهزة وزارة الإسكان والشركة القابضة للصناعات الغذائية لعمل المعالجة اللازمة للمياه المنصرفة على المصرف.
أما الدكتور محمد شريف سعد، أستاذ الهندسة ووكيل المعهد العالى للهندسة والتكنولوجيا بالمنيا، قال: إن المعهد قدم تصورًا لمحافظ الإقليم حول أسلوب المعالجة وحل أزمة مصرف المحيط بأن يتم رفع كميات مياه الصرف الصحى التى تصب بالمصرف والمخلوطة على مياه الصرف الزراعى والمنشأ لها المصرف خصيصا ويتم تحويلها بخطوط مواسير ومحطات رفع وطرد، خاصة أن الأرض كلما اتجهنا غربا ترتفع تدريجيا، ويتم تحويلها بعد إجراء المعالجة النهائية وتستخدم فى زراعة الغابات الشجرية أو نباتية تستخدم فى الصناعة مثل الفيبر أو زراعة أشجار الجوجوبا أو أى نباتات زيتية.
وأشار عبدالعال هندي، عضو مجلس محلى محافظة سابق، وأحد أبناء قرية إطسا، إلى أن المشهد الأخير الذى تختلط به مياه المصرف بنهر النيل مشهد يدمى القلوب، مؤكدا أن المجلس المحلى للمحافظة ناقش الأمر أكثر من مرة وطرح التوصيات اللازمة لكن دون جدوي، موضحا أنه بالجهود الذاتية نحاول بشكل مستمر تعقيم المصرف بالرش لمجابهة جيوش الناموس والبعوض التى تهجم علينا من المصرف.
ويناشد هندى بأن يتم تغطية المصرف من وصلته القادمة من ناحية قرية العمودين حتى نهر النيل شرقا بما فيها سحارة المصرف المارة أسفل خطوط السكة الحديد وتحويل المياه المارة به على محطات رفع وطرد للظهير الصحراوى الغربى للاستفادة منه فى زراعة الغابة الشجرية وتنقية مياه النيل.
وتطالب هناء محمد، إحدى المتضررات، بتغطية المصرف أمام الكتلة السكنية المار بها بالقرية.